ضوء صحفي
شكوا في عقولكم لا في نسائكم
ممدوح المهيني
من المؤكد أننا نحب نساءنا ولكن مع الزمن تحول إلى حب قاتل. إننا نستخدم طريقة الحب القديمة وهي التي تعني أن تحمي نساءك وتوفر لهن الطعام وتحدد لهن خياراتهن في الحياة. ولكن كل ذلك تحول ومع مرور الوقت إلى مواصفات شخص يكره ولا يحب.
إن كثيراً من الرجال يجبرون نساءهم على المكوث في البيت ساعات طويلة بحجة حمايتهن ولكن في الحقيقة أنك عندما تضع شخصاً في البيت وتجبره على البقاء وكأنه سجين لا يخرج إلا بإذنك فهذه مواصفات شخص كاره وليس محب. وعندما توفر له الطعام وهو ما يعني أن تمنعه من أن يكون مسؤولاً عن نفسه ودائم الحاجة إليك، فهذه خطة لا تحبكها على شخص تحبه. وقطعاً لن تكون شخصاً محباً وأنت تتدخل بشكل رئيسي في تحديد خيارات الحياة ومن بينها الدراسة والزواج لشخص آخر ولكي تدرك فظاعة ذلك تخيل أن الأمر ينطبق عليك.
إن كل ذلك وغيرها على الرغم من أن الكثيرين يفعلون ذلك بحجة أنهم يخافون على زوجاتهم واخواتهم ويحبونهم إلا أن تطبيقه في هذا الوقت هو أشبه بالتعذيب. إن الكثيرين يحتفظون بالقيم القديمة للطريقة التي يجب فيها أن يتعاملوا مع نسائهم ولكنها قيم باتت عدائية وغير انسانية. مثلاً كثيرون يجبرون نساءهم على المكوث في البيت أو الذهاب برفقتهم بشكل اجباري وهم يعتقدون أنهم يمارسون من خلال ذلك حقهم الطبيعي لأنهم يعتقدون أنهم أعلى منهن قيمة وبذا يفرضون عليهن ما يريدون. أنهم يعبِّرون بذلك عن حبهم لنسائهم وربما يعتقد الكثير من النساء ذلك ولكن هل يوجد في الحقيقة معاملة مهينة أكثر من هذه. وكذا الأمر يحدث في أشياء كثيرة في الزواج والسفر والدراسة والتسوق وغيرها وكل هذه الأشياء يقوم بها الرجل ويحددها على مزاجه أو يلغيها وهو يتصور أنه يحب زوجته أو أخته ويحرص عليها ولكن دعونا نكن صرحاء أكثر فإن حبنا تحول في جوهره إلى كراهية.
إن الكثير من الرجال يقومون بهذه الأشياء ليس لأنهم يحبون ولكن لكي يحموا مشاعرهم. إنهم لا يثقون كثيراً في زوجاتهم أو أخواتهم وعندما يطلبون منهن المكوث في البيت أو لبس نوع معين من العباءات أو عدم الذهاب مع صديقاتهن أو منعهن من العمل فإنهم يفترضون أنهن شخصيات غير قوية بما يكفي وتفتقد للصلابة الأخلاقية التي تمنعها من الوقوع في الأخطاء.
إن مجرد تفكيرك المهزوز نحو شخص آخر بهذه الطريقة يعني أنه غير جدير بثقتك ولا يمكن أن تحبه بشكل حقيقي. ربما تحب جسده فقط وربما تحبه أن يكون على هذه الشخصية الضعيفة والمشكوك في أمرها، ولكن هذا ليس حباً مرضياً وليس حقيقياً. إن الناس الجيدين يوفرون فضيلة الشك نحو الأفكار التي تصلهم ويحولونها إلى آلية مهمة تفرز الأفكار الصائبة عن الخاطئة، ولكن غالبيتنا يستخدمها بالطريقة الخاطئة عندما نركزها فقط على سلوك نسائنا واخواتنا.
إن فكرة الشك المريضة والتي تملأ مجتمعنا بالريبة والخداع والزيف تخترق جميع تعاملاتنا مع نسائنا. وعلى الرغم من أنها لا تمنح الرجل الاحترام الكامل هي أيضاً طريقة غير فعّالة ولن تساعده على أن يمنع زوجته أو أخته من ارتكاب الأخطاء التي يخاف منها. جميعاً بتنا ندرك أن الشخص إذا أراد أن يقوم بأمر ما فإن شيئاً لن يمنعه. إن هذه الطريقة الخانقة والقاتلة انتجت رد فعل وهو أمر طبيعي فعندما لا تثق في الآخرين وتتعامل معهم وكأنهم أقل منك وأنهم مستعدون لارتكاب الأخطاء فليس من الغريب أن يتورطوا في المشاكل.
إن الثقافة الاجتماعية لم تعلمنا أن نحترم نساءنا ونمنحهن - وهذا في اعتقادي الحب الحقيقي - الفرصة الكاملة مثلما ما اتيحت لنا في أن يخترن حياتهن ومستقبلهن وأفكارهن والملابس التي يحببنها والأوقات التي يردن فيها الخروج والعودة. وإذا كنا نحن نعامل أنفسنا بهذه الطريقة ونعتقد أننا أشخاص جيدون ولا نقع في الهفوات فلماذا لا نمنح لاخواتنا وزوجاتنا هذا الحق.
من المؤسف حقاً أن نتوارث مثل هذه الأفكار المريضة والتي تعبث بعلاقتنا داخل عائلاتنا وتشحنها بالحب المزيف والمهزوز وبدلاً أن نشك في نسائنا من الأفضل أن نشك في هذه الأفكار ونمنعها من دخول عقولنا.
mamdoh@alriyadh.com
هيفوونة @hyfoon
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
حصوصة الدبدوبة
•
مشكوورة
الصفحة الأخيرة