ياحنين@
ياحنين@
السلام عليكم
الحديث الرابع والثلاثون



* شرح الحديث الرابع والثلاثون:



- قوله: ( من رأى ) من هذه شرطية وهي للعموم ، قوله: ( رأى ) يحتمل أن يكون المراد رؤية البصر، أو أن المراد رؤية القلب ، وهي العلم ، والثاني أشمل وأعم ، وقوله: ( منكراً ) المنكر هو: ما أنكره الشرع وما حرمه الله عز وجل أو رسوله صلى الله عليه وسلم.



- قوله: ( فليغيره بيده ) اللام هذه للأمر أي: يغير هذا المنكر بأن يحوله إلى معروف ، إما بمنعه مطلقا أي: بتحويله إلى شيء مباح , ( بيده ) إن كان له قدرة اليد.







- قوله: ( فإن لم يستطع ) أي: أن يغيره بيده.



- ( فبلسانه ) بأن يقول لفاعله: اتقي الله ، اتركه ، وما أشبه ذلك.



- ( فإن لم يستطع ) باللسان بأن خاف على نفسه أو كان أخرس لا يستطيع الكلام.



- ( فبقلبه ) أي: يغيره بقلبه وذلك بكراهته إياه.



- ( وذلك أضعف الإيمان ) أي: أن كونه لا يستطيع أن يغيره إلا بقلبه هو أضعف الإيمان.







* في هذا الحديث فوائد:



- وجوب تغيير المنكر على هذه الدرجات والمراتب باليد أولا وهذا يكون على السلطان وإن لم يستطع فبلسانه وهذا يكون لدعاة الخير الذين يبينون للناس المنكرات.



- أن من لا يستطيع لا بيده ولا بلسانه فليغيره بقلبه.



- تيسير الشرع وتسهيله حيث رتب هذه الواجبات على الاستطاعة لقوله: ( فإن لم يستطع ).



- أن الإيمان يتفاوت ، بعضه ضعيف وبعضه قوي وهذا مذهب أهل السنة والجماعة وله أدلة من القرآن والسنة على أنه يتفاوت.



- وليعلم أن المراتب ثلاث: دعوه: " أمر " تغيير. فالدعوة أن يقوم الداعي في المساجد أو أماكن تجمع الناس ويبين لهم الشر ويحذرهم منه ويبين لهم الخير ويرغبهم فيه , والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر: هو الذي يأمر الناس ويقول افعلوا أو ينهاهم ويقول: لا تفعلوا. والمغير: هو الذي يغير بنفسه إذا رأى الناس لم يستجيبوا لدعوته ولا لأمره ونهيه.
قصة حلم
قصة حلم
جزاك الله خير حنين
...................................................................................
قصة حلم
قصة حلم
الحـــديث " الخامس والثلاثون "



(عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَحَاسَدوا، وَلاَتَنَاجَشوا، وَلاَ تَبَاغَضوا، وَلاَ تَدَابَروا، وَلاَ يَبِع بَعضُكُم عَلَى بَيعِ بَعضٍ، وَكونوا عِبَادَ اللهِ إِخوَانَاً، المُسلِمُ أَخو المُسلم، لاَ يَظلِمهُ، وَلاَ يَخذُلُهُ، وَلا يكْذِبُهُ، وَلايَحْقِرُهُ، التَّقوَى هَاهُنَا - وَيُشيرُ إِلَى صَدرِهِ ثَلاَثَ مَراتٍ - بِحَسْبِ امرىء مِن الشَّرأَن يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسلِمَ، كُلُّ المُسِلمِ عَلَى المُسلِمِ حَرَام دَمُهُ وَمَالُه وَعِرضُه )

رواه مسلم.


مـعنى الحـــديــث :


قوله"لا تَحَاسَدوا" أي لا يحسد بعضكم بعضاً.

وما هو الحسد؟

قال بعض أهل العلم:الحسد تمني زوال نعمة الله عزّ وجل على الغير، أي أن يتمنى أن يزيل نعمته
على الآخر،سواء كانت النعمة مالاً أو جاهاً أو علماً أو غير ذلك.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - الحسد: كراهة ما أنعم الله به على الغير وإن لم يتمن الزوال.

