مضي الحياة الزوجية على وتيرة واحدة، ونسق ثابت يولد الملل والسآمة، حيث لا جديد ينشط النفس، ويجدد المشاعر، بينما لو حدث التجديد والتغيير لانبثقت الآمال بين حين وحين بطيوف عيش جديدة مختلفة أروع وأجمل وأهنأ، لذا سأذكر بعض الأفكار العملية لتجديد المحبة بين الزوجين..
ومن أهم هذه الوسائل..
- الهدية عطر يفوح حبًّا
الهدية بريد الحب، والهدية لو كان لها لسان لقالت: أنا أحبك وأقدرك.والهدية إذا قُدِّمت للمرأة من زوجها لها طعم لذيذ، ومفعول عجيب، ومعنى جميل يفوق بكثير معناها عند الرجل. وهي بداية جيدة لصناعة وقت جميل- وذكرى جميلة فيما بعد- يبهج الطرفين، حيث ينعم المُعطي بنعمة القدرة على العطاء والوفاء وإسعاد حبيبه، وينعم الآخذ بمشاعر الود والحب واللطف والوفاء والتقدير من شريك حياته وحبيبه.
وليُراعى في اختيارها حُسن مناسبتها للطرف الآخر، ووقت تقديمها، وطريقة تقديمها، فإن كل ذلك مما يضاعف تأثيرها ومفعولها في نفس المُهدَى إليه.
فالهدية تمد جسور المحبة للمتهادين، وتزيل الخلاف بين المتخاصمين، ووردة جميلة، أو بطاقة رقيقة: "أحبك في الدنيا وفي الجنة"، لن تكلف شيئًا، ولكن أثرها الجميل يبقى عمرًا طويلاً.
وهذه زوجة كتبت على بطاقة صغيرة ذات شكل جميل لزوجها بجوار سريره مساء: ذهبت اليوم لأشتري لك ساعة، فلم أجد أجمل من الساعة التي عرفتك فيها.
- المشاركة.. المؤالفة والملاطفة
والمقصود هنا كل شيء يصلح فيه مشاركة أحدهما للآخر دون أن يتسبب للآخر في تعطيل أو إفساد لعمله، كأن تشاركه ترتيب حاجياته، أو إعادة تنظيم مكتبته، أو مشاهدة برنامج يحبه، وكذلك يفعل الزوج، فيشاركها أحيانًا في مشاهدة برنامج أو حلقة تحبها، أو صناعة طبق من الطعام أو الحلوى، أو مشاركتها عبء بعض الأعمال المنزلية، على أن يكون ذلك في جو من المرح والمزاح، لا بشعور الكاره المستثقل أو الساخر، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في مهنة أهله، فليس في مساعدة المرأة ما يقدح في رجولة الزوج أو هيبته، وإنما هي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أعظم النبيين، وسيد المتواضعين.
لطف الحوار والإصغاء الجيد
الحوار اللطيف الهادئ من الأشياء القليلة جدًا بين الأزواج، فأغلب الأزواج يميلون إلى استخدام قوامتهم أو سلطتهم في إنهاء أي حوار غير مرغوب به مهما شعرت الزوجة بحاجتها إلى هذا الحوار.
والمرأة تحب الشرح والتفصيل، وأن يتفهم الزوج ما تقوله، بحيث يؤازرها إن كانت بحاجة إلى المؤازرة، أو يؤنسها إن كانت بحاجة للمؤانسة، أو يساعدها في الحل إن كانت في حيرة أو مشكلة، فإذا وجدت ذلك من زوجها فلا شك أنها ستتجدد لديها آمال، وتشعر بسعادة يفيض أثرها عليهما.
وكما أن على الرجل أن يتفهم طبيعة زوجته وحاجاتها ويلبيها، كذلك سوف يشعر الرجل بالتجديد والتغيير إذا وجد من زوجته تفهما للأوقات التي يرغب بالمناقشة فيها، والأوقات التي ستكون المناقشة فيها نوع من الاستفزاز، وأن يجد تغيرًا حقيقيًا يلمسه في المواقف والأفكار يشعر معه بجدوى النقاش وحيويته. ويتجسد هذا في مفاجأة كل طرف للآخر بتغير رأيه ومواقفه حيال بعض المسائل أو العادات أو الأشخاص.
