هوا نجد

هوا نجد @hoa_ngd

عضوة نشيطة

صفات الحبيب

الملتقى العام

صفة كلامه :

كان كلامه صلى الله عليه و سلم بَيِّن فَصْل ظاهر يحفظه من جَلَس إليه .

ورد في حديث متفق عليه أنَّه عليه الصلاة و السلام : "كان يُحَدِّث حديثاً لو عَدَّه لأحصاه" .

و" كان صلى الله عليه و سلم يعيد الكلمة ثلاثاً لِتُعقَل عنه " ، رواه البخاري .

و رُوِيَ أنه كان صلى الله عليه و سلم يُعرِض عن كل كلام قبيح و يُكَنِّي عن الأمور المُستَقبَحَة في العُرف إذا اضطره الكلام إلى ذكرها ، و كان صلى الله عليه و سلم يذكر الله تعالى بين الخطوتين .

اول الصفحة


صفة ضحكه و بكائه :

- " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يضحك إلا تَبَسُّماً ، و كنتَ إذا نظرتَ إليه قُلتَ أكحل العينين و ليس بأكحل " ، حسن رواه الترمذي .

- و عن عبد الله بن الحارث قال : "ما رأيتُ أحداً أكثر تبسماً من الرسول صلى الله عليه و سلم ، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يُحَدِّث حديثاً إلا تبَسَّم ، و كان ضَحِك أصحابه صلى الله عليه و سلم عنده التبسُّم من غير صوت اقتِداءً به و تَوقيراً له ، و كان صلى الله عليه و سلم إذا جرى به الضحك وضع يده على فمه، و كان صلى الله عليه و سلم مِن أضحك الناس و أطيَبَهم نَفساً " .

وكان صلى الله عليه و سلم إذا ضحك بانت نواجذه أي أضراسه من غير أن يرفع صوته و كان الغالب من أحواله التَّبَسُّم . و بكاؤه صلى الله عليه و سلم كان من جنس ضحكه ، لم يكن بشهيق و رفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة، و لكن تدمع عيناه حتى تنهملان و يُسمَع لصدره أزير ، و يبكي رحمة لِمَيِّت و خوفاً على أمَّته و شفقة من خشية الله تعالى و عند سماع القرآن و أحياناً في صلاة الليل .

و عن عائشة قالت : " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم مُستَجمِعاً قط ضاحكاً ، حتى أرى منه لهاته ، ( أي أقصى حَلقِه ) " .

اول الصفحة

صفة لباسه :

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : " وكان أحب الثياب إلى رسول الله e القميص ( وهو اسم لما يلبس من المخيط ) ، رواه الترمذي في الشمائل وصححه الحاكم . ولقد كانت سيرته صلى الله عليه و سلم في ملبسه أتَم و أنفع للبدن و أخَفَّ عليه ، فلم تكن عمامته بالكبيرة التي يُؤذيه حملها أو يضعفه أو يجعله عرضة للآفات ، و لا بالصغيرة التي تقصُر عن وقاية الرأس من الحر و البرد و كذلك الأردِيَة ( جمع رداء ) و الأزُر ( جمع إزار ) أخَفّ على البدن من غيرها . و لم يكن لرسول الله صلى الله عليه و سلم نوعاً مُعيَّناً من الثياب ، فقد لبس أنواعاً كثيرة ، و ذلك أنه صلى الله عليه و سلم كان يلبس ما يجده . و كان عليه الصلاة و السلام يلبس يوم الجمعة و العيد ثوباً خاصاً ، و إذا قدِمَ عليه الوفد ، لبس أحسن ثيابه و أمر أصحابه بذلك .

وعن سعيد الخدري قال : " كان رسول الله e إذا استجد ثوباً سماه باسمه ، (عمامة أو قميصاً أو رداء) ثم يقول : اللهم لك الحمد كما كسوتنيه أسألك خير ما صنع له وأعوذ من شره و شر ما صنع له" ، رواه الترمذي في الشمائل ، والسنن في اللباس ، وأبو داود .

كان أحب الثياب إليه البيضاء . وكان e لا يبدو منه إلا طيب، كان آية ذلك في بدنه الشريف أنه لا يتَّسِخ له ثوب أي كانت ثيابه لا يصيبها الوسخ من العرق أو ما سوى ذلك وكان الذباب لا يقع على ثيابه .

اول الصفحة


صفة عمامته :

كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يلبس قلنسوة بيضاء ، و القلنسوة هي غشاء مبطَّن يستر الرأس ، و كان صلى الله عليه و سلم يلبس القلانس ( جمع قلنسوة ) أحياناً تحت العمائم و بغير العمائم ، و يلبس العمائم بغير القلانس . أحياناً كان صلى الله عليه و سلم إذا اعتَمَّ ( أي لبس العمامة ) ، سدل عمامته بين كتفيه ، و كان عليه الصلاة و السلام لا يُوَلّي والياً حتى يُعَمِّمه و يرخي له عذبة من الجانب الأيمن نحو الأذن . و لم يكن صلى الله عليه و سلم يُطَوِّل العمامة أو يُوَسِّعها . قال ابن القيم : لم تكن عمامته صلى الله عليه و سلم كبيرة يؤذي الرأس حملها و لا صغيرة تقصر عن وقاية الرأس بل كانت وسطاً بين ذلك و خير الأمور الوسط . و كان الرسول صلى الله عليه و سلم يعتم بعمامة بيضاء و أحياناً خضراء أو غير ذلك . و عن جابر رضي الله عنه قال : " دخل النبي صلى الله عليه و سلم مكة يوم الفتح و عليه عمامة سوداء " .و لقد اعتم صلى الله عليه و سلم بعد بدر حيث رأى الملائكة تلبسها . وصحة لبس المصطفى للسواد و نزول الملائكة يوم بدر بعمائم صُفُر لا يعارض عموم الخبر الصحيح الآمر بالبياض لأنه لمقاصد اقتضاها خصوص المقام كما بيّنه بعض الأعلام .

اول الصفحة


صفة نعله و خُفِّه :

كان لنعل رسول الله صلى الله عليه و سلم قِبالان مُثَنَّى شراكهما أي لكلٍ منهما قِبالان ، والقِبال هو زِمام يوضع بين الإصبع الوسطى و التي تليها و يُسمَّى شِسعاً، و كان النبي صلى الله عليه و سلم يضع أحد القِبالين بين الإبهام و التي تليها و الآخر بين الوسطى و التي تليها و الشِّراك للسير (أي النعل).و كان يلبس النعل ليس فيها شعر، كما رُؤيَ بنعلين مخصوفتين أي مخروزتين مُخاطتين ضُمَّ فيها طاق إلى طاق . و طول نعله شِبر و إصبعان و عرضها مِمَّا يلي الكعبان سبع أصابع و بطن القدم خمس أصابع و رأسها مُحَدَّد . و كان عليه الصلاة و السلام يقول موصياً الناس : " إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين و إذا نزع فليبدأ بالشمال " .

اول الصفحة



صفة خاتمه :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :" لما أراد رسول الله e أن يكتب إلى العجم ، قيل له: إن العجم لا يقبلون إلا كتاباً عليه ختم، فاصطنع خاتماً ، فكأني أنظر إلى بياضه في كفه" ، رواه الترمذي في الشمائل والبخاري ومسلم . ولهذا الحديث فائدة أنه يندب معاشرة الناس بما يحبون وترك ما يكرهون و استئلاف العدو بما لا ضرر فيه ولا محذور شرعاً والله أعلم .

