tanya

tanya @tanya

كبيرة محررات

صكوك الطلاق في السعودية بلغت العام الماضي 24862

الملتقى العام

--------------------------------------------------------------------------------



حالة خلع واحدة بين كل ثلاث حالات انفصال وصكوك الطلاق في المملكة بلغت العام الماضي 24862 (1/3)
الخلع آخر العلاج والعنف والإدمان والعجز الجنسي من أسبابه الشائعة
زوج يحول بيت الزوجية إلى وكر للمخدرات وآخر يضرب زوجته بـ"لي الغاز" والخيزران
آل خيرات: قضايا الخلع تكثر بين النساء العاملات والنفي وعدم التجاوب والتخلف عن الجلسات تعوق المخالعة
الرياض، أبها: ماجدة عبدالعزيز، عبدالصمد السهلي، سامية البريدي
يحظى موضوع الخلع كأحد أنواع الطلاق البائن في الشريعة الإسلامية بأهمية خاصة في دراسات حقوق الإنسان المعاصرة، باعتباره السبيل الوحيد لانعتاق المرأة من حياتها الزوجية التي تعيشها وهي كارهة لزوجها، مع إصرار الزوج على عدم إخلاء سبيلها وتسريحها بإحسان، وذلك في حالة ما لم تشترط الزوجة في بداية تعاقدها على حقها في تطليق نفسها.
والخلع كما عرفه الفقهاء هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها، وهو فراق الزوجة بعوض، فيأخذ الزوج عوضاً ويطلق زوجته، سواء كان هذا العوض هو المهر الذي كان دفعه لها أو أكثر أو أقل.
والخلع قانوناً هو دعوى ترفعها الزوجة ضد زوجها إذا بغضت الحياة معه، ولم يكن من سبيل لاستمرار الحياة الزوجية، وخشيت ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، والخلع يقتضي افتداء الزوجة لنفسها برد مهرها، وتنازلها عن جميع حقوقها الشرعية.
وقد لجأت سيدة سعودية إلى القاضي بعد 30 عاما من الإيذاء والعنف الجسدي والنفسي لتطلب الطلاق، إلا أنه رفض، واعتبر أن من حق الزوج أن تعيد له المهر الذي دفعه لها ليكون خلعا لا طلاقا، وكانت قد عاشت طوال هذه السنوات هي وأبناؤها على مساعدة أهلها، وعملت في وظيفة بشهادة الثانوية، وحملت نفسها ديونا لتنفق على أبنائها وبيتها، فزوجها البخيل لم يكلف نفسه الإنفاق عليهم، وبعد صبرها على المعاناة، والإهانات التي تعرضت لها منه، والتي أصيبت بسببها بالأمراض، ومرض أحد أبنائها الستة من كثرة ما تعرض له من ضرب على يد والده ، كان حكم المحكمة مفاجأة، فأصيبت بعده بانهيار عصبي تعالج منه في العيادات النفسية.
فيما علقت معلمة على قدر كبير من العلم والجمال والدين، ولم تطلق أو تعط حقها في طلب الخلع، بعد معاناة دامت سنوات مع زوجها المريض بجنون الغيرة والشك الذي حول حياتها وحياة أبنائها إلى جحيم ، لأن المحكمة رفضت طلبها لعدم وجود البينة على زوجها، أي الدليل الذي يثبت ما تقوله.
وهذه سيدة أصيبت بصدمة بعد أن طلب منها زوجها مبلغا من المال، فرفضت، فتشاجر معها، وحصلت بعدها مشاكل عدة، فلم تعد تحتمل، وطلبت الطلاق فرفض أن يطلقها، طلبت الخلع فدفعت لزوجها الثمن لتحصل على راحتها، بالمقابل حصل هو على المبلغ الذي تشاجر وافتعل المشاكل من أجله.
آخر العلاج الكي
وتحدثت خلود.ع.م (معلمة في المرحلة الابتدائية) عن معاناتها لسنين في المحاكم، وقالت"غالبا تكون الحرية ليس لها ثمن، ولكن مع إصراري على طلب الخلع، ورغم كل التعجيزات حاولت أن أدفع كل ما لدي، لكي أهنأ بحياتي، فقد كان زوجي متساهلا في أموره الدينية، وترك وظيفته لسنوات دون أن يبحث عن عمل، إضافة إلى الاتكالية، وغير ذلك من الصفات السلبية والتي جعلتني ارفع عليه دعوى الخلع بقرار لا رجعة فيه".