ومن المعلوم أن من لازم الكراهة أن يتمنى الزوال،لكن كلام الشيخ-رحمه الله - أدق، فمجرد ما تكره
أن الله أنعم على هذا الرجل بنعمة فأنت حاسد.

وقوله "وَلا تَنَاجَشوا" أي لا ينجش بعضكم على بعض، وهذا في المعاملات، ففي البيع المناجشة:
أن يزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها، لكن يريد الإضرار بالمشتري أو نفع البائع، أو الأمرين معاً .

مثال ذلك:عرضت سلعة في السوق فسامها رجل بمائة ريال، هذا الرجل السائم تعدى عليه رجل آخر
وقال: بمائة وعشرة قصده الإضرار بهذا السائم وزيادة الثمن عليه، فهذا نجش.

ورجل آخر رأى رجلاً يسوم سلعة وليس بينه وبين السائم شيء، لكن السلعة لصديق له،
فأراد أن يزيد من أجل نفع صديقه البائع، فهذا حرام ولا يجوز.

ورجل ثالث: أراد الإضرار بالمشتري ونفع البائع فهذا أيضاً حرام.


"وَلا تَبَاغَضوا"أي لا يبغض بعضكم بعضاً ، والبغضاء لا يمكن تعريفها، تعريفها لفظها:
كالمحبة والكراهة، والمعنى: لا تسعوا بأسباب البغضاء.

وإذا وقع في قلوبكم بغض لإخوانكم فاحرصوا على إزالته وقلعه من القلوب.

"وَلا تَدَابَروا" إما في الظهور بأن يولي بعضكم ظهر بعض، أولا تدابروا في الرأي،
بأن يتجه بعضكم ناحية والبعض الآخر ناحية أخرى.

"وَلاَ يَبِع بَعضُكُم عَلَى بَيعِ بَعضٍ" مثال ذلك:رأيت رجلاً باع على آخر سلعة بعشرة،فأتيت إلى المشتري
وقلت: أنا أعطيك مثلها بتسعة،أو أعطيك خيراً منها بعشرة،فهذا بيع على بيع أخيه، وهو حرام

" وَكونوا عِبَادَ اللهِ إِخوانَاً" أي صيروا مثل الإخوان،ومعلوم أن الإخوان يحب كل واحد منهم لأخيه ما يحب لنفسه.

"عِبَادَ اللهِ" جملة اعتراضية،المقصود منها الحث على هذه الإخوة .

"المُسلِمُ أَخو المُسلِمِ" أي مثل أخيه في الولاء والمحبة والنصح وغير ذلك.

"لاَ يَظلِمهُ" أي لا ينقصه حقه بالعدوان عليه، أو جحد ما له ، سواء كان ذلك في الأمور المالية ،
أو في الدماء،أو في الأعراض، في أي شيء.

"وَلاَ يَخذُلُهُ" أي لا يهضمه حقه في موضوع كان يحب أن ينتصر له.

مثاله:أن يرى شخصاً مظلوماً يتكلم عليه الظالم، فيقوم هذا الرجل ويزيد على الذي يتكلم عليه
ولا يدافع عن أخيه المخذول ، بل الواجب نصر أخيه ولا يكذبه أي لا يخبره بالكذب،
الكذب القولي أو الفعلي.

مثال القولي:أن يقول حصل كذا وكذا وهو لم يحصل.

ومثال الفعلي: أن يبيع عليه سلعة مدلسة بأن يظهر هذه السلعة وكأنها جديدة، لأن إظهاره إياها
على أنها جديدة كأنه يقول بلسانه هي جديدة، فلا يحل له أن يكذبه لا بالقول ولا بالفعل

"وَلاَ يَحْقِرُهُ" أي لا يستصغره، ويرى أنه أكبر منه، وأن هذا لا يساوي شيئاً.

"التَّقوى هَاهُنا" يعني تقوى الله عزّ وجل في القلب وليست في اللسان
ولا في الجوارح،وإنما اللسان والجوارح تابعان للقلب.

