شرح حديث يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبِّتْ قَلْبـِي عَلَى دِينك

ملتقى الإيمان

شرح حديث
يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبِّتْ قَلْبـِي عَلَى دِينك



عَنْ أَنَسٍ قَالَ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ
(يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ)
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ
فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟
قَالَ
(نَعَمْ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ
يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ)(1)



عن شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ
قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ
يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ
مَا كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا كَانَ عِنْدَكِ؟
قَالَتْ: كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ
(يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ)

قَالَتْ: فَقُلْتُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ
مَا أَكْثَرَ دُعَاءَكَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ؟
قَالَ
(يَا أُمَّ سَلَمَةَ، إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ!)
فَتَلَا مُعَاذٌ

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}(2)

عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ
(إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ
كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ)
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ)
(3)

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ
إِنَّمَا مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ
مُعَلَّقَةٍ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ يُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ)(4)

معنى (مُقَلِّب الْقُلُوب)
قال ابن حجر في الفتح
"مَعْنَاهُ تَقْلِيب قَلْب عَبْده عَنْ إِيثَار الْإِيمَان إِلَى إِيثَار الْكُفْر وَعَكْسه"
وقال: قَالَ الرَّاغِب
"تَقْلِيب الشَّيْء تَغْيِيره مِنْ حَال إِلَى حَال
وَالتَّقْلِيب التَّصَرُّف
وَتَقْلِيب اللَّه الْقُلُوب وَالْبَصَائِر صَرْفهَا مِنْ رَأْي إِلَى رَأْي"

قال صاحب تحفة الأحوذي
(يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ)
أَيْ مُصَرِّفَهَا تَارَةً إِلَى الطَّاعَةِ وَتَارَةً إِلَى الْمَعْصِيَةِ
وَتَارَةً إِلَى الْحَضْرَةِ وَتَارَةً إِلَى الْغَفْلَةِ"




وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ
"فِي نِسْبَة تَقَلُّب الْقُلُوب
إِلَى اللَّه إِشْعَار بِأَنَّهُ يَتَوَلَّى قُلُوب عِبَاده
وَلَا يَكِلهَا إِلَى أَحَد مِنْ خَلْقه

وَفِي دُعَائِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينك)
إِشَارَة إِلَى شُمُول ذَلِكَ لِلْعِبَادِ حَتَّى الْأَنْبِيَاء
وَرَفْع تَوَهُّم مَنْ يَتَوَهَّم أَنَّهُمْ يُسْتَثْنَوْنَ مِنْ ذَلِكَ

قال ابن بطال
"تقليبه لقلوب عباده صرفه لها من إيمان إلى كفر
ومن كفر إلى إيمان، وذلك كله مقدور لله تعالى وفعل له"

لماذا خصّ نفسه بالذكر؟
وَخَصَّ نَفْسه بِالذِّكْرِ؛
إِعْلَامًا بِأَنَّ نَفْسه الزَّكِيَّة
إِذَا كَانَتْ مُفْتَقِرَة إِلَى أَنْ تَلْجَأ إِلَى اللَّه سُبْحَانه
فَافْتِقَار غَيْرهَا مِمَّنْ هُوَ دُونه أَحَقّ بِذَلِكَ"

التقليب بين عدل الله وفضله
الله تعالى يقلب قلوب أعدائه بعدل
والعدل صفة له، فهو يقلب قلوبهم من حال إلى حال...
قال الله عز وجل
{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}(5)
وقال جل جلاله
{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُم} ...(6)

فهو عزّ وجلّ يفعل ذلك بالمنافقين والكافرين
دون المؤمنين المخلصين
وله أن يفعل ما يشاء إذ هو المالك لهم
ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون
يفعل ما يشاء
ويحكم ما يريد
فعلى هذا يقلب قلوب أعدائه...

ويقلب قلوب أوليائه بفضله
من حال إلى حال إرادة الخير لهم؛
ليهتدوا ويوفقوا ويزيدهم إيمانًا
قال الله تعالى
{لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِم} (7)
وتثبيتا لهم

كما قال الله عز وجل
{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا
بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَة} (8)



فقلوب أوليائه المؤمنين المخلصين
الذين سبقت لهم منه الحسنى
تتقلب بين الخوف والرجاء، واللين والشدة
والوجل والطمأنينة، والقبض البسط
والشوق والمحبة، والأنس والهيبة
والله تعالى يقلبها بفضله

(ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِك)

قال في تحفة الأحوذي

"أَيْ اِجْعَلْهُ ثَابِتًا عَلَى دِينِك
غَيْرَ مَائِلٍ عَنْ الدِّينِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ"

منقول بتصريف

12
604

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

لمار**
لمار**
(يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينك)
(يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينك)
غفرالله لك ولنا وللمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات
لاإله إلاأنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير
رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين
شرقاويه والعز ليه
بــــــــــــــارك الله فيك،، ورفع قــــــــــــــدرك،،
موضوع قيـــــــــــــــم.. ومشاركة متميزة،،
انفوي
انفوي
يا مقلب القلوب ثبت على قلبي على دينك
لاإله إلاأنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير

رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين

""بيلسان""
لااله الاانت سبحانك اني كنت من الظالمين
لااله الاانت سبحانك اني كنت من الظالمين
لااله الاانت سبحانك اني كنت من الظالمين

ربي لاتذرني فردا وانت خير الوارثين
ركايز
ركايز
الله يجزاك الجنة يارب