تــيــمــة

تــيــمــة @tym_1

عضوة فعالة

طفل مطرود ....

الأدب النبطي والفصيح

جلس أمام نافذته المشرعة .. وأطلق العنان لبصره الحاد .. يجول في أرجاء الكون .. ويرى ما خلف السحاب ..

امتدت أمامه الظلمة السادرة الى ما لانهاية .. وقد لمعت فيها النجوم كعيون تحدق النظر في مخلوقات الأرض المختلفة ..

وتوقفت عيناه على هذه الأحداق اللامعة .. وأطال النظر .. فتجلت له شرارات الغضب المتطايرة منها ..

أغاضبة أنت مثلي يا نجوم الليل الهادئة ..
لعمري ان حالك هو حالي .. تغضبين بصمت .. وتتوهجين بنبض الأسى .. ثم تغربين كل يوم .. لتعاودي سهرك الدائم الى أن يرثك الله ..

ثم أرخى جفنيه ليرتطم بصره بالأرض ثانية .. تلك الأرض التي لم تعد صالحة لهناء العيش .. وهل كانت صالحة لذلك من قبل ؟؟

ربما .. لكن ليس لأمثاله .. بل للمتجبرين ممن خلعت عنهم صفات الانسانية .. اذن .. فالحقيقة واحدة .. ليس في أرضنا هذه سعادة لأي انسان .. بل هي مرتع للحيوانات والأنعام ..

شرع يمتطي صهوة خياله ويتنهد في ضيق شديد .. أحس بأن أضلاعه تطبق على قلبه وتطوقه .. لم يعد فيك متسع يا صدري حتى لقلبي الغض .. تحتاج قلبا من حجر ليقاوم ضيقك المتزايد ..

وبدت أمامه أطياف لأطفال في غاية الجمال .. تتألق بنور متعدد الألوان .. وتنطلق منها ضحكات تمزق صمت الليل أشلاء ..

تسللت الابتسامة التي افتقدها زمنا طويلا الى شفتيه .. واستغرق في مراقبة هؤلاء الأطفال الضاحكين بمتعة جمة .. أخذوا يتقافزون هنا وهناك .. والدماء تقطر على جبينهم وثيابهم الفضفاضة .. عجبا لهذا المنظر الغريب .. من هم يا ترى .. ؟؟

لكأنهم يلعبون لعبة المطاردة ... لالا .. ربما هي لعبة الاختفاء .. هذا الاحتمال أقوى .. اذ لايكفون عن الاختفاء ومن ثم الظهور كضوء مصباح كهربي يفتح ثم يغلق ..

فجأة وقف أمام ناظريه طفل لم يتجاوز الرابعة .. حاجبا عنه خيالات رفقاءه .. وهدر بصوت متناغم جميل :

- ما بك يا عم ؟؟ لم تقبع طيلة هذه الساعات تراقبنا ؟؟ أنت تقيد حركتنا وتنغص لهونا .. أترك التفكير بنا وحررنا يا عم ..

اتسعت عينا الرجل في دهش .. ثم قال :
- أنا ؟!
- أجل أنت ..
- ألا تسمحون لي بالعيش في عالمكم الجميل قليلا ؟؟ فقد ضاق بي عالمي ولم يعد به متسع لي ..
- لا .. لا نسمح لك .. أنت خلقت لعالمك .. وما وصل بنا الحال الى ما تراه .. الا بسبب أمثالك ممن يهربون الينا ..
- حالكم يسر .. فلم التذمر ؟؟
- لكننا كنا سعداء حين كنا معكم ....... أنتم طردتمونا من عالمكم .. فكفوا عن التفكير بنا .. أو أثأروا لنا ..

...........