إن سيادة الحوار الهادئ اللطيف بين الأزواج والإصغاء الجيد من أحدهما للآخر وسيلة رائعة لتبديد الملل، والتخلص من رتابة أسلوب الأوامر والنواهي السائد في بعض البيوت، والذي يفضي إلى حالة الخرس الزوجي.
- الكلمة الطيبة أجمل من كل جميل
إن الكلمة الطيبة في حياة الزوجين تنمية لمشاعر الألفة، وتقوية لحبهما، ويكفي في أثر الكلمة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحرا"رواه البخاري، ومهما قلنا من وسائل لتجديد المحبة بين الزوجين سنجد أن الكلمات الحلوة الطيبة التي يقولها أحد الطرفين للآخر هي العامل الأهم والأبرز، فمهما فعل الزوج أو الزوجة من جهد ليسعد أحدهما الآخر، سيبقى كل منهما في ظمأ إلى كلمة أو تعبير طيب يترجم ما في قلبه من ود وحب وتقدير، وحينئذ يرتوي الظمأ، وتنتعش الآمال، وتتجدد الأماني بتكرار الكلمات الحلوة.
- الإطراء والثناء على الجهد يزيل المشقة والعناء
تستطيع الزوجة أن تأسر لبَّ زوجها بالثناء والإطراء، بحيث تشكره فيها على جهوده وتعبه من أجلها، وحسن أخلاقه معها، وكذلك يفعل الرجل، فيثني على أكلة شهية أنفقت فيها الزوجة سحابة نهارها، أو يُطري حسن تنسيقها وترتيبها لأثاث المنزل، أو يثني على جمالها ورقتها وحنانها الفياض، وتلهُّفه عليها دائمًا.
ومِن عجــبٍ أنِّي أحـنُّ إليـهم وأسأل عنهم من لقيتُ وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعــي
- التزين تبادل للاهتمام
أروع أيام الزواج هي أيامه الأولى كما يظن الكثيرون، حيث لا أولاد ولا كثرة أعباء ومتطلبات، وحيث لا شغل للزوجة إلا التزين لزوجها، والاهتمام بطعامه وشرابه. والحق أن هذه الأيام الرائعة سهلة العودة، بل وأروع منها شريطة أن يقرر الزوجان ذلك، بحيث تقرر الزوجة أن لزوجها حقًا لا يُهمل أو يُؤجَّل في التزين له، والاهتمام به، ولا يمكن أن يجور عليه حق الأولاد، ولا حق البيت من نظافة وغسيل وإعداد طعام وما إلى ذلك، وحينئذ ستجد الزوج متعطشًا إلى الرجوع إلى بيته، لأنه يثق بأنه سيجد فيه واحة السعادة والهناء.
وكذلك أن يقرر الزوج أن يخصص جزءًا من وقته لملاطفة زوجته، وتلبية حاجاتها، والاستماع إليها، ومجاذبتها أطراف الحديث، وإدخال السرورعلى نفسها وقلبها بما تيسر من الوسائل، أو بما يبدعه هو بين الحين والحين من وسائل.
إحدى الزوجات انشغل عنها زوجها أسبوعين في أعمال خاصة ضرورية، فوفرت له أجواء إنجاز العمل، وعندما علمت بيوم تسليم هذا العمل، طلبت منه ألا يرتبط بأي موعد مساء هذا اليوم، فوافق، ثم أرسلت الأولاد إلى أختها، ورتبت البيت، واشترت فاكهة، ولبست أجمل ثيابها، فلما عاد مساء وجدها كالعروس بانتظاره، فقضيا ليلة من أجمل الليالي، وحين ذهب للعمل في اليوم الثاني أرسل لها رسالة تقول: ((ليس أجمل من ليلة أمس، إلا اللحظة التي رأيتك فيها يوم الخطبة)).
