فيضٌ وعِطرْ

فيضٌ وعِطرْ @fyd_oaatr

فريق الإدارة والمحتوى

~ طَريقُ الصَّبر ~ ۩۞۩ حـــمــلـة ... " وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ " ۩۞۩

الأدب النبطي والفصيح


WIDTH=949 HEIGHT=500


إن للصبر ألوان

وله مقتضيات ..

هنالك الصبر في العمل

والصبر في الجهاد

والصبر في الدعوة

وصبر على البأساء والضراء

وصبر على جهالة الناس

وجرعات الصبر اليومية للمرأة المبتلاة في بيتها

وتتعدد الوجوه ..!

وكل ألوان الصبر يجب أن تكون ابتغاء وجه الله

لاخوفاً من قول : جزع

ولا تجملاً لقول : صبر

ولا رجاء في نفع من وراءه

ولا دفعاً لضر يأتي من نفاذه

هو صبر التسليم لقضاء الله ولمشيئته

والرضا بما قسم

مع عدم الاستسلام لليأس

أو الكلل من الدعاء

أو القنوط من رحمة الله ..!


{* لوحة طريق الصبر *}

كان يطوي البيداء مثقل القلب ، ينوء بحملين : أحدهما أثقل ظهره ، والآخر جثم على صدره ..

وكان يجر خطو المتعب الواني .. في درب المصير .. لايملك تبديل المسير ..!

الطريق يمتد ... ويمتد .. وأينما جال بصره ليلتمس النهاية .. ارتد إليه بصره حسيراً...!يالهذا القيظ ..!

يشرب من الخلايا الندية في جسده ليحيلها إلى أفواه ظامئة .. كقرب ماء خاوية..!

وشمس القيظ لاتبالي بالأقدام المثقلة تحت هجير أنفاسها.. وتظل تعتلي منازلها حتى تتربع على عرش الظهيرة في وسط السماء..!

تتحدى كل نسمة أن تصمد في براريها المقفرة التي تذيب كل عرق حي ..!

تلوح له أحيانا من بعيد شجرة قفر سقيمة الأغصان فتدب الحياة في قدميه المتعبتان فتسابقانه ليريح لهاث أنفاسه تحت ظلها الفقير ..!

ثم لايلبث أن يواصل طريقه المرسوم وفي قلبه إيمان وأمل يهمسانه أن لهذا الدرب المزروع بشوك الصبر نهاية وأن الفرج لابدّ آتٍ ...!.

يتوقف قليلاً في حدود المسافات رافعاًبصره وكفيه بالدعاء، ملتمساً العون من رب السماء .. متزوداً بشحنة من الإيمان ..!ثم يواصل السير ..في سفره مع الصبر ..!

ولا تسل كم من آلٍ خادعٍ تراءى لعينيه حسبه صدره الظمآن ماء حتى إذا أدركه لم يجده شيئا..!

- وتمضي الأيام متجسدةً في هذا المشهد المفتقر إلى انتعاشة الحياة في قلب كل من ابتلي ولبس الصبر رداءً ، واتخذ الإيمان سلاحاً..!-

حتى إذا أوشكت حبال الجَلَدِ أن تتقطع والصبر أن يبلغ مداه أطلق عقال مابقي من أنفاسه المتربة في وادي طريقه الموحش : لاإله إلا أنت سبحانك ! أدركني ..!

فترددت الأصداء من كل رئة في الفلاة : لاإله إلا أنت سبحانك ! ادركني..!

واخضلت المآقي المطفأة اليابسة بالدموع من نبع القلب المنهك المستوحد ، وارتجفت ذراعاه الواهنتان وهي تفتح كف الدعاء ارتجافة الرمق الأخير ..

وانهار الجسد المتعب في مكانه مستسلماً للقضاء .. ولم يكف لسانه عن الدعاء ونطق شهادة العبور للضفة الأخرى ..!

وقبل أن يغيب عن وجوده أحس بطفح من السلام يسرب في عروقه ، وحيثما يسري

تتفتح زهرة وتنبت عشبة ويخضل عرق وتزرع نجمة وتتلاشى مرارة الصبر وتزهر

حلاوة اليقين وتينع سنبلة أمل..وتمتم وهو في اختلاجته( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )....!

وهبت نسمة عليلة مثقلة بروح المسك ..!دغدغت حواسه وتشربت مسامه

فتدفقت في جسده كله.. راحة عجيبة..!!

وتمر الأيام على صحراء الصبر ..!

ولا تزال الرياح مزمجرة

والهجير مشرعاً أبوابه

في انتظارالقادم الجديد ...!

وحين يضمه طريق الصبر

قد يشهد النهاية هنا

وقد يشهدها هناك ..!

إن الحياة لاتستقر بنا على حال ! وهذا ديدنهاوطبيعتها ، ولكننالانفتقر إلى السلاح الذي نواجه به هذه التقلبات..!

