** شجرة الأمل **
شجرة تفرعت أفنانها ممتنة نحو السماء ظلالها وارفة نقشت
على أوراقها حروفاً نسجت حكايات أمل بين طياتها غسل وجه اليأس
بندى الصباح وأزهرت لغة السلام والأمان لتمحو لغة السراب إنها شجرة الأمل بالله
تعالوا نتعرف هنا على أحدى هذه الحكايات التي شهدها الواقع
والتي نقشت صفحاتها على أوراق تلك الشجرة
قابلتها ذات مرة في أحدى عيادات أطباء الأطفال كانت بانتظار دورها وهي تحمل طفلاً صغير
ولم أكن قد رأيتها منذ زمن مضى ,هي صديقة
لأحدى قريباتي تعرفت عليها حين كنت في زيارة لهم
وكنت أراها بين مرة وأخرى عندما أزورهم حتى سمعت مرة أنها تزوجت .....
بعد أن سلمنا على بعضنا في عيادة الطبيب ، سألتها
عن أحوالها... فقالت : ألم تسمعي بما أصابني ؟
أجبت بالنفي..قالت : لأن أهلي قد كتموا الأمرعن الناس
هنا بدأت تسرد لي قصتها ... فتعالوا معي نرى ما حدث!!
كانت (س) فتاة في العشرين من العمر طيبة القلب
جميلة ،لم تكمل دراستها حيث تقدم لخطبتها شاب في الخامسة والعشرين
وبعد السؤال من قبل الأهل وافقوا عليه لما سمعوا
عن أخلاقه وطيبة أصله،تقول تم الزواج وكنت سعيدة
خاصة مع طيبة زوجي ومودته لي ولكن !!
بعد مضي أسبوع على زواجنا بدأت أشعر بحالة خمول
وكسل وكنت أنهض من النوم بصعوبة مع الشعور بالدوار
واستمرت حالتي تزداد سوءاً
فأصطحبني زوجي إلى الطبيب الذي قال إنني أعاني من نقص في
الدم وكتب لي بعض الفيتامينات وأدوية أخرى للعلاج ...
لكن حالتي أستمرت بالإنحدار .
وفي يوم كان زوجي في عمله
ووالدته تحت في الطابق السفلي وأختاه في المدرسة تحاملت
على نفسي بصعوبة لأرتب غرفتي .
وبينما أنا أنظفها شاهدت في أحدى
زوايا الغرفة كومة من حبوب القمح محروقة الى النصف
ناديت على ام زوجي فأتت مسرعة وأعطيتها ما رأيت
نظرت إليه متعجبة ، ثم أخذت هذه الكومة هي ووالدتي الى أحد
الأشخاص المعروفين بعمل الرقية فأخبرهم إنه عمل سحر
لتخريب العلاقة بين الزوجين ....
وأنه سيقوم بإبطاله ...
قالت : بالنسبة لي لم أكن أومن بذلك
لكن الكوابيس بدأت تنتابني بشدة لأصحو وأنا أصرخ بأعلى صوتي كل يوم ...
وزوجي لايدري ماذا يعمل سوى أنه كان
يقرأ المعوذات وبعض السور والأدعية
لكن حالتي تردت الى الأسوء حتى جاء اليوم الذي بدأت أشعر فيه
بأنفاس قريبة مني... وعندما التفت لا أجد أحدا خلفي
كان الذعر يحيط بي من كل جانب وحياتي أصبحت لحظات
خوف ولم يجد معي رقية ولا
طب فقط كنت أرى نظرات الشفقة في عيون من حولي
الى أن بدأت فعلاً أرى أشياء غريبة
(لا يمكن سردها هنا لأنها أشياء يقشعر لها البدن )
ولنا أن نتخيل حالة المسكينة الى أين وصلت
قالت : بدأت أكره زوجي ولا أطيق رؤيته ،حاول أهلي
أخذي عندهم للبيت لكني بقيت على نفس الحال من الخوف والهلع
يأس الجميع من حالتي ...