ولقد كان خاتم رسول الله صلى الله عليه و سلم من فضة و فَصُّه (أي حجره) كذلك ، و كان عليه الصلاة و السلام يجعل فَصَّ خاتمه مِمَّا يلي كفه ، نقش عليه من الأسفل إلى الأعلى (( محمد رسول الله ))، هكذا (( الله رسول محمد )) ، و ذلك لكي لا تكون كلمة "محمد" صلى الله عليه و سلم فوق كلمة {الله} سبحانه و تعالى. و عن ابن عمر رضي الله عنه قال : " اتخذ رسول الله e خاتماً من ورِق (أي من فضة) فكان في يده ، ثم كان في يد أبي بكر ويد عمر ، ثم كان في يد عثمان ، حتى وقع في بئر أريس نَقشُهُ (( محمد رسول الله )) " ، رواه الترمذي في الشمائل ومسلم وأبو داود ، وأريس بفتح الهمزة وكسر الراء ، هي بئر بحديقة من مسجد قباء ونُسِبَ إلى رجل من اليهود أسمه أريس ومعناه الفلاح بلغة أهل الشام .

و لقد ورد في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يلبس الخاتم في يمينه و في روايات أخرى أنه كان يلبسه بيساره و يُجمع بين روايات اليمين و روايات اليسار بأن كُلاّ منهما وقع في بعض الأحوال أو أنه صلى الله عليه و سلم كان له خاتمان كل واحد في يد و قد أحسن الحافظ العراقي حيث نظم ذلك فقال :

يلبسه كما روى البخاري * في خنصر يمين أو يسار* كلاهما في مسلم و يجمع بأن ذا في حالتين يقع* أو خاتمين كل واحد بيد * كما بفص حبشي قد ورد .

و لكن الذي ورد في الصحيحين هو تعيين الخنصر ، فالسُنَّة جعل الخاتم في الخنصر فقط ، و الخنصر هو أصغر أصابع اليد و حكمته أنه أبعد عن الإمتهان فيما يتعاطاه الإنسان باليد و أنه لا يشغل اليد عمّا تزاوله من الأعمال بخلاف ما لو كان في غير الخنصر .

اول الصفحة

صفة سيفه :

عن سعيد بن أبي الحسن البصري قال : " كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه و سلم من فضة " .

و المراد بالسيف هنا ، ذو الفقار و كان لا يكاد يفارقه و لقد دخل به مكة يوم الفتح . و القبيعة كالطبيعة ما على طرف مقبض السيف يعتمد الكف عليها لئلا يزلق . و في رواية ابن سعد عن عامر قال : " أخرج إلينا علي بن الحسين سيف رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا قبيعته من فضة و حلقته من فضة ". و عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان نعل سيف رسول الله صلى الله عليه و سلم أي أسفله و حلقته و قبيعته من فضة .

اول الصفحة

صفة درعه :

عن الزبير بن العوام قال : " كان على النبي صلى الله عليه و سلم يوم أُحُد درعان فنهض إلى الصخرة فلم يستطع ( أي فأسرع إلى الصخرة ليراه المسلمون فيعلمون أنه عليه الصلاة و السلام حيّ فيجتمعون عليه، فلم يقدر على الارتفاع على الصخرة قيل لما حصل من شج رأسه و جبينه الشريفين و استفراغ الدم الكثير منهما ) فأقعد طلحة تحته (أي أجلسه فصار طلحة كالسلم) و صعد النبي صلى الله عليه و سلم (أي وضع رجله فوقه و ارتفع) حتى استوى على الصخرة (أي حتى استقر عليها)، قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم

يقول : " أوجبَ طلحة ( أي فعل فعلاً أوجب لنفسه بسببه الجنة و هو إعانته له صلى الله عليه و سلم على الارتفاع على الصخرة الذي ترتب عليه جمع شمل المسلمين و إدخال السرور على كل حزين و يحتمل أن ذلك الفعل هو جعله نفسه فداء له صلى الله عليه و سلم ذلك اليوم حتى أصيب ببضعٍ و ثمانين طعنة و شلَّت يده في دفع الأعداء عنه ) " . و قوله ( كان عليه يوم أُحُد درعان ) دليل على اهتمامه عليه الصلاة و السلام بأمر الحرب و إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون التوكل مقروناً بالتحصن لا مجرداً عنه . و لقد ورد في رويات أخرى أنه كان للنبي عليه الصلاة و السلام سبعة أدرع .

اول الصفحة

صفة طيبه (أي عطره) :

كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأخذ المِسك فيمسح به رأسه و لحيته و كان صلى الله عليه و سلم لا يردُّ الطيب، رواه البخاري .وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله e: " طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه"، ورواه الترمذي في الأدب باب ما جاء في طيب الرجال والنساء ، والنسائي في الزينة باب الفصل بين طيب الرجال والنساء، وهو حديث صحيح .

اول الصفحة


صفة كُحله :

عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم قال : " اكتحلوا بالإثمد فإنّه يجلو البصر و يُنبِت الشعر " ، و زعم أنّ النبي e له مكحلة يكتحل منها كلَّ ليلةٍ ثلاثةً في هذه و ثلاثة في هذه . قوله (اكتحلوا بالإثمد) المخاطَب بذلك الأصِحّاء أمّا العين المريضة فقد يضُرَّها الإثمِد ، و الإثمِد هو حجر الكحل المعدني المعروف و معدنه بالمشرق و هو أسود يضرب إلى حمرة . و قوله ( فإنّه يجلو البصر ) أي يقوّيه و يدفع المواد الرديئة المنحدرة إليه من الرأس لاسيما إذا أُضيف إليه قليل من المسك . و أمّا قوله ( يُنبت الشعر ) أي يقوّي طبقات شعر العينين التي هي الأهداب و هذا إذا اكتحل به من اعتاده فإن اكتحل به من لم يعتده رمدت عينه .

اول الصفحة

صفة عيشه :

عن عائشة رضي الله عنها قالت : " ما شَبِعَ آل محمد صلى الله عليه و سلم منذ قَدِموا المدينة ثلاثة أيام تِباعاً من خبز بُرّ ، حتى مضى لسبيله أي مات e ".

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً " ( أي ما يسدُّ الجوع ) متفق عليه .

اول الصفحة

صفة شرابه :

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " دَخَلتُ مع رسول الله صلى الله عليه و سلم أنا و خالد بن الوليد على ميمونة فجاءتنا بإناء من لبن فشرب رسول الله صلى الله عليه و سلم و أنا على يمينه و خالد عن شماله فقال لي : الشَّربة لك فإن شئتَ آثرتَ بها خالداَ ، فقُلتُ ما كنتُ لأوثِرَ على سؤرك أحداً ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من أطعَمَهُ الله طعاماً فليقُل : اللهم بارِك لنا فيه و أطعِمنا خيراً منه ، و من سقاه الله عزّ و جلّ لبَناً فليقُل : اللهم بارك لنا فيه و زِدنا منه ، ثم قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ليس شيء يُجزىء مكان الطعام و الشراب غير اللبن " .

اول الصفحة

صفة شُربه :

عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم شرب من زمزم و هو قائم .

و عن أنَس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه و آله سلم كان يتنفَّس في الإناء ثلاثاً إذا شرب و يقول هو أمرَاُ و أروى ، قوله (كان يتنفس في الإناء ثلاثاً) و في رواية لمسلم (كان يتنفس في الشراب ثلاثاً ) المراد منه أنه يشرب من الإناء ثم يزيله عن فيه (أي فمه) و يتنفس خارجه ثم يشرب و هكذا لا أنه كان يتنفس في جوف الإناء أو الماء المشروب . و كان عليه الصلاة و السلام غالباً ما يشرب و هو قاعد .

اول الصفحة

صفة تكأته :

عن جابر بن سَمُرَة قال : "رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم مُتَّكئاً على وسادة على يساره " .