فلنا في كل موقف آلة دفاع مختلفة . نحن كمن يواجه عدواً يتربص به ويدرك أنه يكمن له ، فيكون على حذر منه يعالجه بسلاح المكان الذي يفجؤه منه..

وهكذا مفاجآت الحياة لنا !..يتحتم علينا أن نكون على أهبة الاستعداد لها لئلا تخلف لنا جرحاً بليغاً يترك ندبة لاتندمل !

ولا شيء أقوى من سلاح الصبر للمؤمن يواجه به الابتلاءات ، وما تجره من معاناة !.

إن الذي يجبر على رفع الصخور الثقيلة ونقلها من مكان الى آخر تكل ذراعاه بعد حين ، ويحتاج إلى راحة طويلةٍ تمتص إرهاق جسده ..!.

فكيف بمن يحمل جبال الصبر جاثمة على صدره ؟!

هنا يكون في أشد الحاجة إلى يد حانية ترفعها عنه . .ولكن !

هل كل مبتلى يمتلك تلك اليد الحانية التي تكون عوناً في مواجهة الصبر ؟!

قطعاً لا ! فكثيراً مايكون أقرب الناس ممن زرعوا له طريق السعادة هم الذين وضعوا في طريقه أشواك الصبر ..!

ولكن المؤمن لايضيع في امتحان الصبر !

إنه مطمئن لتلك اليد الخفية التي تمنحه جرعات القوة ..و ترش قلبه بالسلام ، وتغمره

باليقين ، وتزرعه ببذور الأمل في هطول يوم الفرج..!

هنا يضيء كهف القلب .. ويغدو للصبر معنىً آخر ..!

معنى يربطه بما وراء هذه الحياة من ثمرات بساتين النعيم الخالدة ...!

تلك هي يد الله الحانية .. يد الرحمة الممتدة للغريق في بحار الصبر تمسح على قلبه

وتخفف ثقل جبال الهم الجاثمة عليه ، وتحيل مرارة صبره إلى حلاوة حين يؤمن

في شدة المحنة أن هذا الابتلاء تمحيص لمعدنه ، وصقلاً لروحه ، وامتحان قرب له من الله.. !

إن يد الله تعالى تمتد إلينا دائماً و تدركنا ماامتدت أكف الاستغاثة والرجاء والدعاء، ترفعنا من لجة الغريق الى أمان الشاطيء

حيث يعطي الصبر الذي كان أُكُله ...

وتستكين الراحة في الصدر المتعب وتفرش ساحته زهور الإيمان التي نمت شكراً للصابر وبشارة له في عالم أنس وسرور لاصخب فيه ولا نصب ...

إنما قيلاً سلاماً سلاما...

وكما يتخلص المريض بالحمى من سموم جسمه بالتعرق ...

كذلك يتحرر الصابر المؤمن المستكين لأمر الله من ذنوبه حين تخرج سموم روحه من مسام صبره ..!

وما ذلك إلا لمن آمن بقدر الله وألقى عنده مقاليده..!

والتجأ إلى حصنه التجاء المنقطع الذليل..!

وسأله سؤال الذي لا يرجو إلا إياه ...!

اللهم افرغ علينا صبراً .. وتوفنا مسلمين .. وألحقنا بالصالحين..

والحمد لله رب العالمين !.




26
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نعمة ام احمد
نعمة ام احمد
ما شالله
لا أملك هنا سوى ان أُسجل إعجابي بهذه اللوحة الفريدة ...
انه أشبه بالبحث الشامل لموضوع الحملة .. لله درك يافيض روعة قلمك أخيتي أذهلتني...
تغريد حائل
تغريد حائل
"ماشاء الله"
كلمات خُطت بماء الذهب، ونسجت من نور..!
حروف فلسفية سامية... من سماتها رسم الصبر في إيطار الاحتساب.
ارتشفنا معاني الصبر من سلسبيل الحمد والشكر لله..!
وعبرنا شطآن الطمانية من ضفة الإيمان بالقضاء والقدر.
سلمت أناملكِ "فيضي" فالابداع من فكركِ كان.!
حماكِ الله يا"رفيقة" حروف الضاد!
أم رسولي...
أم رسولي...
غاليتي .. فيض وعطر
مشاركة فريدة من نوعها شملت وأوجزت معاني الصبر وماله وعليه
لله در قلمك كم هو رائع مازال في جعبته الكثير فلا تحرمينا منه
زادك الله من فضله ورزقك الفردوس الأعلى
دمت بخير وسعادة
سعادتـي بصبــــري


غاليتي..فيضٌ وعِطرْ
كلماتك وتسطيرك لها رائعة
والأروع انها بما خطتها يُمناك
سائلةً المولى ان يجعلها في ميزان حسناتك
جسدتي لنا الصبر في نواحي عديدة بقلمك المبدع
هنيئاً لعالمنا أمثالك موضوع اخذ مجهود رائع وكتابة رائعة :)


وطني أجمل
وطني أجمل
سلمت أنــــــــاملك ....