*هبة @hb_16
مشرفة مجالس الإيمان وقسم المجلس العام
شرح حديث( ليس الشديد بالصرعة ) بالصور(مشاركة بحملة قل خيراً أو إصمت)
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: (( ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ))(153) ( متفق عليه )
(( والصرعة )) بضم الصاد وفتح الراء ، وأصله عند العرب : من يصرع الناس كثيرا .
رياض الصالحين / شرح الشيخ محمد صالح بن عثيمين – رحمه الله – /1- باب الصبر
حديث رقم :45
الشرح
46 ـ وعن سليمان بن صرد ـ رضي الله عنه ـ قال : كنت جالسا مع النبي صلي الله عليه وسلم ، ورجلان يستبان ، وأحدهما قد أحمر وجهه ، وانتفخت أوداجه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ذهب منه ما يجد )) فقالوا له : أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (( تعوذ بالله من الشيطان الرجيم ))(154) ( متفق عليه ) .
هذان الحديثان عن الغضب ، والغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم ، فيستشيط غضبا ، ويحتمي جسده ، وتنتفح أوداجه ، ويحمر وجهه ، ويتكلم بكلام لا يعقله أحيانا ، ويتصرف تصرفا لا يعقله أيضا .
ولهذا جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أوصني قال :
((لا تغضب ))
(2 ) .
وبين النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في حديث أبي هريرة هذا الذي ذكره المؤلف ـ رحمه الله ـ أن الشديد ليس بالصرعة فقال : (( ليس الشديد بالصرعة )) أي : ليس القوي في الصرعة الذي يكثر صرع الناس فيطرحهم ويغلبهم في المصارعة ، هذا يقال عنه عند الناس إنه شديد وقوي ، لكن النبي صلي الله عليه وسلم يقول : ليس هذا الشديد حقيقة ، (( إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )) أي : القوي حقيقة هو الذي يصرع نفسه إذا صارعته وغضب ملكها وتحكم فيها ، لأن هذه هي القوة الحقيقة ، قوة داخلية معنوية يتغلب بها الإنسان على الشيطان ، لأن الشيطان هو الذي يلقي الجمرة في قلبك من أجل أن تغضب .
ففي هذا الحديث الحث على أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب ، وأن لا يسترسل فيه ، لأنه يندم بعده ، كثيرا ما يغضب الإنسان فيطلق امرأته ، وربما تكون هذه الطلقة آخر تطليقة !
كثيرا ما يغضب الإنسان فيتلف ماله ، إما بالحرق أو بالتكسير . كثيرا ما يغضب على ابنه حتى يضربه ، وربما مات بضربه . وكذلك يغضب على زوجته مثلا فيضربها ضربا مبرحا ، وما أشبه ذلك من الأشياء الكثيرة التي تحدث للإنسان عند الغضب ؛ ولهذا نهي النبي صلي الله عليه وسلم أن يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان(155) لأن الغضب يمنع القاضي من تصور المسألة ، ثم من تطبيق الحكم الشرعي عليها ، فيهلك ويحكم بين الناس بغير الحق .
وكذلك ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ حديث سليمان ـ رضي الله عنه ـ في رجلين أسبا عند الرسول صل الله عليه وسلم ، فغضب أحدهما حتى انتفخت أوداجه واحمر وجهه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )) أعوذ بالله أي : أعتصم به .
من الشيطان الرجيم :لأن ما أصابه من الشيطان ، وعلى هذا فيقول : المشروع للإنسان إذا غضب أن يحبس نفسه وأن يصبر ، وأن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وأن يتوضأ ، فإن الوضوء يطفئ الغضب ، وإن كان قائما فليقعد ، وغن كان قاعدا فليضطجع ، وإن خاف خرج من المكان الذي هو فيه ، حتى لا ينفذ غضبه فيندم بعد ذلك . والله الموفق .
7
4K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عيادتك