- رسائل الأشواق..كُلُّنا لها تَوَّاق:
إن كتابة رسالة وحسن اختيار كلماتها، من الأمور التي طالما قرّبت بين المحبين منذ القدم، وما زالت وسيلة فعّالة إلى وقتنا الحالي.
إن إرسال الزوج لزوجته، أو الزوجة لزوجها، رسالة من فترة لأخرى رغم رؤيتهما اليومية لبعضهما البعض من أسباب تعميق المودة، وإشعال جذوة المحبة، ومما يضفي على القلوب الهناء والسعادة.
وقد لا يكون لدى الزوج والزوجة القدرة على إبداع رسائل جديدة كل حين، ولا مانع حينئذ من الاستعانة بالإنترنت، ففيه رسائل كثير جاهزة، وإن كانت أبسط الكلمات عندما تنبع من القلب قادرة على إسعاد الزوج الحبيب، فأغلب الناس يحبون الرسائل النابعة من قلب صاحبها أكثر من الكلمات المقتبسة من الغير مهما كانت جميلة ورقيقة.
إن هذه الرسائل أقل ما تعنيه وتعبر عنه أن أحد الطرفين يفكر في الآخر بحب شديد حمَله ودفعه إلى أن يرسل إليه رسالة مودة وشوق، وأكرم به من معنى لطيف بين الأزواج!!
- لغة العيون..أجمل ما تكون:
إنها لغة لها عند الحبيب شؤون، فهناك معانٍ يعجز اللسان والحركات أحيانًا عن التعبير عنها، فتأتي العين لتقولها في بساطة وسلاسة، وقد يكون الزوجان بموضع لا يستطيعان أن يبوح أحدهما للآخر بمعنى التقدير، أو المؤازرة، أو الثقة، أو عمق نبله، أو حسن تصرفه، فتأتي العين لتقول كل هذه بنظرة، أو يقول كل ذلك ثم يشعر أنه ما وَفَت الكلماتُ ببعض ما يريد، فيرسل إلى زوجته نظرات معبرة تحمل كل ما يريد، ولله در القائل:
فأوحى إليها الطرف أني أحبها
فأثَّر ذاك الوحيُ في وَجَنَاتها
وقول غيره:
وبلغت بعض مآربي إذ حدّثت
عينيَّ في لغة الهوى عيناكِ
- أدب المعاشرة..إشباع وإمتاع:
للمعاشرة بين الزوجين آداب شرعها الإسلام، بحيث تحقق هذه المعاشرة إشباعًا وإمتاعًا للطرفين، ولكن لأسباب كثيرة تعمد كثير من الزوجات إلى إظهار الزهد بها، أو تريد من الزوج أن يقوم بها من الألف إلى الياء، أما هي فمستسلمة مطيعة لا متلذذة ولا كارهة، بل إن بعضهن قد يتهربن منها بأعذار مختلفة.
والذي لا شك فيه أن هذه المتعة أحلها الله للزوجين، والزوج في الغالب لا يسعده ولا يرضيه أن يمارس هذه المعاشرة مع زوجة لا تريدها، حتى إن رضي بذلك في بعض الأوقات، خاصة مع انتشار العُري على الفضائيات والإنترنت، بل لا أبالغ إن قلت: إنه حتى الزوجات اللاتي يرحبن بالعلاقة الجنسية إذا طلبها الزوج لم يَفِينَ بالمطلوب؛ لأن الرجل يحب أن يشعر أحيانًا أن زوجته أيضًا تطلبه وتتشوق إلى لقائه وإمتاعه.
فإذا لم يجد الزوج ذلك مع زوجته فممن يطلبه؟ وإذا لم تجده الزوجة فممن تطلبه؟
إن العلاقة الجنسية الناجحة تستند إلى طرفين هما: الزوج والزوجة، ولو أن الزوجة فعلت المستحيل لإرضاء زوجها دون إرضائه في الفراش، فأشكّ كثيرًا في قدرة هذه الزوجة على الاحتفاظ بعلاقة أسرية صحيحة وجيدة. كذلك الزوج عليه أن يحاول بفطنة وترو أن يمنحها التوعية الدينية الكافية بهذه الأمور، ويعرف سر عدم تجاوبها، ويعالج ذلك بكياسة؛ ليستمتع كلاهما، وتصبح هذه المعاشرة سببًا من أسباب تجدد المحبة والشوق إلى اللقاء.