وتضيف خلود" الحكم الذي صدر لم يعوضني عن حقي الكامل، لأنني لم أستعن بمحام، ولقوة حجة محامي زوجي وضعفي كامرأة وحيائي في ذكر بعض التفاصيل انهزمت، ودفعت مئة ألف ريال مقابل حريتي، مع أن المهر المسجل في العقد لم يبلغ السبعين ألف ريال، وكذلك لم أحصل على قيمة الذهب الذي أخذه مني خلال توقفه عن العمل، مع أن هذا من حقي".
وأشارت خلود إلى أن الزوجة التي تطالب بالخلع تمر بالعديد من العراقيل، فقد تكون عاجزة عن دفع المبلغ المقرر للزوج، وقد لا يكون لها دخل تعتمد عليه، فإما أن تلجأ إلى الديون، أو أن تظل قابعة تحت سيطرة الزوج وتسلطه، دون أن تحرر نفسها.
وأضافت أن المجتمع السعودي لا يتقبل المرأة المخلوعة، ويهضم حقوقها، ويحطم نفسيتها، مع أنها قد تكون قد بذلت قصارى جهدها في سبيل الإصلاح، وتبقى رغم كل شيء هي المذنبة، ويكون آخر العلاج ـ كما يقول المثل ـ الكي.
منزل الزوجية وكر لتعاطي المخدرات
وتقول س.ق "تزوجت من رجل بموافقتي وموافقة أهلي، وعشنا حياة سعيدة قرابة سنة، نتج عنها إنجاب طفلة، ولكن هذه السعادة لم تستمر، فقد تعرف زوجي على أصدقاء سيئين،عرفت فيما بعد أنهم يتعاطون الخمر والمخدرات، وكانوا يلتقون في استراحة يوميا، ولكن خوفا من أن ينتبه أحد لهم ويبلغ عنهم، أصبحوا يتقابلون في بيتي، ويسهرون عندي كل ليلة، وعندما كشفت الأمر، وعلمت ما يفعلون اشترطت على زوجي، إما يختارني أنا أو يختار أصدقاءه، فاختار أصدقاءه، ولكن اشترط علي إن خرجت من البيت، وفضحت سره، فسوف يأخذ ابنتي مني، ويحرمني منها طيلة حياتي، فأصبحت الطفلة هي القاسم المشترك بيننا، يستطيع أن يقهرني بها ويعذبها، ليزيد من قهري، وكأنها ليست ابنته، فمع الشراب أصبح ينسى حتى نفسه، ونسي من يكون، ومن تكون هذه الطفلة بالنسبة له".
وأضافت"صبرت على وضع زوجي كثيرا، لعله يتغير، فيترك الشراب، ولكنه ظل من سيئ إلى أسوأ، عندها لم أتحمل ما يحدث أمامي، ورفضت أن أحمل منه مرة أخرى، فيكفي هذه البنت التي ظلمت، عندها ذهبت إلى أهلي، وأخبرتهم بما حصل لي، فحاولوا بشتى الطرق حل المشكلة معه، لكنه كان متمسكا برأيه، وتوعد بأخذ البنت إذا خرجت أنا من المنزل ، وفعلا سحب مني ابنتي أمام أهلي، متذرعا بأن ذلك حقه الشرعي، لأنها بلغت ست سنوات".
وتابعت قائلة" طلبت الطلاق من زوجي فرفض، فرفعت قضية في المحكمة، وطلبت الخلع منه، ووافق فورا بشرط أن دفع له 40 ألفاً، وفعلت مثلما طلب، وخلعت منه، والآن أطالب بحضانة ابنتي، لكن لا جدوى، لأن القاضي رفض حضانتي لها، لأنني من خلع زوجي، رغم كل ما أخبرته عن وضع زوجي، وأنه يتناول المسكرات والمخدرات، لكن مع ذلك وجد القاضي الحق معه، وأنا الآن أتنقل من محكمة لأخرى، بعد أن أخذ ابنتي التي سوف تضيع بين يديه".
