قال الحق تبارك وتعالى:
( طسم* تلك آيات الكتاب المبين* نتلو عليك من نبأموسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنــون* ان
فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يدْبح أبناءهم ويستحيـــي
نساءهم انه كان من المفسدين* ونريد أن نمن على الدْين استضعفوا في الارض ونجعـلهم أئمة
ونجعلهم الوارثين* ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يحدْرون)
سورة القصص0
(طسم*تلك آيات الكتاب المبين) من تلك الحروف المعتادة يتكون دلك الكتاب المبين( القرآن) وهو
الموضح لكل شيء، وبتلك الحروف(نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون) فتلكم
هي الحكاية الصادقة حقا، ولا يعرفها ويستفيد منها سوى المؤمنين، فهم الدين تهديهم آيات اللــه
وتبصرهم الامثال الواردة في كتاب الله، اما غير المؤمنين فلا تزيدهم الامثال الا استغلالا في الفهم
وبعدا عن الحق00 ثم تشرح الآيات للمؤمنين حقيقة فرعون وطبيعة حكمه0
1) (ان فرعون علا في الارض) فهو طاغية متجبر0
2) (وجعل أهلها شيعا) أي طوائف وأحزابا 00 ولعلنا نسأل، هل سبق فرعون الاستعمار الحديث
وطغاة الشعوب في سياسة (فرق تسد)؟ وهي تلك التي تبث الفرقة بين الناس في المجتمع الواحد
وتثير بينهم المنازعات فيسهل التحكم فيهم والسيطرة عليهم، لقد فرق فرعون بين الناس، ولولا
تفتيت وحدة الشعب ما استتب له الامر0
3)( يستضعف طائفة منهم يدْبح أبناءهم ويستحيي نساءهم) فهدا الطاغية لم يكتف بأن جعل الناس
شيعا وفرقا متباينة وانما عمد الى احدى تلك الفرق، وبدأ بها لضعفها فنكل بها وانزل بها أشد
العداب00 ولا اشد من تدبيح الابناء فيتعرض دلك الفريق للهوان والانقراض(ويستحيـــي
نساءهم) فيظل بدلك الوجه الحزين ماثلا ينبيء عن بطش فرعون ويهدد كل من تسول له نفسه
بالخروج عليه00 انه الارهاب الدي استند اليه فرعون لتثبيت ملكه، انه يبطش بالمستضعفين
فيتوارى الاقوياء0
4) (انه كان من المفسدين) فقد كان بطشه وعلوه من اجل الافساد، لم يكن قويا في حق أو غيورا
على واجب00 وانما كان جبارا في الباطل0
وفي غمرة هدا الطغيان يكتب الله النصر للمستضعفين امام جبروت الطاغية(ونريد ان نمن على
الدْين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) وبفضل الله يصير المستضعفون
في أئمة ويصبح المستدْلون وارثين، أما الجبارون فان الصغار والهوان يصيبهم، ويقع عليهـم
ما حادْروه( ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحدْرون) فلا يفيد دْبح الابناء ولا
استحياء النساء في نجاة فرعون من قدره0
وفي هدا دليل وبرهان الى كل مؤمن مخلص أن قانون الايمان لا يغلــــب والمتمسك بايمانه لا يمكن أن يقهره بطش أو سلطان، وفي هدا ما يدفع الدعاة الى الحـــق الى التمسك بيقينهم وعدم المساومة على ايمانهم، ان الآيات دعوة لكل مؤمن أن يكون كامــل الايمان قوي العزيمة مهما لاقى من صعوبات ومؤامرات فهده وان بدت في الظاهر قوية وحشية فانــها تنهار في النهاية أمام قوة الايمان، ويتحول المؤمنون الى وارثين00 الى أئمة يمسكون بزمام العالم الى الخير والاستقرار0
قال تعالى:
( واد نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العداب يدْبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي دْلكم
بلاء من ربكم عظيم* وادْ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون)
سورة البقرة آية249 0
تعرض بنو اسرائيل لبلاء عظيم، انه محنة حيث سلط عليهم فرعون يجتث دريتهم ويستعبد نساءهم
ولكن الله انجاهم بفضل اتباعهم لموسى ففرق بهم البحـر وأغرق عدوهم ، وهم ينظرون اليه فشفى بدلك قلوبهم وأدهب غيظهم حين أراهم عدوهم يبتلعه اليم هو ومن
معه0
************************** وللحديث بقية00
المرجع كتاب( الفرعونية كما صورها القرآن الكريم) ل محمد عبد الرحمن السيدعوض0
الشموسة @alshmos
عضوة نشيطة
هذا الموضوع مغلق.