"وَيُشيرُ إِلَى صَدرِهِ ثَلاثَ مِرَاتٍ" يعني قال: التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا،
تأكيداً لكون القلب هو المدبر للأعضاء.

"بِحَسبِ امرُىءٍ مِنَ الشَّرِّ" الباء هذه زائدة، وحسب بمعنى كافٍ و "أَن يَحْقِرُهُ" مبتدأ
والتقدير حقر أخيه كافٍ في الشر، وهذه الجملة تتعلق بقوله: "وَلا يحَقِرَهُ" أي يكفي الإنسان
من الإثم أن يحقر أخاه المسلم، لأن حقران أخيك المسلم ليس بالأمر الهين.

"كُل المُسلِم عَلَى المُسلِم حَرَام"ثم فسر هذه الكلية بقوله: "دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرضُهُ"
يعني أنه لا يجوز انتهاك دم الإنسان ولا ماله ولا عرضه،كله حرام.



من فــوائــــد هذا الحـديــث:


1- أن هذا الحديث العظيم ينبغي للإنسان أن يسير عليه في معاملته إخوانه، لأنه يتضمن
توجيهات عالية من النبي صلى الله عليه وسلم.

2 - تحريم الحسد لقوله "لاَ تَحَاسَدوا".

وهل النهي عن وقوع الحسد من الجانبين ، أو من جانب واحد؟

الجواب: من جانب واحد،يعني لو فرضنا إنساناً يريد أن يحسد أخاه وذاك قلبه سليم لا يحسد صار هذا حراماً،
فيكون التفاعل هنا في قوله "لا تَحَاسَدوا" ليس من شرطه أن يكون من الجانبين،
كما إذا قلت: لا تقاتلوا يكون القتال من الجانبين.

فإن قال قائل: ما يرد على القلب أحياناً من محبة كون الإنسان أعلى من أخيه،
فهل يدخل في الحسد؟

فالجواب:لا، لأن الرجل لم يكره نعمة الله عزّ وجل على هذا العبد،لكن أحب أن يفوقه،
وهذا شيء طبيعي، ولذلك لما ألقى النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه السؤال:
أن من الشجر شجرة مثلها مثل المؤمن، كلهم لم يعرفوها، ذكروا أشياء من الشجر لكنها
لم تكن إياه، وابن عمر رضي الله عنهما يقول: وقع في قلبي أنها النخلة،ولكني أصغر
القوم فلم أتكلم، قال أبوه:وددت أنك قلت هذا ،لأنه إذا قالها تفوق على الحاضرين.

فإن وقع في قلبه حسد لشخص ولكنه يدافعه ولم يعتد على الشخص، فهل يؤاخذ به؟

الجواب:لا يؤاخذ،لكنه ليس في حال الكمال، لأن حال الكمال أن لا تحسد أحداً،
وأن ترى نعمة الله عزّ وجل على غيرك كنعمته عليك،لكن الإنسان بشر قد يقع في قلبه
أن يكره ما أنعم الله به على هذا الشخص من علم أو مال أو جاه أو ما أشبه ذلك،
لكنه لا يتحرك ولا يسعى لإضرار هذا المحسود، فنقول: هذا ليس عليه شيء،لأن هذا أمر
قد يصعب التخلص منه، إلا أنه لو لم يكن متصفاً به لكان أكمل وأطيب للقلب،
وفي الحديث إِذَا "ظَنَنتَ فَلاَ تُحَقق، وَإِذَا حَسَدتَ فَلاَ تَبغِ".

فمن الناس من إذا حسد بغى فتجده مثلاً يتكلم في الشخص المرموق عند الناس
الذي يعتبر رمزاً للإنفاق في سبيل الله وفي الصدقات، ثم يأخذ بمدحه ويقول:
لكنه يتعامل بالربا، فإذا قال هذه الكلمة معناها أنه أهبط ميزانه عند الناس،
وهذا حسد ببغي والعياذ بالله.