الى أن جاء يوم زارتنا فيه خالتي التي كانت تسكن في منطقة بعيدةعنا ، كانت خالتي
هذه من أهل التقى
والإيمان والورع وكنت أحبها كثيراً سمعت بحالتي وجاءت للمساعدة
عندما رأيتها أرتميت على كتفها وأنا أبكي بكاء ً مر
قالت لي أطمئني فقط يا عزيزتي ومسحت على شعري
تقول: لاادري لماذا شعرت ببعض الراحة عندما رأيتها؟
طلبت خالتي من الجميع ومن زوجي خاصة أن نظل
أنا وهي بمفردنا معاً لفترة من الزمن على أن لا أرى أحدا فيها
وافق الجميع على ذلك فالكل كان يريد لي الشفاء العاجل
قالت لي خالتي : سنذهب في رحلة أنا وأنت فقلت لها أي رحلة وأنا
على هذا الحال ؟
قالت إنها ليست خارجية أنها ستبدأ من هنا
رحلة ً في أعماق ذاتنا في أعماق إيماننا صدقيني ستستمتعين
كثيراً!
تقول : وافقت على طلبها فأنا ليس لي حول ولا قوة
ولاأدري لماذا شعرت ببعض الهدوء في داخلي ونوع من السكينة
قالت لي خالتي : سنبدأ كل صباح بقراءة سورة البقرة بصوت
مسموع أنا وأنت وبعدها سنلزم الأذكار والإستغفار
في البداية كل شئ كان صعباً عليّ لأني كنت لاأستطيع
حتى الصلاة ولكن مع الوقت بدأت أسبقها للقراءة والإستغفار
كانت تقضي معي ساعات تتحدث عن روعة الإيمان في النفوس
وأناأنصت لها بكل جوارحي...
بدأت الكوابيس تقل ...فكانت تلك أحدى الليالي التي نمت فيها الى الصباح
بدون أي أحلام وكأنني لم أنم لسنين طويلة
نهضت وكأنني إنسانة اخرى أحسست بجسمي خفيفاً وكأن
ثقلاً بوزن الجبال أزيح عن كاهلي
كانت خالتي لا تتركني أبداً .
ومرت عشرة أيام وحالتي
في تحسن فطلبت من خالتي أن تتركني لوحدي ولو ساعة
أريد أن أتعود وبالفعل كان كل شئ طبيعيا لا خوف ولا ذعر
نظرت الى وجهي في المرآة التي تركتها فترة طويلة
كان وجهي طبيعياً وذهب عني الشحوب
أستمرت معي خالتي لمدة أسبوعين على هذه الحال
في تلك الرحلة النورانية وكأن يداً أزاحت عني هموماً ثقال
أخبرت خالتي بأني مشتاقة لزوجي كثيراً ولأهلي
والى جميع الناس وعدت لحياتي
وأنتهت رحلتي مع خالتي الرائعة...
ولكن رحلتي مع الأمل بالله لم تنته فأنا أعيش فيها كل يوم
تقول فَرح الجميع بعودتي وخاصة زوجي الذي قرر أن
نسافر في رحلة ترفيهية نعيد لحياتنا فيها الفرح الذي فقدناه
واليوم لديَ ثلاث أولاد هم قرة عيني
وتمتمت قائلة الحمد لله ...الحمد لله
وبعد هذه الحكاية غاليتي تعالي نتمعن في سر هذا الشفاء
أنه الإيمان الخالص الذي أخذ بيد هذه المسكينة
وجعلها تفتح نوافذ الرجاء وتخرج من عتمة الشقاء وعباءة اليأس
والإستسلام
ثقي غاليتي أن بين لحظة وأخرى يتغير الحال الى حال
لتسري أنوار الرحمة الإلهية مضيئة عتمة القلوب
لتزهر بعدها الأحلام ....دون أن نقنط من رحمة الله
فتعالي وأكتبي حكاية أملك على أوراق شجرة الأمل
أزيحي عن كاهلك كابوس ثقيل
وعيشي أحلامك وتفاءلي ...وثقي بإن سعادة الإنسان
تنبع من داخل النفس ...تعالي وافتحي نافذة
الأمل واستنشقي عبقه ملئ رئتيك
جزاكِ الله خيرا وأثقل موازينك بالاعمال الصالحة