المتميزة

المتميزة @almtmyz

عضوة جديدة

صراصير ثملة !! ................. مشاركة في مهرجان القصة القصيرة ..

الأدب النبطي والفصيح




كان الوقت يشير إلى منتصف الليل حينما انتهى الفلم العلمي الذي أشاهده ... تمطيت بتثاقل و فمي يرسل تثاؤبا بليدا .... قطبت جبيني عندما تذكرت أن غدا هو عيد الأضحى .. هذا يعني أن أمامي يوما حافلا بالمشاق ... أنا لا أعلم لماذا لا يبقى سليمان ابن خالتي وحده مشرفا على أداء العمال في المسلخ ؟!... لماذا يجب أن أكون واقفا إلى جانبه .... أووووف .... قلتها و أنا أدخل الحمام و أتناول فرشاة أسناني ...
أنعشني المعجون قليلا و بدأت أتأمل أسناني و لثتي الحمراء .... حانت مني إلتفاتة نحو حذاء الحمام الذي انتعله ... أحسست أن ثمة شيء يراقبني بتلصص ....

( وااااااااا .. يممممه ... بسم الله .. بسم الله ... بسم الله الرحمن الرحيم ... الله يقلعك ... يا .... تبن !! )

كدت أسقط في حوض البانيو أثناء تراجعي من صرصور حقير كان يحرك قرون استشعاره بجانب حذائي .... بقيت لوهلة أحاول استيعاب الموقف و أنا أضع يدي على صدري و يدي الأخرى شمرت عن ثوبي ....

حقدت على هذا القبيح الواثق من نفسه لدرجة جعلته يقترب مني .... صممت على قتله بأي شكل ... أنا مصاب بــ"رهاب صراصير" ..! فلذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن أجرب دهسه بحذائي ..... حسنا هناك طريقة تعلمتها منذ الطفولة من صديقي إبراهيم ... كان يقول ضع صابونا على الصرصور و سينتهي أمره ... تلفت حولي بسرعة .. رأيت " شامبو بالليمون" واقفا بكبرياء على طرف البانيو .... ( ها ها ها .. حانت نهايتك أيها الحقير .. ستموت الآن على يدي ... لن أغفر لك وقاحتك ) ... كان الصرصور الغبي لا يزال واقفا في مكانه ... فتحت العلبة و اقتربت بهدوء ..... سكبت ... وااااااااااااااااااا ...... الصرصور يهرب بسرعة ... و يخرج من باب الحمام .... ركضت .. أردت اللحاق به ...
آآآآه ... الآن .. حانت نهايتي ... لقد دخل الصرصور غرفتي ... و .... سأبقى مشردا باقي الزمن ...

منذ زمن لم أر صرصورا ... بل قل منذ سنة .... لماذا اليوم و اليوم بالذات يخرج هذا الصرصور و يتلاعب بي و يدخل غرفتي .... هذا الجبان .. ألا يعلم أن لدي الكثير من العمل غدا ؟؟؟ .... لا يمكنني النوم الآن و بداخل غرفتي صرصور ... تخيل .. صرصور يقاسمك غرفة نومك ؟؟!!! .... كنت أحلم بزوجة .. و إذا بصرصور يأتي ...... ماذا يقصد هذا الحقير ؟؟
دخلت الغرفة بهدوء ... أتلفت بحذر ... نعم هاهو ... لم يجد أجمل من مكتبي حتى يلوذ بزاويته اليمنى ... حسنا سألقنك درسا .... نسيت نصائح إبراهيم و الشامبو و الصابون ... أمسكت بحذاءي الرياضي بقوة... أنا أريد قتله و أريد أن أنام ... آآآآآه .. أنام ... أحس بأن أعضائي ستتساقط عما قليل .... اقتربت .... كان الصرصور في زاوية .. إحتمال نجاح الضربة لا يتعدى خمسين بالمئة ... ضربت بطرف الحذاء على المكتب ... إذا به ينزل على الأرض بسرعة .. أحاول اللحاق به .. ينحرف بسرعة باتجاهي ... أصرخ و أقفز على سريري .. هذا الجبان يتقن المناورة ... و ....... الهجوم أيضا !!...

آه .. لقد بدأت مشكلتي تتعقد الآن ... لقد دخل تحت السرير ... ماذا سأفعل ... المشكلة أن المنطقة الواقعة تحت سريري هي مخزني السري أيضا ... بمعنى آخر .. مكان مليئ بأشياء لأول مرة أحس بأنها تافهة !!! ..

من المستحيل أن أبقى هكذا مكتوف اليدين و هذا الحقير يسرح و يمرح في الغرفة ... تناولت أحد العطور و بدأت برش المنطقة المستهدفة .. غزو كيمائي !!!... هل يملك كمامة ؟؟ ... أختفى الآن لا أراه ... أين يمكن أن يذهب !!! ... آآآه هل قدّر علي أن أبقى ساهرا حتى هذا الوقت ... أحس بقوة كاسحة تهجم على أجفاني لتغلقها ... و يداي الخاملتان و تثاؤبي للمرة العاشرة الآن ... يشكلان قصيدة رثائية .....

