صرخة نذير ونفير : أمثل هذا يحدث في بلاد التوحيد ....

الملتقى العام

هل لك أن تتخيَّل أنَّ أهالي مناطق في بلاد التوحيد يعيشون في زمننا الحاضر لا يعرف كثير منهم قراءة سورة الفاتحة ، ويظنُّون أنَّ القرآن أبيات شعريَّة وقصائد مؤلَّفة ؟!
ـ هل تعلم أنَّ مناطق في بلادنا حين سأل بعض الدعاة من يعدُّ نفسه مسلما في تلك المنطقةً:من ربُّك؟ فأجاب :لا أعرف ، فقال له الداعية : من نبيُّك ؟ فأجاب : لا أعرف؟!
ـ هل تصدق أنَّ قرى ومناطق نائية في جنوب الجزيرة العربيَّة لا يورِّث أهلها فيها النساء المال ألبتة ؟
ـ ألا تستغرب أن يقوم أهالي منطقة بالذبح للصخور ، والتقرب إليها من دون الله ، وحين قام بعض الإخوة بإزالة هذه الصخرة ، أصاب عوائل هذه المنطقة الذعر الشديد ، وظنُّوا أنَّه سيأتي لهؤلاء الإخوة الدعاة أمر يضرُّهم من هذه الصخرة !!
إنَّها معلومات عجيبة ، لم أكن أتوقع وجودها بهذا الشكل بين أناس يقطنون في أقاصي جنوب الجزيرة العربيَّة!!
وحقاً إنَّها حقائق مُرَّة ، ومظاهر مؤلمة يندى لها الجبين ، من الجهل الكبير والأميَّة الضخمة والبدائيَّة المستغربة التي يعيشها أناس لا تبعد المسافات بين المدن القريبة منهم وبينهم أكثر من خمس ساعات!
تلك أنباء من قطوف لرحلة دعويَّة قمت بها مع بعض الإخوة الكرام ، لنشاهد تلك المناطق النائية، وننظر في أحوال الناس ، حين سمعنا أن في تلك المناطق شيئاً من تلك العجائب في الجهل السائد بينهم ، فأزمعنا حزم الأمتعة للوصول إليها ، والنظر إليها عياناً ؛ فليس الخبر كالمعاينة.
وقد هالنا ذلك الجهل العجيب ، حين وقفنا على أشياء كثيرة من حال أولئك وجهلهم بدين الإسلام وتعاليمه ، وقلَّة الدعاة القادمين لهم والناظرين في أحوالهم .

