ضوء القمر على وجهها ..

الأدب النبطي والفصيح



على عتبة البنك نام الغلام وأخته يفترشان الرخام البارد ،


ويلتحفان جوا رخاميا في برده وصلابته على جسميهما .


الطفل متكبكب في ثوبه كأنه جسم قطع وركمت اعضاؤه بعضها على بعض ،


و سجيت بثوب ، ورمي الرأس من فوقها فمال على خده .

والفتاة من الهزال كأنها رسم مخطط لامرأة ، بدأها المصور ثم أغفلها إذ لم تعجبه .


كتب الفقر عليها للأعين ما يكتب الذبول على الزهرة : أنها صارت قشا ..........


نائمة في صورة ميتة ، أو ميتة في صورة نائمة ؛ وقد انسكب ضوء القمر على وجهها ،


وبقي وجه أخيها في الظل ؛ كأن في السماء ملكا وجه المصباح إليها وحدها ،


إذ عرف أن الطفل ليس في وجهه علامة هم ؛ وأن في وجهها هي كل همها وهم أخيها .


من أجل أنها أنثى قد خلقت لتلد – خلق لها قلب يحمل الهموم ويلدها ويربيها .


من أجل أنها أعدت للأمومة ، تتألم دائما في الحياة آلاما فيها معنى انفجار الدم .


من أجل أنها هي التي تزيد الوجود ، يزيد هذا الوجود دائما في أحزانها .


و إذا كانت بطبيعتها تقاسي الألم لا يطاق حين تلد فرحتها ، فكيف بها في الحزن .....!


وكان رأس الطفل على صدر أخته ، وقد نام مطمئنا إلى هذا الوجود النسوي ،


الذي لا بد منه لكل طفل مثله .


و نامت هي ويدها مرسلة على أخيها كيد الأم على طفلها .


يا إلهي ! نامت ويدها مستيقظة !


تحت يد الأخت الممدودة ينام الطفل المسكين ، ومن شعوره بهذه اليد ،


خف ثقل الدنيا على قلبه .


لم يبال أن نبذه العالم كله ، مادام يجد في أخته عالم قلبه الصغير ،


وكأنه فرخ من فراخ الطير في عشه المعلق ،


وقد جمع لحمه الغض الأحمر تحت جناح أمه ، فأحس أهنأ السعادة


حين ضيق في نفسه الكون العظيم ، وجعله وجودا من الريش ...........



منقول بتصرف من كتاب مصطفى صادق الرافعي وحي القلم الجزء الأول
13
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ملـ الأحـس ـاس ـكة
يعطيك الف عافيه
عااائشة
عااائشة
ألف شكر على المرور .......
على الموضه
على الموضه
روووووووووووووووووووووووعة
مشكورة يالغلا
عااائشة
عااائشة
الشكر لك يا ذوووق .
ميلاف 20009
ميلاف 20009
الله يعطيك العافية