وكذلك مع العلماء، وأكثر ما يكون الحسد بين المتفقين في مهنة، كالحسد بين العلماء،
والحسد بين التجار،والحسد بين أهل الصنائع،هذا الغالب ،
وإلا فمن المعلوم أنه لا يأتي نجار مثلاً يحسد عالماً.

والحسد على مراتب:

الأولى: أن يتمنى أن يفوق غيره، فهذا جائز، بل وليس بحسد.

الثانية:أن يكره نعمة الله عزّ وجل على غيره،ولكن لا يسعى في تنزيل مرتبة
الذي أنعم الله عزّ وجل عليه ويدافع الحسد، فهذا لا يضره،ولكن غيره أكمل منه.

الثالثة:أن يقع في قلبه الحسد ويسعى في تنزيل مرتبة الذي حسده، فهذا هو الحسد المحرم
الذي يؤاخذ عليه الإنسان.

والحسد من خصال اليهود،كما قال الله تعالى:
(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ )(البقرة: الآية109)
قال الله تعالى في ذمهم (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (النساء:54)
والحسد يضر صاحبه لأن الحاسد لا يبقى مسروراً- والعياذ بالله- إذ إن نعم الله على العباد تترى
ولا منتهى لها، وهذا الرجل كلما رأى نعمة من الله على غيره زاد غماً وهماً.

والحسد اعتراض على قدر الله عزّ وجل لأنه يريد أن يتغير المقدور،ولله الحكمة فيما قدره.

والحسد في الغالب تحدث فيه معاصٍ:كالعدوان على الغير، والمخاصمة، ونشر المعائب وغير ذلك،
ولهذا يجب على المسلم أن يتجنبه كما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم .

3 - تحريم المناجشة ولو من جانب واحد،وسبق أن النجش في البيع:هو أن يزيد في السلعة
وهو لا يريد شراءها، وضربنا لهذا أمثلة.

ولكن لو أن الرجل يزيد في السلعة من أجل أن يربح منها، بمعنى أنه لا يريدها، بل يريد الربح منها،
فلما ارتفع سعرها تركها، فهل يعد هذا نجشاً؟

الجواب:لا يعد هذا نجشاً،لأن هذا له غرض صحيح في الزيادة،وهو إرادة التكسب،كما لو كان يريد السلعة،
وهذا يقع كثيراً بين الناس، تُعرَض السلعة والإنسان ليس له رغبة فيها ولا يريدها، ولكن رآها رخيصة
فجعل يزيد فيها حتى إذا بلغت ثمناً لا يرى معه أن فيها فائدة تركها، فنقول: هذا لا بأس به،
لأنه لم يرد إضرار الآخرين إنما ظن أن فيها فائدة فلما رأى أن لا فائدة تركها.

4 - النهي عن التباغض،وإذا نُهي عن التباغض أمر بالتحاب، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مفيدة لشيئين:

الأول: النهي عن التباغض، وهو منطوقها.

والثاني:الأمر بالتحاب، وهو مفهومها.

ولكن إذا قال قائل: كيف نتصرف في التباغض، والبغضاء والمحبة ليست باختيار الإنسان،
ولهذا لما ذكر العلماء- رحمهم الله - أن الرجل المتزوج لأكثر من واحدة يلزمه العدل قالوا:
إلا في المحبة ، وعللوا ذلك بأن المحبة لا يمكن السيطرة عليها وكذلك البغضاء؟

فالجواب على هذا: أن نقول:المحبة لها أسباب، والبغضاء لها أسباب، فابتعد عن أسباب البغضاء
وأكثر من أسباب المحبة ، فمثلاً إذا كنت أبغضت شخصاً لأنه عمل عملاً ما، فاذكر محاسنه حتى تزيل
عنك هذه البغضاء، وإلا ستبقى على ما أنت عليه من بغضائه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم
"لاَ يَفرك مؤمِن مؤمِنَة إِن كَرِهَ مِنهَا خُلُقَاً رَضيَ مِنهَا خُلُقاً آخر"
أي لا يبغض الرجل زوجته لأنها أساءت في خلق واحد، بل يقارن:إن كره خلقاً منها رضي منها خلقاً آخر.