وفي بدء الإجازة الصيفيَّة فإنِّي أنتهز هذه الفرصة لمخاطبة حاملي هموم الأمَّة المسلمة وبخاصة العلماء والدعاة ، بأن يتَّقوا الله في تلك المناطق النائية، ويستشعروا أهميَّة السفر والسياحة الدعويَّة في سبيل الله ؛ لتعليم الناس أمور دينهم ودنياهم ، فهم في جهل عجيب ، وبدائيَّة مستغربة، يحتاجون لمن يوجِّههم وينصحهم .
و الله يعلم كيف كان استقبالهم لنا حين قدمنا إلى تلك الجهات ، بفرح منقطع النظير ، ووجوه مستبشرة بلقيانا ، وكَرَمٍ بَادِي الوضوح ، على قلَّة ذات اليد ، والفقر السائد بينهم ، حتَّى إنَّهم يتشاجرون أيُّهم يطعمنا الغداء وأيُّهم يقدِّم لنا العشاء !
* حرارة وضنك في العيش ولكن ....و لاخير فيمن عاقه الحرُّ والبرد !
نعم ... إنَّ تلك المناطق التي ذهبت إليها في جنوب المملكة ذات بيئة تحتاج لصبر وتحمُّل في سبيل الله ، من الرطوبة الشديدة ، مع شدَّة لهيب الشمس ، ويرافق ذلك مصاحبة الأفاعي والحيَّات والعقارب لنا في حلِّنا وترحالنا في تلك المناطق....
وهذا أمر لم أكن أتوقعه بذاك الشكل ، حتَّى إنَّنا كنَّا نأتي بمظليَّة مخرَّمة لننام بداخلها خشية أن يصلنا شيء من تلك الهوام السَّامة ، وحين يستلقي كلُّ واحد منَّا بداخلها يشعر بتعرُّق شديد فلا نسمة هواء جارية ، بل إنَّنا أحياناً كنَّا نلقي بتلك المظلِّيات المخرَّمة ونتوكَّل على الله ، لعلَّنا نستشق هواء يهفهف على وجوهنا !
إنَّني لا أقول هذا الكلام تثبيطاً لأهل الهمم ؛ فهم بهممهم سيكسرون هذه الحواجز النفسيَّة المصطنعة الصَّادة لهم عن الدعوة إلى الله !
ولكنِّي أقول ذلك لتستشعر كلُّ نفس مؤمنة تجري همَّة النشاط فيها بالدعوة إلى الله بتلك الحقائق، وليعلموا أنَّ الدعوة إلى الله ليست كلُّها بأن يَقْدِم إليك الناس وأنت في ظلال وارفة ، وبيئة نظيفة مكيَّفة ، وتدعو حينها إلى الله !
نعم تلك دعوة إلى الله ....ولكن شتَّان شتَّان ما بين الدعوتين ...!
لقد تعلَّمنا حينها أنَّ الدعوة إلى الله تحتاج لصبر ومجاهدة للنفس ، فوساوس الشيطان لن تدعك قائلة لك : وما الذي أتى بك إلى هذه المنطقة النائية ؟
وهل سيستفيد هؤلاء الجهلة من تعليمك لهم ؟
نعم ... إنَّها وساوس لم تكن تفارقنا في تلك الرحلة الدعويَّة ،وأعترف أنَّنا كنَّا جميعاً نشعر بذلك، حتَّى إنَّ أهل تلك المناطق حدَّثونا أنَّ شباباً ودعاة من طلبة العلم أتوا إليهم لكي يعلِّموهم ، لكنَّهم لم يصبروا أكثر من يومين أو ثلاثة أيَّام .

• نصائح مرعيَّة ، وتوجيهات هامَّة لمبتغي السياحة الدعوية :
• منهج مقترح لتعليم أهالي تلك المناطق :
أـ من أولى ما يعلِّمه الدعاة إلى الله أهالي تلك المناطق أبجديات الإسلام من قضايا الاعتقاد وأصول الإسلام ، كأركان الإسلام والإيمان والإحسان ، و معرفة الرب ـ سبحانه ـ و معرفة نبيه ـ عليه السلام ـ ومعرفة الإسلام بالأدلَّة ، مع تذكيرهم بقضايا اليوم الآخر (يوم القيامة) وأهوال ذلك اليوم ، ويمكن الاستعانة على ذلك بعدَّة كتب منها: ( الأصول الثلاثة وأدلَّتها) وكتاب (الواجبات المتحتِّمات المعرِّفة بدين الإسلام ) كلاهما للشيخ : محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ ، وكتاب (أعلام السنَّة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة) للشيخ : حافظ الحكمي ـ رحمه الله ـ ، وكتاب ( الدروس المهمَّة لعامَّة الأمَّة) للشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ وكتاب:( ما لا يسع المسلم جهله ) للدكتور عبد الله المصلح وصلاح الصاوي ـ وفَّقهما الله ـ
ب ـ يلي ذلك تعليمهم كتاب الله ـ عزَّ وجل ـ فيجلس الدعاة معهم ويعلِّمونهم من سورة الناس إلى سورة الزلزلة ، مع تفسير ميسَّر لمعانيها، ومن خير الكتب الميسَّرة في ذلك كتاب:(تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) للشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ وكتاب تفسير العشر الأخير للدكتور: محمد سليمان الأشقر.
ج ـ التركيز على الرقائق الإيمانيَّة ، والمواعظ التي تحيي القلوب ، فإنَّهم محتاجون لذلك أشدَّ الحاجة ، فالديانة لديهم قليلة ، والجهل بينهم منتشر ، ولا بأس بأن تطرق هذه المواعظ بعد انتهائهم من الصلاة .
د ـ تعليمهم الأحكام الهامَّة التي تهمُّهم من القضايا الفقهية ، كأحكام الطهارة ، وأحكام الصلاة مع التركيز على تعليمهم الصلاة تنظيراً وعملاً وتمثيلاً ، وتحفيظهم لشروطها وأركانها وواجباتها، وعدم الغفلة عن تعليمهم صلاة الجنازة ، وكيفيَّة تغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه لأنَّ كثيراً منهم لا يعلم ذلك ألبتَّة ، ومن الجيِّد تعليمهم بعض أحكام الزكاة ومبادئها التي تخصُّهم ، وخصوصاً أحكام زكاة السائمة ، وبهيمة الأنعام.
ومن الكتب المفيدة والمختصرة في هذا الباب كتاب :(الملخص الفقهي) للشيخ :صالح الفوزان ، وكتاب :(الوجازة في تجهيز الجنازة) للشيخ : عبد الرحمن الغيث ، وكتاب :(كيف تزكِّي أموالك) للشيخ : عبد الله الطيَّار.

