فلا يحل كتمان الشهادة،
ومصداق ذلك قول الحق سبحانه وبحمده : { وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } .
ولا يحل أن يشهد إلا أن يكون عالماً بما يشهد به علماً يقيناً،
وأنه مطابق للواقع تماماً،
فلا يحل أن يشهد بما لم يعلم,
ولا بما يعلم أن الأمر بخلافه،
بل لا يحل أن يشهد بما يغلب على ظنه حتى يعلمه علماً يقيناً كما يعلم الشمس في رابعة النهار,
إذا اتضح له الأمر مثل الشمس فليشهد أو فليترك .

شهادة الزور
شهادة الزور فساد للدين والدنيا والآخرة،
فهي ضياع للحقوق، وإسقاط للعدالة، وزعزعة للثقة، وخيانة للأمانة،
وإرباك للأحكام، وتشويش على المسئولين والحكام.
ولعظمها ذكرها الله تعالى مقرونة بعبادة الأصنام،
و شدد صلى الله عليه وسلم في التحذير منها بلسانه تكراراً وبفعله حيث جلس بعد أن كان متكئاً .

شهادة الزور بحسن النية
إن من الناس من يتهاون بالشهادة،
لمجرد وعد فيشهد بمجرد الظن
أو بما لا يعلم أو بما يعلم أن الواقع بخلافه,
ويتجرأ على هذا الأمر المنكر العظيم؛
مراعاة لقريب أو تودداً لصديق أو محاباة لغني أو عطفاً على فقير،
يقول: إنه يريد الإصلاح بذلك،
وقد زين له سوء عمله ورآه حسناً - والعياذ بالله -
كما زين لغيره من أهل الشر والفساد سوء أعمالهم فرأوه حسناً,
فالمنافقون زين في قلوبهم النفاق { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ }
فقال الله فيهم : { أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ } .
وعباد الأصنام زين في قلوبهم عبادة الأصنام، وقالوا :
{ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى }
وهي في الواقع أي الأصنام والأوثان لا تزيدهم من الله إلا بعداً.
و حذر الرسول صلى الله عليه وسلم وجعلها من شهادة الزور و جعلها من أكبر الكبائر،
فقال صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات :
" ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا:
بلى يا رسول الله!
قال: الإشراك بالله, وعقوق الوالدين, وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قالوا: ليته سكت ".

تصوروا رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه أمامكم
وكان متكئاً ثم جلس عند ذكر شهادة الزور,
تصوروه وهو يكرر ويؤكد أن شهادة الزور من أكبر الكبائر,
لو تصورتم ذلك لعرفتم حقيقة شهادة الزور.
فالحذر الحذر من شهادة الزور,
والحذر الحذر من أن يزينها الشيطان في قلوبكم,
ولا تأخذكم في الله لومة لائم,
ولا تصدنكم عن الحق ظنون كاذبة,
أو إيرادات آثمة؛ فتشاقَّوا الله ورسوله وتتبعوا غير سبيل المؤمنين .

< اللهم وفقنا لإقامة الحق والعدل والبيان, وجنبنا الباطل والجور والبهتان, واحمنا عما يضرنا في ديننا ودنيانا إنك جواد كريم >.
وجعل العسير برحمة عليكِ يسراً والحزن فرحاً
والضيق فرجاً والرزق رغداً والعيش هنياً
والجنة موعداً مع الصدقين والشهداء
وجميع المسلمين