أم يزيد
•
الشموسة :حكمت مصر في العصور الغابرة حكما فرديا متسلطا، وقد ساعد على دلك أن المصريين قد عانوا من فراغ روحي حيث حلت الوثنية في ديارهم وكان من مظاهرها أن عبدوا ملوكهم، وكانت هده العبودية مدعاة الى طغيان الملوك، ومن هنا اشتهر الفراعنة- على الصعيد الانساني- حتى صاروا رمزا للطغيان0 وكانت قمة طغيانهم هي موقف أحدهم من رسالة موسى عليه السلام، وقد اشتهر هدا الفرعون حتى صار وكأنه الاوحد في نوعه، وأصبح فرعون موسى علما على سائر الفراعنة بل ورمزا لكل طغيان0 * ظروف نشأة موسى عليه السلام: استشاط فرعون غضبا لرؤيا رآها، واشتم منها أن ملكه مهدد، والدي هدده انما هو غلام يولد في بني اسرائيل ، أولئك الأدْلاء العبيد الدْين سخرهم فرعون لخدمته ولم يتصور أن يشب الغـــلام الموعود في ظل حكم متمكن متسلط، وقرر فرعون أن يقضي على كل احتمال بالتهديد ودلك بقتل كل اطفال بني اسرائيل، في تلك الفترة المحددة له في الرؤيا0 وأصيب بنو اسرائيل بالهلع، ويحدد القرآن بداية القصة في جزع أم موسى وخوفها عليه الا ان المولى سبحانه وتعالى يوحي اليها أن ترضعه، ثم تضعه في صندوق ثم تلقيه في الماء، ليأخده آل فرعون0 قال تعالى:( واصبح فؤاد ام موسى فارغا ان كادت لتبدي به لولا ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين) سورة القصص 10 والآية تشير الى جانب من جوانب الخطورة على الطفل الا وهو فزع ام موسى مما كان سيضع الطفل في خطر، وينجو الطفل- بفضل الله- وتوسلت زوجة فرعون ان يدع لها الطفل(عسى ان ينفعنا أو نتخدْه ولدا) وكان اول درس قدمه المولى سبحانه وتعالى للطغاة في تدبيرهم مهما بلغ من الدقة والاحكام فانه قد يكون سببا في هلاكهم وهم لا يشعرون، ان حسابات الطاغية تخطيء مهما كانت دقيقة00 وهدا دليل على ان الله تعالى يخلق اسباب النجاة من مظاهر الهلكة0 وهكدا عاش موسى في ظل فرعون وفي كنفه، ثم تشاء الظروف أن تكشف لفرعون خطورة موسى، ويشعر فرعون انه قد ربى الخطر في قصره ولكن بعد فوات الاوان0 ودخل موسى المدينة ربما وقت القيلولة00 قال تعالى: ( على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هدا من شيعته وهدا من عدوه فاستغاثه الدي من شيعته على الدي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه) سورة القصص 15 هدا اول الصدام، انتصار لواحد من بني جنسه، وتشجيع الاسرائيلي 00 وشاع خبر موسى حتى وصل الى القصر الدي فكر جديا في التخلص منه قبل ان يستفحل أمره ويستعصي على العلاج00 وقد مر فرعون على هدا الدرس مرورا عميا فلم يلتفت الى معنى انقاد موسى رغم قتل اطفال بني اسرائيل جميعهم تقريبا، كما لم يحاول ان ينظر الى شعبه والصراع الدائر بين طوائفه، وكان كل مافكر فيه ان يتخلص من موسى ودار التدبير لقتل موسى، ويأتي الندير الى موسى( وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال ياموسى ان الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج اني لك من الناصحين) ولم يضيع موسى الوقت بل سارع بالخروج الى ارض مدين استضافه شيخها وزوجه احدى ابنتيه كما حكى القرآن الكريم0 وانتهت المدة التي تعاقد عليها موسى مع الشيخ مقابل تزويجه ابنته00 وفي طريق العودة الى مصر كانت العناية الالهية تنتظر موسى في سيناء0 قال تعالى: ( وهل اتاك حديث موسى* ادْ رأى نارا فقال لاهله امكثوا اني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس او اجد على النار هدى* فلما آتاها نودي يا موسى* اني أنا ربك فاخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى* وانا اخترتك فاستمع لما يوحى * انني انا الله لا اله الاأنا فاعبدني واقم الصلاة لدكري* ان الساعة آتية أكاد اخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى* فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى وما تلك بيمينك يا موسى* قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى* قال ألقها يا موسى* فألقاها فادا هي حية تسعى* قال خدها ولا تخـــف سنعيدها سيرتها الاولى* واضمم يدك الى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى لنريك من آياتنا الكبرى) سورة طه0 والآيات تحكي عودة موسى، ويبدو ان المطاردة له قد خفت او ربما انتهت00 ومن المعروف ان موسى خرج من مصر خائفا يرتقب وفر بنفسه من بطش فرعون واما امن على نفسه عاد 00 وفي طريق العودة تستوقفه العناية الالهية لتلقي اليه بالتكليف000 ***************************** وللحديث بقية 0000 المرجع كتاب( الفرعونية كما صورها القرآن الكريم) ل محمد عبد الرحمن السيد عوضحكمت مصر في العصور الغابرة حكما فرديا متسلطا، وقد ساعد على دلك أن المصريين قد عانوا من فراغ روحي...
جزاك الله الف خير اختي الفقيرة لله موضوعك اكتر من ممتاز ونحن في انتظار بقة الموضوع وفقك الله
الشموسة
•
وينقلب موسى بالقيادة الى الله00 فلقد اختاره ربه ليندْر فرعون ويأتي التكليف في قوله تعالى:
( وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى) واستمع موسى عليه السلام لما يوحى اليه من ربه فادْا به يتلقي
يقينا، وتكليفا واعجازا00
فالله سبحانه لا شريك له قادر وحده على ان يحيي الموتى، وهاهي دْي عصا موسى أوضح دليل ملموس، حيث تبدلت حالتها وخرجت عن طبيعتها من عصا جامدة يابسة الى حية تسعى، ومن خشب ميت الى كائن حي يتحرك ويعيش ثم يرتد الى حالته الاولى00 والله سبحانه فعال لما يريد