وعن عبد الرحمن بن أبي بَكرَة عن أبيه قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألا أحدِّثكم بأكبر الكبائر قالوا بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله و عقوق الوالِدَين ، قال و جلس رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان مُتَّكِئاً ، قال و شهادة الزور أو قول الزور، قال فما زال رسول الله صلى الله عليه و سلم يقولها حتى قلنا لَيته سكت " .

اول الصفحة

صفة فراشه :

و كان لرسول الله صلى الله عليه و سلم فراش من أدم . (أي من جلد مدبوغ ) محشو بالليف .

و عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو نائم على حصير قد أثَّر بجنبه فبكيت ، فقال : ما يُبكيك يا عبد الله ؟ قلت : يا رسول الله – صلى الله عليه و سلم - كسرى و قيصر قد يطؤون على الخز و الديباج و الحرير و أنت نائم على هذا الحصير قد اثَّر في جنبك !

فقال : لا تبكِ يا عبد الله فإن لهم الدنيا و لنا الآخرة " .

اول الصفحة

صفة نومه :

كان عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم ينام أول الليل ، و يُحيي آخره .و كان إذا أوى إلى فِراشه قال : ( باسمك اللهم أموت و أحيا) ، و إذا استيقظ قال : ( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا و إليه النُّشور ) .

عن براء بن عازب رضي الله عنه : أن النبي e كان إذا أخذ مضجعه ، وضع كفه اليمنى تحت خده الأيمن ، وقال : "ربِّ قِني عذابك يوم تبعث عبادك" ، رواه أحمد في المسند والنسائي في عمل اليوم والليلة وابن حبان وصححه الحافظ في الفتح .

وعن عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله e إذا أوى إلى فراشه كل ليلة، جمع كفيه فنفث فيهما وقرأ فيهما : قل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ، يصنع ذلك ثلاث مرات "، رواه البخاري في الطب والترمذي والظاهر أنه كان يصنع ذلك في الصحة والمرض وقال النووي في الأذكار : " النفث نفخ لطيف بلا ريق " . ويستفاد من الحديث أهمية التعوذ والقراءة عند النوم لأن الإنسان يكون عرضة لتسلط الشياطين .

وعن أبي قتادة أن النبي e كان إذا عرَّس بليل ، اضطجع على شقه الأيمن ، وإذا عرَّس قبيل الصبح ، نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه ، رواه أحمد في المسند و مسلم في الصحيح ،كتاب المساجد باب قضاء الصلاة ، والتعريس هو نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة قاله في النهاية لعل ذلك تعليماً للأمة لئلا يثقل بهم النوم فتفوتهم الصبح في أول وقتها . ويستفاد من الحديث أن من قارب وقت الصبح ينبغي أن يتجنب الاستغراق في النوم و أن يستلقي على هيئة تقتضي سرعة انتباهه إقتداءً بالمصطفى e.

اول الصفحة

صفة عطاسه :

عن أبي هريرة رضي عنه : " أن النبي e كان إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض بها صوته" ، رواه أبو داود والترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي .

اول الصفحة

صفة مشيته :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " ما رأيتُ شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله عليه و سلم كأنَّ الشمس تجري في وجهه ، و ما رأيت أحداً أسرع من رسول الله صلى الله عليه و سلم كأنَّما الأرض تطوي له ، إنَّا لَنُجهد أنفسنا و إنَّه غير مكترث " .

و عن أنس رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا مشى تَكَفَّأ ( أي مال يميناً و شمالاً و مال إلى قصد المشية ) و يمشي الهُوَينا ( أي يُقارِب الخُطا ) .

وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي e كان إذا مشى ، مشى مجتمعاً ليس فيه كسل " ، (أي شديد الحركة ، قوي الأعضاء غير مسترخ في المشي) رواه أحمد .

كان صلى الله عليه و سلم إذا التفت التفت معاً أي بجميع أجزائه فلا يلوي عنقه يمنة أو يسرة إذا نظر إلى الشيء لما في ذلك من الخفة و عدم الصيانة و إنّما كان يقبل جميعاً و يُدبِر جميعاً لأن ذلك أليَق بجلالته و مهابته هذا بالنسبة للإتفاته وراءه ، أمّا لو التفت يمنة أو يسرة فالظاهر أنه كان يلتفت بعنقه الشريف .

اول الصفحة

صفة دُعائه :

" كان النبي صلى الله عليه و سلم يُحب الجوامع من الدعاء و يدع ما بين ذلك " ، حديث صحيح رواه أحمد .

و من دعاء الرسول صلى الله عليه و سلم في الأخلاق : ( اللهم اهدني لأحسن الأعمال و أحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، و قني سيء الأعمال و سييء الأخلاق ، لا يقي سَيِّئها إلا أنت ) ، أخرجه النسائي .

اول الصفحة


صفة تسبيحه :

" كان يعقد التسبيح بيمينه"، حديث صحيح رواه البخاري و الترمذي و أبو داوود ( أي يسبِّح على عقد أصابع يده اليمنى ) .

اول الصفحة

من أخلاقه صلى الله عليه و سلم :

عن عائشة رضي الله عنها قالت : " ما خُيِّرَ رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً ، فإن كان إثماً كان أبعد ما يكون عنه و ما انتقم رسول الله صلى الله عليه و سلم لنفسه في شيء قط إلا أن تُنهَكَ حُرمة الله ، فينتقم للّه بها ".

و عن عائشة أيضاً قالت : " ما ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئاً بيده قط، و لا امرأة، و لا خدماً إلاّ أن يجاهد في سبيل الله، و ما نيلَ من شيء قط، فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيئاً من محارِم الله ، فينتقم لله " .

و عن أنس بن مالك رضي الله عنه (خادم رسول الله صلى الله عليه و سلم ) قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم من أحسن الناس خُلُقاً، فأرسلني يومأً لِحاجة، فقلت : و الله لا أذهب، و في نفسي أن أذهب لِما أمرني به نبي الله صلى الله عليه و سلم . فخرجتُ حتى أمُرَّ على صبيان و هم يلعبون في السوق، فإذا برسول الله صلى الله عليه و سلم بقفاي ( من ورائي ) ، فنظرتُ إليه و هو يضحك .

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا أُنَيس ذهبتُ حيث أمرتُك ، فقلت : أنا أذهب يا رسول الله !

قال أنس رضي الله عنه : و الله لقد خدمته تسع سنين ما عَلِمته قال لشيء صنعتُه ، لم فعلتَ كذا و كذا ؟ و لا عاب علَيّ شيئاً قط، و الله ما قال لي أُف قط"، رواه مسلم .

قلت فكم من مرة قلنا لوالدينا أفٍّ أما رسول الله e فما قال لخادمه أفٍّ قط!!!!

وعن أبي هالة عن الحسن بن علي قال أن النبي عليه الصلاة والسلام كان خافض الطرف ( من الخفض ضد الرفع فكان إذا نظر لم ينظر إلى شيء يخفض بصره لأن هذا من شأن من يكون دائم الفكرة لاشتغال قلبه بربه ) ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، وكان جل نظره الملاحظة ( المراد أنه لم يكن نظره إلى الأشياء كنظر أهل الحرص والشره بل بقدر الحاجة ) ، يسوق أصحابه أمامه (أي يقدمهم أمامه، ويمشي خلفهم تواضعاً، أو إشارة إلى أنه كالمربي، فينظر في أحوالهم وهيئتهم، أو رعاية للضعفاء وإغاثة للفقراء، أو تشريعاً ، وتعليماً، وفي ذلك رد على أرباب الجاه وأصحاب التكبر والخيلاء ) ، وكان e يبدر من لقي بالسلام .

