شرح وصا يا النبي صل الله عليه وسلم

🌟 شرح وصايا النبي ﷺ 

📍جاء رجل إلى النبي ﷺ، فقال:
يا رسول الله! عِظني وأوجِز.
🔸قال ﷺ:
إذا قمت في صلاتك فَصلِّ صلاة مودّع
 كيف تكون صلاته من علم أنه سيودّع الدنيا؟ ومن علِم أن هذه الصلاة هي آخر صلاة له؟ لا شك أنه سيحسنها، وبكل الوجوه، لن يجتمع في قلبه حال آداءها إلا التفكير في إيصالها الى مقام الإحسان، الذي هو أعلى المقامات، ان تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. أيها الاخوة في الله، يا ترى لو كان المسلمون يعملون بهذه الوصية، كيف ستكون صلاتنا وخشوعنا؟ كيف سيكون أثر تلك الصلاة اللتي يودع صاحبها الدنيا؟ إنها صلاة سيصدق فيها قوله تعالى: إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. إن المودع سيجتهد اجتهادا عظيماً، لأنه يعلم أنه لن يصلي غير هذه الصلاة، وإن استمر على هذه الحال سيسهل الأمر عليه ويتعوّد على إحسان الصلاة في كل الأحوال، وتصير صلاته دائما هي صلاة المودّع.

ولا تكلّم بكلامٍ تَعتذرُ مِنه غداً
 وصية في حفظ اللسان، ومراقبة هذه الجارحة الصغيرة. إن حفظ اللسان يا عباد الله عليه المدار. متى ملك العبد لسانه، فإنه سيملِك جميع أعضائه. إننا ايها الاخوة لم ندرك خطورة الكلمة حق الإدراك. أكثر بلاء المسلمين، انما هو في كلامهم. آفات اللسان كثيرة: غيبة، لعن، فحش في الكلام. ولو عمل المسلمون بهذه الوصيّة لارتاحوا واراحوا. لا تتكلم بكلام تحتاج بعده الى الأعتذار، لا من ربك ولا من البشر! لأنه ربما لن ينفعك الاعتذار. فاحرص اخي المسلم على العمل بوصية نبيك ﷺ، ستجد الراحة. وكم تسببت كلمة يسيرة في قطع الأرحام وزرع العداوات والتفريق بين الأزواج. كل هذا في الدنيا! فما بالك لأثر الكلام في الآخرة!؟ أسمعت حديث النبي ﷺ: هل يكبّ الناس على وجوههم في النار الا حصائد ألسنتهم!؟ أما تعلم ان الكلمة تهوي بصاحبها في النار أبعد من ما بين المشرق والمغرب؟! إذاً، اسأل ربك العافية. واحفظ وصية رسولك ﷺ فإن فيها النجاة.

وأجمع الإِيَاسَ مِمّا في يَدَيْ النّاس

نعم، إنه كمال العبودية، أن توطّن النفس على التعلق بالله، لا بغيره. حتى في أمور المعاش، فضلا عن أمور المعاد. فلا يُسئل الا الله، وهو الغني الكريم. إن اليأس مما في أيدي الناس يجعل قلبك يا أخي، خالصا لله، وإنك اذا يأست مما في أيدي الناس، استغنيت عنهم. لأن الذي ييأس من شيء، لا شك أنه سيتغني عنه. ومن أعظم ما يحقق للمؤمن هذه الحقيقة حتى يسلم من عبودية الخلق ويتحرر من رِقّهم فيكسب بذلك العزّ والشرف هو ان يوطّن نفسه على هذا، ويجاهد نفسه على هذا. إنّ المتعلّق بالله عزيز شريف ولو اجتمع الخلق كلهم ضده، وإنّ المتعلّق بالخلّق ذليل ساقط ولو صفّق الناس كلهم له، ولكلٍ وجهةٌ هو مولّيها.

📚 .

🌿 ستجد الراحة في هذه الوصية لكن لن ينتفع أحد بهذه الوصايا إلا اذا تيقن ان رسول الله ﷺ بُعث مرشداً للخلق لِما يُسعدهم في دينهم ودُنياهم، فاذا نطق ﷺ بكلمة فاعلم انه رُبما كان في هذه الكلمة خلاصُك من النار او تكون سببا في دخولك الجنة. ثم انه لن ينتفع من هذه الوصايا من يسمعها للبركة ولزيادة المعلومات، فإن تَرِكَةَ محمد ﷺ أصلها العمل والإنقياد، لا الاستكثار من العلم فقط، فإن هذا دأبُ بنو إسرائيل. ولن ينتفع من الوصايا، من يظن الخطاب موجه الى غيره، فتراه يتلفت ليرى هل يطبق الناس هذه الوصايا ام لا؟ لا يا أخي، عليك بخاصة نفسك ولا تغتّر ببعض الخير والصلاح فيك لأن أمر القبول لله وانما يتقبل الله من المتقين. وعلينا ان نستيقن، كلنا، اننا بحاجة لهذه الوصايا ونظهر لله ﷻ حاجتنا وفقرنا. يقول سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: يا عبادي: كل ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم.

⛅نسأل الله جلّ وعلا أن يزكي نفوسنا إنه خير من زكاها، وأن يتولانا في الدنيا والآخرة، وأن لا يكلنا الى أنفسنا طرفة عين، اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الشيخ سلطان العويد رحمه الله