كذلك المحبة: يذكر بقلبه ما يكون سبباً لمحبة الرجل من الخصال الحميدة والآداب العالية وما أشبه ذلك.

فالبغضاء لها سبب والمحبة لها سبب، فليفعل أسباب المحبة وليتجنب أسباب البغضاء.

5 - النهي عن التدابر،سواء بالأجسام أو بالقلوب.

التدابر بالأجسام بأن يولي الإنسان ظهره ظهر أخيه، لأن هذا سوء أدب،
ويدل على عدم اهتمامه به، وعلى احتقاره له، ويوجب البغضاء.

والتدابر القلبي بأن يتجه كل واحد منا إلى جهة أخرى،بأن يكون وجه هذا
يمين ووجه هذا شمال، ويتفرع على هذا:

وجوب الاجتماع على كلمة واحدة بقدر الإمكان، فلنقرب الهوة بيننا حتى نكون على هدف واحد ،
وعلى منهاج واحد، وعلى طريق واحد،وإلا حصل التدابر .

وانظر الآن الأحزاب الموجودة في الأمم كيف هم متدابرون في الواقع، كل واحد يريد
أن يقع الآخر في شرك الشر، لأنهم متدابرون.

فالتدابر حرام، ولا سيما التدابر في القلوب،لما يترتب عليه من الفساد.

6 - تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، ومثاله سبق ذكره في الشرح.

ولكن هل يقال:إن شراء الإنسان على شراء أخيه كبيعه على بيع أخيه؟

فالجواب:نعم، إذ إن المعنى واحد، ومثال الشراء على شراء أخيه، أن يبيع زيد على عمرو سلعة بمائة،
فيذهب بكر إلى زيد- البائع - ويقول:أنا أشتريها منك بمائة وعشرين، فهذا حرام لما فيه من العدوان،
وإحداث العداوة والبغضاء والنزاع بين الناس.

7 - وجوب الأخوة الإيمانية، لقوله صلى الله عليه وسلم "وَكونوا عِبَادَ اللهِ إِخوَانَاً".

ولكن كيف يمكن أن يحدث الإنسان هذه الأخوة؟

فالجواب:أن يبتعد عن كل تفكير في مساوئ إخوانه، وأن يكون دائماً يتذكر محاسن إخوانه،
حتى يألفهم ويزول ما في قلبه من الحقد.

ومن ذلك: الهدايا، فإن الهدية تُذهِب السخيمة وتوجب المودة.

ومن ذلك:الاجتماع على العبادات ولا سيما على الصلوات الخمس والجمع والأعياد،
فإن هذا يوجب المودة والأخوة، والأسباب كثيرة، والموانع كثيرة أيضاً، لكن يجب أن يدافع الموانع.

8 - أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر أن نكون إخواناً بيّن حال المسلم مع أخيه

9 - أن المسلم على المسلم حرام : دمه و ماله و عرضه.

10 - أن لا يجني عليه بأي جناية تريق الدم أو بأي جناية تنقص المال،سواء كان بدعوى ما ليس له أو بإنكار ما عليه.

11 - تحريم عرض المسلم، يعني غيبته،فغيبة المسلم حرام، وهي من كبائر الذنوب كما قال ابن عبد القوي في منظومته:

وقد قيل صغرى غيبة ونميمة وكلتاهما كبرى على نص أحمد

والغيبة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها: "ذكرك أخاك بما يكره في غيبته"
فإن كان في حضوره فهو سب وليس بغيبة، لأنه حاضر يستطيع أن يدافع عن نفسه،
وقد شبهها الله عزّ وجل بأكل لحم الميت تقبيحاً لها حتى لا يقدم أحد عليها.

واعلم أن الغيبة تختلف مراتبها باختلاف ما ينتج عنها، فغيبة الأمراء أعظم من غيبة عامة الناس،
لأن غيبتهم تؤدي إلى كراهتهم، وإلى التمرد عليهم، وإلى عدم تنفيذ أوامرهم التي يجب تنفيذها،
وربما تؤدي إلى الخروج المسلح عليهم، فيحصل بذلك من الشر ما الله به عليم.

