" شكر النعم "
ربك أغدق عليك من نعمه العظيمة، وأجزل عليك من عطاياه الجسيمة، لتشكره عليها والشكر هو الغاية من خلقه وأمره
: " وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "
وأخبر سبحانه أن من لم يشكره لم يكن من أهل عبادته :
" وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ "
وقد أثنى الله على أول رسول بعثه إلى الأرض بالشكر، فقال :
" ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا "
وأمر عبده موسى أن يتلقى ما آتاه من النبوة والتكليم بالشكر،
فقال : " قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ "
وأثنى على خليله إبراهيم بشكر نعمه، فقال عنه :
" شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " .
وأمر الله به آل داود فقال : " اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا "
وأمر الله رسوله محمداً بالشكر
فقال له : " بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ "
وأول وصية وصى به الإنسان الشكر له وللوالدين
فقال : " أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ "
وبالشكر أمر الأنبياء أقوامهم فقال إبراهيم لقومه : "
فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " .
وأفضل الأدعية دعاء الرب العون على مرضاته بشكر نعمه وعبادته،
قال شيخ الإسلام (مدارج السالكين) :
" تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في إياك نعبد وإياك نستعين " .
ولما عرف عدوا لله قدر مقام الشكر وأنه من أجل العبادات وأعلاها جعل غايته السعي في قطع الناس عنه
فقال : " ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ " .
والشاكرون هم قلة في الخلق، فكن مع تلك الثُّلَّة القليلة المباركة
قال جل وعلا : " وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ " .
وكل نعمة لا تقرب من الله فهي بليَّة، قال الفضيل :
" عليكم بملازمة الشكر على النعم فقلَّ نعمة زالت عن قوم فعادت إليهم "
وإذا رأيت ربك يوالي عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره ، فالعبد إذا كانت له عند الله منزلة فحفظها
وبقى عليها، ثم شكر الله على ما أعطاه، آتاه الله أشرف منها ، وإذا ضيع الشكر استدرجه الله، والنعمة موصولة بالشكر، و
المزيد يتعلق بالشكر. ومن رزق الشكر رزقه الله الزيادة
" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " .
وبشكر الله وطاعته تتفتح للعبد أبواب الدنيا والآخرة
قال تعالى : " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " .
* كيف أشكر نعم الله ؟
الشكر يكون بقلبك ولسانك وجوارحك .
فشكر النعم بالقلب يكون بنسبتها إلى بارئها قال تعالى : " وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ " .
وشكرها باللسان يكون بالإكثار من الحمد لمسديها، فالحمد رأس الشكر وأوله، وهو من أفضل ما تحرك به اللسان، قال صلى الله عليه وسلم : «والحمد لله تملأ الميزان» (رواه مسلم) .
وشكرها بالجوارح يكون بالاستعانة بها على مرضاة الله، ومنع استخدامها في مساخطه وعصيانه، وأسعد الخلق من جعل النعم وسائل إلى الله والدار الآخرة، وأشقاهم من توصل بنعم الله إلى هواه ونيل ملذاته .
وكن قنوعاً بما رزقك الله تكن أشكر الناس، وتذكر أن شكر نعم الله عبادة من أجل العبادات، قال صلى الله عليه وسلم : «الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر» (رواه البخاري) .
توت 22 @tot_22_1
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️