اختفى الطفل .. وترك خلفة سحابة دخان وردية .. فتنهد الرجل .. واستدار موليا النافذة ظهره ..
ليتابع آخر الأنباء ... وطالعته جثة طفل لم يتجاوز الرابعة وقد اندلق دماغه من رأسه وراحت الدماء تتقاطر على جبينه .. وتصلبت عيناه على الشاشة .. تنظر الى الرجل بلا توقف ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6
752

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نــــور
نــــور
قصة مؤثرة يا تيمة
ومحزنة جدآ
وما هي إلا واقعنا المؤلم الذي نعيشه
الفرق بيننا و بين هؤلاء الأبرياء
أنهم قد أصبحوا الآن في الجنة
يحلقون فيها طيورآ خضراء جميلة
أما نحن ...
فما زال أمامنا الكثير
حتى نقطع طريق الصعاب نحو الجنة
وفي النهاية لدي أمنية ...
ليت الرجل يفهم سر تلك النظرة
ليته يفعل شيئآ ليثأر

بورك قلمك الرائع
بحور 217
بحور 217
اكثر ما يفسد على الصغار حياتهم تدخلنا فيها ...

وإن كنا نحسب أننا نحسن صنعا ..

ندخل إلى طهارتهم ونقاء فطرتهم شوائبنا ..

وندخل إلى جمال حياتهم وبراءة طفولتهم توحشنا ..

وندخل إلى روعتهم روعاتنا ...


وليتنا بعد ذلك نفهم نظراتهم أحياء وأمواتا ..

شكرا لك يا تيمة لهذه الرحلة في عالم الطفولة وإن كانت الطفولة المغتالة !!
صباح الضامن
صباح الضامن
ابتدأت بقصتك بواقعية لحاضر مرير ثم ادمجتها برمزية

سكب الواقع مع الرمزية يضفي غرابة على حبك القصة
وكـأنك تهربين من الواقع الأليم لخيال رمزي أكثر إيلاما
لتمعني في إيضاح فكرتك وهي أننا من صنع البؤس والمصائب وقتل البراءة ودفن الأحلام
فنحن لا نملك إلا النظر أو الألم أو التأمل في آلامنا لأي حد أوصلتنا
هل إلى العجز
إلى الفراغ
أم إلى الثأر
لقتل براءة أيامنا ؟؟؟؟؟
تــيــمــة
تــيــمــة
أختي نور ......... ليست المشكلة في فهم النظرة ... فكلنا نفهمها ... ولا في كونها تحرك فينا شيئا .. فلم نصل بعد الى مرحلة تبلد الحس .. لكن المشكلة هي : هل نعي أن ما يحدث بسببنا ؟؟ أم سنظل نلقي باللوم على كواهل الآخرين ؟؟
والى متى ؟؟ حتى يفنى كل الأطفال من العالم الاسلامي ولا يبقى لنا جيل جديد ؟؟

بحور الغالية : نظرت الى الموضوع نظرة مختلفة ومن زاوية أخرى تماما ... لكنها أتت على جرح آخر ... ما زال ينزف .. أشكر لك هذه اللفتة الطيبة ..

صباح الضامن :

كنت أنتظرك ... وتوقعت أن تكوني أولى المشاركات هنا ... لأنني أصبحت أشعر أن هذا هو اختصاصك ..
ولا أخفيك أنني كنت أحاول جذبك باستغلال عنصر الطفولة الذي يفجر احساسك ..

الرمزية باتت تلاحقني أينما ذهبت بقلمي .. لا أدري لماذا ... ربما أصبحت أعيش بعيدا عن واقعي أكثر الأوقات ..

الأولى والثانية واردتان .. بل واقعتان ..

أما الثالثة ................ فأنى لقوم أمثالنا أن يثأروا ....
مهمتنا هي المراقبة ثم البكاء ثم الشجب ..

فاذا جد الجد .. هربنا الى مخابئنا كما تهرب الدجاجات الى الخن ..
نــــور
نــــور
عزيزتي تيمة

اسمحي لي أن أرفض هذه النظرة التشاؤمية لواقعنا

نعم سنثأر ونثأر ونثأر

ولكن لديننا القويم

الخير فيَ و في أمتي إلى يوم الدين ..

افتحي نافذة الأمل ... كي يتسلل إلى خيالك

ولا مانع من الاعتراض على مصائبنا بشيء من التصبر