كذلك أيضاً غيبة العلماء أشد من غيرهم، لأن غيبة العلماء تتضمن الاعتداء على أشخاصهم،
وتتضمن الاعتداء على ما يحملونه من الشريعة، لأن الناس إذا خف ميزان العالم عندهم لم يقبلوا منه.

ولذلك نحذر من أولئك القوم الذين أعتبرهم مفسدين في الأرض، فيأتون في المجالس يغتابون فلاناً وفلاناً،
مع أنك لو فكرت لوجدت عندهم من العيوب أكثر مما يعيبون به هذا الشخص، احذروا هؤلاء،
لا تركنوا إليهم وانبذوهم من مجالسكم نبذاً،لأنهم مفسدون في الأرض،سواء قصدوا أو لم يقصدوا،
فالفساد متى حصل فصاحبه مفسد،لكن مع نية الإفساد يكون ضرره أكثر وأعظم .

ففي قضية التشبه بالكفار أيضاً :

أن التشبه بهم متى حصل ولو بغير قصد التشبه ثبت حكمه،ومع نية التشبه يكون أعظم.

12 - أنه لا يحل ظلم المسلم بأي نوع من أنواع الظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "مَنْ تَعَدُّونَ المُفلِسَ فيكُم؟" قَالوا:
الذي لَيسَ عِندَهُ دِرهَم وَلاَ دينَار - أَو وَلاَ مَتَاع- قَالَ: "المُفلِس مَنْ يَأتي يَومَ القيامَةِ
بِحَسَنَات ٍأَمثَالِ الجِبَالِ، فَيَأَتي وَقَد ضَرَبَ هَذا، وَشَتَمَ هَذا، وَأَخَذَ مَالَ هَذا، فَيَأخُذُ هَذا
مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذا مِنْ حَسَنَاتِهِ،وَهَذا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِن لَمْ يَبقَ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيء
أُخِذَ مِنْ سَيئَاتِهِم فَطُرِحَ عَلَيهِ ثُمَ طُرِحَ في النَّارِ".

13 - وجوب نصرة المسلم، وتحريم خذلانه، لقوله: "وَلاَيَخذلهُ" ويجب نصر المسلم،سواء كان ظالماً أو مظلوماً،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "انصُر أَخَاكَ ظَالِمَاً أَو مَظلُومَاً" قَالوا: يَارَسُول الله هَذا المَظلوم،
فَكَيفَ نَنصُرُ الظَالِمَ؟ قَالَ: "تَمنَعهُ مِنْ الظلم فَذلِكَ نَصرُكَ إيَّاهُ"
وأنت إذا منعته من الظلم فقد نصرته على نفسه، وأحسنت إليه أيما إحسان.

14 - وجوب الصدق فيما يخبر به أخاه، وأن لا يكذب عليه، بل ولا غيره أيضاً،لأن الكذب محرم حتى
ولو كان على الكافرين، لكن ذكره في حق المسلم لأن السياق في ذلك.

15 - تحريم احتقار المسلم مهما بلغ في الفقر وفي الجهل، فلا تحتقره، قال النبي صلى الله عليه وسلم
"رُبَّ أَشعَثَ أَغبَرَ مَدفوعٌ بالأَبوابِ لَو أَقسَمَ عَلَى اللهِ لأَبرَّهُ ".

أشعث أغبر لا يستطيع أن ينظف نفسه، مدفوع بالأبواب لا يُفتح له، وإذا فتح له أحد عرف أنه فلان رد الباب عليه،
فدفعه بالباب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لَو أَقسَمَ عَلَى اللهِ لأَبرَّهُ" فكيف تحتقر أخاك المسلم؟!.

ولعل يوماً من الدهر يكون أعلى منك، ولهذا قال الشاعر الجاهلي:

لا تهين الفقير علك أن تر كع يوماً والدهر قد رفعه

تركع يوماً: أي تذل، وهذا أمر مشاهد، كم من أناس كانوا فقراء في أول حياتهم
لا يؤبه لهم فصاروا قادة وصاروا أغنياء.