لقد كان النبي e من أكمل الناس شرفاً وألطفهم طبعاً وأعدلهم مزاجاً وأسمحهم صلة وأنداهم يداً لأنه مستغن عن الفانيات بالباقيات الصالحات .

اول الصفحة

* أحاديث في الأخلاق :

- " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً ، و خِياركم خِياركم لِنسائه خُلُقا " .

- " إن المؤمن لَيُدرك بِحُسن خُلُقه درجة الصائم القائم " ، صحيح رواه أبو داود .

اول الصفحة

* العفو عند الخصام :

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رجلاً شتم أبا بكر و النبي صلى الله عليه و سلم جالس يتعجب و يبتسم، فلما أكثر ردّ عليه بعض قوله، فغضب النبي صلى الله عليه و سلم ، فلحقه أبو بكر قائلاً له : يا رسول الله كان يشتمني و أنت جالس ، فلما رددت عليه بعض قوله غضبتَ و قُمتَ !!

فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كان معك مَلَك يرد عليه ، فلما رددتَ عليه وقع الشيطان (أي حضر) يا أبا بكر ثلاث كلهن حق : ما من عبد ظُلِمَ بمظلمة فيُغضي (أي يعفو) عنها لله عز و جل إلا أعزَّ الله بها نصره و ما فتح رجل باب عطِيَّة ( أي باب صدقة يعطيها لغيره) يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة،و ما فتح رجل باب مسألة (أي يسأل الناس المال) يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قِلَّة " .

اول الصفحة

* من تواضع الرسول صلى الله عليه و سلم :

عن أنس رضي الله عنه قال : " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه و سلم و كانوا إذا رأوه لم يقوموا له لِما يعلمون من كراهيته لذلك "، رواه أحمد و الترمذي بسند صحيح .

" كان يزور الأنصار ، و يُسَلِّم على صبيانهم ، و يمسح رؤوسهم " ، حديث صحيح رواه النسائي .

و كان عليه الصلاة و السلام يأتي ضعفاء المسلمين و يزورهم و يود مرضاهم و يشهد جنائزهم و كان يجلس على الأرض و يأكل على الأرض و يجيب دعوة الملوك على خبز الشعير .

اول الصفحة

* أحاديث في التواضع :

عن أنس رضي الله عنه قال : " كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تُسبَق أو لا تكاد تُسبَق، فجاء أعرابي على قعود له (أي جمل) فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال الرسول صلى الله عليه و سلم : "حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه " ، رواه البخاري .

اول الصفحة

* من رِفق الرسول صلى الله عليه و سلم :

قال الله تعالى :{ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عَنِتُّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} .

عن أنس رضي الله عنه قال : " بينما نحن في المجلس مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد .صاح به أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم : مَه مَه ( أي أترك ) !!

قال النبي عليه الصلاة و السلام : لا تُزرموه ، ( لا تقطعوا بوله ) .

فترك الصحابة الأعرابي يقضي بَوله ، ثم دعاه الرسول صلى الله عليه و سلم و قال له :

" إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول و القذر، إنَّما هي لِذِكر الله و الصلاة و قراءة القرآن " ،ثم قال لأصحابه صلى الله عليه و سلم : " إنَّما بُعِثتم مُبَشِرين ، و لم تُبعَثوا معسرين ، صُبّوا عليه دلواً من الماء ".

عندها قال الأعرابي : اللهم ارحمني و محمداً ، و لا ترحم معنا أحداً ".

فقال له الرسول صلى الله عليه و سلم : لقد تحجَّرتَ واسعاً، (أي ضَيَّقتَ واسعاً)، متفق عليه.

و عن عائشة رضي الله عنها رَوَت أنَّ اليهود أتوا النبي صلى الله عليه و سلم ، فدار بينهم الحوار الآتي :

- اليهود : السَّام عليك، (أي الموت عليك) .

- الرسول صلى الله عليه و سلم : و عليكم .

- عائشة : السَّام عليكم، و لعنكم الله و غَضِبَ عليكم !

- الرسول صلى الله عليه و سلم :مهلاً يا عائشة! عليكِ بالرِّفق، و إيَّاكِ و العنف و الفُحش .

- عائشة : أوَلم تسمع ما قالوا ؟!!

- الرسول صلى الله عليه و سلم: أوَلم تسمعي ما قُلت، رددتُ عليهم، فيُستَجاب لي و لا يُستَجاب لهم فيَّ .

و في رواية لمسلم : ( لا تكوني فاحشة ، فإنَّ الله لا يحب الفُحش و التَّفَحُّش ) .

اول الصفحة

* الرحمة عند رسول الله صلى الله عليه و سلم :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " قَبَّل رسول الله صلى الله عليه و سلم الحَسَن بن عليّ ، و عنده الأقرع بن حابس التيمي ، فقال الأقرع : إنَّ لي عشرة من الولد ما قَبَّلتُ منهم أحداً ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثم قال : "من لا يَرحم لا يُرحم "، متفق عليه .



اول الصفحة

* سِعة قلبه منذ طفولته إلى لحظة وفاته :

روى ابن اسحق و ابن هشام أنَّ حليمة لمَّا جاءت كان على صدرها ولد لا يشبع من ثديها و لا من ناقتها ، فناقتها عجفاء و ثديها جاف . و راحت تبحث عن طفل تُرضِعه و تأخذ من المال من أهله ما تأكل به طعاماً فيفيض حليباً . بحثت في الأطفال فلم تَرَ إلا اليتيم (محمد صلى الله عليه و سلم )، فأعرضت عنه و سألت عن غيره فما جاءها غيره، فعادت إليه، أخذته و مشت. تقول حليمة فيما رواه ابن اسحق : فلمَّا وضعته على ثديي ما أقبل عليه، و قد شعرتُ أن ثديي قد امتلأ بالحليب، أعطيه الثدي لا يقبله، انتبهت إلى أن أخاه يبكي من الجوع فوضعته فأخذت أخاه فأرضعته، فشرب، فشبع، ثم حملتُ ابني محمداً فوضعته على ثديي فأخذه ".

ما أخذ ثديها و له أخ جائع و هو طفل صغير . إن الله تعالى جعله محبوباً من اللحظة الأولى ، فما كان يقبل أن يأكل حتى يأكل أخاه، و ما كان يقبل أن يأكل حتى يفيض الطعام .

و ما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أكل من إناء و انتهى الطعام الذي فيه أبداً .

قال عنه عمه أبو طالب :كان إذا جاء الأولاد للطعام ، امتنع حتى يأكل الأولاد جميعاً ، و لا يقترب حتى يأكلوا لأنه لا يريد أن يُقَلِّل على أحد غذاءه ، فهو يصبر ليشبع الآخرون ، فما كان يوماً يُجاذِب الدنيا أحداً ، فهو يعلم أن الحب ينبع من إعراضك عن الدنيا ، فإذا أحببتَ الدنيا أعرض الناس عنك و إذا أحببتَ الله أقبَلَ الناس إليك .