كنت واقفا أنتظر الصرصور يخرج .. حتى نتقاتل في ساحة المعركة و ينتهي الأمر بسرعة ... لكن يبدو أنه من أصحاب الشوارع الخلفية .. لم يخرج حتى الآن ....
و فجأة ... شعرت برغبة عارمة بالبكاء ..... إذ تناهي إلى سمعي صوت ( آذان الفجر ) يعلن دخول يوم العيد .... آآآآآآآآآآآه ... بقيت لحظة أتأمل حالي بحزن ... خرجت ... و أنا أشتم هذا القذر للمرة المليون ...

توضأت ... خرجت إلى المسجد .... صلينا الفجر ... نسيت أمر الصرصور و لم أفكر إلا برغبتي الشديدة لأن أنام ... كنت أقول لنفسي .. يكفيني نوم ساعة قبل صلاة العيد ....
عندما وصلت إلى باب المسجد لأخرج و أنا أمني نفسي بنوم لذيذ ... تذكرت شيئا ما... فتوقفت فجأة !! ....
أحسست بانهيار أعظم أمنية تمنيتها في حياتي ... أحسست بأنني وحدي في مركب صغير وسط البحر تتقاذفني الأمواج بلا رحمة و أنا أنتحب بشدة ... قفلت راجعا إلى مكاني و البؤس يتعلق بأهداب العيون المتدلية نعاسا ...
قررت أن أبقى في المسجد حتى تنتهي صلاة العيد ... أشعر بأعضاءي كلها ترفض مواجهة ذلك الحقير ... عقلي الكليل يريد فقط أن يرتاح ...
انتظرت و أنا أصارع النوم و أصارع القهر و أصارع الأسى حتى تعبت ... بدأت أراقب الناس الموجودين حولي .... أغبطهم بشدة ... هذا يقرأ في مصحف و آخر يهمس بالتكبير ... و ذاك يسلم على جاره ....يبدو أنهم ناموا نومة هنية... توافد الناس أحسست بأن الأمل يتسلق هامتي المخذولة ... الآن سينتهي تعبي ... دخل الإمام ... صلينا العيد ... بدأ بالخطبة ... لم أفهم شيئا لأنني كنت أفكر بمعركة حاسمة ضد الصرصور الحقير القابع تحت سريري .... أفقت حينما ختم الإمام خطبته بالدعاء ... حسنا أنا الآن في حاجة إلى الدعاء ... لكنني خجلت ... خجلت أن أدعو ربي بأن يخلصني من صرصور !!! ... كدت أنفجر ضاحكا حينما تخيلت أنني أقول ( يا رب أجعل الصرصور يخرج من غرفتي ) ... قلت ( يارب حقق رجائي و فرج كربتي ) كربتي !!! ... حسنا إنها كربة على أية حال ...

دخلت البيت .. الجميع سعداء .. و أنا كغريب بينهم ... أصعد للغرفة ... صممت أن أنهي الأمر الآن و بسرعة ... لم أستطع تحديد مكان الصرصور ... قمت بضرب سريري بحذر ضربات متوالية ... خرج النذل الحقير بنشاط و كأنه لا يحس بآلامي ... هاتفي الجوال يرن ... أرد و عيوني تراقب الخصم ... كانت أمي ( بدر وينك ؟؟ .. يلا .. سليمان ينتظرك ... متى بتخلصون ... عجلوا علينا بسرعة ) ... حقدت في تلك اللحظة على الدنيا بأسرها ... الكل هنا يعاديني .... حينما وقفت مع الخصم على أرض المعركة و أنا مثخن بالنعاس و الألم ... تتصل أمي لتطلب مني طلبا رأيته تلك اللحظة أسخف طلب في العالم ... لقد قررت ... و لا يمكن لأحد أن يثنيني عن قراري ... رددت بهدوء ( أمي ... دعوا سليمان يبدأ ... و سألحق به بعد قليل ) أغلقت أمي السماعة و هي تقول ( طيب لا تتأخر عليه) !! ...
سأقضي على هذا الوغد الواقف أمامي بكبرياء وستنتهي كل متاعبي ... جميل .. اقتربت خطوتين و لم يتحرك ... اقتربت أكثر .. تحرك قليلا باتجاه الباب ... خفت أيها الجبان ؟؟ ..... بهدوء أرفع قبضتي الممسكة بالحذاء الرياضي ... لوهلة أشعر بأنني سأفشل إذ سمعت صوت أختي الصغيرة رغد و هي تنادي على اسمي .. أشعر بها تقترب و صوتها الحاد يمزق الأجواء الساكنة ... أحسست بأن خطتي ستفشل و سأبقي سجينا هنا للأبد ... تفتح الباب و تهتف ( بدر اشرايك بفستاني حق العيد ؟!! ) اصطدمت عيوني بضحكتها البريئة الجميلة ... أكاد أبكي .. أسقط كثمل ... أحتضنها .. و أهمس .. ( حبيبتي ..... رغد ... أنا .... أحبك ... أنت أجمل بنت في الوجود ... أنتي رائعة .. رائعة جدا ) ... ضحكت و هي تبعد ذراعي عنها و تنظر في عيوني .. تجفل للحظة ثم تقول ( بدر .. أنت تعبان ؟؟!! .. عيونك حمراء ) ... آآآآه حبيبتي الصغيرة رغد نعم أنا متعب و أكاد أسقط ألما ... آه أيتها الملاك الصغير ... أنقذتني من آلامي .... سأبقى ألثم يديك شاكرا إلى الأبد ....... رددت ( لا رغد .. ما فيني شيء ... يلا .. أمي تناديك الحين ... روحي شوفي ايش تبغى ) تخرج و هي تغني ببراءة .... خلفت وراءها صرصورا مجندلا .... كان يقبع تحت حذاءها بصمت يطرق سمع الأموات ... أتأمله لحظات بنصر بارد ... ثم أسقط بجانبه و أغرق في نوم عميق ...