إذاً لا تحقر أخاك المسلم،حتى لو سألته عن مسألة كلٌّ يفهمها وهو لم يفهمها لا تحتقره،
فلعل الله يفتح عليه ويتعلم من العلم ما يكون به أعلم منك.

16 - أن التقوى محلها القلب، لقوله: "التَّقوَى هَاهُنَا،وَأَشَارَ إِلَى صَدرِهِ" يعني في قلبه.

17 - أن الفعل قد يؤثر أكثر من القول في المخاطبات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بإمكانه أن يقول: التقوى في القلب،
لكنه قال: التقوى هاهنا وأشار إلى صدره، لأن المخاطب يتصور هذه الصورة ويتخيلها في ذهنه،
وقد مر علينا أمثلة من هذا من الصحابة وغيرهم.

18 - الرد على أولئك المجادلين بالباطل الذين إذا فعلوا معصية بالجوارح ونُهوا عنها قالوا: التقوى هاهنا ،
فما جوابنا على هذا الجدلي؟

جوابنا أن نقول: لو اتقى ما هاهنا لاتقت الجوارح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"أَلا وَإِنَّ في الجَسَدِ مُضغَة إِذَا صَلحَت صَلحَ الجَسَد كُلهُ،وَإِذا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُهُ أَلاَ وَهِيَ القَلب".

19 - عظمة احتقار المسلم، لقوله: "بِحَسبِ امرئ مِنَ الشَّرِِّأَن يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسلِم".

20- وجوب احترام المسلم في هذه الأمور الثلاثة: دمه وماله و عرضه،

........... ............................ .......................... ........................

والله الموفق.
ياحنين@
ياحنين@
بارك الله فيك يا الغاليه قصه
قصة حلم
قصة حلم
الحديث السادس والثلاثون

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: { من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلي الجنه، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينه، وغشيتهم الرحمه، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه }.

بهذا اللفظ.


قال النووي رحمه الله تعالى في الأربعين النووية الحديث السادس والثلاثون، عن أبى هريرة عن النبي قال: { من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم } والكرب يعني: الشدة والضيق والضنك، والتنفيس معناه: إزالة الكربة ورفعها، وقوله: { من كرب الدنيا } يعم المالية والبدنية والأهلية والفردية والجماعية.

{ نفس الله عنه } أي: كشف الله عنه وأزال.

{ كربة من كرب يوم القيامة } ولا شك أن كرب يوم القيامة أعظم وأشد من كرب الدنيا، فإذا نفس عن المؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.

{ ومن يسر على معسر } أي: سهل عليه وأزال عسرته.

{ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة } وهنا صار الجزاء في الدنيا والآخرة وفي الكربكربة من كرب يوم القيامة ؛ لان كرب يوم القيامة عظيمة جدا.

{ ومن ستر مسلماً } أي: ستر عيبه سواء أكان خلقيا أو خلقيا أودينيا أو دنيويا إذا ستره وغطاه حتى لا يتبن للناس.

{ ستره الله في الدنيا والآخرة } أي: حجب عيوبه عن الناس في الدنيا والآخرة.

ثم قال كلمة جامعه مانعة قال: { والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه } أي: أن الله تعالى يعين الإنسان على قد معونته أخيه كما وكيفا وزمنا، فما دام الإنسان في عون أخيه فالله في عونه، وفي حديث آخر: { من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته }.

و قوله: { من سلك طريقا يلتمس فيع علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة } يعني: من دخل طريقا وصار فيه يلتمس العلم والمراد به العلم الشرعي، سهل الله له به طريقا إلى الجنة، لان الإنسان علم شريعة الله تيسر عليه سلوكها، ومعلوم أن الطريق الموصل إلى الله هو شريعته، فإذا تعلم الإنسان شريعة الله سهل الله له به طريقا إلى الجنة.

{ وما اجتمع قوم قي بيت من بيوت الله } المراد به المسجد فإن بيوت الله هي المساجد، قال الله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ، وقال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ، وقال: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ... فأضاف المساجد إليه؛ لأنها موضع ذكره.

