
سمعت هذا الحوار الذي دار بين والديّ على انفراد ليلة البارحة...
يقول أبي: هل أخبرت ابنتي فلانة بأن شاباً يريد التقدم إلينا لخطبتها؟
قالت والدتي: لقد فهمتْ هذا من زيارة والدته وأخته إلينا يوم أمس.
قال: هذا حسن. هل لمستِ لديها استعداداً للزواج؟
قالت: تعلم أنها تطيعنا في كل أمر، ليقينها بأننا لا نريد إلا ما هو خير لها في دنياها وآخرتها.
لكنها مع ذلك سألتني: لماذا لا أكمل دراستي في الجامعة؟ وماذا نفعني تفوقي وحصولي على معدل عال في شهادة الثانوية العامة؟
قال والدي: أحسنت إذ أنك أخبرتيني بذلك ... سأجيبها عن تساؤلها هذا؟
قالت: لقد كان لديها تساؤل آخر.
قالت: أخبريني عنه.. لا تخفي عني شيئاً.
قالت: سألتني كيف أتزوج رجلاً لا أعرفه ولا يعرفني؟
قال: سأجيبها عن تساؤلها هذا أيضاً بعون الله وتوفيقه.

جاءني والدي...
وقال: هل توافقين على الشاب الذي تقدم إلى خطبتك يا بنيتي؟
خفضت رأسي حياءً ولم أجب.
شعرت كأنه أدرك بأنه تعجل بهذا السؤال المباشر لي.
فقال: تعلمين يا ابنتي كم تحبك أمك وكم يحبك أبوك، تعلمين مقدار تعلقنا بك وحرصنا على أن لا نفارقك ولا تفارقينا.
قلت: وأنا والله يا أبي أحبكما كثيراً جداً ... بعد حب الله تعالى وحب رسوله – صلى الله عليه وسلم – ومتعلقة بكما ولا أقوى على مفارقتكما أبداً.
قال لي برفق: بارك الله فيك يا ابنتي وأسعدك...
ولكنك تعلمين أن الفتاة تفارق والديها بالزواج الذي هو سنة من سنن النبي – صلى الله عليه وسلم -.
قلت: ألا أكمل دراستي قبل الزاوج يا أبي؟
قال: إنك متفوقة يا ابنتي، وأنا فخور بك، ولا شك في أنك ستتفوقين في دراستك الجامعية، بتوفيق الله، لو قدر لك أن تواصليها.. ولن يمنعك زاجك من الإنتساب إلى كلية لا تشترط حضور المحاضارات... بعد اتفاقك مع زوجك على هذا أو الإنتظام في الجامعة بعد موافقة زوجك أيضاً وتوزيع وقتك حسب الأولويات.
قلت: ستشغلني مسؤوليات زوجي وبيتي وأطفالي عن الدراسة يا أبي.
قال لي بفخر: وهذه المسؤوليات هي رسالتك الحقيقية والجليلة في الحياة يا ابنتي، وهي مقدمة على دراستك وأهم منها، ونجاحك فيها أهم من نجاح العاملين في المصانع والمكاتب والمتاجر والحقول.
قلت: إنما نجح هؤلاء أو أكثرهم، بفضل الله ثم بفضل رعاية أمهاتهم لهم.
قال مبتسماً مشجعاً: ما شاء الله.. إنما نجح أكثر هؤلاء برعاية أسرهم، وفي مقدمتها أمهاتهم، وتشجيعهن لهم ... كما ستنجحين يا ابنتي، إن شاء الله، برعاية أبنائك ليكونوا أطباء ومهندسين وعلماء ومربين.
قلت: ولكن يبقى في النفس شيء يا أبي؟
قال: سليني عما شئت يا ابنتي ... لا تتركي في نفسك أو خاطرك أي شيء.
قلت: ستذهب دراستي طوال الاثنتي عشرة سنة الماضية سدى ولن أستفيد منها!
قال: ما تعلمتيه لم يذهب سدى. لقد صقل ذهنك، ودرّب عقلك، وثقف فكرك، وجعلك قادرة على فهم كثير مما يجرى حولك، وإدراك حقائق الأشياء وسنن الحياة، وعظمة خلق الله سبحانه.
قلت: كذلك سيساعدني ما تعلمته في مذاكرة دروس أولادي في المستقبل وإعانتهم في حل واجباتهم وشرحها لهم.
قال معجباً: بارك الله فيك يا ابنتي وزادك فهماً ووعياً وإدراكاً.
قلت: إذاً ...
قاطعني: إذاً أنت الآن موافقة على الزواج؟
قلت: ولكني لم أعرف عن الشاب الذي تقدم إلا القليل.
قال لي: من حقك يا ابنتي أن تعرفي كل شيء. ومن حقك أن تجلسي معه بحجابك في حضور أحد من أهلك تحادثيه ويحادثك.
قلت: وإذا لم يعجبني ... ورفضت الزواج منه؟
قال: هذا أيضاً من حقك يا ابنتي .. من حقك رفضه.
قلت: ولا تلزماني أنت وأمي بالزواج منه؟
قال وهو يمسح على رأسي: ولا نلزمك بالزواج منه.
قلت حينها: أشكرك غاية الشكر يا أبي، وأعدك أن أكون أهلاً لهذا الحق الذي منحتني إياه.
فقال لي: لست أنا منحتك هذا الحق يا ابنتي... إنه الإسلام. هو الذي منحك ومنح كل فتاة حق قبول أو رفض من يتقدم للزاج منها.
منقول بتصرف من مجلة مؤمنة.

وقفاتي مع هذا الحور...
* ليستأمر الأب البنت ويستأذن الأم في أمر زواجها.
* لتثق البنت في كلام والدها الذي هو أعقل منها،
لأنها لن تجد أفصل من والديها في اختيار الزوج الأفضل لها... إلا في حلات نادرة.
* لتكن البنت في أدبها وحيائها مع محادثتها لأهلها وخاصة في أمور كهذه،
فلا تسبقهم القول والرأي، بل تعطي رأيها في أمرها بأدب واحترام.
* لتشرح وتوضح وجة نظرها لأهلها حتى يكون هناك تفاهم تام من قبل الطرفين.
* لتعلم أن الدراسة ليس عائق يعيقها عن الزواج.
* لتعلم أنها بإنشاء جيل جديد هو أفضل خدمة تقدمها في حياتها لدينها ودنياها وآخرتها.
فلا تندم إن خسرت الدراسة أو الوظيفة من أجل أسرتها.
*يكفيها فخراً أنها مقدمة على إنشاء جيل، فهي صانعة الأبطال ومربية أجيال يرفعون راية هذا الدين العظيم.
* وأخيراً إذا عزمت على أمرها بعد الاستشارة فعليها بالاستخارة فما ندم من استخار.

محبتكن في الله.