نصر

نصر @nsr_1

محرر في عالم حواء

شرح قوله تعالى (وقودها الناس والحجاره)=للشيخ المغامسي حفظه الله

الملتقى العام

يقول الشيخ صالح المغامسي-حفظه الله-: قوله: وقودها الناس والحجارة :وقودها الناس فمعروف،
أما وقودها الحجارة،فللعلماء فيها قولان:
ق1)قوم قالوا:إن الحجارة هنا حجارة من كبريت في النار،هذا عليه الأكثرون،نرى أنه رأي مرجوح.
ق2)قوم قالوا:إن الحجارة هنا هي الأصنام التي كانوا يعبدونها في الجاهلية،فتُقرَن معهم في النار،وهذا هو الراجح-إن شاء الله-ودليلُه من القرآن: إنكم وما تعبدون من دون الله حَصَبُ جهنّم أنتم لها واردون .

قال الله تعالى: فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أُعِدّت للكافرين
اتقوا النار بماذا؟!
بالإيمان والعمل الصالح،قال العلماء في قول الله جلّ وعلا أن النار أُعِدّت للكافرين:دليلٌ على أنه لا يخلد في النار موحّد،قال العالم السفّاريني وغيره-رحمهم الله جميعاً-:.

قال تعالى: وبشّر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنّات تجري من تحتها الأنهار كلّما رُزِقُوا منها من ثمرةٍ رزقاً قالوا هذا الذي رُزِقنا من قبل وأُتوا به متشابهاً ولهم فيها أزواج مطهّرة وهم فيها خالدون .
هذه الآية فيها مُبشِّر وفيها مُبَشَّر،وفيها مُبشَّرٌ به وفيها سبب للبشارة.

أما المبشِّر:فهو النبي ومَن يقوم مقامه بعدَه من أمّته في الدعوة إلى الدين.
وأمّا المبشَّر:فهم المؤمنون.
وأما المبشَّر به:فهو الجنّات على ما وصَفَهَا الله جلّ وعلا.
وأما أسباب البشارة:فالإيمان والعمل الصالح.
تفصيل الآيات:
وبشّر:أي يا نبيّنا .
جنّاتٍ:جاءت مجرورة؛لأنها جمع مؤنث سالم منصوب بالكسرة نيابةً عن الفتحة؛لأنه وقع اسماً لحرف الناسخ{أنّ}وأصل الكلام:أنّ جناتٍ لهم.
ثمّ ذكر الله وصف الجنات،فقال في أوّل وصْفِهَا تجري من تحتها الأنهار لم يذكر الله جلّ وعلا هنا ما هي الأنهار؟! وقلنا:إن القرآن يُفَسَّر بالقرآن،لكنه ذكر الأنهار في سورة ،وهي أنهار من ماء وأنهار من لبن وأنهار من خمر،وأنهار من عسل مصفّى.

قوله: كلّما رُزِقُوا منها من ثمرةٍ رزقاً قالوا هذا الذي رُزِقنا من قبل
للعلماء في معنى هذه الآية ثلاثة أقوال:
ق1)فريق يقولون: قالوا هذا الذي رُزِقنا من قبل أي في الدنيا؛لأن(قَبْلُ)جاءت مضمومة منقطعة عن الإضافة،فلم يذكر الله جلّ وعلا المضاف إليه،فوَجَب إحرازه قدر الإمكان.
ق2)أن الثمار إذا أخذوا منها تُبْدَلُ بغيرها،فإذا رأوا الثاني قالوا:هذا مثل الأول الذي قطفناه من قبل؛لتشابه ثمار الجنة،وما بين هذين يدور أكثر المفسّرين.
ق3)لكنّنا نقول-والله أعلم-:إن المعنى أن أهل الجنة إذا قطفوا ثمرة في أول النهار تُبْدَلُ بغيرها تُشبِهُهَا في آخر النهار،فإذا جاؤوا يقطفونها،فإذا أكلوها وجدوها تختلف عن الطعم الأول،وأظنّ الشوكاني-رحمه الله-في فتح القدير مَالَ إلى هذا القول،ولستُ متأكّد من هذا،ولكنه قول مذكور.