( ان الدي احياها لمحيي الموتى انه على كل شيء قدير) سورة فصلت 39
وتاتي معجزة اليد التي تتحول عن لونها وتتبدل الوانها00 وبعد كل دلك يأتي التكليف لموسى بالدْهاب الى فرعون رأسا- ليندْره00
قال تعالى:
( فلما قضى موسى الاجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا اني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جدْوة من النار لعلكم تصطلون* فلما أتاها نودي من شاطيء الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى اني أنا الله رب العالمين* وأن الق عصاك فلما
رأها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف انك من الآمنين* اسلك يدك
في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم اليك جناحك من الرهب فدْانك برهانان من ربك
الى فرعون وملئه انهم كانوا قوما فاسقين * قال رب اني قتلت نفسا فأخاف أن يقتلون* وأخي
هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني اني أخاف أن يكدْبون* قال سنشد عضدك
بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون) القصص 29 00
وتتحدث بداية هده الايات عن رحلة العودة وماحدث فيها كما هو واضح في الايات00 ثم ياتيه
التكليف بالتعامل مع فرعون وملئه أى حاشيته وانصاره فلقد اشتهروا بالفسق00 فهم خارجين عن
كل عرف وقانون ايماني00
وقد يقال ان المصريين ليسوا مقصودين جميعا بقوم فرعون، والحاشية هم قومه او ملؤه ولكن لادليل على هدا المعنى ولا مانع من ارادة المصريين جميعا فهم قوم فرعون بل وقبولهم بهدا
الظلم وتشجيعهم له، وادا كان المصريون قد رضوا من فرعون ظلمه فليكن الاصلاح من القمة،
وقد طلب المولى سبحانه من موسى أن يعلنها صريحة أمام فرعون(انا رسولا رب العالمين)0
ثم جعلت الآيات رمز الاجابة في مطلب محدد( ان ارسل معنا بني اسرائيل) ادْن فعلى فرعون
أن يدع بني اسرائيل وشأنهم فان رفع يده عنهم فدلك يعني استعداده لان تسير الامور في مجراها
الطبيعي، واعطاء الحقوق السياسية لفئة يعني ان غيرها ستصل اليه حقوقه، وادا ترك فرعون بني اسرائيل وشأنهم فان معنى هدا أنه مستعد أن يضحي بسلطانه او بجزء منه في سبيل مباديء أسمى
من مجرد التسلط والقهر0
ولم يكن من السهل أن يستجيب فرعون ويتنازل عما احتازه من سطوة وسلطان00 ويبدأ الحوار00
قال تعالى:
( قال الم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين* وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين* قال فعلتها ادْن وأنا من الضالين ففرت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني
من المرسلين* وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني اسرائيل* قال فرعون وما رب العالمين*
قال رب السموات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين* قال لمن حوله ألا تستمعون* قال ربكم
ورب آبائكم الاولين* قال ان رسولكم الدْي ارسل اليكم لمجنون* قال رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون* قال لئن اتخدْت الــهــاً غيري لأجعلنك من المسجونين* قال أولو جئتك بشيء مبين* قال فأت به ان كنت من الصادقين* فألقى عصاه فادْا هي ثعبان مبين* ونزع
يده فادْا هي بيضاء للناظرين* قال للملأ حوله ان هدْا لساحر عليم* يريد أن يخرجكم من أرضكم
بسحره فمادْا تأمرون* قالوا أرجه وابعث في المدائن حاشرين* يأتوك بكل سحار عليم)
سورة الشعراء آية 18 وما بعدها0
ويبدأ الحوار بداية تتلائم مع طبيعة فرعون الساطية، فبدأ يدْكره برعايتهم له ويمن عليه بأنهم قاموا
بأمره سنين، فأطعموه ورعوه، في الوقت الدْي قتل فيه كل اترابه00
ثم ينبري موسى عليه السلام فيوضح لفرعون ظلمه وجبروته، لانه يطالبه أن يقبل اليد التي كبلت قومه بالقيود، انه يمن عليه بالتربية ولولا ما عاناه بنو اسرائيل من ظلم تحت ظل حكم فرعون
لتربى موسى في ظل رعاية أسرية كانت أفضل له من حياة القصور التي غاب فيها الحنان والعطف00 ( وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني اسرائيل) انه تساؤل المتألم لحاله 00
ووجد فرعون ان لهجة الملاينة التي يشوبها التهديد لن تصنع شيئا مع الرسولين فهما مقتنعان بقضية جديدة وجادة وموسى يتحدث بثقة وعن لفرعون ان يستشف ما وراءهما بعد ان رأى أنه
لا مناص من الاستماع لقولهما فسأله:
وكان اول ما سأل عنه( وما رب العالمين) وفي هدا السؤال ما يبين جهل فرعون بحقيقة الألوهية
وقصور عقله عن الاحاطة بحقائق الايمان حتى أداه جهله لان ينصب نفسه الهاً كما ستحكي الآيات بعد00 000000
******************************** وللحديث بقية00بادْن الله00
من كتاب ( الفرعونية كما صورها القرآن الكريم)
( وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى) واستمع موسى عليه السلام لما يوحى اليه من ربه فادْا به يتلقي
يقينا، وتكليفا واعجازا00
فالله سبحانه لا شريك له قادر وحده على ان يحيي الموتى، وهاهي دْي عصا موسى أوضح دليل ملموس، حيث تبدلت حالتها وخرجت عن طبيعتها من عصا جامدة يابسة الى حية تسعى، ومن خشب ميت الى كائن حي يتحرك ويعيش ثم يرتد الى حالته الاولى00 والله سبحانه فعال لما يريد
( ان الدي احياها لمحيي الموتى انه على كل شيء قدير) سورة فصلت 39