الضرب بـ "لي الغاز" والخيزران
أما أم مشعل فقد تضررت من زوجها، بسبب تعامله السيئ معها، حيث كان يتعامل معها بالعنف وكان يضربها بأي شيء أمامه، حتى "لي الغاز" والخيزران لأسباب تافهة، فكأن هوايته الضرب، تقول "إضافة إلى تعامله السيئ معي، تزوج زوجي علي، ورضيت رغم وجود أطفال بيننا، ابنتين وولدين، ولم يكن لديه عذر للزواج، ولكنه لم يقنع، فتزوج وأحضر زوجته للإقامة في الشقة المقابلة لشقتي، وأصبح يدللها، وكلما اشتكت مني حتى بالكذب يصدقها، وينهال علي بالضرب بسبب أو بدون سبب، حتى أصبحت لا أطيق الحياة معه، فسبب ذلك لي عقداً نفسية، وخوفاً دائماً، وكان أيضا يضربني أمام أولادي، وإذا دافعوا عني، وحاولوا إبعاده عني ضربهم معي، فأخذت ذات يوم أبنائي، وخرجت من البيت، وأخبرت أخي بما حصل، لأنني لم أكن أستطيع أن أذهب إلى والدتي، فزوج أمي لا يريدني، ويتضايق من وجودي، أو وجود أحد من إخواني عنده في البيت، فاستأجر أخي لي ولأولادي شقة قريبة منه، وأصبح يتابعنا، ويحضر طلباتنا بين حين وآخر، ووجدت عملا أستطيع من خلاله أن أصرف على نفسي وأولادي، وعولجت في الصحة النفسية، مما سببه زوجي من آثار نفسية، وشفيت بعد فترة ".
وتابعت أم مشعل قائلة "بعد فترة من الراحة بدأ زوجي بالظهور في حياتنا مرة أخرى، عندها اتفقت مع أخي على طلب الطلاق منه، لكن زوجي رفض، وتوعد بأن يعلقني طيلة حياتي، ففكرت بالخلع، وبالفعل طلقت منه خلعا، بعدما دفعت له كامل المهر الذي أعطاني إياه، بالإضافة إلى تنازلي عن مؤخر الصداق، وعدم مطالبتي له بالنفقة على الأولاد، وافقت على كل ذلك هربا منه ومن مشاكله ومشاكل زوجته".
وتتعجب وتقول" أنا المرأة المتضررة من زوجها، ومع ذلك أنصفه القاضي، وظلمني بعدد من التنازلات، فهل هذه مكافأتي، وهل المرأة التي تريد أن تحافظ على أبنائها وبيتها تعاقب؟".
الخلع وحلم الأمومة
لكن الأمر يختلف عند سلمى التي تقول "أعيش مع زوجي حياة سعيدة، فهو يحبني بجنون، ولكن مع مرور قرابة ست سنوات لم أنجب أطفالا خلالها، تعبت نفسيا، وكان العيب من زوجي، وأنا أحب الأطفال، وأتمنى أن أصبح أما، بحثنا عن العلاج في كل مكان لكن لا جدوى، فطلبت وقتها من زوجي الطلاق، لأنني أرغب في الأطفال، ووضعت الأمر أمامه بالعكس، فلو كان العيب مني لتزوج علي بحجة الأطفال ولم يراع مشاعري، لذلك طلبت الطلاق، ولكن زوجي من شدة حبه لي ظل متمسكا بي ولا يريد أطفالا، ولكنني أصررت على الطلاق فرفض، فرفعت أنا وأهلي قضية في المحكمة، وطلبت الخلع، وتم خلعي منه، ولكنني فوجئت وقتها بدموعه في المحكمة على فراقنا".
وتابعت قائلة "هو يحبني وأنا أحبه أيضا، ولكنني أريد أطفالا، ولكنني الآن نادمة على مافعلت، فقد تزوجت من رجل آخر، وأنجبت الأطفال، وأصبحت أما كما أريد، ولكنني فقدت بالفعل رجلا كان يحبني بجنون، ويخاف علي من أدنى شيء، فزوجي الحالي يحبني، ولكن ليس لدرجة زوجي السابق، فهو يجلس معي قليلا، ولا يبادرني المشاعر، وهو عصبي وسريع الضرب، لقد تمنيت أنني لو حرمت من الأطفال، وبقيت مع زوجي الذي يحبني".