- التنزه والاسترواح.. إنعاش وانطلاق:
الخروج للتنزه والاسترواح، ورؤية الأشجار والأزهار من الأسباب التي تصرف الهموم، وتجدد النشاط، وتنعش المحبين، وتطلق العنان للأخيلة الشِّعرية، ويا حبذا لو أخذ الزوج بأصابع زوجته بين أصابعه، وشبّه زوجته في نضارتها بالورود، أو عبَّر عن سعادته بالخروج معها، وكذلك تفعل الزوجة، فتعبر عن فخرها به، وابتهاجها بالمشي سويًا وحدهما، وتحتضن ذراعه إلى جانبها كأنها تطلب فيه الأمان والحنان، فلا يلبث ذلك أن يتحول إلى مزيج من المحبة والإيناس والرحمة.
- التغيير في الأجواء والأماكن والظروف:
أحيانا تكون الظروف وأجواء مكان معين مشحونة بالتوتر والقلق والخلافات التي لا ذنب للزوجة أو الزوج فيها، والأفضل في مثل هذه الحالات أن ينتقل الزوجان إلى مكان آخر لعدة أيام- إن أمكن- فهذا يمكن أن يساعدهما كثيرًا في قضاء بعض الأيام الممتعة التي يتقويان بها على استكمال مسيرة الحياة بشكل أفضل، كأنْ يذهبا إلى مصيف مثلاً، أو غير ذلك مما يتيسر لهما بعيدًا عن الأجواء المزعجة والمقلقة.
وطبعًا عليهما في هذه الحالة أن يستثمرا وقتهما جيدًا في الاستمتاع، ولا يصطحبا ما تركاه من هموم وأحزان وقلق معهما.
- اختلاف وسائل التعبير..إبداع وتأنق:
التغيير في وسائل التعبير عن مشاعر الحب وأحاسيسه للزوج/ الزوجة يمثل إبداعًا سيحرص عليه الطرف الأكثر رغبة في التجديد، فإن النفس مجبولة على الملل من التكرار، فلا ينبغي على الرجل أن تكون كلمته الأثيرة هي: "أحبك" طول الوقت- هذا إن كان يقولها أصلاً- ولا يجب أن يكون تعبير الزوجة عن حبها بإعداد الطعام وتنظيف البيت فقط.
إنما يمكن للرجل أن يدخل عليها وهي تعد الطعام فيحتضنها من الخلف حضنًا رقيقًا، أو يباغتها بقبلة بعد عشاء لذيذ، أو يرسل إليها نظرات شوق وهو يجلس بعيدًا عنها قليلاً، أو يهمس في أذنيها بكلمة: "أنا أحبك"، أو "اشتقت إليك كثيرًا"...إلخ.
وتستطيع الزوجة أيضًا أن تنوع وسائل تعبيرها عن حبها للزوج بقُبلة أثناء انشغاله بعمل ما، أو تنتظر عودته من العمل وقد ارتدت أجمل أثوابها وتعطرت، أو تودّعه بقبلة ودعاء عند خروجه إلى العمل...إلخ.
- المفاجآت اللطيفة:
المفاجآت اللطيفة من أكثر الأشياء التي تكسر الملل الزوجي، وتحرك المشاعر الساكنة، ومن ذلك أن يفاجئ الزوج زوجته بدعوتها على العشاء خارج البيت وحدهما، أو يتصل بها من العمل لأمر هام جدًّا، وحين تتلهف لمعرفته يخبرها بأنه اشتاق إليها، ولا يقوى على الصبر حتى ينتهي وقت الدوام، أو يرتب زيارة لمكان أو أشخاص (أقارب أو عائلة صديقة) هي تحبهم جدًّا.