وتاتي معجزة اليد التي تتحول عن لونها وتتبدل الوانها00 وبعد كل دلك يأتي التكليف لموسى بالدْهاب الى فرعون رأسا- ليندْره00
قال تعالى:
( فلما قضى موسى الاجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا اني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جدْوة من النار لعلكم تصطلون* فلما أتاها نودي من شاطيء الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى اني أنا الله رب العالمين* وأن الق عصاك فلما
رأها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف انك من الآمنين* اسلك يدك
في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم اليك جناحك من الرهب فدْانك برهانان من ربك
الى فرعون وملئه انهم كانوا قوما فاسقين * قال رب اني قتلت نفسا فأخاف أن يقتلون* وأخي
هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني اني أخاف أن يكدْبون* قال سنشد عضدك
بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون) القصص 29 00
وتتحدث بداية هده الايات عن رحلة العودة وماحدث فيها كما هو واضح في الايات00 ثم ياتيه
التكليف بالتعامل مع فرعون وملئه أى حاشيته وانصاره فلقد اشتهروا بالفسق00 فهم خارجين عن
كل عرف وقانون ايماني00
وقد يقال ان المصريين ليسوا مقصودين جميعا بقوم فرعون، والحاشية هم قومه او ملؤه ولكن لادليل على هدا المعنى ولا مانع من ارادة المصريين جميعا فهم قوم فرعون بل وقبولهم بهدا
الظلم وتشجيعهم له، وادا كان المصريون قد رضوا من فرعون ظلمه فليكن الاصلاح من القمة،
وقد طلب المولى سبحانه من موسى أن يعلنها صريحة أمام فرعون(انا رسولا رب العالمين)0
ثم جعلت الآيات رمز الاجابة في مطلب محدد( ان ارسل معنا بني اسرائيل) ادْن فعلى فرعون
أن يدع بني اسرائيل وشأنهم فان رفع يده عنهم فدلك يعني استعداده لان تسير الامور في مجراها
الطبيعي، واعطاء الحقوق السياسية لفئة يعني ان غيرها ستصل اليه حقوقه، وادا ترك فرعون بني اسرائيل وشأنهم فان معنى هدا أنه مستعد أن يضحي بسلطانه او بجزء منه في سبيل مباديء أسمى
من مجرد التسلط والقهر0
ولم يكن من السهل أن يستجيب فرعون ويتنازل عما احتازه من سطوة وسلطان00 ويبدأ الحوار00
قال تعالى:
( قال الم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين* وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين* قال فعلتها ادْن وأنا من الضالين ففرت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني
من المرسلين* وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني اسرائيل* قال فرعون وما رب العالمين*
قال رب السموات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين* قال لمن حوله ألا تستمعون* قال ربكم
ورب آبائكم الاولين* قال ان رسولكم الدْي ارسل اليكم لمجنون* قال رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون* قال لئن اتخدْت الــهــاً غيري لأجعلنك من المسجونين* قال أولو جئتك بشيء مبين* قال فأت به ان كنت من الصادقين* فألقى عصاه فادْا هي ثعبان مبين* ونزع
يده فادْا هي بيضاء للناظرين* قال للملأ حوله ان هدْا لساحر عليم* يريد أن يخرجكم من أرضكم
بسحره فمادْا تأمرون* قالوا أرجه وابعث في المدائن حاشرين* يأتوك بكل سحار عليم)
سورة الشعراء آية 18 وما بعدها0
ويبدأ الحوار بداية تتلائم مع طبيعة فرعون الساطية، فبدأ يدْكره برعايتهم له ويمن عليه بأنهم قاموا
بأمره سنين، فأطعموه ورعوه، في الوقت الدْي قتل فيه كل اترابه00
ثم ينبري موسى عليه السلام فيوضح لفرعون ظلمه وجبروته، لانه يطالبه أن يقبل اليد التي كبلت قومه بالقيود، انه يمن عليه بالتربية ولولا ما عاناه بنو اسرائيل من ظلم تحت ظل حكم فرعون
لتربى موسى في ظل رعاية أسرية كانت أفضل له من حياة القصور التي غاب فيها الحنان والعطف00 ( وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني اسرائيل) انه تساؤل المتألم لحاله 00
ووجد فرعون ان لهجة الملاينة التي يشوبها التهديد لن تصنع شيئا مع الرسولين فهما مقتنعان بقضية جديدة وجادة وموسى يتحدث بثقة وعن لفرعون ان يستشف ما وراءهما بعد ان رأى أنه
لا مناص من الاستماع لقولهما فسأله:
وكان اول ما سأل عنه( وما رب العالمين) وفي هدا السؤال ما يبين جهل فرعون بحقيقة الألوهية
وقصور عقله عن الاحاطة بحقائق الايمان حتى أداه جهله لان ينصب نفسه الهاً كما ستحكي الآيات بعد00 000000
******************************** وللحديث بقية00بادْن الله00
من كتاب ( الفرعونية كما صورها القرآن الكريم)
الشموسة
•
كان اول ما سأل عنه فرعون ( وما رب العالمين) وفي هدْا السؤال ما يبين جهل فرعون بحقيقة الألوهية وقصور عقله عن الاحاطة بحقائق الايمان حتى أداه جهله لان ينصب نفسه الهاً 00
ويجيبه موسى محاولا ان يرتقي به ويشد تفكيره الى ما هو أوسع من ملكه بل اوسع من الارض جميعا فقال له(رب السموات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين) وقوله ان كنتم موقنين يوحي بان الادراك يقوم على اليقين فمن أيقن الحق أدرك ربوبيته وسعة ملكه سبحانه وتعالى، ونظر فرعون مبهوتا مستغربا وقال لمن حوله: ألا تسمعون؟!!!