أرى .. صراصيرا تحتفل في صخب .. تتراقص كؤوسها و تصطدم ببعضها .. يهتف أحدهم ... دعونا نشرب نخب النصر ... ثم يتراقصون و يترنحون ساقطين ... رأيت مقصلة و صرصور يراقبني من هناك ... أسقط في دوامة ... تنقذني قطعة ثوب بنفسجي ... أرى يدين صغيرتين تلوحان لي بسعادة و أنا أستقل قطارا يمشي على سكة ملئى بأجداث صراصير ...
5
898

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

لحن للقمر
لحن للقمر
صعب الوصف..........
أحببت الأسلوب
أحببت التلاحق.. النشاط.. النعاس.. والغفلة!
رائع هو (الصرصور) الذي استل الكلمات من الأقلام..
وبشع هو (الصرصور) الذي استل النوم من المحاجر الناعسة!
وآآآآآآآآآآآسرة.. نهاية القصة..
أرجو الاستمرار
دونا
دونا
لقد تعجبت كثيراً عندما رأيت عنوان القصة..صراصير ثملة !..
فدفعني ذلك لقراءتها..
لقد أمتعتني قصتك..فتسلسل الأحداث..و تسارعها..قد جذباني بقوة..
الفكرة غريبة..و لكنها رائعة...
لقد جعلت من التميز كلمات تقرأ..
و تجعل قارئها ينطق مردداً..
متميزة..
صباح الضامن
صباح الضامن
أيتها المتميزة
إن نجاح الكاتب في جعل القاريء يتابع بشغف
وهذا ما حصل معي
حقا قصة لطيفة , خفيفة الروح
تدرج الأحداث
تسابق الملاحقات أبدعت وصفها

طبعا لا أحبذ اقحام العامية في وصف يتميز بالقوة

ورغم ذلك أهنئك
قصة جميلة
أسلوب جيد
خفة ظل تناسب الفكرة

النهاية أو السطرين الأخيرين لي عندهما تحفظ

أنت مميزة
كما قصتك
أتمنى لك التوفيق دائما
فتاة اللغة العربية
عزيزتي المتميزة :
قصتك جيدة
بثثت فيها روح الحركة فبدت أحداثها مجسمة أمامنا كأننا نراها رأي العين
لكن في لغتك شيء من الترهل ربما يعود إلى استخدام اللغة العامية،
لذا أؤكد على قول صباحنا الضامن
" طبعا لا أحبذ اقحام العامية في وصف يتميز بالقوة"
فذلك يفقد القصة شيئا من جمالها ، ويقلل من قوتها.

هناك بعض الأخطاء اللغوية :
1- بحذاءي ، بأعضاءي" الصواب : بحذائي ، بأعضائي .

2-" نومة هنية" الصواب : نوما هنيا .

غاليتي : استخدامك للأقواس () في القصة خاطئ .

أتمنى لك التوفيق
المتميزة
المتميزة
.. سحابة الشوق ..

كم يسعدني أن يصافحني ( السحاب ) في البدء
شكرا لإشراقتك هنا
شكرا بحجم روعتك

=======

.. دونا ..

لم أتكلم في حضرة صاحبة الإبداع ؟!
أيتها المبدعة دونا .. توقيعك هنا نثر وردا و سكب عطرا ..
دمتِ مطرزة بالنجوم

=======

.. صباح الضامن ..

لوجودك رائحة مطر .. و لمعان سنابل قمح ذهبية ..
أحترم رأيك بخصوص إقحام العامية ..
أما النهاية فهي حلم بدأت حلقاته تتابع في عقل " بطل القصة " بعد الأحداث التي كابدها قبل النوم ... عموما كان يسعدني او ذكرتِ لي ماهو سبب التحفظ ...
أسعدتني كلماتك جدا ..
أتمنى أن تجدي دائما ما يستحق حضورك

=======

.. فتاة اللغة العربية ..

أحترم رأيك بخصوص الملاحظات التي ذكرتها .. و أشكرك عليها جزيل الشكر ..
شكرا لمصافحتك الأنيقة ..
باقة من الأوركيد لقلبك ..