am iman @am_iman
عضوة نشيطة
طلبتكم
خواتي الغاليات ممكن مساعدة محتاجة احد يساعدني في تحليل رواية "شجن بنت القدر الحزين":44:
12
1K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
am iman
•
هماي انا :حبيبتي .." او ليست لدي خبرهـ في هذا المجال .. باذن الله بيساعدونك الاخوات .. بالتوفيق "حبيبتي .." او ليست لدي خبرهـ في هذا المجال .. باذن الله بيساعدونك الاخوات .. بالتوفيق "
طيب ممكن الخبيرات في الرواية ,, ممكن تصححون لي من ناحية تحليل الرواية
في الساعة العاشرة والنصف مساء، في أحد الأسواق المزدحمة بالناس، وبالتحديد في أحد محلات الذهب، دخل المحل شاب يرتدي (دشداشة) خليجية و(غترة) يغطي بها وجهه مع رأسه، حيث لم يكن يرى منه سوى عينيه. وكان يحمل في يده صندوقا صغيرا، وضعه أمام صاحب المحل حيث قال:
بكم تشتري هذا الذهب؟
فأخذه البائع، ووزنه، وراجع ثمنه بالآلة الحاسبة، ثم أخذ يحدق في الشاب الذي حجب من هيئته وإخفائه ملامح وجهه. ثم قال:
- ثمنه تسعة آلاف وخمسة وثمانية وستون، لا يزيد ولكن، هل لديك أوراق تثبت ملكك لهذا الذهب؟.
- مستحيل أنا اشتريته بثلاثين ألفا تقريبا. وهذه البيانات تثبت صدق كلامي. ومدّ يده إلى أحد جيوبه وأخرج البيانات التي تثبت ملكيته للذهب.
وبعد أن دقق صاحب المحل النظر في هذه البيانات جيدا، قال للشاب:
- لكنني لا أستطيع أن أشتريه بأكثر من ذلك.
- حسنا. أعطني النقود بسرعة لو سمحت.
وفي هذه الأثناء كان في المحل شاب في الثلاثين من عمره، وسيم، طويل ، عريض المنكبين ، ينظر إلى الشاب الصغير ، ويحدث نفسه قائلا:
- ما أغرب هذا الشاب ! ! لماذا يغطي وجهه بحيث لا يرى منه سوى عينيه... ولكن ما هذه العينان؟ لا يمكن أن تكون هاتان العينان عيني رجل؟! ! إنها آية في الجمال. سبحان الخالق المصور!. كما أن صوته أشبه بصوت المرأة أكثر منه إلى صوت الرجل. والله، لولا هذه الملابس لقلت إنه امرأة.
وفجأة يظهر رجال الشرطة، وينتشرون في المحلات، يحدقون في الناس، كأنهم يبحثون عن أحد بينهم.
وبسرعة البرق، يخرج الشاب الصغير وهو يأخذ النقود. يخرج حتى قبل أن يضعها في جيبه. ويرى الشاب الآخر الفزع والخوف اللذيْن ظهرا على وجه الشاب الذي خرج مسرعا من المحل وكأنه يهرب من رجال الشرطة. فيدفعه الفضول للخروج إثره، فيراه وهو يحاول أن يعبر الطريق. فذهب إليه، وتقدم منه، ثم قال له تلقائيا ومن غير أدنى تفكير:
- اركب معي. سأوصلك إلى المكان الذي تريد.
ومن غير تفكير أو تردد، يركب الشاب دون أن ينطق بكلمة واحدة. وعندما خرجت السيارة من ذلك المكان الذي ازدحم برجال الشرطة، أخذ الشاب، صاحب السيارة، يحدث نفسه:
- لماذا اصطحبت معي هذا الشاب؟ ألا يمكن أن يكون لصّا، قد سرق الذهب الذي باعه، وأخذ ثمنه؟ بلى وإلا لم خاف وهرب عند رؤيته رجال الشرطة؟
وفي الوقت نفسه كان الشاب الآخر يحدث نفسه قائلا:
- لماذا ركبت مع هذا الشاب؟ ألا يمكن أن يكون من رجال الشرطة المدنيين؟ أو قد يكون لصّا يطمح في سرقة نقودي؟ وتتوالى الأفكار والمخاوف في رأس كل من الشابين. ولا تتوقف تلك الأفكار، إلا عندما تتوقف السيارة للون الأحمر في إشارة المرور. وتتحرك السيارة لمجرد ظهور اللون الأخضر. وأخيرا، وبعد ذلك الصمت الطويل الذي خيّم على كليهما، ينطق الشاب صاحب السيارة فيقول:
- إلى أين تريد أن أوصلك؟
فيعود الشاب الآخر يحدث نفسه:
- إلى أين أذهب ؟ هل أذهب إلى المطار؟ ولكنهم قد علموا بهروبي، ولا بد أنهم ينتظروني هناك. ماذا أقول له؟ إلى أين يوصلني؟ أين أذهب، يا ربي؟
يا أخ. إلى أين تريد أن أوصلك. لم لزمت الصمت؟
- إلى أي مكان لا يهم.
- أغريب أنت عن هذه المدينة؟
- نعم أنا غريب عن هذه المدينة.
ولكن، لم تقل لي ما اسمك؟
- أنا…. اسمي…. اسمي فهد.
- تشرفنا يا أخ فهد. وأنا اسمي خالد.
ويتابع حديثه قائلا:
- أتعرف أحدا في هذه المدينة؟ ألك بها أقارب؟
- لا
ويحدث الشاب المدعو فهد نفسه:
- ولكن إذا ذهبت إلى أحد الفنادق، هل يكشف أمري؟ ماذا أفعل، يا إلهي ؟
- ها يا أخ فهد، إلى أين ذهبت بتفكيرك؟ أتفكر بالذهاب إلى أحد الفنادق؟
- لا، لا أحب الأماكن المزدحمة بالناس.
- إذن تنام معي في شقتي.
- لا أريد أن أسبب إزعاجا لأسرتك.
- أني أعيش بمفردي. وها نحن وصلنا. وهذه هي العمارة التي بها شقتي. وسوف أكون سعيدا وممنون لوجودك معي. وكما ترى، فنحن في ساعة متأخرة من الليل.
فيعود الشاب فهد يحدث نفسه قائلا:
- كيف أنام في منزل رجل غريب؟ ولكن ليس أمامي سوى هذا الحل. لأذهب معه، وتوكلي على الله.