وحاول موسى أن يزيل دهشتهم فساق اليهم ما هو اقرب الى أفهامهم فقال لهم(ربكم ورب آبائكم الاولين) فهم لم يوجدوا من فراغ ولا يعقل أن تكون آلهتهم متعددة ، يختلف رب جيل والهه عن اله جيل آخر ادْا اختلفت الاجيال اختلافا جدْريا وهو لم يحدث فالانسان هو الانسان في كل زمان، ويلزم من دْلك أن يكون الههم واحداً لا شريك له0
ويضيق فرعون دْرعا بموسى ويتهمه بالجنون فيقول: ( ان رسولكم الدْي أرسل اليكم لمجنون) وفي هدْا الاتهام من فرعون ما يدل على انه ما يزال رهين الوثنية التي اصطنعها سابقوه، والجنون
هو التهمة الابدية التي وجهت للرسل حتى تساءل القرآن:( أتواصوا* بل هم قوم طاغون)الداريات
آية 53
ويلتقط موسى الدليل فيستحث عقولهم على التفكير ان كانوا يعقلون، ودْلك بتوجيههم الى قانون كون يعايشونه ويرتبون كل شئونهم بالنظر اليه قانون الليل والنهار، المشرق والمغرب0
ولم تجد البراهين نفعاً ادْ لم يستوعبها وجدان فرعون وقومه ولم يستطع أن يفهم معنى الالوهية الا في حدود مملكته، ومع الطغيان لا تجدي الحجج والبراهين فمنطق القوة أقوى من كل حجة ولقد قالها فرعون صريحة( لئن اتخدْت الهاً غيري لأجعلنك من المسجونين) وهدْا هو السبيل الدْي يملكه كل طاغية فلا بد أن يقطع كل سبيل على كل خارج، بالقوة والقهر، والطاغية دائماً يحب أن يتعبد
له الناس، فيخضعون لأوامره ويخافون بطشه0
وأمام هدْا الطريق المسدود الدْي سار فيه فرعون أظهر موسى آيات الله، وتسود روح التحدي الجانبين00 فموسى يقف شامخا أمام فرعون والاخير مقتنع أن موسى لا يستطيع أن يفعل شيئاً، ولكن موسى القى عصاه( فادْا هي ثعبان مبين) أي ظاهر الحركات والقسمات لا يشك فيه من يراه، ثم نزع يده أي أخرجها من جيبه( فادْا هي بيضاء للناظرين) وأسقط في يد فرعون وراح يلتمس النصيحة من الملأ حوله وهم حاشيته المقربون، ولكنه قبل أن يلتمس النصيحة حدد لهم الخط الدْي يتعاملون به مع موسى( ان هدْا الساحر عليم) فهو يؤكد لهم هوية موسى الساحر في نظره وفرعون بدْلك يقطع على حاشيته وقومه أي خط للتفكير في اتباع موسى ثم يتبع هدْا بتخويفهم منه، فهو يهددهم بأن يفقدوا مكاسبهم التي حازوها في ظل حكمه لأن موسى(يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره) وهدْا شأن كل طاغية ينحرف عن طريق الحق فهو يضرب على وتر حساس لمن حوله، وليس من السهل أن يفرط الناس في مكاسبهم 0
وبعد كل دْلك يطلب منهم النصيحة وهي بالتأكيد ستكون ضد موسى بعدما أبداه لهم فرعون من تهديدات ومخاوف ولقد ظهر دْلك في ردهم على استشارته، أن يطلبون الابقاء على موسى وهارون وأرجاء البت في أمرهما حتى يبعث المنادين يجمعون السحرة لمنازلة الرسولين، والآيات التاليات تبين اساس الداء عند الطاغية فان ماتحت يده ملك واسع وجيش قوي وسلطان باهر وغير دْلك من مظاهر البطش يجعله أبعد عن الحق وأقرب الى العتو 00
قال تعالى:
(ثم بعثنا من بعدهم موسىوهارون الى فرعون وملئه بآياتنا فاستكبروا وكانوا مجرمين فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا ان هدْا لسحر مبين* قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هدْا؟ ولا يفلح الساحرون) سورة يونس آية75 وما بعدها0
انهم استكبروا ولقد بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف معنى الكبر وهــو
( بطر الحق وغمط الناس) فالمتكبر هو الدْي يرفض الحق ولا ينصاع له ثم هو الى جانب دْلك احتقار الناس وهدا ما وجدناه عند فرعون وقومه فلقد كانوا مجرمين والاجرام مدعاة للاستكبار والتطاول على اصحاب الدعوات الناصعة والرسالات القويمة0
ويعجب موسى من أمرهم قائلا( أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هدْا) والاستفهام يوحي بفرط الدهشة والاستغراب اللدْين أحس بهما موسى ثم يعقب دهشته ببيان لحقيقة الساحر وسحره، فلا يمكن أن يحقق ساحرا خيرا او نجاحا، ولا يمكن أن يقود الى هداية( ولا يفلح الساحرون)0
لقد كان من الصعب على فرعون أن يستوعب درس الرسالة الدْي حملها اليه موسى وهارون00
فمادْا كان تأثير دْلك فيه؟ اننا ننظر اليه الآن وقد اشتدت دقات قلبه واضطربت نفسه خوفا على سلطانه من الضياع فهو أمام منطق عميق وحجة بالغة ثم هو أمام قدرة مادية باهرة، ولقد تحولت العصا حية تسعى واليد الى بيضاء من غير سوء، وهدْا يهدد سلطان فرعون ادْ يمكنه أن يؤلب القلوب ضده ويجمع كلمة الناس حول الرسالة وانتزاع السلطان منه0
لقد ظنه انقلاباً يدبر للاستيلاء على الحكم، والطغاة لا يفرقون بين أمر فيه خير، وآخر يملؤه الشر!! وأبصارهم لا تريم عن عروشهم، مقياس كل شيء عندهم التيجان فلو حامت حولها دْبابة لظنوها تتآمر على استقرارها فوق رءوسهم0
وكان لابد من اظهار عجز موسى وافهامه أنه أجاد بعض الحيل التي يجيدها الكثيرون في المملكة، ولا بد أن يكون فرعون أكثر جمعاً، فلديه الكثير من السحرة المنتشرين في أرجاء بلاده، وكان الموعد المتفق عليه ( يوم الزينة* وأن يحشر الناس ضحى) انه موعد باليوم والساعة00
******************************وللحديث بقية بادْن الله 00
من كتاب( الفرعونية كما صورها القرآن الكريم)0
ويجيبه موسى محاولا ان يرتقي به ويشد تفكيره الى ما هو أوسع من ملكه بل اوسع من الارض جميعا فقال له(رب السموات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين) وقوله ان كنتم موقنين يوحي بان الادراك يقوم على اليقين فمن أيقن الحق أدرك ربوبيته وسعة ملكه سبحانه وتعالى، ونظر فرعون مبهوتا مستغربا وقال لمن حوله: ألا تسمعون؟!!!