مرارة وألم وندم
أما أم سارة فتروي قصتها وتقول"حصلت مشاكل بيني وبين زوجي بسبب خلاف بين زوجي وإخوتي، مما أدى إلى طلب إخوتي من المحكمة خلعي من زوجي، رغم أن لي منه ولدوبنتن، وقام إخوتي بدفع مبلغ كبير لزوجي مقابل الخلع، ثم انتقلت مع أطفالي إلى بيت أهلي، وبقيت أتجرع كؤوس المرارة والألم والحرمان من إخوتي، والأشد مرارة حرمان أطفالي من والدهم، فقد كبروا ودخلوا المدارس ولكن الحزن ما زال يسكن عيونهم، والحرمان العاطفي يستوطن قلوبهم وأرواحهم، وزوجي السابق بقي بلا زواج وكذلك أنا، وقد ندم إخوتي وأهلي في النهاية أشد الندم على خراب بيتي وتشتيت شمله، وهم يتمنون حاليا عودة زوجي إلى، وإلي أطفاله، ولكن كانت الصدمة كبيرة على زوجي، وربما أصابته بعقدة فبقى بعيدا عن منطقتنا، ولم يخط هذه الخطوة التي يلم بها شتاتنا، ويجمع شملنا".
الخلع أسرع من الطلاق
وتلجأ بعض النساء إلى طلب"الخلع" بدلاً من الطلاق ، حيث يرين أن إجراءات الخلع تكون أسهل وأسرع من إجراءات الطلاق، وطالب حقوقيون بمراجعة جادة للأنظمة والتشريعات في قضايا الخلع والطلاق.
وقال عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان جعفر الشايب "الآثار السلبية لهذه القضايا هي نتيجة طبيعية لسيطرة الرجال على الاجتهادات أو على تطبيق الأحكام، وعدم مشاركة المرأة في دراسة القضايا والمساهمة في تحديدها، وما نتج عن هذا من إخفاء لحقوق المرأة في كل القضايا التي تخصها".
وأضاف الشايب"من الواضح أن هدف التشريعات السماوية هو مصلحة الإنسان ومصلحة المجتمع، فلا يمكن أن توظف فقط لمصلحة فئة معينة ضد أطراف أخرى، ولكن غياب دور المرأة من المشاركة في قراءة التشريعات والاجتهاد فيها، وانحصارها فقط في الرجل أدى إلى استغلاله لحق التشريع، وجعل المرأة ضمن الفئة التي لا تعبر عن حقوقها بشكل كامل في هذه القضايا".
وأوضح الشايب أن الحقوق متساوية عند عقد الزواج، ومن حق المرأة أن تشترط ما تريد، وأضاف"الشرع أيضا يقر بحجية الشروط التي قد تضعها المرأة عند زواجها، إذا ما وافق عليها الزوج، بحيث يمكنها من حماية وضمان مستقبلها ومستقبل أطفالها بصورة أفضل".
وقال " المجتمعات الإسلامية الآن لديها مراجعات جادة في حقوق المرأة قبل وبعد الطلاق، ومحاولة الالتزام بحقوق أوسع للمرأة بعد الطلاق، بسبب المشاكل الاجتماعية التي نتجت من إغفال حقوقها بعد الطلاق" مشيراً إلى حاجة المجتمع السعودي لمراجعات جادة في هذا المجال تضمن حق أكبر للمرأة، خاصة في مرحلة ما بعد الطلاق، لأن هناك مسببات حقيقية وموضوعية للمرأة تطلب فيها الطلاق، لنضمن للمرأة وأولادها وأسرتها حياة كريمة تحفظ لها حقوقها، وطالب الشايب بتفعيل الاتفاقيات التي وقعت عليها المملكة والمهتمة بمراعاة حقوق المرأة وعدم التمييز ضدها.
إلى ذلك أوضحت إحصائيات وزارة العدل لعام 2006 أن صكوك الطلاق في المملكة بلغت 24862 صكا، بزيادة واضحة عما جاء في إحصائية عام 2005، حيث كان عدد صكوك الطلاق 24318، البعض منها حالات طلب خلع.
وذكر اختصاصيون سعوديون أن حالة خلع واحدة من بين ثلاث حالات تطالب الطلاق في المملكة العربية السعودية، وأشاروا إلى حصول إشكاليات كبيرة في المجتمع السعودي إزاء حصول بعض النساء على الطلاق، وهذا ما أكده البعض من النساء اللاتي عانين أشد المعاناة خلال هذه التجربة.

إنهيارات نفسية
وقالت الاستشارية النفسية الدكتورة عائشة الشهري"هناك العديد من الحالات التي أشرفت على علاجها تعاني من انهيارات نفسية، بسبب ما تتعرض له زوجات بعد معاناة مع زوج أضر بهن وبأبنائهن، ويصدمن بعد اللجوء للمحكمة لطلب الطلاق بواقع مرير يحرمهن حقاً أقره الله لهن في الشريعة، و لا يوجد لدينا نظام واضح لمحاكم الأسرة ".