من منَّا إذا دخلَت عليه ابنته يقوم لها ؟ كانت إذا دخلت فاطمة قام لها و قال : "مرحباً بمن أشبهَت خُلُقي و خلقي" . و تعالوا نرى كيف عبَّر عليه الصلاة و السلام عن حبه للزهراء ، هل كان ذلك بمال أو بأثاث ؟ أبداً و لكن بقربان إلى الله تعالى ، فكانت كلما جاء جبريل عليه السلام بكنز فيه قربة من الله، يقول صلى الله عليه و سلم : " يا فاطمة، جاءني جبريل بكنز من تحت العرش، تعالي أعطيكِ إيَّاه ، فأنت أحبُّ الناس إلَيّ يا فاطمة . و لمَّا شَكَت له يوماً من أعمال المنزل و طلبت منه خادمة، قال لها عليه الصلاة و السلام : ألا أعطيكِ ما هو خير من ذلك ؟ قالت : نعم فقال لها : تقولي بعد كل فريضة، سبحان الله ثلاثاً و ثلاثين و الله أكبر ثلاث و ثلاثين وتمام المئة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد بيده الخير و هو على كل شيء قدير ". فهذا خير لها من الخادمة في الدنيا و الآخرة ، فهو يُعينها في دنياها و ينفعها في آخرتها، و قد قبلت فاطمة ما أعطاها والدها و هي مسرورة فرِحَة ...



اول الصفحة

* حبه لأمَّته صلى الله عليه و سلم :

بعد أن عُرِجَ بالنبي صلى الله عليه و سلم و كَرَّمه ربه، سأله رب العزة :"يا محمد، أبَقِيَ لكَ شيء ؟ قال : نعم ربي . فقال سبحانه و تعالى : سَل تُعط . فقال : أمَّتي ، أمَّتي " . لم يقل أبنائي، لم يقل أصحابي، لم يقل أهلي، قال أمَّتي

و قد ورد في بعض كتب التفسير عند قوله تعالى :{ و لَسَوفَ يُعطيكَ ربك فترضى }، أنه لمَّا نزلت عليه هذه الآية قال : " اللهم لا أرضى يوم القيامة و واحد من أمَّتي في النار " .

لقد أرسل لنا عليه الصلاة والسلام نحن الذين نعيش في هذا الزمن لنا في هذا الزمن و قبل وفاته : " بلِّغوا السلام عني من آمن بي إلى يوم القيامة " . سَلَّمَ علينا قبل أن نكون شيئاً مذكوراً ، و عرفنا قبل أن نعرفه ، فكيف لا نكافىء هذا الحب بحب ؟‍‍‍‍‍!!! .

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه عدد خلقك ورضاء نفسك و زنة عرشك ومداد كلماتك ،كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرنا الغافلون .



اول الصفحة

* من كرم النبي صلى الله عليه و سلم :

عن أنس رضي الله عنه أنَّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه و سلم فأعطاه غنماً بين جبلين، فأتى قومه فقال : " أي قوم، أسلِموا، فإنَّ محمداً يُعطي عطاء ما يخاف الفاقة، فإنه كان الرجل لَيجيء إلى رسول الله ما يريد إلا الدنيا، فما يُمسي حتى يكون دينه أحَبُّ إليه و أعَزُّ عليه من الدنيا و ما فيها ".

و لقد كان الرسول صلى الله عليه و سلم أجود الناس صدراَ، أي أن جوده كان عن طيب قلب و انشراح صدر لا عن تكلف و تصنع .

و ورد في رواية أخرى أنه عليه الصلاة و السلام كان أوسع الناس صدراَ و هو كناية عن عدم الملل من الناس على اختلاف طباعهم و تباين أمزجتهم .



اول الصفحة

جامع صفاته e:

عن إبراهيم بن محمد من ولد علي بن أبي طالب قال : كان علي رضي الله عنه إذا وصف النبي e قال : ......" أجود الناس صدراً وأصدق الناس لهجة وألينهم عريكة وأكرمهم عشيرة ، من رآه بديهةً هابه ، ومن خالطه معرفةً أحبه ، يقول ناعِته لم أر قبله ولا بعده مثله e " ، أخرجه الترمذي وابن سعد والبغوي في شرح السنة والبيهقي في شعب الأيمان .

و ما ألطف قول ابن الوردي رحمه الله تعالى :

يا ألطف مرسل كريم ما ألطـف هذه الشمائل

من يسمع لفظها تراه كالغصن مع النسيم مائل



اول الصفحة

عراقة أصله :

هو خير أهل الأرض نسباً على الإطلاق ، فلِنَسَبِهِ من الشرف أعلى ذروة ، و أعداؤه كانوا يشهدون له بذلك ، و لهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الروم ، فأشرف القوم قومه و أشرف القبائل قبيلته . وصدق الله تبارك و تعالى إذ يقول :{ فَإنَّهُمْ لاَ يُكَذَّبُوكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِنَ بآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ } .

ووما يؤيد ذلك ما جاء على لسان أبي جهل عدو الله وعدو رسوله إذ قال للنبي صلى الله عليه وسلم: " قد نعلم يا محمد أنك تصل الرحم وتصدق الحديث ولا نكذبك ولكنّ نكذب الذي جئت به " أخرجه الحاكم في مستدركه هذا صحيح على شرط الشيخين . فأنزل الله عز وجل : { قَد نَعْلَمُ إنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُون فَإِنَّهُم لاَ يُكَذَّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِنَ بآيَاتِ الله يَجحَدُونَ } ، .

ولهذا ورد أنهم عرضوا عليه الجاه واليادة والملك وجمع الأموال والمغريات الأخرى مقابل ترك هذه الدعوة كلية أو جزءاً منها كحل وسط ولكنهم لم ينجحوا فيها لأنّ موقف الرسول e كان ثابتاً .

وعرض هذه الأمور عليه يدل على سمو مكانة النبي e من جهة النسب عند قومه قريش الذين كانوا يأنفون أن يخضعوا للوضيع مهما كان الأمر وخاصة إذا جاء بأمر يخالف عاداتهم وتقاليدهم مثل ما جاء به رسول الله e من الدين الحنيف والدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك والأوثان وما كان سائداً في مجتمع مكة من عادات وتقاليد جاهلية .



اول الصفحة

عادة الصحابة في تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره وإجلاله :

عن ابن شُمَاسَةَ المهَرِيَّ قال حضرنا عمرو ابن العاص فذكر لنا حديثاً طويلاً فيه عن عمرو قال : "وما كان أحدٌ أحب إليَّ من رسول الله e ، ولا أجلَّ في عيني منه ، وما كنت أطيقُ أن أملأ عيني منهُ إجلالاً له ، ولو سئلتُ أن أصفه ما أطقت ، لأني لم أكن املأ عيني منه " .

وروى الترمذي عن أنس أن رسول الله e كان يخرج على أصحابه من المهاجرين والأنصار وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر ، فلا يرفع أحدُ منهم إليه بصره إلا أبو بكر وعمرُ ، فإنهما كانا ينظران إليه ، وينظر إليهما ، ويبتسمان إليه ، ويبتسم ُ لهما .

ولما أذنت قريش لعثمان في الطواف بالبيت حين وجهه النبي e إليهم في القضية أبى وقال : ماكنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه و سلم .

وروى أسامة بن شريك قال : " أتيت النبي e وأصحابه حوله كأنما على رؤوسهم الطير " .

وفي رواية أخرى : " إذا تكلم أطرق جلساؤه وكأنما على رؤوسهم الطير " .

وقال عروة بن مسعود حين وَجَّهَتْهُ قريش عام القضية إلى رسول الله e ، و رأى من تعظيم أصحابه له ما رأى ، وأنه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوئه ، وكادوا يقتتلون عليه ولا يبصق بصاقاً ولا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم ، فدلكوا بها وجوههم وأجسادهم ، ولا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها ، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يُحِدَّونَ إليه النظر تعظيماً له ، فلما رجع إلى قريش قال : " يا معشر قريش ، إني جئتُ كسرى في ملكه ، وقيصر في ملكه ، والنجاشي في ملكه ، وإني والله ما رأيت ملكاً في قوم قط مثل محمد في أصحابه ، وقد رأيت قوماً لا يسلمونه أبداً " .