ولهم فيها أزواج مطهّرة وهم فيها خالدون ولم يقل الله عزّ وجل مطهّرة من ماذا؟!
لفائدة عظيمة وهي:أنها مُطهّرة من كلّ شيء،مُطَهّرون في خَلْقِهِم،ومُطَهّرون في أخلاقِهِم.


ذكرى وتذكير:
الإنسان إذا أراد أن يقوم من الليل،فأضجعته نفسه ودَعَتْهُ نفسه الأمّارة بالسوء إلى أن يخلد إلى الفراش يتذكّر يوم الحشر ويوم الحساب ويوم يُقال لأهل الجنة: كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيّام الخالية يتذكر يوم أن يطرق النبي أبواب الجنة،فينادي الخازن:مَن أنت؟فيقول:أنا محمّد،فيُقال:أُمِرت ألاّ أفتح لأحد قبلك،فيدخلها-عليه أفضل الصلاة والسلام-ثم يدخلها بعده الأخيار المؤمنون الأتقياء الأبرار من أمّتِه.
يتذكر المؤمن وهو يرى ما يثبّطه عن العمل الصالح ويدعوه إلى الشهوات،ويدعوه إلى أن يعصي الله جلّ وعلا خروجَ الناس من قبورهم حفاة عُراة غُرلاً بُهْماً،أشدّ ما يكونون إلى ماء يروي ظمأهم،فإذا خرجوا وجدوا النبي على حوض يسمّى الحوض المورود فيُقبِل عليه-صلوات الله وسلامه عليه-المؤمنون الأتقياء من أمته،فيُرِدُون من حوضه،ويشربون من يده شربة لا يعطشون بعدها أبداً،إذا تذكّر الإنسان حال أهل الجنة،وما فيها من نعيم،وتذكّر حال أهل النار-عياذاً بالله-وما فيها من جحيم دعاهُ ذلكَ إلى زيادة الإيمان في قلبه،والمسارعة في الخيرات والإتيان في عمل الصالحات،ولن تلقى الله جلّ وعلا بشيء أعظم مِن سَرِيرَة صالحة وإخلاص في قلب،ومحبّة للمؤمنين وعدم بُغض لهم،لا في قلبك حسد ولا غلّ على مؤمن كائناً مَن كان،ترى مَن ترى من أَفْضَلَ الله جلّ وعلا عليه،فتسأل الله جلّ وعلا من فضله،ولا يخلو إنسان من عثرةٍ ولا من زلَلٍ ولا من خطأ،لكنّ المؤمن إذا آبَ إلى الله كَفّل الله جلّ وعلا به،قال الله جلّ وعلا في نَعْتِ خليلِه إبراهيم : إن إبراهيم لأوّاه حليم وقال الله جلّ وعلا عنه في آية أخرى: إن إبراهيم لحليم أوّاه منيب أي كثير الرجعة إلى الله،فكثرة التوبة والاستغفار والإنابة إلى الله مع الإيمان،والعمل الصالح،وهما مندِرَجتان فيه،كل ذلك يهيئ للمؤمن أن يدخل جنات النعيم.رَزَقَنا الله وإيّاكم إيّاها بأمنٍ وعفوٍ وعافيةٍ منه.


الفسق يأتي على معنيين:
الأول: يأتي بمعنى الكفر،ويكون مخرجاً من الملّة،ومنه قول الله جلّ وعلا: أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون .
الثاني: ويأتي بمعنى الكبيرة أو العصيان الذي لا يخرج من الملّة،ومنه قول الله جلّ وعلا: إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا فهذا فسقٌ لا يُخرج من الملّة،وأصل الفسق الخروج،فكل من خرج عن طاعة الله فهو فاسق،والناس في هذا بلا شكّ درجات عدّة.
__________________
1
4K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

@fo0o$hy
@fo0o$hy
جزاك الله خير والله يشفي الشيخ ويحفظه يارب