كذلك تستطيع الزوجة أن تفاجئ زوجها بأكلة يحبها جدًا، أو بشراء شيء كان يحتاج إليه لكنه يتكاسل عن شرائه، أو بإنجاز للأولاد في الدراسة نتيجة اهتمام زائد منها، أو صرف الأولاد الصغار قليلاً إلى إحدى القريبات أو الجارات أو الأماكن المأمونة؛ للاستئثار بالزوج منفردة ولو لساعة.
- التخصيص:
التخصيص يعني أن الزوج يخصص لزوجته شيئًا تنفرد به عن سواها من إخوته البنات أو أمه، وكذلك تفعل الزوجة، فهما في بداية العلاقة كان كل منهما يهتم بالآخر اهتمامًا خاصًا، حيث يدخل الزوج البيت فيراها في أحسن صورة، وقد ترتدي له من الملابس ما تنعشه ويثيره، إلا أنه بمرور الزمن تقل الرغبة في إدخال البهجة إلى نفس الطرف الآخر- ربما لكثرة المشاغل ومتطلبات الأطفال وزيادة المسؤوليات..إلخ.
وتجديد اللقاءات الحلوة الأولى يكون بإعادة التخصيص من ارتداء الملابس الجذابة، ووضع الشموع، واستخدام العطور.
إن الزوج يحب أن يجد شيئًا خاصًا ينتظره؛ لأن هذا الشيء يدل على أنه إنسان "خاص"، وله مكانة "خاصة"، ووضع "مميز"، ويتضاعف شعور السعادة إذا استقبلته زوجته بطريقة حلوة فيها جاذبية وفتنة.
وكذلك الحال بالنسبة للرجل، فيعود مرة أخرى ليخصص لزوجته وقتًا أطول، ويتزين لها كما تتزين له، ويبدي سعادته بتلبية أي شيء تطلبه أو يسعدها، ويخصص لها رنة مميزة على هاتفه، واسمًا لدلعها، ومصروفًا خاصًا.
- السفر:
وهذه الوسيلة قد لا تكون متاحة للجميع، لكنها ذات أثر فعّال ومُجرب في تجدد الأشواق، وتحريك المياه الراكدة في حياة الزوجين،
يا منية النّفس ويا مـالــــكي
مُذ غبتِ عنّي لم تنم مقلتي
إن بِنْتِ عن عيني برغمي فقد
سكنتِ في قلبي وفي مهجتي
وهناك مثلٌ يقول: "كثرة الإمساس تفقد الإحساس"، والإنسان أحيانًا لا يدرك قيمة النعمة إلا حينما يُحرَم منها، كالصحيح لا يشعر بفضل سلامة كل عضو وحاسة إلا عندما يُعاني من مرض أو ألم يُصيبه.
ولكن يمكن أن تبقى الزوجة عدة أيام عند أهلها دون خصام أو غضب من الزوج كبديل عن السفر، على أن تتهيأ بعد هذا الغياب لتلبية أشواق الزوج، وتعويضه عن أيام الغياب حسيًّا ومعنويًّا، يقول الشاعر:
لا يعرف الشوق إلا مَن يُكابده
ولا الصَّبابة إلا مَن يُعانيها
ولكن حذارِ من الإكثار من هذه الوسيلة، ولتكن على فترات متباعدة، وليكن الزوج فطنًا مهتديًا بهدي نبيه r في العودة من السفر، فعن جابر رضي الله عنه قال: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ، فَلَمَّا قَفَلْنَا (أي رجعنا) تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ قَطُوفٍ (أي سريع المشي واسع الخطوة) فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا يُعْجِلُكَ؟" قُلْتُ: إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ. قَالَ: "فَبِكْرًا تَزَوَّجْتَ أَمْ ثَيِّبًا". قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ: "فَهَلاّ جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ". قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ فَقَالَ: "أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلاً (أَيْ عِشَاءً) لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ*، وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ*".