ونزل خالد، ونزل معه الشاب المدعو فهد. فصعدا بالمصعد، ودخلا شقة صغيرة من حجرتين ومطبخ وصالة فيها أثاث جميل، إلا أنه ليس مرتّبا، والأوراق تملأ الصالة، مع أعواد الكبريت، وبقايا السجائر. والمطبخ لا يبدو فيه شيء نظيف. وكل شيء مبعثر. ويقول خالد محدثا فهدا:
- أسف البيت ليس نظيفا ولا مرتبا، لأنني أقضي معظم النهار خارج البيت، ولا آتي إلى هنا إلا للنوم.
- أن بيتك جميل. ويبدو أنه مريح جدا.
- خذ راحتك، البيت بيتك. ادخل الحمام واستحم، وخذ ما يناسبك من خزانة ملابسي. أما أنا فسأذهب لأعد شيئا لنأكله.
- ليس لي شهية للأكل. لقد تناولت الطعام في مطعم قبل أن أدخل السوق. ولا أرغب إلا في النوم.
- حسنا. تفضل معي لأريك الغرفة التي ستنام فيها.
ودخلا الغرفة، وقد كانت جميلة، إلا أن بعض الغبار قد تراكم على بعض محتوياتها. ثم قال خالد:
- هذه الغرفة لم يدخلها أحد، منذ أن قدم أخي عبدالله لزيارتي، حيث بقى معي أسبوعين ثم رحل.
ويردف قائلا:
- يبدو أنك تعب، سأتركك لتنام. تصبح على خير.
- وأنت من أهل الخير.
ولم ينم الشاب الغريب إلا بعد منتصف الليل، إذ كان مهموما يفكر بنفسه. أما خالد، فقد كان يفكر بهذا الشاب المدعو فهد، ومدى الحزن الذي يبدو جليا في عينيه.
وفي الساعة الثامنة والنصف صباحا، استيقظ الشاب الغريب فهد من نومه، وذهب إلى الحمام ، وعند خروجه منه، رأى خالدا وهو يحضر طعام الفطور، فغطى وجهه بغترته، واقترب منه خالد، فقال:
- صباح الخير.
- صباح النور. كنت أهم أن أوقظك، فالفطور جاهز. باسم الله، تفضل معي. فجلس فهد على المائدة مع خالد، لكنه لم يمس شيئا من الطعام.
وبينما خالد يحتسي شايه كان يحدث نفسه قائلا:
لم لا يرفع هذه الغترة عن وجهه؟
ثم وجّه حديثه إلى فهد قائلا:
لماذا لا تأكل يا فهد، ألا يروق لك هذا الطعام؟
- بلى، إنه طعامي المفضل لكنني... ( ويصمت برهة ثم يعاود حديثه ):
- أنني لم أتعود على تناول فطوري مبكرا.
- حسنا، كما تشاء. والآن يجب أن أذهب، لقد تأخرت عن عملي بالجريدة.
- أأنت صحافي؟
- نعم، كما أنني مرشح لشغل وظيفة رئيس التحرير بالجريدة.
- أخ خالد، إنني أشكرك كثيرا على ضيافتك. لن أنسى معروفك هذا أبدا... فأرجو أن تسمح لي بالانصراف.
- إلى أين؟.
- أريد أن أبحث عن عمل، وعن مكان أعيش فيه.
- ولكن، لم لا تبقى معي حتى تجد العمل والمكان اللذين يناسبانك؟
- لا أريد أن أزعجك أكثر من ذلك.
- لا تقل ذلك، إنك تؤنس وحشتي. فأنا - كما ترى - أعيش وحيدا في هذا المنزل.
- ولكن...
- ولكن ماذا ؟ صحيح أننا لم نلتق إلا منذ إحدى عشرة ساعة، ولكنني - وحقك - أحس أنني أعرفك منذ زمن بعيد جدا.
- إحساسي إحساسك نفسه.
- إذا اتفقنا.
- اتفقنا.
ويخرج خالد وهو يحس بشعور غريب لا يعرف له معنى، ثم يعود في الساعة الواحدة والنصف تقريبا، ويدق الجرس خوفا من أن يزعج ضيفه فهدا. ولكن أين فهد؟ لم لا يفتح الباب؟ فيحدث خالد نفسه:
- ربما يكون خائفا كعادته.
ثم يفتح الباب ويدخل. ولكنه ما لبث أن فغر فاه متعجبا، فكأنه دخل بيت الجيران من فعل ذلك بالمنزل؟ أيعقل أن يكون فهد؟
.. ويخرج فهد من غرفته، بعد أن أطمأن إلى أن الذي دخل ما هو إلا خالد.
ويقابله خالد بابتسامة رقيقة، ثم يخاطبه قائلا:
- قوة.
- قوتك.
- ما هذا؟ لقد ظننت أنني دخلت شقة الجيران.
- هذا أقل من الواجب. أعتقد أنني أشاركك في المنزل حاليا، لذا يجب أن نتعاون.
- حسنا. لنتعاون في تحضير الطعام.
- لقد أعددت مكبوس لحم.
-أنني لن أفرط فيك بسهولة.
-حسنا. اذهب وغير ملابسك، وأنا سأعد المائدة.
- أمرك يا صديقي.
وخلال خمس دقائق يحضر فهد المائدة، وينادي خالدا قائلا:
- خالد الطعام جاهز.
- حسنا، لحظة واحدة.
ثم يخرج خالد ويجلس إلى المائدة، بينما ظل فهد وافقا.
- لم لا تجلس يا فهد؟ ألا تريد أن تتناول الطعام؟
- سآكل فيما بعد.
- ما هذا الكلام، هيّا واخلع هذه الغترة التي تغطي بها وجهك.
- لا لقد تعودتها.
- وأنا لن آكل إلا إذا أكلت معي.
فلا ينطق فهد ببنت شفة، ويلوذ بالصمت.
وبحركة تلقائية يمد خالد يده ليخلع ( الغترة ) فيباغت فهد، ويحاول التمسك بغترته بكل قواه، لكن خالدا يتغلب عليه، فيخلع الغترة ويرميها بعيدا. وبسرعة يغطي فهد وجهه بيديه الاثنتين. فيقول له خالد:
- لا داعي لتغطية وجهك عني. كنت أشك بأنك فتاة، فلم أفاجأ قط. ويقترب منها ويمسك بيديها برفق، ويبعدها عن وجهها. وقد كان لها وجه دائري حنطي اللون، وعينان واسعتان سوداوان، وأنف دقيق، وشفتان رقيقتان، وشعر أسود قد تناثر على كتفيها.