وأضافت"محاكمنا تعاني من مفارقات عجيبة، فيسمح للرجل أن يطلق زوجته، حتى وإن كانت زوجته ممتازة، بدون أن يبدي أي سبب، بينما الزوجة يجب أن تثبت دوافعها، لدرجة أن بعضهن يعانين من دين العوض، ويتسبب لهن بأمراض نفسية وجسدية ومشكلات اجتماعية، وتأثير سلبي على الأبناء، قد يجرهم لانحرافات متعددة، فالرجل في كل الأحوال لا تعنيه الأم، فبعضهم أخذ الأمر تجارة، يتزوج المرأة لسنوات عدة، ويؤذيها، ويحصل على ما دفع من مهر، إن لم يطلب مبلغا إضافيا، ليعطها حقا لها في الأساس، ويأخذ ثمن حريتها وراحتها، ثم يتزوج بأخرى".
وطالبت الشهري المرأة التي تحصل على الخلع وهي في شبابها أن تتروى وتتأنى في اختيار الزواج الثاني، وتحسن الاختيار، أما إذا كانت كبيرة وفاتها قطار الزواج مرة أخرى، وطلقت في سن متأخرة تكون في مرحلة ردة الفعل، وما يسمى بالصدمة، ولا تريد سوى أن تعيش حياتها باستقرار.
وأشارت إلى أن المرأة ظلمت لقرون طويلة، فإذا أراد الرجل طلاق زوجته واستبدالها بزوجة أخرى، فإنه يبدأ بمساومتها والإضرار بها، حتى تفتدي نفسها بإرجاع مهرها، أو التنازل عن حقوقها مقابل الطلاق أو النفقة، وهذا ظلم.
العنف والعجز الجنسي والإدمان
ويقول رئيس محكمة صامطة منصور بن حمود آل خيرات"المرأة إذا كرهت زوجها لسوء خلقه أو ضعف دينه أو كبره أو ضعفه ونحو ذلك، وخشيت ألا تؤدي حق الله في طاعته، والقيام بواجبه، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه".
وعن العراقيل التي قد تحصل للزوجة عند طلبها المخالعة قال آل خيرات "قد يكون هناك عدم تجاوب من الزوج، أو يتخلف عن الجلسات المحددة، أو ينفي ما تدعيه الزوجة من أشياء فيه بسببها تطالب المخالعة، بقصد الضرر بالزوجة، وهنا يطول أمر الطلب بالخلع، وقد تنتهي القضية بالحكم بمخالعتها بعد استبيان الأمر، بأن ما ذكرته من أسباب للخلع موجود في الزوج ، فلا يكون الزوج راضيا بالحكم، مما يستدعي حسب التعليمات رفع الحكم إلى التمييز".
ويشير آل خيرات إلى أن من الأسباب الشائعة في المجتمع السعودي التي تجعل الزوجة تخالع زوجها العنف والعجز الجنسي والإدمان، كما أن قضايا الخلع تكثر بين النساء العاملات، خاصة إذا تعالت الزوجة على زوجها، فيسبب ذلك الإضرار بها والتضييق عليها، حتى تصبح في موقف لا مخرج لها منه إلا بطلب الخلع من زوجها.
آثار اجتماعية مشتركة
ويقول خالد بن محمد النقية (محاضر في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) إن بقاء الزوجة مع زوج لا تريده لا يخلو من أسباب، وأيا كان السبب، فإن الآثار الاجتماعية واحدة، وتعظم هذه الآثار في حال وجود الأطفال، وبروز جانب العنف الجسدي والنفسي.
ويضيف "قد تتعرض الزوجة لعدة إشكاليات وضغوط تمنعها من المطالبة بحقها، ومنها الفقر وقلة ذات اليد والعوز، فلا تحصل على حقها في المطالبة بالخلع، وتعيش بذلك حياة المرارة والقهر، ويجب في مثل هذه الحالات أن يكون للقضاء دور في الحد من هذه الظاهرة التي تستغل ضعف المرأة، كما أن مثل هذه الحالات المعلقة تنذر بفساد أخلاقي، وانحراف لدى الأطفال، وهو نوع من الظلم الذي لا يرضاه الله سبحانه وتعالى".