قوله: { يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم } يتلونه: يقرءونه ويتدارسونه أي: يدرس بعضهم على بعض.

{ إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة } نزلت عليهم السكينة يعني: في قلوبهم وهي الطمأنينة والاستقرار، وغشيتهم الرحمة: غطتهم وشملتهم.

{ وحفتهم الملائكة } صارت من حولهم. { وذكرهم الله فيمن عنده } أي: من الملائكة.

{ ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه } أي: من تأخر من أجل عمله السيئ فإن نسبه لا يغنيه ولا يرفعه ولا يقدمه والنسب هوالانتساب إلى قبيلة ونحو ذلك.

في هذا الحديث فوائد : الترغيب في تنفيس الكرب عن المؤمنين لقوله : { من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة }.

ومن فوائده: الإشارة الى يوم القيامة وأنها ذات كرب وقد بين ذلك الله تعالى في قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عظيم * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ .

ومن فوائد هذا الحديث: تسمية ذلك اليوم بيوم القيامة ؛ لأنه يقوم فيه الناس من قبورهم لرب العالمينو يقام فيه العدل و يقوم الأشهاد .

ومن فوائد الحديث: الترغيب في التيسير على المعسرين لقوله : { من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخره } والتيسير على المعسر يكون بحسب عسرته؛ فالمدين مثلا الذي ليس عنده مالا يوفي به يكون التيسيرعليه إما بإنظاره ، و إما بإبرائه و إبراؤه أفضل من إنظاره ، و التيسير على من أصيب بنكبة أن يعان في هذه النكبة و يساعد و تهون عليه المصيبة و يعود بالأجر و الثوابوغير ذلك ، المهم أن التيسير يكون بحسب العسرة التي أصابت الإنسان.

ومن فوائد هذا الحديث: الترغيب في سترالمسلم لقوله : { من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة } والمراد بالستر: هو إخفاء العيب، ولكن الستر لا يكون محمودا إلا إذا كان فيه مصلحة ولم يتضمن مفسده، فمثلا المجرم إذا أجرم لا نستر عليه إذا كان معروفا بالشر والفساد، ولكن الرجل الذي يكون مستقيما في ظاهره ثم فعل ما لا يحل فهنا قد يكون الستر مطلوبا؛ فالستر ينظر فيه إلى المصلحة، فالإنسان المعروف بالشر والفساد لا ينبغي ستره، والإنسان المستقيم في ظاهره ولكن جرى منه ما جرى هذا هو الذي يسن ستره.

ومن فوائد الحديث: الحث على عون العبد المسلم وأن الله تعالى يعين المعين حسب إعانته لأخيه لقوله : { والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه } وهذه الكلمة يرويها بعض الناس: ما دام العبد ولكن الصواب ما كان العبد في عون أخيه كما قال .

ومن فوائد الحديث: الحث على طلب العلم لقوله : { من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة } وقد سبق في الشرح معنى الطريق وأنه قسمان حسي ومعنوي.

ومن فوائد الحديث: فضيلة اجتماع الناس على قراءة القران لقوله: { وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله }.

ومن فوائد الحديث: أن حصول هذا الثواب لا يكون إلا إذا اجتمعوا في بيت الله أي: في مسجد من المساجد لينالوا بذلك شرف المكان لأن أفضل البقاع مساجدها.

ومن فوائد الحديث: بيان حصول هذا الأجر العظيم تنزل عليهم السكينة وهي الطمأنينة القلبية وتغشاهم الرحمة أي: تغطيهم وتحفهم الملائكة أي: تحيط بهم من كل جانب ويذكرهم الله فيمن عنده من الملائكة لأنهم يذكرون الله تعالى عن ملأ، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: { من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم }.

من فوائد الحديث: أن النسب لا ينفع إذا لم يكن العمل الصالح لقوله: { من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه }.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن لا يغتر بنفسه وأن يهتم بعمله الصالح حتى ينال به الدرجات العلى.

والله الموفق