اول الصفحة

غض الصوت وقت مخاطبته e :

من المعلوم أنَ الرسول e هو المصدر الوحيد الذي يتلقى عنه المسلمون تعاليم الله سبحانه وتعالى سواء كان قرآنا أو سنة أو حديثاً قدسياً ، لذلك يجب عليهم أن يتأدبوا معه e أثناء كلامه معهم أو كلامهم معه ، وذلك بخفض الصوت وترك الجهر العالي كما يكون بين الإنسان وصديقه لقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمنوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيّ ولاَ تَجْهَرُوا لَهُ بالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُم لِبعْضٍ أّنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُم لاَ تَشْعُرُونَ } .

يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية : " هذا أدب ثان أدّب الله تعالى به المؤمنين أن لا يرفعوا أصواتهم بين يدي النبي e فوق صوته " .

والأدب هنا يحصل بمجانبة أمرين أثنين :

أولاهما : رفع الصوت فوق صوته e أخذا من النهي الوارد في قوله :

{ لاَ تَرْفَعُوا أّصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتَ النَّبيِّ .. } .

ثانيهما : الجهر بالقول له e كالجهر بعضكم بعضاً أخذا من النهي الوارد في قوله تعالى : { .... ولاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ ..... } .

وقد فرق المفسرون بين النهيين الواردين في الآية حيث قالوا : إن الأول يتعلق برفع الصوت فوق صوته e أثناء كلامه معهم ، وأما الثاني فيتعلق بالجهر له e وقت صمته .

ومنهم من يقول : إن النهي الأول يتعلق وقت خطابه معهم أو خاطبهم معه أو صمته ، وأنّ الثاني يتعلق بندائه e باسمه المجرد أو بكنيته ،مثل يا محمد أو يا أبا القاسم .

وقد أجمل النيسابوري رحمه الله تعالى في ما ورد في التعريف بين هذين النهيين قائلاً :

" والجمهور على أن بين للنهيين فرقاً ثم اختلفوا فقيل :

الأول : فيما إذا نطق ونطقتم أو أنصت ونطقوا في أثناء كلامه فنهوا أن يكون جهرهم باهر الجهر .

والثاني : فيما إذا سكت ونطقوا ونهوا عن جهر مقيد بما اعتادوه بما بينهم وهو الخالي عن مراعاة أبهة النبوة. وقيل : النهي الأول أعم مما إذا نطق ونطقوا أو أنصت ونطقوا والمراد بالنهي الثاني أن لا ينادى وقت الخطاب باسمه أو كنيته كنداء بعضكم لبعض فلا يقال : يا أحمد يا محمد يا أبا القاسم ، ولكن يا نبي الله يا رسول الله .

والأدب الثاني هو أدبهم مع نبيهم في الحديث والخطاب وتوقيرهم له في قلوبهم توقيراً ينعكس على نبراتهم وأصواتهم ، ويميز شخص رسول الله e بينهم ، ويمييز مجلسه فيهم ، والله يدعوهم إلى ذلك النداء الحبيب ويحذرهم من مخالفة ذلك التحذير الرهيب .

والتحذير الرهيب هو إحباط العمل الصالح بدون شعور صاحبه أخذاً من قوله تعالى : { .. أّنْ تَحْبَطَ أَعْمِالُكُمْ وَ أَنْتُم لاَ تَشْعُرُونَ } .

وأحسن ما قيل في تأويل هذه الآية ما ذكره ابن المنير رحمه الله حيث يقول :

" والقاعدة المختارة أنّ إيذاءه عليه الصلاة والسلام يبلغ مبلغ الكفر المحبط للعمل باتفاق ، فورد النهي عما هو مظنّة لأذى النبي e سواء وجد هذا المعنى أو لا ، حمايةً للذريعة وحسماً للمادة .

وهذا على غرار قوله تعالى في قضية الإفك :{ ... وَتَحْسَبُونَهُ هَيَّناً وَهوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ } .

وقوله e " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه إليه بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوى بها في جهنم " ، صحيح البخاري .

وقد التزم الصحابة رضوان الله عليهم بهذا الأدب مع رسول الله e في عهده كما ورد في الآثار : منها قول أبي بكر رضي الله عنه لرسول الله e: " والذي أنزل عليك الكتاب يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخي السرار حتى ألقى الله عز وجل " ، أورده الحاكم في مستدركه وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

هكذا ارتعشت قلوبهم وارتجفت تحت وقع ذلك النداء الحبيب ، وذلك التحذير الرهيب ، وهكذا تأدبوا في حضرة رسول الله e خشية أن تحبط أعمالهم وهم لا يشعرون وتداركوا أمرهم ولكنّ هذا المنزلق الخافي عليهم كان أخوف عليهم فخافوه واتقوه :

{ إنَّ الذينَ يَغُضُّونَ أَصوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِيْنَ امتَحَنَ اللهُ قُلٌوبَهُمْ للِتَّقْوَى لَهُم مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } هكذا كان الامر في حياته e وأمَا بعد مماته فكذلك يجب على المسلم أن يتأدب مع رسول الله e بحيث لا يرفع صوته عند سماع أحاديثه e لأن حرمته ميتاً كحرمته حياً سواءً بسواء وأن أحاديثه تقوم مقامه .

يقول ابن العربي رحمه الله تعالى :

" حرمة النبي e ميتاً كحرمته حياً وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثل كلامه المسموع من لفظه ، فإذا قُرِيء كلامه وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه ، ولا يعرض عنه كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به ، وقد نبّه الله تعالى على دوام الحرمة المذكورة على مرور الأزمنة بقوله تعالى : { وإذا قُرِىءَ القُرْآنُ فاسْتَمِعُوا لَهُ وأَنصِتُوا ... } .

وكلام الني e من الوحي وله الحرمة مثلما القرآن إلا معاني مستثناة بيانها في كتب الفقه ، والله أعلم " . ويُراعى هذا الأدب - وهو عدم رفع الصوت - أيضا في مسجده e ، لما أخرجه البخاري بسنده عن السائب بن يزيد قال : " كنتُ قائماً في المسجد فحصبني رجل ، فنظرت فإذا هو عمر بن الخطاب فقال : إذهب فأتِني بهذين فجئته بهما ، قال : من أنتما ؟ أو من أين أنتما ؟ قالا : من أهل الطائف قال : لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم"، صحيح البخاري

كما أن هذا الأدب المستفاد من الآية يكون مع العلماء لأنهم ورثة الأنبياء وكذلك مع الأبوين وغيرهما لمن له فضل على الإنسان المسلم ، فلا شك أنّ هؤلاء الأشخاص يأخذون هذا الحكم وينبغي التأدب معهم وتوقيرهم بالشكل اللائق بهم مع مراعاة الفرق بينهم وبين رسول الله e لأنَ مقامه أرفع من هؤلاء جميعاً وهو e المعنيُّ بالآية أصلاً وهؤلاء تبعاً وليس الفرع كالأصل وإن اشتركا في أمور ، والله تعالى يقول : { النَّبيُّ أَوْلَى بالمُؤْمِنِيْنَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ... } بل ينبغي أن يحترم العبد النبي e أكثر من سيده .

وفي مجال التأدب مع الرسول e جاء التنبيه في القرآن الكريم على ضرورة عدم مناداته بطريقة جافة ومزعجة بل لا بد من مراعاة مقامه وقدره وبالأخص عندما يكون في بيته مع نسائه وأولاده .

يقول تعالى : { إنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاء الحُجُرَاتِ أَكْثَرهم لاَ يَعْقلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } .

عن الأقرع بن حابس رضي الله عنه أنه أتى النبي e فقال : " يا محمد أخرج إلينا ، فلم يجبه ، فقال : يا محمد إن حمدي زين وانّ ذمي شين "، فقال الله تعالى :{ إنَّ الَّذِيْنَ يُنَادُونكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقلُونَ } .

وقد تضمنت الآية أمرين :

أولهما : عدم إزعاج الرسول e في وقت خلوته في بيته مع نسائه بالنداء غير اللائق به .

وثانيهما : الإرشاد إلى ما ينبغي أن يفعل في هذه الحالة وهو الانتظار إلى أن يحين وقت خروجه .

و في ذلك قال الله عز وجل : { وّلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ } أي : لكان في ذلك الخيرة والمصلحة في الدنيا والآخرة .

وهذا لا يعني أنه لا يجوز مناداته e بتاتاً ، وإنما المحظور مناداته في وقت خلوته مع نسائه في بيته كما في هذه الحالة ، وكذلك مناداته بصوت مرتفع خالٍ من الاحترام والتقدير بل ينبغي أن ينادى بصوت منخفض وبصيغة معينة تتناسب مع قدره وعظمته ووقاره مثل : يا رسول الله ، يا نبي الله ، لا مجرد اسمه مثل : يا محمد ، ويا أحمد ، ويا أبا القاسم . كما يفعل بعضهم لبعض .

وهذا ما أشار إليه قوله تعالى :

{ لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً ....} .

ومما تدل عليه هذه الآية أنه نهى لهم عن الإبطاء إذا أمرهم والتأخر إذا دعاهم .

يجب على المسلم أن يدع هذه النداءات السوقية في لفظها وكيفيتها مثل : يا محمد ، ويا أحمد ، أو كنيته مثل : يا أبا القاسم كما كانوا يفعلونه من قبل ، و أن يناديه e نداءً يتناسب مع مقامه ومكانته مثل : يا رسول الله ويا نبي الله ، اقتداءً بما في القرآن من نداء الله سبحانه وتعالى له e بحيث لم يناد رسوله في القرآن بمجرد اسمه ولو مرة واحدة وإنما ناداه بصفة النبوة والرسالة وغيرها من الصفات الثابتة له في القرآن الكريم

كقوله تعالى :{ يَا أَيُّهَا النَّبيُّ قُلْ لأزْوَجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا ... } و { يا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ قم اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً .. } و { يَا أّيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَاَنْذِرْ } .

مع أنه سبحانه قد قال :

{ وَقُلْنَا يَا آدَم اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ .. } .

{ يَا نُوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ... } .

{ يَا إبْرَاهِيم أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ... } .



اول الصفحة

لزوم محبته e:

قال الله تعالى : { قُلْ إنْ كانَ أبآؤُكُم وإخوانُكُم وأزواجُكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } . .

فكفى بهذا حضاً وتنبيهاً ودلالة وحُجَّة على إلزام محبته ، ووجوب فرضها وعظم خطرها ، واستحقاقه لها e ، إذ قرَّع الله تعالى من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله ورسوله ، وتوَعَّدهم بقوله تعالى :{ فتربصوا حتى يأتي الله بأمره } . . ثم فسَّقهم بتمام الآية ، وأعلمهم أنهم ممن ضَلّ ولم يهده الله سبحانه و تعالى .

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي e قال :" ثَلاثٌ مّنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهمُا ، وأن يُحبَّ المرءَ لا يُحبهُ إلا لله ، وأن يَكرَهَ أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذف في النار " ، رواه مسلم ونسائي .

وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله e قال : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " ، أخرجه البخاري ومسلم .



اول الصفحة

حب الرسول e من تمام الإيمان :

قال رسول الله e: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده ووالده والناس أجمعين " ، أخرجه الشيخان وأحمد والنسائي . وفي الحديث جمع رسول الله e أقسام المحبة التي تكون بين الناس وهي ثلاثة :

1- محبة إجلال وإعظام كمحبة الولد والده .

2- محبة إشفاق ورحمة كمحبة الوالد ولده .

3- محبة مشاكلة واستحسان كمحبة سائر الناس .

أما محبته e فهي فوق هذا كله كما يفيد أفعل التفضيل في قوله :" أحب أليه "

وفي حديث عمر : " أنت أحبُّ إليّ يا رسول الله من كل شيء إلا نفسي التي بين جنبي . فقال له عليه الصلاة والسلام : لا تكون مؤمناً حتى أكون أحب إليك من نفسك ، فقال عمر : والذي أنزل عليك الكتاب ، لأنت أحبُ إلىَّ من نفسي التي بين جنبي ، فقال e: " الآن يا عُمُر تم إيمانك " ، أخرجه البخاري.

قال القاضي عياض :

" اختلف الناس في تفسير محبة الله ومحبة النبي e وكثرت عباراتهم في ذلك وليست ترجع بالحقيقة إلى اختلاف مقال ولكنها اختلاف أحوال ، فقال سفيان : " المحبة اتِّباع الرسول ، كأنه التفت إلى قوله تعالى : { قُل إنْ كُنْتُم تُحِبُّونَ الله فَتَّبعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله .. } وقال بعضهم : محبة الرسول اعتقاد نصرته والذب عن سنته والإنقياد لها وهيبة مخالفته ، وقال بعضهم : المحبة دوام الذكر للمحبوب ، وقال آخر إيثار المحبوب وقال بعضهم : المحبة الشوق إلى المحبوب ، وقال بعضهم : المحبة مواطأة القلب لمراد الرب بحُبِّ ما أحبَّ وبِكُرهِ ما كَرِهَ ، وقال آخر : المحبة ميل القلب إلى موافق له ، ثم قال : وأكثر العبارات المتقدمة إشارة إلى ثمرات المحبة دون حقيقتها ، وحقيقة المحبة الميل إلى ما يوافق الإنسان ".

ويقول أبو عبد الله المحاسي :

" والمحبة في ثلاثة أشياء لا يسمى محباً لله عز وجل إلا بها :

1- محبة المؤمنين في الله عز وجل .

2- محبة الرسول e لله عز وجل .

3- محبة الله عز وجل في إيثار الطاعة على المعصية .

وقد ذكر القاضي عياض رحمه الله تعالى الأقسام الثلاثة المسببة للمحبة حيث قال :

" وحقيقة المحبة الميل إلى ما يوافق الإنسان وتكون موافقته إمّا لاستلذاذه بإدراكه كحب الصور الجميلة والأصوات الحسنة والأطعمة والأشربة اللذيذة وأشباهها مما كل طبع سليم مائل إليها لموافقتها له ، أو لإستلذاذه بإدراكه بحاسة عقله وقلبه معاني باطنة شريفة كحب الصالحين والعلماء وأهل المعروف المأثور عنهم السِّيَر الجميلة والأفعال الحسنة ، فإن طبع الإنسان مائل إلى الشغف بأمثال هؤلاء حتى يبلغ التعصب بقوم لقوم والتشيع من أمة في آخرين ما يؤدي إلى الجلاء عن الأوطان وهتك الحرم واحترام النفوس أو يكون حبه إياه لموافقته له من جهة إحسانه له وإنعامه عليه فقد جُبِلَت النفوس على حب من أحسن إليها " .