وحاول موسى أن يزيل دهشتهم فساق اليهم ما هو اقرب الى أفهامهم فقال لهم(ربكم ورب آبائكم الاولين) فهم لم يوجدوا من فراغ ولا يعقل أن تكون آلهتهم متعددة ، يختلف رب جيل والهه عن اله جيل آخر ادْا اختلفت الاجيال اختلافا جدْريا وهو لم يحدث فالانسان هو الانسان في كل زمان، ويلزم من دْلك أن يكون الههم واحداً لا شريك له0
ويضيق فرعون دْرعا بموسى ويتهمه بالجنون فيقول: ( ان رسولكم الدْي أرسل اليكم لمجنون) وفي هدْا الاتهام من فرعون ما يدل على انه ما يزال رهين الوثنية التي اصطنعها سابقوه، والجنون
هو التهمة الابدية التي وجهت للرسل حتى تساءل القرآن:( أتواصوا* بل هم قوم طاغون)الداريات
آية 53
ويلتقط موسى الدليل فيستحث عقولهم على التفكير ان كانوا يعقلون، ودْلك بتوجيههم الى قانون كون يعايشونه ويرتبون كل شئونهم بالنظر اليه قانون الليل والنهار، المشرق والمغرب0
ولم تجد البراهين نفعاً ادْ لم يستوعبها وجدان فرعون وقومه ولم يستطع أن يفهم معنى الالوهية الا في حدود مملكته، ومع الطغيان لا تجدي الحجج والبراهين فمنطق القوة أقوى من كل حجة ولقد قالها فرعون صريحة( لئن اتخدْت الهاً غيري لأجعلنك من المسجونين) وهدْا هو السبيل الدْي يملكه كل طاغية فلا بد أن يقطع كل سبيل على كل خارج، بالقوة والقهر، والطاغية دائماً يحب أن يتعبد
له الناس، فيخضعون لأوامره ويخافون بطشه0
وأمام هدْا الطريق المسدود الدْي سار فيه فرعون أظهر موسى آيات الله، وتسود روح التحدي الجانبين00 فموسى يقف شامخا أمام فرعون والاخير مقتنع أن موسى لا يستطيع أن يفعل شيئاً، ولكن موسى القى عصاه( فادْا هي ثعبان مبين) أي ظاهر الحركات والقسمات لا يشك فيه من يراه، ثم نزع يده أي أخرجها من جيبه( فادْا هي بيضاء للناظرين) وأسقط في يد فرعون وراح يلتمس النصيحة من الملأ حوله وهم حاشيته المقربون، ولكنه قبل أن يلتمس النصيحة حدد لهم الخط الدْي يتعاملون به مع موسى( ان هدْا الساحر عليم) فهو يؤكد لهم هوية موسى الساحر في نظره وفرعون بدْلك يقطع على حاشيته وقومه أي خط للتفكير في اتباع موسى ثم يتبع هدْا بتخويفهم منه، فهو يهددهم بأن يفقدوا مكاسبهم التي حازوها في ظل حكمه لأن موسى(يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره) وهدْا شأن كل طاغية ينحرف عن طريق الحق فهو يضرب على وتر حساس لمن حوله، وليس من السهل أن يفرط الناس في مكاسبهم 0
وبعد كل دْلك يطلب منهم النصيحة وهي بالتأكيد ستكون ضد موسى بعدما أبداه لهم فرعون من تهديدات ومخاوف ولقد ظهر دْلك في ردهم على استشارته، أن يطلبون الابقاء على موسى وهارون وأرجاء البت في أمرهما حتى يبعث المنادين يجمعون السحرة لمنازلة الرسولين، والآيات التاليات تبين اساس الداء عند الطاغية فان ماتحت يده ملك واسع وجيش قوي وسلطان باهر وغير دْلك من مظاهر البطش يجعله أبعد عن الحق وأقرب الى العتو 00
قال تعالى:
(ثم بعثنا من بعدهم موسىوهارون الى فرعون وملئه بآياتنا فاستكبروا وكانوا مجرمين فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا ان هدْا لسحر مبين* قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هدْا؟ ولا يفلح الساحرون) سورة يونس آية75 وما بعدها0
انهم استكبروا ولقد بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف معنى الكبر وهــو
( بطر الحق وغمط الناس) فالمتكبر هو الدْي يرفض الحق ولا ينصاع له ثم هو الى جانب دْلك احتقار الناس وهدا ما وجدناه عند فرعون وقومه فلقد كانوا مجرمين والاجرام مدعاة للاستكبار والتطاول على اصحاب الدعوات الناصعة والرسالات القويمة0
ويعجب موسى من أمرهم قائلا( أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هدْا) والاستفهام يوحي بفرط الدهشة والاستغراب اللدْين أحس بهما موسى ثم يعقب دهشته ببيان لحقيقة الساحر وسحره، فلا يمكن أن يحقق ساحرا خيرا او نجاحا، ولا يمكن أن يقود الى هداية( ولا يفلح الساحرون)0
لقد كان من الصعب على فرعون أن يستوعب درس الرسالة الدْي حملها اليه موسى وهارون00
فمادْا كان تأثير دْلك فيه؟ اننا ننظر اليه الآن وقد اشتدت دقات قلبه واضطربت نفسه خوفا على سلطانه من الضياع فهو أمام منطق عميق وحجة بالغة ثم هو أمام قدرة مادية باهرة، ولقد تحولت العصا حية تسعى واليد الى بيضاء من غير سوء، وهدْا يهدد سلطان فرعون ادْ يمكنه أن يؤلب القلوب ضده ويجمع كلمة الناس حول الرسالة وانتزاع السلطان منه0
لقد ظنه انقلاباً يدبر للاستيلاء على الحكم، والطغاة لا يفرقون بين أمر فيه خير، وآخر يملؤه الشر!! وأبصارهم لا تريم عن عروشهم، مقياس كل شيء عندهم التيجان فلو حامت حولها دْبابة لظنوها تتآمر على استقرارها فوق رءوسهم0
وكان لابد من اظهار عجز موسى وافهامه أنه أجاد بعض الحيل التي يجيدها الكثيرون في المملكة، ولا بد أن يكون فرعون أكثر جمعاً، فلديه الكثير من السحرة المنتشرين في أرجاء بلاده، وكان الموعد المتفق عليه ( يوم الزينة* وأن يحشر الناس ضحى) انه موعد باليوم والساعة00
******************************وللحديث بقية بادْن الله 00
من كتاب( الفرعونية كما صورها القرآن الكريم)0
الشموسة
•