وأومأت الفتاة رأسها إلى الأرض، وظلّت تبكي بحرقة، فخاطبها خالد قائلا:
- لا شيء في هذه الدنيا يستحق دمعة واحدة من هاتين العينين الجميلتين.
ويمد يده ليمسح الدموع من عينها، فتنهره قائلة:
- أرجوك، ابتعد عني.
وتنهض متوجهة إلى الباب، تهم بالخروج، فيركض خالد وراءها ويمسك يدها قائلا:
- إلى أين تريدين الذهاب؟
- هذا ليس من شأنك.
- أنني أراني مسؤولا عنك الآن، ولن أدعك تذهبين.
- لست مسؤولا عني، قد علمت أنني فتاة فأحضرتني إلى هنا، لتنال مني أغراضك الدنيئة، ولكنني سأقتل نفسي قبل أن تلمسني ما كان على أن أثق بك وأطمئن إليك، إنك من جنس الرجال، لا عهد لكم ولا أمان.
- أنا لست ذئبا كما تتصورين، ولكني أخاف أن يجدوك، إذا ما خرجت. وأنت، كما يبدو لي هاربة. فلتطمئني، لن أحاول أن ألمسك أو آذيك. وليس كل الرجال بلا عهد أو أمان.. أرجوك، فكري قليلا في مصيرك. وإذا أصرّيت على الخروج، فلن أمنعك.
- ولكن يصعب على البقاء هنا، بعد أن عرفت أنني فتاة.
- أعاهدك برحمة أمي أنني لن أؤذيك.
- ولكن أن وجدوني عندك فسوف أسبب لك مشاكل، وتدور الدائرة حولك.
- إحساسي يقول لي أنك مظلومة، ويجب أن أساعدك مهما كانت هذه المشاكل.
- لا أريد أن تتحمل المشاكل لأجلي.
- كما قلت لك أنني اعتبرت نفسي مسؤولا عنك، منذ أن رأيتك فاعتبريني أخاك كما أعتبرك أختي.
- إن حدث لك مكروه فلن أسامح نفسي أبدا، وإن خنت عهدك معي فلن أسامحك أبدا.
- اطمئني، فلن أنكث عهدي معك أبدا، والآن هيا اغسلي وجهك. وتعالي لنتناول الطعام، فقد برد.
- لا، لا أرغب في الطعام.
- لا تيأسي من رحمة الله، ما زلت شابة في ريعان شبابك. إن الحياة جميلة، عليك أن تزرعي فيها الأمل، وهذه الأزمة سوف تنتهي بإذن الله.
- لن تنتهي هذه الأزمة إلا بأجلي.
- ما هذا التشاؤم واليأس؟ الأجل لا يعلمه إلا الله، ( ولا تقنطوا من رحمة الله ).
- أستغفر الله العظيم. سامحني يا ربي.
- هكذا أريدك دائما. والآن هيّا نأكل.
وتجلس الفتاة مع خالد ويتناولان الطعام. ثم يخلد كل منهما إلى النوم في غرفته. وفي السادسة والنصف، يستيقظ خالد، ويدخل المطبخ لإعداد الشاي وما أن ينتهي حتى يرى الفتاة تقف في باب المطبخ، فتخاطب خالد قائلة.
- مساء الخير. هل تريد مساعدة؟
- مساء النور. شكرا، كنت أعد الشاي، وها قد أنتهيت. أتريدين شايا بالنعناع أم بالحليب؟
- شكرا، لا أرغب إلا في كوب الماء البارد.
- حسنا، هذا هو الماء، ولكن يجب أن تشربي الشاي بالحليب، ليعيد لوجهك نضارته، ويبعد عنه هذا الشحوب الذي يعتريه.
- حسنا. كما ترى
- تعالي إلى الصالة لنحتسي الشاي، ونتحدث معا قليلا.
ويجلس خالد يحتسي شايه بالنعناع، بينما الفتاة تشرب شايها بالحليب، كما أشارعليها خالد. فيتطلع خالد إلى وجهها، ثم إلى عينيها، وما كادت عيناها تلتقي بعينيه حتى أنزلت رأسها نحو الأرض حياء، فيقول خالد لينقذ الموقف:
- أعتقد أنني ماهر بإعداد الشاي
- أجل، إنه لذيذ.
- أتحدثينني قليلا عن مشكلتك؟
- فتتنهد الفتاة بأسى وحسرة، وتقول:
- مشكلة بل قل نقمة. لعنة. وسلّطت علي.
- عدنا للتشاؤم.
- أرجوك، لا تسمه تشاؤما، إنه واقع حياتي. إنني متفائلة جدا. ولولا ذلك لما رأيتني هنا، فقد هربت طلبا للحياة. هربت لأتحرر من قيود الذل والهوان، ومن زلازل الأحزان، ومن مزيج العذاب، كي أثبت لقدري أنني أقوى منه، وأنني سوف أخلق قدري بنفسي، ولن أعيش بقدري الذي فرض علي، والذي اختلقوه هم علي.
- ياه يبدو كلامك أكبر من سنّك، كأنك في السبعين، أكاد أراك لم تخلقي إلا مع بداية الكون، وتعيشين حتى نهاية الدهر. ولكن ما تعنين بكلمة ( هم )؟
- اعذرني لا أستطيع أن أقول لك الآن أكثر من ذلك أنني لست متأهبة نفسيا لإعادة ذكريات حياتي المريرة.
- كما تشائين، ولكني أردت أن أعرف شيئا من مشكلتك، لكي أستطيع أن أمد لك يد العون.
- أنا فعلا، بحاجة إلى مساعدتك.
- أنا مستعد لأي شيء تطلبينه مني.
- إنني أريد أن تساعدني في السفر، بعيدا عن الإمارات.
- السفر؟ لماذا تريدين السفر؟
- ليس أمامي سوى السفر أو الموت قتلا. وأنا أريد السفر لا الموت.
- ومن سيقتلك؟
- أهلي. والقتل هو أقل شيء سيفعلونه بي.
- ما هذا؟ أنحن في غابة حتى يقتلوك؟ الدنيا فيها عدل وقانون وضبط وربط، وليست كما تصورينها أنت وأهلك؟
- لو أن أهلي يعرفون ذلك لما فارقتهم. إنهم، الآن، لا يطلبون شيئا من الحياة سوى موتي. إنهم يعيشون لأجل قتلي.
- ما هذا الكلام؟ لا أستطيع أن أصدق أن هناك أهلا يفعلون ذلك بابنتهم، حشاشة فؤادهم، وفلذة كبدهم. ما هذه العداوة الغريبة؟ هل أنت تكرهينهم كما يكرهونك؟
- أهلي أنني أحبهم كثيرا، ومستعدة لبذل حياتي رخيصة لأجلهم.