ثم ذكر بعد ذلك أنّ هذه الأنواع المسببة للمحبة كلها مجتمعة في شخصيته e على أتم وجه حيث قال : " فإذا تقرر لك هذا نظرت هذه الأسباب كلها في حقه e فعلمت أنّه جامع لهذه المعاني الثلاثة الموجبة للمحبة . فقد تميّز بجمال الصورة والظاهرة وكمال الأخلاق والباطن ، كما تميز بإحسانه وإنعامه على أمته . وقد ذكر الله تعالى في أوصافه رأفته بهم ورحمته لهم وهدايته إياهم وشفقته عليهم واستنقاذهم من النار وأنّه بالمؤمنين رؤوف رحيم ورحمة للعالمين ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه ، ويتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويهديهم إلى صراط مستقيم ، فأي إحسان أجل قدراً وأعظم خطراً من إحسانه إلى جميع المؤمنين ، وأي إفضال أعمّ منفعة وأكثر فائدة من إنعامه على كافة المسلمين ، إذ كان ذريعهم إلى الهداية ، ومنقذهم من العماية وداعيهم إلى الفلاح والكرامة ، ووسيلتهم إلى ربّهم وشفيعهم والمتكلم عنهم والشاهد لهم والموجب لهم البقاء الدائم والنعيم السرمدي فقد استبان لك أنه e مستوجب للمحبة الحقيقية شرعاً .. إلى أن قال : فإذا كان الإنسان يحب من منحه في دنياه مرة أو مرتين معروفاً أو استنقذه من هلكة أو مضرة مدة التأذّي بها قليل منقطع فمن منحه ما لا يبيد من النعيم ووقاه ما لا يفنى من عذاب الجحيم أولى بالحب ، وإذا كان يحب بالطبع ملكاً لحسن سيرته أو حاكماً لما يؤثر من قوام طريقته أو قاص بعيد الدار لما يشاد من علمه أو كرم شيمته فمن جمع هذه الخصال كلها على غاية مراتب الكمال أحق بالحب وأولى بالميل " .



اول الصفحة

علامة محبته e:

إن من أحب شيئاً آثرَ موافقته ، وإلا لم يكن صادقاً في حُبه ، وكان مُدعياً ، فالصادق في حب النبي e من تظهر علامة ذلك عليه ، وأولها : الإقتداء به ، واستعمال سنته ، واتباع أقواله وأفعاله ، وامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، والتأدب بآدابه في عُسره ويُسره ، ومنشطه ومكرهه ، وشاهد هذا قوله تعالى :

{ قل إن كنتم تُحبون الله فاتبعوني يُحببكُمُ الله } ، و إيثار ما شرعه ، وحض عليه على هوى نفسه وموافقة شهوته .

قال الله تعالى : { والَّذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يُحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } .

قال أنس بن مالك رضي الله عنه : " قال لي رسول الله e: يا بنيَّ إن قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غِشٌ لأحدٍ فافعل " ، ثم قال لي : يا بُنَيَّ وذلك من سنتي ، ومن أحيا سنتي فقد أحبني ، ومن أحبني كان معي في الجنة " .

فمن اتصف بهذه الصفة فهو كامل المحبة لله ورسوله ، ومن خالفها في بعض هذه الأمور فهو ناقص المحبة ولا يخرج عن اسمها .

و من علامات محبته e:

الإيثار أي إيثار النبي e على النفس كما يدل عليه قوله تعالى :

{ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤا الدَّارَ وَ الإيمَانَ من قَبلِهِمْ يُحِبُّونَ مّنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا اُتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَان بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَاُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} والآية وإن كانت عامة في إيثار المهاجرين إلا أنه e هو رئيس المهاجرين وقائدهم ، وهو المحبوب الأول من الخلق أساساً ، وأمّا غيره فتَبَعٌ له بحسب قربهم إليه e ومتابعتهم إيّاه .

ومن علامات محبته صلى الله عليه و سلم أيضاً : بغض من أبغض الله ورسوله مهما كانت صلته ورتبته لقوله تعالى :{ لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ باللهِ واليوم الآخر يُوادُّونَ مّنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبائهم أَو أَبناءَهُمْ أَو إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيْمَان وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ .... } .

يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية :

قيل في قوله تعالى : { وَلَوْ كَانُوا آباءَهُمْ } : نزلت في أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح حين قتل أباه يوم بدر ، و{ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ } في الصِدِّيق لابنه عبد الرحمن ،{ أَوْ عَشِيرَتُهُ } : في عمر قتل قريباً له يومئذ أيضاَ .." .

وهؤلاء قاموا بقتل أقرب أقربائهم في معركة بدر لأن حب الله ورسوله e يقتضي قتل من حادَّ الله ورسوله وبغض من أبغض الله ورسوله .

ومن العلامات كذلك : حب من أحب رسول الله e أي عكس الصورة السابقة لقوله e: " الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله يوشك أن يأخذه " ، حديث حسن غريب .



اول الصفحة

ثمرة محبته e:

من ثمرة محبته عليه الصلاة و السلام ، مرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين لحديث عائشة رضي الله عنها : " جاء رجل إلى النبي e ، فقال يا رسول الله : إنّك لأحبَ إلى من نفسي وإنك لأحب إليَ من ولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك ، فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك ، وإذا ذكرت موتك عرفت إنَك دخلت الجنة رفعت مع النبيين ، وإنّي إذا دخلت خشيت أن لا أراك فأنزل الله تعالى :

{ وَمَنْ يُطع الله والرَّسُولَ فأُولَئكَ مع الذين أنْعَمَ اللهُ عَلَيهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحيِنَ وَحَسُنَ أُلَئِكَ رَفيِقاً } ، مجمع الزوائد وقال الهيثمي : ورواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران الغامدي وهو ثقة .

عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي e ، فقال : " متى الساعة يا رسول الله ؟ قال : ما أعددت لها ؟ قال : ما أعددت لها من كثير صلاة ، ولا صوم ، ولا صدقة ، ولكني أحب الله ورسوله ، قال : " أنت مع من أحببت " ، أخرجه البخاري ومسلم .

فهل من ثواب أرجى من أن يُحشَر المرء مع من أحب خاصة إذا كان المحبوب هو المصطفى صلى الله عليه و سلم !

قال شهاب الدين الخفاجي رحمه الله تعالى :

و حـق المصطفـى لي فيـه حب إذا مرض الرجاء يكون طباً

و لا أرضى سوى الفردوس مأوى إذا كان الفتى مع من أحبا



اول الصفحة

صور من حب السلف للرسول e:

هناك صور متعددة من حب السلف للرسول e نذكر طرفاً منها في هذا المقام وخاصة ما روي في حب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين للرسول e:

من ذلك ما أخرجه الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " لمّا فرض عمر لأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وفرض لي ألفين وخمسمائة قلت له : يا أبَتِ لم تفرض لأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وتفرض لي ألفين وخمسمائة والله ما شهد أسامة مشهداً غبت عنه ولا شهد أبوه مشهداً غاب عنه أبي ، فقال : صدقت يا بني ، ولكني أشهد لأبوه كان أحبّ الناس إلى رسول الله e من أبيك ولهو أحب إلى رسول الله e منك " ، رواه الحاكم في مستدركه وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .

ومنها ما روي أنّه لما أخرج أهل مكة زيد بن الدثنة من الحرم ليقتلوه ، قال له أبو سفيان بن حرب : " أنشدك بالله يا زيد أتحب أن محمداً الآن عندنا مكانك لضرب عنقه وإنّك في أهلك ؟ فقال زيد : والله ما أحبّ أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة وإنّي جالس في أهلي ، فقال أبو سفيان : ما رأيت الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً " .

ومنها ما روي أن امرأة من الأنصار قتل أبوها وأخوها وزوجها فأخبروها بذلك فقالت : " ما فعل الله برسول الله ؟ قالوا : بحمد الله كما تحبين ، قالت : أرونيه حتى أنظره ، فلما رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل " .

وقال e: " أشدّ أمتي لي حباً قوم يكونون من بعدي ، يود أحدهم أنه فقد أهله وماله وأنه رآني" ، أخرجه أحمد بسند حسن .



اول الصفحة

الصفحة الرئيسية
0
382

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️