وحدة للخدمات الاجتماعية في المحاكم
وأشار النقية إلى أنه من الواجب التفكير الجدي في استحداث وحدة للخدمة الاجتماعية في المحاكم الشرعية، بحيث يكون هناك اختصاصي أو اختصاصية في المحاكم الشرعية المناط بها قضايا الطلاق والأنكحة، وتقوم هذه الوحدة بدراسة هذه الحالات، والبحث عن حلول لها، ثم عرض ما توصلت إليه على القاضي.
وعن أسباب وجود حالات الخلع بين النساء العاملات أكثر من ربات البيوت قال النقية"هناك عدة أسباب لوجود حالات الخلع بين النساء العاملات أكثر، ومنها تقصير الزوجة في حق الزوج والأبناء، وكذلك الخلاف الدائم على الراتب، كما أن ارتفاع مستوى التعليم يجعل المرأة ترى نفسها في مقام مساو للرجل، وموضع الند للند، وهو الأمر الذي يزعج كثيراً من الرجال الأقل تعليما".
تغيير النظرة السلبية
وفي معرض حديثه عن النظرة السلبية التي يرى فيها المجتمع السعودي المرأة قال إن النظرة السلبية هي ثقافة مجتمع، ولا يمكن التغيير إلا من خلال التوعية، والتثقيف الشامل الذي ينطلق من البعد الديني .
ويشير النقية إلى أن هناك آثاراً اجتماعية ونفسية سيئة تترتب على الزوج، بسبب طلب الزوجة الخلع ، منها حرمانه من الأبناء في حال كان له أبناء، والعزلة عن المجتمع ، وأما الآثار النفسية فهي تكمن في الشعور بالنقص والوحدة والاكتئاب وعدم الثقة في النفس.
الخلط بين الخلع والطلاق
من جهته يشير المستشار الشرعي والقانوني الدكتور صادق محمد الجبران إلى مسألة غاية في الأهمية وكثيراً ما يدور حولها اللغط في المحاكم الشرعية وهي الخلط بين الطلاق والخلع، موضحاً أنه إذا تقدمت المرأة لطلب تطليق نفسها من زوجها لعلة إساءة المعاملة والعشرة أو عدم النفقة وما شابه ذلك، فإنه ونتيجة لمماطلة الزوج لإطالة أمد المحاكمة تختم هذه الدعوى بأن تنهى تلك العلاقة الزوجية بالمخالعة دون الطلاق، وهذا ما يعرض حقوق المرأة المتمثلة في النفقة والمؤخر وحضانة الأولاد للضياع، بل يرتب عليها المزيد من الأعباء المالية المتمثلة في البذل لزوجها، حتى تتخلص من كابوس تلك العلاقة، وقال" هنا لابد من التذكير بأن حكمة مشروعية الخلع أن فيه إيجاد مخرج للمرأة في حالة كراهيتها للبقاء مع زوجها كراهية طبيعية غير ناشئة عن سوء معاملة أو عشرة، وبهذا جعلنا المرأة تدفع ثمن تأخير الإجراءات القضائية وطول فترة التقاضي وتراكم القضايا، وهي مسائل لا علاقة للمرأة بها، بل هي ضحية لها".
ويضيف الدكتور الجبران"المشرع المصري مثلاً لجأ إلى الخلع للخروج من مشكلة تراكم القضايا وطول فترة التقاضي، عندما تطلب الزوجة الطلاق ولا تحصل عليه إلا بعد فترة طويلة قد تصل إلى خمس سنوات تتعرض الزوجة خلالها لسلسلة من المتاعب والمعاناة، وبالتالي جاء قانون الأحوال الشخصية الجديد المعروف بقانون الخلع كخطوة لتقصير فترة التقاضي، بحيث تقوم الزوجة برد ما أخذته من الزوج، ويحكم لها القاضي بتطليقها خلعاً".
وقال"لذا لابد من التأكيد على أهمية إنشاء محاكم الأسرة المتخصصة لتسريع عملية التقاضي الأسري، والمزودة بالأخصائيين الاجتماعيين القادرين على المساهمة الفعالة في عملية الإصلاح الأسري، وأن يؤهل القضاة فيها تأهيلاً علمياً وفنياً يجعلهم قادرين على التعاطي بحكمة كبيرة مع هذا الموضوع بالغ الحساسية".


_____________
المصدر :جريدة الوطن

0
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️