هذه بعض التوجيهات والأفكار التي أحببت أن أبثَّها إلى إخواني الدعاة وأهل الهمم من طلبة العلم، ليدركوا الجهل الواقع عند هؤلاء الذين يعيشون في جنوب جزيرتنا العربيَّة ، وليستشعر الإخوة من طلبة العلم أهميَّة دعوتهم إلى الله تعالى ورفع الجهل عنهم ، لأنَّ الله سيحاسبنا على تقصيرنا في دعوتهم .
وهذا هو المرجو من طلبة العلم أن يتَّقوا الله في علمهم ، وأن يزكُّوا عمَّا لديهم من علم ، وأن يخرجوا من مدنهم لتلك المناطق النائية ، فقد صارت المدن مقبرة للعلماء والدعاة من كثرتهم ، وقلَّة من يخرج منها ؛ لعلَّهم يبلِّغون أهل تلك المناطق دين الله ـ تعالى ـ فهو أولى بهم من الانزواء والانكماش.
والله تعالى يقول : (وأنذر عشيرتك الأقربين) فهؤلاء القريبون منَّا هم أولى بالرعاية والعناية بتعليمهم أصول الإسلام من الذين يعيشون في أدغال إفريقية مع عدم تحقير جهد الداعين إلى الله في أدغال إفريقية ، ولكن أين طاقات أهل الهمم بالدعوة إلى الله في أدغال بلادنا ومناطقنا النائية؟!