- إذا لماذا يفعلون بك ذلك؟ لا بد أنك فعلت شيئا يستدعي....
فتقاطعه الفتاة ثائرة:
- أرجوك، أرجوك، أنا هربت لأقع في ظلم آخر أنا ما فعلت لهم شيئا. أرجوك صدقني. صدقني أرجوك.
- حسنا.. أصدقك. أصدقك اهدئي، أرجوك ما قصدت أن أظلمك؟
- إنك لا تصدقني.
- بل أصدقك.
- إذا ساعدني في السفر إلى البحرين.
- البحرين، ولماذا البحرين بالذات؟
- صدق لا أدري. ولكن أريد الذهاب للبحرين.
- البحرين بلدي.
- بلدك؟
- إنها بلدي ومسقط رأسي. فيها أهلي و أصدقائي، فيها قضيت طفولتي الجميلة، وذكرياتي الأليمة.
- ذكريات أليمة؟ هل لك ذكريات أليمة أيضا؟
- ومن منا ليس له ذكريات؟ ولكن بعضها أليمة وبعضها سعيدة. إنها صدفة جميلة أن تختاري بلدي بالذات.
- أجل إنها صدفة جميلة حقا.
- وأنا سأساعدك قدر استطاعتي، سواء أوقع اختيارك على البحرين أو غيرها.
- شكرا، شكرا جزيلا.
- لا داعي للشكر. ولكن هل عندك جواز سفر؟
- أجل وعندي نقود أيضا.
- لم أقصد النقود، قصدت جواز السفر.
- ولكن جواز السفر ليس باسمي، إنه ليس لي.
لمن هو إذا؟
- هو جواز سفر امرأة أخرى. ولن آخذ جواز سفري إلى المطار فيكشف أمري، لأن اسمي، بالتأكيد، مدوّن لديهم.
- ولكنهم بالتأكيد سيكشفون أمرك من خلال الصورة أو فارق السن إذا كان ثمة فارق في السن بينك وبينها.
- إن صاحبة الجواز محجبة، لذا ليس فيه صورة لها. أما فيما يتعلق بفارق السن فأستطيع التغلب عليه.
- واضح أنك ذكية جدا. وهكذا لم تُبْقِى لي شيئا لأفعله.
- بل بقي الكثير.
مثل ماذا؟
- عليك أن تقطع التذكرة، وترافقني إلى المطار بصفتك زوجي، أو أخي، أو ابني.
- ابنك؟ حلوة هذي.
وتنفرد شفتاها بابتسامة جميلة رقيقة هادئة، تضيف إلى وجهها جمالا ونضارة، وتنفتح عن أسنان كحبات اللؤلؤ المرصوصة. وتسري إلى جسد خالد كالتيار الكهربائي، فينظر إليها وهو يبادلها الابتسامة هامسا.
- ما أروعك وما أروع هذه الابتسامة، كأنها الدنيا بكل طيّباتها.
- أرجوك، لا أريد أن أسمع منك مثل هذا الكلام مرة أخرى فلا تتجاوز حدودك معي.
- حاضر. أنا آسف.
وتنقضي تلك الليلة، وكل من خالد والفتاة قد اعتزل غرفته، ولاذ بالصمت. وفي الصباح، استيقظ خالد ليجد الفتاة، حضرت الشاي والفطور. ولكنه لا يراها، فيحدث نفسه.
- ربما هي بالغرفة. سأنادي عليها. ولكن كيف أناديها، وأنا لا أعرف اسمها حتى الآن.
ثم يناديها:
- يا فتاة، يا فتاة، يا من اسمك فهد.
لكنه لا يسمع ردا على ندائه، فيتجه صوب غرفتها، ويدق بابها بكل أدب واحترام، فاجأه صوتها من خلف الباب:
- لحظة لو سمحت.
وبعد أن اطمأن لوجودها، عاد أدراجه إلى مائدة الفطور. وما لبثت أن خرجت إليه، فحيته قائلة:
- صباح الخير.
- صباح النور. أرجو أن تتكرمي وتتلطفي وتشاركيني الفطور.
- ولماذا يجب أن أفطر معك؟
- لأنك إن لم تفطري معي، فسأذهب بلا فطور.
- هذا شأنك.
- حسنا. إني ذاهب.
- لحظة، لحظة.
- ماذا؟
- هيا لنفطر معا.
ويجلسان لتناول الفطور. وبعد الانتهاء، يهم خالد بالخروج إلى عمله. وقبل أن يفتح الباب يلتفت إليها قائلا:
- لم تخبريني متى تريدين السفر؟
- في أقرب وقت ممكن.
- إذا احضري جواز السفر لكي أحجز لك التذكرة.
- انتظري لحظة. من فضلك.
وتغيب الفتاة بضع دقائق. وتحضر حاملة جواز السفر وثمن التذكرة، وتناولهما لخالد. فينظر إليها نظرة عتاب قائلا:
ما هذا؟ قلت لك: احضري جواز السفر. أما هذه النقود فأعيديها إلى مكانها.
التحليل :
القضية الاساسية قصة فتاة حولت الايام اسمها من عائشة الى شجن
كانت فتاة في ربيع شبابها وتعيش في عائلة يستبد فيها الاب برايه
يجبر الاب ابنته على الزواج من احد الاثرياء .ولكنها عادت الى بيت اهلها. وتمضي الايام ويجبرها مرة ثانية على الزواج من رجل متزوج فتعود مرة اخرى للظلم والقسوة ..
جاءت الرواية بشكل مترابط ,
بليز بنات اريد حد يساعدني فيها ,, صح الي بديت فيه؟
الي مطلوب منا القضية الاساسية والمحورية في الرواية , وعلى ماذا ترمز شخصية خالد؟ او شجن؟ وهل هناك وصف جسدي أو معنوي وهل هذا الوصف مناسب او غير مناسب وهل هناك توظيف فني ؟ وهل اسماء الشخصيات موظفة توظيف فني؟وهل هناك مفارقة في الرواية ؟ مثلا اسمه سعيد وهو حزين وهل اختار الكاتب اسماء موافقة مع البيئة او غير موجوده في البيئة ؟ هل كانت الاحداث مترابطة منطقية معقولة او متقطعة متقطعه مثلا حدث حدثا مفاجئ في الرواية " نقد الرواية " اللغة هل كانت فصحة ام عامية او جمع بين الاثنين
واخيرا الرأي الخاص
ياريت تشاركوني في التحليل
وجزاكم الله الف خير
في الساعة العاشرة والنصف مساء، في أحد الأسواق المزدحمة بالناس، وبالتحديد في أحد محلات الذهب، دخل المحل شاب يرتدي (دشداشة) خليجية و(غترة) يغطي بها وجهه مع رأسه، حيث لم يكن يرى منه سوى عينيه. وكان يحمل في يده صندوقا صغيرا، وضعه أمام صاحب المحل حيث قال:
بكم تشتري هذا الذهب؟
فأخذه البائع، ووزنه، وراجع ثمنه بالآلة الحاسبة، ثم أخذ يحدق في الشاب الذي حجب من هيئته وإخفائه ملامح وجهه. ثم قال:
- ثمنه تسعة آلاف وخمسة وثمانية وستون، لا يزيد ولكن، هل لديك أوراق تثبت ملكك لهذا الذهب؟.
