
إنما الدنيا محطات , وفصولها غنائم , وأفضل الغنائم ماجاءك ميسراً ..
يأتي الشتاء ونتدثر بالثياب والفراء , لو كنا استطعنا لبِتنا في سبات حتى تتراقص زهرات
الربيع , فهل نستطيع أن نعيش ربيعاً في قلب الشتاء؟
الشتاء كما كان يصفه الصالحون تلك الغنيمة الباردة , فيا مرحباً بالغنائم ..
كان الصحابة والتابعين يتباشرون إذا ماحل الشتاء , فهل تباشرنا؟
قال ابن رجب: "إنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنّه يرتع في بساتين الطاعات
ويسرح في ميادين العبادات ويُنْزِّه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه".
وعن الحسن البصري رحمه الله قال: نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه،
ونهاره قصير يصومه. وعن عبيد بن عمير رحمه الله أنه كان إذا جاء الشتاء
قال: يا أهل القرآن طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا وقصر النهار لصيامكم فصوموا،
قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف.
فأين نحن من نيل تلك الغنيمة ؟
وهل نسعى للحصول عليها فنحظى بقلوب دافئة مطمئنة بذكر الله ..
إن مايشق على المؤمن أن يترك مضجعه في هجعة الليل , ويسبغ على
جسده بالماء متوضئاً مقبلاً على ربٍ رحيم يرجو رحمته ويخشى عذابه ..
وما ألذ يقظة المتهجدين , ترتعش أجسادهم برداً
وتنعم بالدفء أرواحهم المتبتلة إلى الله.
فهل نغتنمها من غنيمة؟
حدثونا عن ليالٍ تنقضي , وعن نهارٍ يمضي , فكيف علينا أن نقضيه؟
إنا مرتجفون برداً , فلنهنأ بالربيع في كبد الشتاء ..