الشموسة :كان اول ما سأل عنه فرعون ( وما رب العالمين) وفي هدْا السؤال ما يبين جهل فرعون بحقيقة الألوهية وقصور عقله عن الاحاطة بحقائق الايمان حتى أداه جهله لان ينصب نفسه الهاً 00 ويجيبه موسى محاولا ان يرتقي به ويشد تفكيره الى ما هو أوسع من ملكه بل اوسع من الارض جميعا فقال له(رب السموات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين) وقوله ان كنتم موقنين يوحي بان الادراك يقوم على اليقين فمن أيقن الحق أدرك ربوبيته وسعة ملكه سبحانه وتعالى، ونظر فرعون مبهوتا مستغربا وقال لمن حوله: ألا تسمعون؟!!! وحاول موسى أن يزيل دهشتهم فساق اليهم ما هو اقرب الى أفهامهم فقال لهم(ربكم ورب آبائكم الاولين) فهم لم يوجدوا من فراغ ولا يعقل أن تكون آلهتهم متعددة ، يختلف رب جيل والهه عن اله جيل آخر ادْا اختلفت الاجيال اختلافا جدْريا وهو لم يحدث فالانسان هو الانسان في كل زمان، ويلزم من دْلك أن يكون الههم واحداً لا شريك له0 ويضيق فرعون دْرعا بموسى ويتهمه بالجنون فيقول: ( ان رسولكم الدْي أرسل اليكم لمجنون) وفي هدْا الاتهام من فرعون ما يدل على انه ما يزال رهين الوثنية التي اصطنعها سابقوه، والجنون هو التهمة الابدية التي وجهت للرسل حتى تساءل القرآن:( أتواصوا* بل هم قوم طاغون)الداريات آية 53 ويلتقط موسى الدليل فيستحث عقولهم على التفكير ان كانوا يعقلون، ودْلك بتوجيههم الى قانون كون يعايشونه ويرتبون كل شئونهم بالنظر اليه قانون الليل والنهار، المشرق والمغرب0 ولم تجد البراهين نفعاً ادْ لم يستوعبها وجدان فرعون وقومه ولم يستطع أن يفهم معنى الالوهية الا في حدود مملكته، ومع الطغيان لا تجدي الحجج والبراهين فمنطق القوة أقوى من كل حجة ولقد قالها فرعون صريحة( لئن اتخدْت الهاً غيري لأجعلنك من المسجونين) وهدْا هو السبيل الدْي يملكه كل طاغية فلا بد أن يقطع كل سبيل على كل خارج، بالقوة والقهر، والطاغية دائماً يحب أن يتعبد له الناس، فيخضعون لأوامره ويخافون بطشه0 وأمام هدْا الطريق المسدود الدْي سار فيه فرعون أظهر موسى آيات الله، وتسود روح التحدي الجانبين00 فموسى يقف شامخا أمام فرعون والاخير مقتنع أن موسى لا يستطيع أن يفعل شيئاً، ولكن موسى القى عصاه( فادْا هي ثعبان مبين) أي ظاهر الحركات والقسمات لا يشك فيه من يراه، ثم نزع يده أي أخرجها من جيبه( فادْا هي بيضاء للناظرين) وأسقط في يد فرعون وراح يلتمس النصيحة من الملأ حوله وهم حاشيته المقربون، ولكنه قبل أن يلتمس النصيحة حدد لهم الخط الدْي يتعاملون به مع موسى( ان هدْا الساحر عليم) فهو يؤكد لهم هوية موسى الساحر في نظره وفرعون بدْلك يقطع على حاشيته وقومه أي خط للتفكير في اتباع موسى ثم يتبع هدْا بتخويفهم منه، فهو يهددهم بأن يفقدوا مكاسبهم التي حازوها في ظل حكمه لأن موسى(يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره) وهدْا شأن كل طاغية ينحرف عن طريق الحق فهو يضرب على وتر حساس لمن حوله، وليس من السهل أن يفرط الناس في مكاسبهم 0 وبعد كل دْلك يطلب منهم النصيحة وهي بالتأكيد ستكون ضد موسى بعدما أبداه لهم فرعون من تهديدات ومخاوف ولقد ظهر دْلك في ردهم على استشارته، أن يطلبون الابقاء على موسى وهارون وأرجاء البت في أمرهما حتى يبعث المنادين يجمعون السحرة لمنازلة الرسولين، والآيات التاليات تبين اساس الداء عند الطاغية فان ماتحت يده ملك واسع وجيش قوي وسلطان باهر وغير دْلك من مظاهر البطش يجعله أبعد عن الحق وأقرب الى العتو 00 قال تعالى: (ثم بعثنا من بعدهم موسىوهارون الى فرعون وملئه بآياتنا فاستكبروا وكانوا مجرمين فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا ان هدْا لسحر مبين* قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هدْا؟ ولا يفلح الساحرون) سورة يونس آية75 وما بعدها0 انهم استكبروا ولقد بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف معنى الكبر وهــو ( بطر الحق وغمط الناس) فالمتكبر هو الدْي يرفض الحق ولا ينصاع له ثم هو الى جانب دْلك احتقار الناس وهدا ما وجدناه عند فرعون وقومه فلقد كانوا مجرمين والاجرام مدعاة للاستكبار والتطاول على اصحاب الدعوات الناصعة والرسالات القويمة0 ويعجب موسى من أمرهم قائلا( أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هدْا) والاستفهام يوحي بفرط الدهشة والاستغراب اللدْين أحس بهما موسى ثم يعقب دهشته ببيان لحقيقة الساحر وسحره، فلا يمكن أن يحقق ساحرا خيرا او نجاحا، ولا يمكن أن يقود الى هداية( ولا يفلح الساحرون)0 لقد كان من الصعب على فرعون أن يستوعب درس الرسالة الدْي حملها اليه موسى وهارون00 فمادْا كان تأثير دْلك فيه؟ اننا ننظر اليه الآن وقد اشتدت دقات قلبه واضطربت نفسه خوفا على سلطانه من الضياع فهو أمام منطق عميق وحجة بالغة ثم هو أمام قدرة مادية باهرة، ولقد تحولت العصا حية تسعى واليد الى بيضاء من غير سوء، وهدْا يهدد سلطان فرعون ادْ يمكنه أن يؤلب القلوب ضده ويجمع كلمة الناس حول الرسالة وانتزاع السلطان منه0 لقد ظنه انقلاباً يدبر للاستيلاء على الحكم، والطغاة لا يفرقون بين أمر فيه خير، وآخر يملؤه الشر!! وأبصارهم لا تريم عن عروشهم، مقياس كل شيء عندهم التيجان فلو حامت حولها دْبابة لظنوها تتآمر على استقرارها فوق رءوسهم0 وكان لابد من اظهار عجز موسى وافهامه أنه أجاد بعض الحيل التي يجيدها الكثيرون في المملكة، ولا بد أن يكون فرعون أكثر جمعاً، فلديه الكثير من السحرة المنتشرين في أرجاء بلاده، وكان الموعد المتفق عليه ( يوم الزينة* وأن يحشر الناس ضحى) انه موعد باليوم والساعة00 ******************************وللحديث بقية بادْن الله 00 من كتاب( الفرعونية كما صورها القرآن الكريم)0كان اول ما سأل عنه فرعون ( وما رب العالمين) وفي هدْا السؤال ما يبين جهل فرعون بحقيقة الألوهية...
