(هذا باستغفار ولدك لك) وشيءٌ من البر الحقيقي 🌿🌿
دونك هذه القصة:
" لمّا ماتت زوجة المؤرخ المقريزي وهي شابة فترجم لها، وقال:وكنتُ أكثر الاستغفار لها، فأرُيتها في المنام، فقلت لها: يا أم محمد الذي أرسله إليكِ يصل (أي الاستغفار) قالت: نعم، في كل يوم تصل هديتك إليَّ، ثم بكت وقالت: قد علمتَ أني عاجزة عن مكافأتك "
ويقول أحدهم: مات صاحب لي ، وكان من أحب الناس إلى قلبي، وكنت أكثر من الدعاء له والاستغفار ، فرأيته في المنام على حال حسنة، فقلت يا فلان ، هل يصلك دعائي، فقاطعني وقال: مباشرة يصلني، قالها وهو مسرور مبتهج .
الدنيا هذه دار ابتلاء، ولايدوم على حال لها شانُ، وإن من الابتلاء فقد الأحبة من والد أو والدة أو أي عزيز على النفس.
ومما هو ملاحظ أن الكثير قد يعيد شريط الذكريات مع والده المُتوفّى، أو والدته التي قدمت على ربها، أو غيرهم من الأحبة الراحلين، فيرى شيئًا من التقصير في حقوقهم أثناء حياتهم، أو كلمة خرجت منه تجاهم ما كان ينبغي لها أن تخرج، فيصاب بالألم وتنهشه مقاريض الحسرة والندامة.
وهذا الأمر من الأمور التي ينبغي التفطن لها، وأن يحسن المرء سياسة نفسه في ذلك، لأنه عند التحقيق لا فائدة من هذا اللوم، وضرره أكبر من نفعه، وقد يكون مدخلًا للشيطان لتحزين النفوس المؤمنة، وودَّ الشيطان لو ظفر مِنّا بهذه .
ولكن ألا أدلّك على شيءٍ إن فعلته أرغمت الشيطان، وأسعدت هذا الميت غاية السعادة، وأدخلت السرور عليه في قبره ونفعته نفعًا أعظم من نفعك له إن كان حياً ماثلًا أمامك؟
أكثر من الاستغفار له والدعاء ما استطعت. فهو في أمس الحاجة إلى ذلك.
جميل أن تستثمر حرارة هذا الشعور وتُحوّله لدعاء يصل لوالدك أو والدتك عبر بوابة السماء، وحرّك قلوب من حولك ليشاركوك الدعاء، واحذر أن تبقى مجرد مشاعر تفت الفؤاد ولا يصحبها للميّت نفعٌ.
ولنتأملْ هذا الحديث سويًا ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
تأمل كلمة (انقطع عمله) واستثناءه من هذا الانقطاع صورًا ثلاثة، ومنها الدعاء والاستغفار.
فأنت إذن سبب لاستمرار عمله ولصب الخير عليه في قبره بدعائك واستغفارك فما أنت صانع ؟
نعم هنا البر الحقيقي، ولا زلت أتذكر كلمة الشيخ محمد المختار الشنقيطي لمّا شكى له أحدهم موت والده وتحسره على باب من الجنة قد أغلق، فقال له: لا تتحسر يا أخي، فالآن يبدأ البر الحقيقي الصادق، الخالي من الأغراض والمجاملات، فوالدك انقطع عمله إلا منك، فأكثر من الدعاء له والاستغفار ما استطعت .
وهذا والله مما يبهج الخاطر ويدخل السرور على النفس، ويُخفّف شيئًا من ألم الفقد، وأعظم الهدايا هدايا الأرواح للأموات عبر بوابة الدعاء والاستغفار.
أتعلم أنك باستغفارك هذا ترفع هذا الميّت درجات في الجنة، والدرجة في الجنة أعظم من الدنيا وما فيها.
يقول النبي ﷺ: " إنَّ الرَّجلَ لتُرفَعُ درجتُه في الجنةِ فيقولُ: أنَّى هذا ؟ فيقالُ: باستغفارِ ولدِك لكَ" .
أتعلم أنك باستغفارك قد تكون سببًا لمغفرة ذنب قد يكون مرتهن به.
أتعلم أنك باستغفارك لميّتك تسعده غاية السعادة، لأنه في دار الحسنة الواحدة أحبّ إليه من الدنيا وما فيها، وأنت تغدق عليه من هذا المحبوب. .
والخلاصة : لا تتحسر على تقصيرك فلن يعود عليك بطائل، وميّتك ليس بحاجة إلى دموعك ومشاعرك بل إلى دعائك واستغفارك وصدقتك، وما فاتك شيء من البر إن أردت البر، والبر الحقيقي يبدأ الآن، فأره ما يحب وهو في قبره، ولن تجد شيئًا كالاستغفار له والصدقة والدعاء.
منقول
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️