السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العبرة راح تتوضح من خلال هذه القصة
قحطت البادية في أيام (هشام بن عبد الملك) فقدمت عليه العرب فهابوا أن يتكلموا و كان فيهم (درواس
بن حبيب) وهو إذ ذاك صبي فوقعت عليه عين هشام , فقال لحاجبه : ما يشاء أحد يدخل علي إلا دخل
حتى الصبيان ؟!
فقال الصبي :يا أمير المؤمنين ! إنا أصابتنا سنون ثلاث : سنة أذابت الشحم , و سنة أكلت اللحم ,
وسنة نقت العظم ( أي أخرجت مخه ) وفي أيديكم فضول أموال , فإن كانت لله ففرقوها على عباده , و
إن كانت لهم فعلام تحبسونها عنهم ؟ , وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم , فإن الله يجزي المتصدقين ,
ولا يضيع أجر المحسنين .
فقال هشام : ما ترك لنا هذا الغلام في واحدة من الثلاث عذرا , فأمر للبوادي بمائة ألف درهم , وله
بمائة ألف درهم .
فقال الصبي : ارددها يا أمير المؤمنين إلى جائزة العرب ؛ فإني أخاف أن تعجز عن بلوغ كفايتهم .
فقال هشام : أما لك حاجة ؟ قال الصبي : مالي حاجة في خاصة دون عامة المسلمين !
فخرج الصبي وهو من أنبل القوم و أكرمهم .
فيؤخذ من هذا المثال أن أبناء السلف كانوا يتربون على التحرر التام من ظاهرة الخجل , ومن بوادر
الانكماش و الانطوائية , وذلك بسبب تعويدهم على الجرأة , ومصاحبة الآباء لهم حضور المجالس
العامة , و زيارة الأصدقاء , ثم بالتالي تشجيعهم على التحدث أمام الكبار , ثم دفع ذوي النباهة و
الفصاحة منهم لمخاطبة الخلفاء و الأمراء , ثم استشارتهم في القضايا العامة , و المسائل العلمية في
مجمع من المفكرين و العلماء .
وهذا كله مما ينمي في الأولاد الجرأة الأدبية و يغرس في نفوسهم أنبل معاني الفهم و الوعي , و يهيب
بهم في أن يتدرجوا في مدارج الكمال و تكوين الشخصية , و النضج الفكري و الأجتماعي .
فما على المربين اليوم - ولا سيما الآباء - إلا أن يأخذوا بقواعد هذه التربية الفاضلة حتى ينشأ الأولاد
على الصراحة التامة , و الجرأة الكاملة ضمن حدود الأدب و الأحترام و مراعات شعور الآخرين , و
إنزال الناس منازلهم ... و إلا فإن الجرأة ستنقلب إلى وقاحة , و الصراحة الى قلة أدب مع الآخرين .
ملاحظه : مقتبس من كتاب تربية الأولاد في الأسلام منقول
بنت الاموي @bnt_alamoy
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️