ولنتأسَّ بالصحابي الجليل أبي بكر الصدِّيق ـ رضي الله عنه ـ حين قال :(أينقص الدين وأنا حي) فنتشبَّه به ، ونجاهد أنفسنا في تبليغ رسالة الله إلى العالمين ، كي لا نتأسَّى على نقصان ديننا !
ولا أخفي على القارئ الكريم سرَّاً أنَّ أهل تلك المناطق يفرحون أشد الفرحة لمجيء الدعاة إلى الله ، ونصب خيامهم بالقرب منهم ، وتعليمهم دينهم ، بل قد لا يدعون لهم وقت راحة ، من كثرة أسئلتهم واستفساراتهم واستشاراتهم لك في أمور دينهم ودنياهم .
ويشهد الله عزَّ وجل كيف كانت لحظات الوداع حين أزف رحيلنا من منطقتهم ، رجالهم وصغارهم وشبابهم يبكون ، ويرجون منَّا أن نبقى عندهم زيادة في الأيام ، أو على الأقل عدم نسيانهم في السنوات القادمة لتعليمهم ورفع الجهل عنهم .
وأذكر أنَّ أحد شيوخ القبائل الخيِّرين كان يناشد الإخوة القائمين على أحد المكاتب التعاونيَّة الدعويَّة ، ويذكرهم بالله واليوم الآخر بأن يأتوا بدعاة لهم يعلِّمونهم أمور دينهم ، ويقيمون الدورات العلميَّة في منطقتهم.
فلولا نَفَرَ جمع من الإخوة الفضلاء من طلبة العلم ، والدعاة إلى الله ، إلى أهالي تلك المناطق ، ودعوتهم إلى دين الله ، وأن يستشعروا الأجر الكبير المترتب على ذلك ، ولو لم يرد منه إلاَّ قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ :(لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) أخرجه البخاري ومسلم.
كما أنبِّه التجَّار لأهميَّة دعم الدعاة إلى الله ، وإرسال الهدايا والمعونات والأرزاق معهم إلى أهالي تلك المناطق ، ليتشجَّعوا بالحضور إلى الدورات المقامة من الدروس التي ترفع الجهل عنهم ، وكما كتب لي أحد الإخوة المشايخ ممَّن نفر لتلك المناطق قائلاً:( ولو أنَّ المكاتب التعاونية التي في تلك المناطق النائية دُعِمَت كما تدعم النصارى إرسالياتها وكنائسها لكان ما كان).

ومن هذا المنطلق فإنِّي أناشد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميَّة والدعوة والإرشاد ، بأن تمتطي صهوتها ، وترسل الدعاة إثر الدعاة لدعوة أهالي تلك المناطق لدين الله ، وتصحيح معتقداتهم ، لعلَّ الله ـ عزَّ وجلَّ ـ يحدث بعد ذلك أمراً لتغيُّر الحال ، وأملنا في وزارة الأوقاف كبير جداً .
وقد حُكِيَ أنَّ صعصعة بن صوحان ـ وكان من حكماء العرب ومفكريها ـ دخل على معاوية ابن أبي سفيان ، فسأله معاوية قائلاً : يا ابن صوحان صف لي الناس ! فقال: خلق الناس أطواراً ؛ طائفة للسيادة والولاية ، وطائفة للفقه والسنة ، وطائفة للبأس والنجدة ، وطائفة رجرجة بين ذلك يغلون السعر ويكدرون الماء إذا اجتمعوا ضروا ، وإذا تفرقوا لم يعرفوا.

فاحذر أخي أن تكون من هؤلاء الرجرجة ، الذين لا عمل لهم إلاَّ كثرة الصياح والجلبة ، أو الذين لا عمل لهم ولا هم إلاَّ تكسُّب العيش ، والركون للدنيا .
وأكتفي بهذا القدر ، سائلاً المولى ـ عزَّ وجل ـ أن يجعلنا من أنصار دينه بالحجَّة والبيان ، والسيف والسنان ، وأن يهدينا ويهدي بنا ، ويهيئ لنا من أمرنا رشداً ، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
منقول ...
3
413

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

احسن الحسان
احسن الحسان
بارك الله فيكي
reem--z
reem--z
مشكوره عى الموضوع والنقل
رعود الجنوب
رعود الجنوب
اين هؤلا ءاختي لم اسمع بهم وانا من اقصى الجنوب !!!!
هناك الشيخ العلامة الحجري مجتهد بارك الله فيه للدعوةفي الجنوب والشيخ الحواشي وغيرهم كثير مجتهدون في الدعوة في تلك المناطق فهل يعقل ان يوجد في جنوبنا من لايعلم من الدين شيء
الله يسعدك اختي ان تحددي الموقع ليتم ابلاغ اهل العلم والدعاه بهم
وجزاك الله خير