صفة خبيثة ممقوتة مرضت معها القلوب واعتلت بها النفوس دبت في المجتمعات المسلمة واستفحل أمرها بين أفراد الأمة وأحدثت بينهم العداوة والبغضاء وشحنت النفوس بعضها على بعض قطعت أواصر الصلة والمحبة بين الأقارب والجيران والأحباب لم يسلم من شررها ونارها أحد إلا من رحم الله وقليل ما هم حتى أهل الدين والصلاح والإستقامة ما سلموا منها فيما بينهم صفة اتصف بها إبليس وجنوده وأعوانه وتلبس بها اليهود و النصارى أعداء الإسلام والمسلمين .إنها صفة الحــســـد .حسد بها صاحب الدين لالتزامه بدين الله ومتابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده عن الدنيا وزينتها ولهوها ولعبها وتأثيره في الناس بدعوتهم إلى الله والدار الآخرة وقدوته الحسنة لهم وحسد صاحب الجاه على جاهه وصاحب المال على ماله وصاحب الصحة على صحته حتى الفقير المعدم حسد على قناعته وسعادته وبعده عن فتنة المال والدنيا.بهذه الصفة الخبيثة كثرت المشاحنات والخصومات بين الناس والدعاوى بين الناس والقبائل والجماعات والأقارب والجيران وأشغلت بها دور المحاكم عما هو أهم وبها سودت الصحائف واضمحلت الأعمال الصالحة وكثرت السيئة وأغضب الرحمن وأرضي الشيطان وحل معها ألوان العذاب والنقم على العباد في الأنفس والثمرات والأرض حتى الحيتان في الماء والعجماوات في البراري ما سلمت من شررها وبلائها.وانظر يا رعاك الله في الذي أخرج آدم من الجنة وفي الذي جعل أحد ابني آدم يقتل أخاه وفي الذي جعل أخوة يوسف يرموه في غيابة الجب وغيرها مما أحدثته هذه الصفة الخبيثة بين العباد.وكم حذرنا الله جل في علاه من مرض الحسد وكم حذرنا نبينا عليه الصلاة والسلام من ذلك فقال(ولا تحاسدوا) وكم ترادفت الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال العلماء التي تنهانا عن الحسد والتحاسد.كم ماتت نفوس ومرضت أبدان وذهبت اقوام وهلكت أموال وغارت مياه وقلت أمطار وأجدبت أرض واحترقت أشجار وتلوث الهواء وفسدت أحوال بسبب الحسد!!!!!!!
نظرات مسمومة ونفوس سقيمة وقلوب سوداء مظلمة تنطلق منها سهام كلهيب النار فتمرض وتقتل وتهلك ولله الأمر من قبل ومن بعد.وعلام الحسد ياعبدالله!!!!!! الم يقسم الله لك رزقك فلن يسبقك إليه أحد؟ ألم يقدر الله لك ساعة تغادر فيها فلن تعدوا أجلك؟ألم يكتب الله عليك القدر فيما يصيبك فلن تقدم ولن تؤخر؟ إذا فلماذا تحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله وأنت تعلم أن كل إنسان قد قدر الله له رزقه وقدره وأجلة؟ألم تعلم أن الحاسد بحسده لإخوانه يكون قد أعلن اعتراضه على قسمة الله لعباده واتهم الله في قسمته وعدله؟ألم تعلم أن هذا الأمر خطير وعاقبته وخيمة في الدنيا والآخرة؟ إن من أنفع الأدوية لعلاج هذا المرض الفتاك مايلي:
أولا: مراقبة الله في السر والعلن والخوف من بطشه ونقمته على من خالف أمره ونهيه وآذى عباده.
ثانيا: الرضا بما قسمه لك ياعبدالله وقسمته عدل بين عباده.
ثالثا: تنقية النفوس والقلوب والصدور من الغل والحقد والحسد لعباد الله.
رابعا:الصلة الوثيقة بينك وبين كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والإنشغال بطلب العلم منهما والتفقه في الدين.
خامسا:رفع مستوى الإيمان في قلبك بأنواع الطاعات التي بها تضمحل شوائب القلوب والصدور.
سادسا:الزهد في الفانية والإستزادة للباقيه والرضا بالمقسوم والمكتوب.
سابعا: الدعاء بالبركة للمسلمين فيما رزقهم الله كما حثنا النبي عليه الصلاة والسلام وصد النظر.
ثامنا: الإنشغال بالعبادات والذكر والطاعات والبعد عن مراقبة الناس فيما يملكون.
تاسعا:السمو بالنفوس إلى معالي الأمور ورفعها عن سفاسفها و نقائصها.
ولا يخفى على العاقل أن الحاسد مبغوض في السماء والأرض ياكل حسناته بنفسه إن كان له حسنات كما تأكل النار الحطب. يأكل نفسه كما تأكل النار بعضها يتمادى في الباطل ولا يقبل الحق ولو من نفسه.قسمات وجهه ولمحات عينيه ونبرات لسانه داله على ظلام قلبه وعمى بصيرته.مركبه الإفساد بين الخليقة وقاربه الغيبة والنميمة جريء على المحرمات تواق الى الشهوات متفكه في أعراض الناس همه وغمه بالليل والنهار زوال النعم عن الناس والعياذ بالله.
أخي الحبيب إدفع شر الحاسد بعشرة أشياء يكفيك الله شره:
1) التعوذ دائما بالله من شره.
2) تقوى الله وحفظه في أمره ونهيه فمن اتقى الله حفظه.
3) الصبر على الحاسد والبعد عنه وعدم مواجهته ومشاكلته فالصبر من أعظم ميستنصر به على الحاسد.
4)التوكل على الله (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا )
5) إفراغ القلب من الإشتغال بالحاسد وأذاه وعدم التفكير فيه.
6) الإقبال على الله وطاعته والإخلاص له في القول والعمل.
7) التوبه إلى الله من الذنوب فإن الذنوب مفتاح كل شر واذى.
8) الصدقة والإحسان فالصدقة تقي مصارع السوء.
9) إطفاء نار الحاسد الباغي بالإحسان إليه ما أمكن.
10) تجريد التوحيد والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب العزيز الرحيم الذي بيده مثاقيل كل شيء.
كفانا الله شر الحاسد وأذاه ورد كيده في نحره.والله تعالى أعلم وأحلم.
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

سوسو-2
•
يسلموا




الصفحة الأخيرة