وفي الحديث تحضيضٌ وحثٌّ على ملاعبة الزوجة وملاطفتها ومضاحكتها، وتنبيه للرجل أن يعطي زوجته الفرصة أن تأخذ زينتها بعد غيابه، وعدم مفاجأتها بحضورٍ في وقت لم تأخذ استعدادها له، فيراها على حال يكرهه، كما أن فيه تنبيهًا للمرأة إلى التهيؤ للقاء الزوج وأخذ زينتها له فور علمها بقدومه؛ ليكون اللقاء بينهما على ما يرضى الطرفان، ويزيد الألفة والمودة.
- عوضًا عن اللوم والعتاب ابدأ أنت:
قد يبدأ أحد الزوجين بشدِّ قاطرة التجديد، ثم لا يلقى استجابة أو تشجيعًا من الطرف الآخر، بل وربما يجد تثبيطًا له، فلا ينبغي له أن ييئس بسرعة، أو ينزل عن حقه في ذلك، وإنما عليه أن يُغير في أساليبه ويطورها ويحسنها حتى تُؤتي أُكُلها بهجةً وإسعادًا وإمتاعًا، فبعض الأشياء التي نبذل فيها جهدًا لا تظهر ثمرتها فورًا؛ لأنها قد تكون ما زالت في مرحلة الاستنبات وتثبيت الجذور قبل أن تخرج براعمها إلى ظاهر الأرض، فإن تركناها أو أهملناها ضاع ما سبق هدرًا، وإن استمررنا بالرعاية والعناية كنا أول القاطفين لثمرتها.
أقول هذا للزوجة بصفة خاصة؛ لئلا تنتظر البداية من الزوج؛ لأن انشغال الرجل بالإنفاق والمسؤوليات قد يجعله يغفل عن مثل هذه الأمور، ومع ذلك فلا نعفيه من مسؤوليته عن المشاركة والإبداع في التجديد؛ لأن أفضل الرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على ما كان فيه من أعباء جِسام لم يكن يتوانى عن ملاطفة وملاعبة وإسعاد زوجاته، وغير بعيد عن الأذهان مسابقاته مع عائشة، ودعوته لها لرؤية بعض الأحباش يرقصون بحرابهم، وغير ذلك من هديه r.
وأخيرًا، فإن حديث الزوجين عن التجديد في الحياة الزوجية، وإنعاشها بما يضاعف سعادتها، ويطلق بهجتها حديث شيق، تحن له الأرواح وترتاح، إذ عبير الأفراح منه يفوح، خاصة إذا كان الطرف المتحدث (الزوج أو الزوجة التي تعرض أفكارًا عن التجديد) قد تهيَّأ وتجهز ببعض الأفكار السهلة غير المكلفة- دون اتهامات للطرف الآخر بالتقصير أو الإهمال- من أجل مزيد من السعادة والمحبة.
يُسهّل هذا الأمر أن يتذكر الزوجان أن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، فما بالنا وهذا المسلم هو الزوج أو الزوجة الصالحة؟!
"
"
"
"
"
"
مما راق لي وأحببت أن تشاركوني قرآته...

سهر15 @shr15_1
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.


سهر15
•
الماالك الحزين :
لا يمكنك مشاهدة هذا التعليق لانتهاكه شروط الاستخدام.
هههههه
ياعمري عليك
اذا كنتي مشتاقة راح يبان على عيونك ويحس فيك اذا كانت النظرة صادقة..:35:
الله يسعدك حبيبتي تسلمي ع المرور اللزيز..
ياعمري عليك
اذا كنتي مشتاقة راح يبان على عيونك ويحس فيك اذا كانت النظرة صادقة..:35:
الله يسعدك حبيبتي تسلمي ع المرور اللزيز..


كورية 19
•
جزاك الله خير
سبحان الله و بحمده
سبحان الله العظيم
يارب تفرج همي و هم المسلمين
اامين
اامين
اامين
سبحان الله و بحمده
سبحان الله العظيم
يارب تفرج همي و هم المسلمين
اامين
اامين
اامين
الصفحة الأخيرة
يعطيكم العافية..