شوفوا آباء آخر زمن

الأسرة والمجتمع

-
الشيخ/ عبد الكريم الخضير




للأبوينْ من التَّأثير على الولد الأثر البالغ فهو ينشأ عن تربيتهما، ويعيشُ في أحضانِهما، ويتأثَّر بأقوالهما وأفْعَالِهِما، ولهُما عليهِ من اليد والمِنَّة ما يَفْرِضْ هذا الأثَر أحياناً، وللأب من القُوَّة والسُّلْطَة على ابنهِ ما يجعلُهُ يُؤثِّر عليه؛ فَليَحْرِص الآباء على أنْ يكُون لهُم أثر حَسَنْ في تربية أولادِهم؛ فالذِّي يتولَّى تربيتُهُ أبُوهُ، ويُنَشِّؤُهُ على الدِّين وعلى الخير والفضل، وكذلك الأُم لا شكَّ أنَّه أولاً هذا جِهاد في سبيل الله تنشئة جيل صالح ينفعُ نفسَهُ ويَنْفَعْ أُمَّتَهُ ودِينَهُ هذا جِهاد؛ لكنْ المُلاحظ مع الأسَف الشَّديد أنَّ أكثر الآباء مَشْغُول عن تربية أولادِهِ؛ فإذا لم يَتَوَلَّ الأبُ التَّرْبِيَة تَوَلاَّهُ النَّاس، فإنْ وُفِّق لمُعلِّمٍ مُشْفِقٍ ناصِح يَأْخُذُ بِيَدِهِ؛ صار ذلِكَ سبباً في هِدَايَتِهِ؛ وإلاَّ تَلَقَّفَهُ الأشْرَار وَحَرَفُوهُ عن سَواءِ السَّبِيلْ، ومَعَ الأسَفْ أنَّ الأُمَّهات وعَمَلَهُنَّ الأَصْلِي التَّربِيَة؛ انْشَغَلْنَ عن أوْلادِهِنَّ بأعْمَالِهِنّ أو بلا شيءْ أحياناً! سهر وقِيل وقال! مع الأقَارِبْ والجِيرَانْ بالليل! ونوم في النَّهار! ويُترك الأولاد تُتْرَك تَرْبِيَتُهُم لِلْعَامِلاتْ، وقد جاءَ هؤُلاء العامِلات من بُلدان شَتَّى، ومع الأَسَفْ أنَّهُ يُوجد في العَامِلات منْ غَير المُسْلِمين، وَوُجِدْ منْ أبْنَاءِ المُسْلِمينْ من يُقْسِم بالمسيح في بُيُوت المُسْلِمينْ! وَوُجِدْ منْ يُشْرِكْ والأَصْلُ فيهِ أنَّهُ على الفِطْرَة ومنْ أبَوَيْن مُسْلِمَيْنْ! وقد يكُونْ من أولاد بعض منْ يَنْتَسِب إلى العِلْم! والأُمْ قد تكُون صَالِحَة ودَاعِيَة أحْيَاناً تَنْتَقِل منْ مكانْ إلى مكان!!! والأب يُعلِّم النَّاس الخير ولا يَطْرَأ لأولادِهِ يُوَجِّهُهُم ويُسْدِي لهُم النَّصِيحة!!! لا شكَّ أنَّ هذا خلل في التَّصَوُّر، يعني يُعنى بأولاد النَّاس، ويَقْضِي وَقْتَهُ كُلَّهُ مع النَّاس في وظيفتِهِ في عملِهِ، أحياناً في دعوتِهِ، وأوْلادُهُ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إليهِ، فلا بُدَّ من التَّوازن، يصرِفْ لأوْلادِهِ ما يَكْفِيهِمِ؛ لِيَنْشَؤُا على الدِّين والخير والفضل، ويَصْرِف للنَّاس ما يَسْتَطِيعُهُ؛ فالتَّربية شأنُها عظيم؛ ولِذا يقولُ اللهُ -جلَّ وعلا- في الدُّعاء المَعْرُوفْ: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا} إيش؟ {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} والآية تَدُلُّ على أنَّ الذِّي لا يُربِّي وَلَدَهُ التَّرْبِيَة الصَّحيحة لا يَنَالْ مِثْل هَذِهِ الدَّعْوَة، ولا يَسْتَحِق مثل هذهِ الدَّعوة، فيكُون الحِرصُ على النَّفس وعلى الوَلَد وعلى الأقربين أشد من الحِرص على غيرهم، نعم قد يكون القبُول بين الأولاد والأُسْرَة من هذا العالم أو مِنْ طالب العلم أقل من النَّاس، فَيَرى الأثر والنَّتِيجة في أولادِ النَّاس ولا يرَاهُ في وَلَدِهِ؛ فَيَمَلّ ويترُكُهُم، فَعَلى الأبِ أنْ يُعْنَى بِأوَلَادِهِ، ولو وُجِدْ مثل هذا، يَحْرِصْ ويُجَاهِدْ، ولو بِأَنْ يَبْذُل السَّبب في أنْ يُصْحِبَهُم الصُّحْبَة الطَّيِّبة؛ لأنَّ أَثَر الوَالِدْ أَحْيَاناً قد يكُون أقلّ، وكما يُقال: أزهَدُ النَّاسِ في العالم أَهْلُهُ وجِيرَانُهُ؛ لأنَّهُم يَرَوْنَهُ على أوْضَاعٍ كثيرة، وفي حالاتٍ مُختلفة، فَتَخِفّ قِيمَتُهُ عندهُم، ويَخِفّ وزنُهُ، يعني وُجِد من النِّسَاء زَوْجُها عالم كبير مَعْدُود في عُلماء الأُمَّة، ثُمَّ إذا قال شيء، قالت: لا، الشيخ فُلان يقُول كذا!!! وإنْ كان منْ أَصْغَر طُلاَّبِهِ!!! وُجِدْ هذا، لأنَّها تَرَاهُ على أوْضَاعٍ مُخْتَلِفَة، وأحياناً في ابْتِذَالْ، وأحياناً في وضْعٍ غير مُناسِب، كما هي عادَة النَّاس إذا خَلَوْ، والعَالِم ابنْ مُجْتَمَعِهِ ما هو مُنزَّل من السَّماء لهُ مُواصَفات خَاصَّة – لا -! يُزَاوِلْ ما يُزَاوِلُهُ النَّاس، ويَحْتَاج ما يَحْتَاجُهُ النَّاس؛ لكنْ على كُلِّ حال على الأبْ أنْ يَبْذُل النَّصِيحة، وأنْ لا يَمُوتْ غاشاً لِرَعِيَّتِهِ؛ مُعَلِّلاً ذلك أنَّهُ يُزَاوِلْ أعمال صَالِحة وفيها خير ونَفْع للنَّاس – نعم – النَّفْع مَطْلُوب، والدَّعْوَة مَطْلُوبة، والتَّعلِيمْ مَطْلُوب، والقَضَاء مطْلُوب، والإفْتَاء مَطْلوب؛ ولكنْ كما جَاءْ في الأمر الإلَهِي: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} .
النَّبي - عليه الصَّلاة والسلام- أوَّل ما بَدَأْ بِأَقَارِبِهِ ((يا فاطمةُ بنت مُحمَّد))، ((يا صَفِيَّة عَمَّة رسُول الله))، ((يا عبَّاسُ عمَّ رسُول الله)) المُهم أنَّهُ يبدأ بالأقْرَبِينْ، هُم أولى النَّاس بِعِنَايَتِكَ ورِعَايَتِكْ؛ لكنْ إذا وَجَدْتَ وأَعْيَتْكَ المَسَالِك وهذا حَاصِلْ في بعضِ البُيُوتْ، أنَّ الأب لا أَثَرَ لهُ، ولا يُنْظَر إليهِ ولا يُلْتَفَتُ إليه، عليهِ أنْ يَسْتَمِرّ بالرِّفْق واللِّينْ، ويَبْذُل أسْبَابْ أُخْرَى تكُونُ سَبَباً في هِدَايَتِهِ، ويُزَاوِلْ ما يُزَاوِلُهُ من النَّفْعِ العام.
13
971

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ديزاين
ديزاين
احسن الله لك ذريتك ونيتك واثابك وبارك فيك
حوووورية
حوووورية
جزاك الله الجنة ووالديك
ليالي123
ليالي123
الله يجزاك خير
ام عمر ويزيد
ام عمر ويزيد
الله يعطيك العافية



WIDTH=540 HEIGHT=429
°◦ღ♥faith♥ღ◦°'s
الله يجـزآك خـير