الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على النبي الأمين محمد صلى الله عليه و سلم , و بعد ,
أمي الغالية
وددت أن أخط إليك ما لا يتسع المقام لقوله بلساني ..
و أنا هنا خلف هذه الأسوار العالية ................
" , تفكرت في أمي الحبيبة , و حاولت أن أضع نفسي مكانها لأفهم حالها و شعورها الآن لكي اشاركها آلامها و آمالها كما شاركتني و تشاركني في كل مشاكلي حتى استحييت منها لولا أنها أمي ...
و لكن , لما كان الإنسان قد ميزه الله عن سواه بالعقل و التكليف , لزم الإنسان أن يستخدم عقله و إلا صار كالأنعام ..
و العقل يقول إن الدنيا ليست نهاية الرحلة البشرية و أن الموت ليس هو الخاتمة لسجل الإنسان و لكن هناك شيء لا يدركه كثير من البشر و هو أن للكون خالقاً يدبر الأمور و ينزل النعم و النقمات على عباده بحكمة و عدل و سوف يحاسبهم في النهاية على أفعالهم واعتقاداتهم ثم يعطي كل واحد ما يستحقه ..
و هكذا بهذه الحقيقة وهي التوحيد و البعث انقسم البشر إلى مؤمن بها و كافر بها , و العالم إلى ماديين أغبياء و مسلمين أذكياء . و إذا بالماديين يحاولون أن يجمعوا كل شيء في الدنيا لأنهم يرونها دار مقر لهم و يحزنزن على ما يفوتهم منها و تنتشر فيهم الأمراض النفسية لتعلقهم بالدنيا و زينتها من الأموال و الأولاد و الصحة ..
أما المسلم فهو يعيش على الأرض و قلبه معلق بالسماء و لا يزن الامور إلا بميزان الحق الذي لا توضع على كفته سوى الحسنات أو السيئات و لا توضع عليه المصائب و النكبات أو الغنائم و الأفراح بل يوضع رد فعل الإنسان لها فإن أصابته المصيبة فاسترجع و رضي بقضاء الله و تقديره وضع في كفة الحسنات رضاه و حمده لله و العكس بالعكس ...
و قد علمتني يا أمي أن هناك مكتوب لا مفر منه و ان هناك جنة و نار و بحثت فوجدت طريق الجنة صعبا كله كفاح وابتلاء و محن وصبر و طريق النار سهلا كله راحة و فرحة و غنائم و مكاسب و نوم , و لما كنت عاقلاً فقد فضلت الذي يبقى على الذي يفنى و سلكت طريق أجدادي من الأنبياء و موكب الصادقين الشرفاء و شمرت ساعدي و اجتهدت في البحث عن الحق لكي اتبعه ..
و علمت أني سوف أبتلى لا شك في ذلك لأن الله أخبرنا بذلك في مطلع سورة العنكبوت .
و لما كانت أمي تحبني فقد أشفقت علي من ...
و كنت أعلم أن امي ستدفع معي ثمن الطريق الذي أسلكه و قد يكون ثمناً فادحاً ...
و لكن ما حيلتي و هناك هاتف يقول دائماً في أذني :
" قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ " سورة التوبة ءاية 24
و هذه الآية تقطع كل المعاذير و تزيح كل العلل ...
و اتمنى أن تغفري لي زلاتي و هفواتي كما أتمنى قبلها أن تشاركيني أحاسيسي و اعتقاداتي .
و أنا الآن وقت السحر قبل أذان الفجر ... , أذكرك , وأدعو لك بأن تقر عينك و ينشرح فؤادك و يطمئن القلب عليك ..
و أسأله أن تزول كل الخلافات و تذوب كل الفوارق بين البشر جميعاً و أن يؤلف بين قلوبنا على المنهج الصواب .و لا يكون عملنا إلا لوجه الله ليس فيه رياء و لا سمعة و أن نكون أنا وأنت من المعروفين في السماء بصدقهم المخفيين في الأرض. و أن نعلم أن الدين هو المحرك للدنيا و ليس العكس و لا نفعل المخالفات الشرعية و نقول إن الظروف صعبة .. كما قال الشاعر:
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا --- فلا ديننا يبقى و لا ما نرقع
فطوبى لعبد آثر الله وحده --- و جاد بدنياه لما يتوقع
و أود أن ارى في عينيك الحنونتين التجسيد الكامل للطمأنينة و الرضا بقضاء الله و السمو على عالم الفناء.
إنتهى
هذه رسالة سجين لامه.. قبل ان يفرج عنه

باقة فرح @bak_frh
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

الماسه الغالية
•
جزاك الله الف خيرا
الصفحة الأخيرة