ضاع وقتي معهم !!!

عبارة تتردد على ألسنة بعض الأمهات والآباء عن الحزن والأسى على ما مضى من أوقاتهم مع أطفالهم الصغار .
إن الوقت الذي يمضي مع الأطفال ليس وقتا ضائعا , بل هو وقت عامر , حتى ولو لم تكن تلك الساعات قد مضت في الاستفادة والتوجيه , وإنما في اللعب المحض فأنتم حينها تربون ولا تضيعون الوقت عبثا .
إن العملية التربوية تقوم على مشاركة الطفل وقته وتوجيهه وتعليمه في أكله وشربه ونومه ولعبه , فقد أكل صلى الله عليه وسلم مع الصبيان , ولم يحرمهم عطفه وتوجيهه ; كما قال عمرو بن أبي سلمة رضي الله عنه : ( كنت غلاما صغيرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة , فقال صلى الله عليه وسلم : " يا غلام , سم الله , وكل بيمينك , وكل مما يليك ) ولعب صلى الله عليه وسلم مع الحسن والحسين , وكان يحملهما على ظهره ويقول : " الجمل جملكم , ونعم الحمل أنتما " ومر على صبية يرمون بالنبل فوقف عليهم يشجعهم وهو يقول : " ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا " وكان يتسع صدره لحمل أمامة ابنة أبي العاص على ظهره وهو يصلي , فإذا ركع أو سجد وضعها , هل الآباء اللذين لا يريدون أن يصرفوا شيئا من أوقاتهم مع الأطفال يحملون في قلوبهم هما أكبر من هم الرسول صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
أيها الآباء والأمهات .. إن أطفالكم هم استثماركم الحقيقي , وثروتكم الغالية فلا تحرموهم بعضا من وقتكم ولا تعدوه ضائعا , فإنه طريق إلى نفع دائم مستمر لا ينقطع حتى بعد مفارقتكم هذه الدنيا , قال صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية , أو علم ينتفع به , أو ولد صالح يدعو له " .
إن مشاركة الطفل في لعبه ونشاطه بعض الوقت تمنحه الثقة بالنفس والاستقرار العاطفي , والطريقة الصحيحة للتعامل مع الآخرين , وذلك ينعكس بصورة واضحة على سلوكه وأخلاقه واحترامه لوالديه ولمن حوله .

مجلة الأسرة ـ العدد 66