- مستحيل أنا اشتريته بثلاثين ألفا تقريبا. وهذه البيانات تثبت صدق كلامي. ومدّ يده إلى أحد جيوبه وأخرج البيانات التي تثبت ملكيته للذهب.
وبعد أن دقق صاحب المحل النظر في هذه البيانات جيدا، قال للشاب:
- لكنني لا أستطيع أن أشتريه بأكثر من ذلك.
- حسنا. أعطني النقود بسرعة لو سمحت.
وفي هذه الأثناء كان في المحل شاب في الثلاثين من عمره، وسيم، طويل ، عريض المنكبين ، ينظر إلى الشاب الصغير ، ويحدث نفسه قائلا:
- ما أغرب هذا الشاب ! ! لماذا يغطي وجهه بحيث لا يرى منه سوى عينيه... ولكن ما هذه العينان؟ لا يمكن أن تكون هاتان العينان عيني رجل؟! ! إنها آية في الجمال. سبحان الخالق المصور!. كما أن صوته أشبه بصوت المرأة أكثر منه إلى صوت الرجل. والله، لولا هذه الملابس لقلت إنه امرأة.
وفجأة يظهر رجال الشرطة، وينتشرون في المحلات، يحدقون في الناس، كأنهم يبحثون عن أحد بينهم.
وبسرعة البرق، يخرج الشاب الصغير وهو يأخذ النقود. يخرج حتى قبل أن يضعها في جيبه. ويرى الشاب الآخر الفزع والخوف اللذيْن ظهرا على وجه الشاب الذي خرج مسرعا من المحل وكأنه يهرب من رجال الشرطة. فيدفعه الفضول للخروج إثره، فيراه وهو يحاول أن يعبر الطريق. فذهب إليه، وتقدم منه، ثم قال له تلقائيا ومن غير أدنى تفكير:
- اركب معي. سأوصلك إلى المكان الذي تريد.
ومن غير تفكير أو تردد، يركب الشاب دون أن ينطق بكلمة واحدة. وعندما خرجت السيارة من ذلك المكان الذي ازدحم برجال الشرطة، أخذ الشاب، صاحب السيارة، يحدث نفسه:
- لماذا اصطحبت معي هذا الشاب؟ ألا يمكن أن يكون لصّا، قد سرق الذهب الذي باعه، وأخذ ثمنه؟ بلى وإلا لم خاف وهرب عند رؤيته رجال الشرطة؟
وفي الوقت نفسه كان الشاب الآخر يحدث نفسه قائلا:
- لماذا ركبت مع هذا الشاب؟ ألا يمكن أن يكون من رجال الشرطة المدنيين؟ أو قد يكون لصّا يطمح في سرقة نقودي؟ وتتوالى الأفكار والمخاوف في رأس كل من الشابين. ولا تتوقف تلك الأفكار، إلا عندما تتوقف السيارة للون الأحمر في إشارة المرور. وتتحرك السيارة لمجرد ظهور اللون الأخضر. وأخيرا، وبعد ذلك الصمت الطويل الذي خيّم على كليهما، ينطق الشاب صاحب السيارة فيقول:
- إلى أين تريد أن أوصلك؟
فيعود الشاب الآخر يحدث نفسه:
- إلى أين أذهب ؟ هل أذهب إلى المطار؟ ولكنهم قد علموا بهروبي، ولا بد أنهم ينتظروني هناك. ماذا أقول له؟ إلى أين يوصلني؟ أين أذهب، يا ربي؟
يا أخ. إلى أين تريد أن أوصلك. لم لزمت الصمت؟
- إلى أي مكان لا يهم.
- أغريب أنت عن هذه المدينة؟
- نعم أنا غريب عن هذه المدينة.
ولكن، لم تقل لي ما اسمك؟
- أنا…. اسمي…. اسمي فهد.
- تشرفنا يا أخ فهد. وأنا اسمي خالد.
ويتابع حديثه قائلا:
- أتعرف أحدا في هذه المدينة؟ ألك بها أقارب؟
- لا
ويحدث الشاب المدعو فهد نفسه:
- ولكن إذا ذهبت إلى أحد الفنادق، هل يكشف أمري؟ ماذا أفعل، يا إلهي ؟
- ها يا أخ فهد، إلى أين ذهبت بتفكيرك؟ أتفكر بالذهاب إلى أحد الفنادق؟
- لا، لا أحب الأماكن المزدحمة بالناس.
- إذن تنام معي في شقتي.
- لا أريد أن أسبب إزعاجا لأسرتك.
- أني أعيش بمفردي. وها نحن وصلنا. وهذه هي العمارة التي بها شقتي. وسوف أكون سعيدا وممنون لوجودك معي. وكما ترى، فنحن في ساعة متأخرة من الليل.
فيعود الشاب فهد يحدث نفسه قائلا:
- كيف أنام في منزل رجل غريب؟ ولكن ليس أمامي سوى هذا الحل. لأذهب معه، وتوكلي على الله.
ونزل خالد، ونزل معه الشاب المدعو فهد. فصعدا بالمصعد، ودخلا شقة صغيرة من حجرتين ومطبخ وصالة فيها أثاث جميل، إلا أنه ليس مرتّبا، والأوراق تملأ الصالة، مع أعواد الكبريت، وبقايا السجائر. والمطبخ لا يبدو فيه شيء نظيف. وكل شيء مبعثر. ويقول خالد محدثا فهدا:
- أسف البيت ليس نظيفا ولا مرتبا، لأنني أقضي معظم النهار خارج البيت، ولا آتي إلى هنا إلا للنوم.
- أن بيتك جميل. ويبدو أنه مريح جدا.