جزاك الله خيرا 00 والبقية قادمة باذن الله0
الصفحة الأخيرة
من فراغ روحي حيث حلت الوثنية في ديارهم وكان من مظاهرها أن عبدوا ملوكهم، وكانت هده العبودية مدعاة الى طغيان الملوك، ومن هنا اشتهر الفراعنة- على الصعيد الانساني- حتى صاروا
رمزا للطغيان0 وكانت قمة طغيانهم هي موقف أحدهم من رسالة موسى عليه السلام، وقد اشتهر هدا الفرعون حتى صار وكأنه الاوحد في نوعه، وأصبح فرعون موسى علما على سائر الفراعنة
بل ورمزا لكل طغيان0
* ظروف نشأة موسى عليه السلام:
استشاط فرعون غضبا لرؤيا رآها، واشتم منها أن ملكه مهدد، والدي هدده انما هو غلام يولد في بني اسرائيل ، أولئك الأدْلاء العبيد الدْين سخرهم فرعون لخدمته ولم يتصور أن يشب الغـــلام الموعود في ظل حكم متمكن متسلط، وقرر فرعون أن يقضي على كل احتمال بالتهديد ودلك بقتل كل اطفال بني اسرائيل، في تلك الفترة المحددة له في الرؤيا0
وأصيب بنو اسرائيل بالهلع، ويحدد القرآن بداية القصة في جزع أم موسى وخوفها عليه الا ان المولى سبحانه وتعالى يوحي اليها أن ترضعه، ثم تضعه في صندوق ثم تلقيه في الماء، ليأخده
آل فرعون0
قال تعالى:( واصبح فؤاد ام موسى فارغا ان كادت لتبدي به لولا ربطنا على قلبها لتكون من
المؤمنين) سورة القصص 10
والآية تشير الى جانب من جوانب الخطورة على الطفل الا وهو فزع ام موسى مما كان سيضع الطفل في خطر، وينجو الطفل- بفضل الله- وتوسلت زوجة فرعون ان يدع لها الطفل(عسى ان ينفعنا أو نتخدْه ولدا) وكان اول درس قدمه المولى سبحانه وتعالى للطغاة في تدبيرهم مهما بلغ من الدقة والاحكام فانه قد يكون سببا في هلاكهم وهم لا يشعرون، ان حسابات الطاغية تخطيء مهما كانت دقيقة00 وهدا دليل على ان الله تعالى يخلق اسباب النجاة من مظاهر الهلكة0
وهكدا عاش موسى في ظل فرعون وفي كنفه، ثم تشاء الظروف أن تكشف لفرعون خطورة موسى، ويشعر فرعون انه قد ربى الخطر في قصره ولكن بعد فوات الاوان0
ودخل موسى المدينة ربما وقت القيلولة00 قال تعالى:
( على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هدا من شيعته وهدا من عدوه فاستغاثه الدي من شيعته على الدي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه) سورة القصص 15
هدا اول الصدام، انتصار لواحد من بني جنسه، وتشجيع الاسرائيلي 00 وشاع خبر موسى حتى وصل الى القصر الدي فكر جديا في التخلص منه قبل ان يستفحل أمره ويستعصي على العلاج00
وقد مر فرعون على هدا الدرس مرورا عميا فلم يلتفت الى معنى انقاد موسى رغم قتل اطفال بني اسرائيل جميعهم تقريبا، كما لم يحاول ان ينظر الى شعبه والصراع الدائر بين طوائفه، وكان كل مافكر فيه ان يتخلص من موسى
ودار التدبير لقتل موسى، ويأتي الندير الى موسى( وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال ياموسى ان الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج اني لك من الناصحين) ولم يضيع موسى الوقت بل سارع بالخروج الى ارض مدين استضافه شيخها وزوجه احدى ابنتيه كما حكى القرآن الكريم0
وانتهت المدة التي تعاقد عليها موسى مع الشيخ مقابل تزويجه ابنته00 وفي طريق العودة الى مصر كانت العناية الالهية تنتظر موسى في سيناء0
قال تعالى:
( وهل اتاك حديث موسى* ادْ رأى نارا فقال لاهله امكثوا اني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس
او اجد على النار هدى* فلما آتاها نودي يا موسى* اني أنا ربك فاخلع نعليك انك بالواد المقدس
طوى* وانا اخترتك فاستمع لما يوحى * انني انا الله لا اله الاأنا فاعبدني واقم الصلاة لدكري*
ان الساعة آتية أكاد اخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى* فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع
هواه فتردى وما تلك بيمينك يا موسى* قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي
فيها مآرب أخرى* قال ألقها يا موسى* فألقاها فادا هي حية تسعى* قال خدها ولا تخـــف
سنعيدها سيرتها الاولى* واضمم يدك الى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى لنريك
من آياتنا الكبرى) سورة طه0
والآيات تحكي عودة موسى، ويبدو ان المطاردة له قد خفت او ربما انتهت00 ومن المعروف ان موسى خرج من مصر خائفا يرتقب وفر بنفسه من بطش فرعون واما امن على نفسه عاد 00
وفي طريق العودة تستوقفه العناية الالهية لتلقي اليه بالتكليف000
***************************** وللحديث بقية 0000
المرجع كتاب( الفرعونية كما صورها القرآن الكريم) ل محمد عبد الرحمن السيد عوض