- خذ راحتك، البيت بيتك. ادخل الحمام واستحم، وخذ ما يناسبك من خزانة ملابسي. أما أنا فسأذهب لأعد شيئا لنأكله.
- ليس لي شهية للأكل. لقد تناولت الطعام في مطعم قبل أن أدخل السوق. ولا أرغب إلا في النوم.
- حسنا. تفضل معي لأريك الغرفة التي ستنام فيها.
ودخلا الغرفة، وقد كانت جميلة، إلا أن بعض الغبار قد تراكم على بعض محتوياتها. ثم قال خالد:
- هذه الغرفة لم يدخلها أحد، منذ أن قدم أخي عبدالله لزيارتي، حيث بقى معي أسبوعين ثم رحل.
ويردف قائلا:
- يبدو أنك تعب، سأتركك لتنام. تصبح على خير.
- وأنت من أهل الخير.
ولم ينم الشاب الغريب إلا بعد منتصف الليل، إذ كان مهموما يفكر بنفسه. أما خالد، فقد كان يفكر بهذا الشاب المدعو فهد، ومدى الحزن الذي يبدو جليا في عينيه.
وفي الساعة الثامنة والنصف صباحا، استيقظ الشاب الغريب فهد من نومه، وذهب إلى الحمام ، وعند خروجه منه، رأى خالدا وهو يحضر طعام الفطور، فغطى وجهه بغترته، واقترب منه خالد، فقال:
- صباح الخير.
- صباح النور. كنت أهم أن أوقظك، فالفطور جاهز. باسم الله، تفضل معي. فجلس فهد على المائدة مع خالد، لكنه لم يمس شيئا من الطعام.
وبينما خالد يحتسي شايه كان يحدث نفسه قائلا:
لم لا يرفع هذه الغترة عن وجهه؟
ثم وجّه حديثه إلى فهد قائلا:
لماذا لا تأكل يا فهد، ألا يروق لك هذا الطعام؟
- بلى، إنه طعامي المفضل لكنني... ( ويصمت برهة ثم يعاود حديثه ):
- أنني لم أتعود على تناول فطوري مبكرا.
- حسنا، كما تشاء. والآن يجب أن أذهب، لقد تأخرت عن عملي بالجريدة.
- أأنت صحافي؟
- نعم، كما أنني مرشح لشغل وظيفة رئيس التحرير بالجريدة.
- أخ خالد، إنني أشكرك كثيرا على ضيافتك. لن أنسى معروفك هذا أبدا... فأرجو أن تسمح لي بالانصراف.
- إلى أين؟.
- أريد أن أبحث عن عمل، وعن مكان أعيش فيه.
- ولكن، لم لا تبقى معي حتى تجد العمل والمكان اللذين يناسبانك؟
- لا أريد أن أزعجك أكثر من ذلك.
- لا تقل ذلك، إنك تؤنس وحشتي. فأنا - كما ترى - أعيش وحيدا في هذا المنزل.
- ولكن...
- ولكن ماذا ؟ صحيح أننا لم نلتق إلا منذ إحدى عشرة ساعة، ولكنني - وحقك - أحس أنني أعرفك منذ زمن بعيد جدا.
- إحساسي إحساسك نفسه.
- إذا اتفقنا.
- اتفقنا.
ويخرج خالد وهو يحس بشعور غريب لا يعرف له معنى، ثم يعود في الساعة الواحدة والنصف تقريبا، ويدق الجرس خوفا من أن يزعج ضيفه فهدا. ولكن أين فهد؟ لم لا يفتح الباب؟ فيحدث خالد نفسه:
- ربما يكون خائفا كعادته.
ثم يفتح الباب ويدخل. ولكنه ما لبث أن فغر فاه متعجبا، فكأنه دخل بيت الجيران من فعل ذلك بالمنزل؟ أيعقل أن يكون فهد؟
.. ويخرج فهد من غرفته، بعد أن أطمأن إلى أن الذي دخل ما هو إلا خالد.
ويقابله خالد بابتسامة رقيقة، ثم يخاطبه قائلا:
- قوة.
- قوتك.
- ما هذا؟ لقد ظننت أنني دخلت شقة الجيران.
- هذا أقل من الواجب. أعتقد أنني أشاركك في المنزل حاليا، لذا يجب أن نتعاون.
- حسنا. لنتعاون في تحضير الطعام.
- لقد أعددت مكبوس لحم.
-أنني لن أفرط فيك بسهولة.
-حسنا. اذهب وغير ملابسك، وأنا سأعد المائدة.
- أمرك يا صديقي.
وخلال خمس دقائق يحضر فهد المائدة، وينادي خالدا قائلا:
- خالد الطعام جاهز.
- حسنا، لحظة واحدة.
ثم يخرج خالد ويجلس إلى المائدة، بينما ظل فهد وافقا.
- لم لا تجلس يا فهد؟ ألا تريد أن تتناول الطعام؟
- سآكل فيما بعد.
- ما هذا الكلام، هيّا واخلع هذه الغترة التي تغطي بها وجهك.
- لا لقد تعودتها.
- وأنا لن آكل إلا إذا أكلت معي.
فلا ينطق فهد ببنت شفة، ويلوذ بالصمت.
وبحركة تلقائية يمد خالد يده ليخلع ( الغترة ) فيباغت فهد، ويحاول التمسك بغترته بكل قواه، لكن خالدا يتغلب عليه، فيخلع الغترة ويرميها بعيدا. وبسرعة يغطي فهد وجهه بيديه الاثنتين. فيقول له خالد:
- لا داعي لتغطية وجهك عني. كنت أشك بأنك فتاة، فلم أفاجأ قط. ويقترب منها ويمسك بيديها برفق، ويبعدها عن وجهها. وقد كان لها وجه دائري حنطي اللون، وعينان واسعتان سوداوان، وأنف دقيق، وشفتان رقيقتان، وشعر أسود قد تناثر على كتفيها.
وأومأت الفتاة رأسها إلى الأرض، وظلّت تبكي بحرقة، فخاطبها خالد قائلا:
- لا شيء في هذه الدنيا يستحق دمعة واحدة من هاتين العينين الجميلتين.
ويمد يده ليمسح الدموع من عينها، فتنهره قائلة:
- أرجوك، ابتعد عني.
وتنهض متوجهة إلى الباب، تهم بالخروج، فيركض خالد وراءها ويمسك يدها قائلا:
- إلى أين تريدين الذهاب؟
- هذا ليس من شأنك.
- أنني أراني مسؤولا عنك الآن، ولن أدعك تذهبين.
- لست مسؤولا عني، قد علمت أنني فتاة فأحضرتني إلى هنا، لتنال مني أغراضك الدنيئة، ولكنني سأقتل نفسي قبل أن تلمسني ما كان على أن أثق بك وأطمئن إليك، إنك من جنس الرجال، لا عهد لكم ولا أمان.
- أنا لست ذئبا كما تتصورين، ولكني أخاف أن يجدوك، إذا ما خرجت. وأنت، كما يبدو لي هاربة. فلتطمئني، لن أحاول أن ألمسك أو آذيك. وليس كل الرجال بلا عهد أو أمان.. أرجوك، فكري قليلا في مصيرك. وإذا أصرّيت على الخروج، فلن أمنعك.
- ولكن يصعب على البقاء هنا، بعد أن عرفت أنني فتاة.
- أعاهدك برحمة أمي أنني لن أؤذيك.
- ولكن أن وجدوني عندك فسوف أسبب لك مشاكل، وتدور الدائرة حولك.
- إحساسي يقول لي أنك مظلومة، ويجب أن أساعدك مهما كانت هذه المشاكل.
- لا أريد أن تتحمل المشاكل لأجلي.
- كما قلت لك أنني اعتبرت نفسي مسؤولا عنك، منذ أن رأيتك فاعتبريني أخاك كما أعتبرك أختي.
- إن حدث لك مكروه فلن أسامح نفسي أبدا، وإن خنت عهدك معي فلن أسامحك أبدا.
- اطمئني، فلن أنكث عهدي معك أبدا، والآن هيا اغسلي وجهك. وتعالي لنتناول الطعام، فقد برد.
- لا، لا أرغب في الطعام.
- لا تيأسي من رحمة الله، ما زلت شابة في ريعان شبابك. إن الحياة جميلة، عليك أن تزرعي فيها الأمل، وهذه الأزمة سوف تنتهي بإذن الله.
- لن تنتهي هذه الأزمة إلا بأجلي.
- ما هذا التشاؤم واليأس؟ الأجل لا يعلمه إلا الله، ( ولا تقنطوا من رحمة الله ).
- أستغفر الله العظيم. سامحني يا ربي.
- هكذا أريدك دائما. والآن هيّا نأكل.
وتجلس الفتاة مع خالد ويتناولان الطعام. ثم يخلد كل منهما إلى النوم في غرفته. وفي السادسة والنصف، يستيقظ خالد، ويدخل المطبخ لإعداد الشاي وما أن ينتهي حتى يرى الفتاة تقف في باب المطبخ، فتخاطب خالد قائلة.
- مساء الخير. هل تريد مساعدة؟
- مساء النور. شكرا، كنت أعد الشاي، وها قد أنتهيت. أتريدين شايا بالنعناع أم بالحليب؟
- شكرا، لا أرغب إلا في كوب الماء البارد.
- حسنا، هذا هو الماء، ولكن يجب أن تشربي الشاي بالحليب، ليعيد لوجهك نضارته، ويبعد عنه هذا الشحوب الذي يعتريه.
- حسنا. كما ترى
- تعالي إلى الصالة لنحتسي الشاي، ونتحدث معا قليلا.
ويجلس خالد يحتسي شايه بالنعناع، بينما الفتاة تشرب شايها بالحليب، كما أشارعليها خالد. فيتطلع خالد إلى وجهها، ثم إلى عينيها، وما كادت عيناها تلتقي بعينيه حتى أنزلت رأسها نحو الأرض حياء، فيقول خالد لينقذ الموقف:
- أعتقد أنني ماهر بإعداد الشاي
- أجل، إنه لذيذ.
- أتحدثينني قليلا عن مشكلتك؟
- فتتنهد الفتاة بأسى وحسرة، وتقول:
- مشكلة بل قل نقمة. لعنة. وسلّطت علي.
- عدنا للتشاؤم.
- أرجوك، لا تسمه تشاؤما، إنه واقع حياتي. إنني متفائلة جدا. ولولا ذلك لما رأيتني هنا، فقد هربت طلبا للحياة. هربت لأتحرر من قيود الذل والهوان، ومن زلازل الأحزان، ومن مزيج العذاب، كي أثبت لقدري أنني أقوى منه، وأنني سوف أخلق قدري بنفسي، ولن أعيش بقدري الذي فرض علي، والذي اختلقوه هم علي.
- ياه يبدو كلامك أكبر من سنّك، كأنك في السبعين، أكاد أراك لم تخلقي إلا مع بداية الكون، وتعيشين حتى نهاية الدهر. ولكن ما تعنين بكلمة ( هم )؟
- اعذرني لا أستطيع أن أقول لك الآن أكثر من ذلك أنني لست متأهبة نفسيا لإعادة ذكريات حياتي المريرة.
- كما تشائين، ولكني أردت أن أعرف شيئا من مشكلتك، لكي أستطيع أن أمد لك يد العون.
- أنا فعلا، بحاجة إلى مساعدتك.
- أنا مستعد لأي شيء تطلبينه مني.
- إنني أريد أن تساعدني في السفر، بعيدا عن الإمارات.
- السفر؟ لماذا تريدين السفر؟
- ليس أمامي سوى السفر أو الموت قتلا. وأنا أريد السفر لا الموت.
- ومن سيقتلك؟
- أهلي. والقتل هو أقل شيء سيفعلونه بي.
- ما هذا؟ أنحن في غابة حتى يقتلوك؟ الدنيا فيها عدل وقانون وضبط وربط، وليست كما تصورينها أنت وأهلك؟
- لو أن أهلي يعرفون ذلك لما فارقتهم. إنهم، الآن، لا يطلبون شيئا من الحياة سوى موتي. إنهم يعيشون لأجل قتلي.
- ما هذا الكلام؟ لا أستطيع أن أصدق أن هناك أهلا يفعلون ذلك بابنتهم، حشاشة فؤادهم، وفلذة كبدهم. ما هذه العداوة الغريبة؟ هل أنت تكرهينهم كما يكرهونك؟
- أهلي أنني أحبهم كثيرا، ومستعدة لبذل حياتي رخيصة لأجلهم.
- إذا لماذا يفعلون بك ذلك؟ لا بد أنك فعلت شيئا يستدعي....
فتقاطعه الفتاة ثائرة:
- أرجوك، أرجوك، أنا هربت لأقع في ظلم آخر أنا ما فعلت لهم شيئا. أرجوك صدقني. صدقني أرجوك.
- حسنا.. أصدقك. أصدقك اهدئي، أرجوك ما قصدت أن أظلمك؟
- إنك لا تصدقني.
- بل أصدقك.
- إذا ساعدني في السفر إلى البحرين.
- البحرين، ولماذا البحرين بالذات؟
- صدق لا أدري. ولكن أريد الذهاب للبحرين.
- البحرين بلدي.
- بلدك؟
- إنها بلدي ومسقط رأسي. فيها أهلي و أصدقائي، فيها قضيت طفولتي الجميلة، وذكرياتي الأليمة.
- ذكريات أليمة؟ هل لك ذكريات أليمة أيضا؟
- ومن منا ليس له ذكريات؟ ولكن بعضها أليمة وبعضها سعيدة. إنها صدفة جميلة أن تختاري بلدي بالذات.
- أجل إنها صدفة جميلة حقا.
- وأنا سأساعدك قدر استطاعتي، سواء أوقع اختيارك على البحرين أو غيرها.
- شكرا، شكرا جزيلا.
- لا داعي للشكر. ولكن هل عندك جواز سفر؟
- أجل وعندي نقود أيضا.
- لم أقصد النقود، قصدت جواز السفر.
- ولكن جواز السفر ليس باسمي، إنه ليس لي.
لمن هو إذا؟
- هو جواز سفر امرأة أخرى. ولن آخذ جواز سفري إلى المطار فيكشف أمري، لأن اسمي، بالتأكيد، مدوّن لديهم.
- ولكنهم بالتأكيد سيكشفون أمرك من خلال الصورة أو فارق السن إذا كان ثمة فارق في السن بينك وبينها.
- إن صاحبة الجواز محجبة، لذا ليس فيه صورة لها. أما فيما يتعلق بفارق السن فأستطيع التغلب عليه.
- واضح أنك ذكية جدا. وهكذا لم تُبْقِى لي شيئا لأفعله.
- بل بقي الكثير.
مثل ماذا؟
- عليك أن تقطع التذكرة، وترافقني إلى المطار بصفتك زوجي، أو أخي، أو ابني.
- ابنك؟ حلوة هذي.
وتنفرد شفتاها بابتسامة جميلة رقيقة هادئة، تضيف إلى وجهها جمالا ونضارة، وتنفتح عن أسنان كحبات اللؤلؤ المرصوصة. وتسري إلى جسد خالد كالتيار الكهربائي، فينظر إليها وهو يبادلها الابتسامة هامسا.
- ما أروعك وما أروع هذه الابتسامة، كأنها الدنيا بكل طيّباتها.
- أرجوك، لا أريد أن أسمع منك مثل هذا الكلام مرة أخرى فلا تتجاوز حدودك معي.
- حاضر. أنا آسف.
وتنقضي تلك الليلة، وكل من خالد والفتاة قد اعتزل غرفته، ولاذ بالصمت. وفي الصباح، استيقظ خالد ليجد الفتاة، حضرت الشاي والفطور. ولكنه لا يراها، فيحدث نفسه.
- ربما هي بالغرفة. سأنادي عليها. ولكن كيف أناديها، وأنا لا أعرف اسمها حتى الآن.
ثم يناديها:
- يا فتاة، يا فتاة، يا من اسمك فهد.
لكنه لا يسمع ردا على ندائه، فيتجه صوب غرفتها، ويدق بابها بكل أدب واحترام، فاجأه صوتها من خلف الباب:
- لحظة لو سمحت.
وبعد أن اطمأن لوجودها، عاد أدراجه إلى مائدة الفطور. وما لبثت أن خرجت إليه، فحيته قائلة:
- صباح الخير.
- صباح النور. أرجو أن تتكرمي وتتلطفي وتشاركيني الفطور.
- ولماذا يجب أن أفطر معك؟
- لأنك إن لم تفطري معي، فسأذهب بلا فطور.
- هذا شأنك.
- حسنا. إني ذاهب.
- لحظة، لحظة.
- ماذا؟
- هيا لنفطر معا.
ويجلسان لتناول الفطور. وبعد الانتهاء، يهم خالد بالخروج إلى عمله. وقبل أن يفتح الباب يلتفت إليها قائلا:
- لم تخبريني متى تريدين السفر؟
- في أقرب وقت ممكن.
- إذا احضري جواز السفر لكي أحجز لك التذكرة.
- انتظري لحظة. من فضلك.
وتغيب الفتاة بضع دقائق. وتحضر حاملة جواز السفر وثمن التذكرة، وتناولهما لخالد. فينظر إليها نظرة عتاب قائلا:
ما هذا؟ قلت لك: احضري جواز السفر. أما هذه النقود فأعيديها إلى مكانها.
التحليل :
القضية الاساسية قصة فتاة حولت الايام اسمها من عائشة الى شجن
كانت فتاة في ربيع شبابها وتعيش في عائلة يستبد فيها الاب برايه
يجبر الاب ابنته على الزواج من احد الاثرياء .ولكنها عادت الى بيت اهلها. وتمضي الايام ويجبرها مرة ثانية على الزواج من رجل متزوج فتعود مرة اخرى للظلم والقسوة ..
جاءت الرواية بشكل مترابط ,
بليز بنات اريد حد يساعدني فيها ,, صح الي بديت فيه؟
الي مطلوب منا القضية الاساسية والمحورية في الرواية , وعلى ماذا ترمز شخصية خالد؟ او شجن؟ وهل هناك وصف جسدي أو معنوي وهل هذا الوصف مناسب او غير مناسب وهل هناك توظيف فني ؟ وهل اسماء الشخصيات موظفة توظيف فني؟وهل هناك مفارقة في الرواية ؟ مثلا اسمه سعيد وهو حزين وهل اختار الكاتب اسماء موافقة مع البيئة او غير موجوده في البيئة ؟ هل كانت الاحداث مترابطة منطقية معقولة او متقطعة متقطعه مثلا حدث حدثا مفاجئ في الرواية " نقد الرواية " اللغة هل كانت فصحة ام عامية او جمع بين الاثنين
واخيرا الرأي الخاص
ياريت تشاركوني في التحليل
وجزاكم الله الف خير
لي عودة مع القصة كما وعدتك
وممكن تحاولين تحليلن الأمور التي تستطيعنها ريثما أتنهي من قراءة القصة وتحليلها ... لأن وقتي قصير جدا ... ابني مجنني عند اللاب توب .. :06:
وممكن تحاولين تحليلن الأمور التي تستطيعنها ريثما أتنهي من قراءة القصة وتحليلها ... لأن وقتي قصير جدا ... ابني مجنني عند اللاب توب .. :06:
الصفحة الأخيرة
رواية شجن بنت القدر الحزين
ل حصة بنت جمعة الكعبي