عابد الحرمين الفضيل بن عياض رحمه الله
قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/423) :
قال أبو عمار الحسين بن حُريث ، عن الفضل بن موسى قال : كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين
أبِيوَرْد وسَرخس ، وكان سبب توبته أنه عشق جارية ، فبينما هو يرتقي الجدران إليها ، إذ سمع تاليا يتلو " أَلَمْ يَأْنِ
لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ ..." فلما سمعها ، قال : بلى يارب ، قد آن ، فرجع ، فآواه الليل
إلى خَرِبة ، فإذا فيها سابلة ، فقال بعضهم : نرحل ، وقال بعضهم : حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع
علينا .
قال ففكرت ، وقلت : أنا أسعى بالليل في المعاصي ، وقوم من المسلمين هاهنا ، يخافوني ، وما أرى الله
ساقني إليهم إلا لأرتدع ، اللهم إني قد تبت إليك ، وجعلت توبتي مُجاورة البيت الحرام .
قال الإمام الذهبي تعليقا على القصة :
وبكل حال : فالشرك أعظم من قطع الطريق ، وقد تاب من الشرك خلق صاروا أفضل الأمة . فنواصي العباد بيد الله ، وهو يضل من يشاء ، ويهدي إليه من أناب .
وكانت له مواقف كثيرة مع الخلفاء وغيرهم بل كان هارون الرشيد يأتي إليه ليزوده بالموعضة
رسالة ابن المبارك إلى الفضيل بن عياض :
روى الحافظ ابن عساكر عن محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة قال: أملي عليَّ عبد اللّه بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس وأنشدها إلى الفضيل بن عياض في سنة سبعين ومائة:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا * لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه * فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل * فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا * رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا * قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي غبَّار خيل اللّه في * أنف امرىء ودخان نار تلهب
هذا كتاب اللّه ينطق بيننا * ليس الشهيد بميت لا يكذب
قال: فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه في المسجد الحرام ، فلما قرأه ذرفت عيناه وقال: صدق أبو عبد الرحمن ونصحني ، ثم قال : أنت ممن يكتب الحديث ؟ قال : قلت : نعم ، قال : فاكتب هذا الحديث كراء حملك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا ، وأملى عليّ الفضيل بن عياض :
حدثنا منصور بن المعتمر ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أن رجلاً قال : يا رسول اللّه علِّمني عملاً أنال به ثواب المجاهدين في سبيل اللّه ، فقال : "هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر ، وتصوم فلا تفطر ؟ " فقال : يا رسول اللّه أنا أضعف من أن أستطيع ذلك ، ثم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : " فوالذي نفسي بيده لو طُوِّقت ذلك ما بلغت المجاهدين في سبيل الله ، أوما علمت أن الفرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب له بذلك الحسنات ؟!
الحديث رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير ، باب الجهاد والسير .
كان عابداً واعظاً تقي
ومن كلماته وحكمة الرائعة :
1- من خاف الله لم يضره أحد ، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد
2-رهبة العبد من الله على قدر علمه بالله ، وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة ، من عمل بما علم استغنى عما لا يعلم ، ومن عمل بما علم وفَّقه الله لما لا يعلم ، ومن ساء خلقه شان دينه وحسبه ومروءته .
3- أكذب الناس العائد في ذنبه ، وأجهل الناس المُدِلّ بحسناته ، وأعلم الناس بالله أخوفهم منه ، لن يكمل عبد حتى يؤثر دينه على شهوته ، ولن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه .
4-إنما أمس مثلٌ ، واليوم عمل ، وغدا أمل
وقيل له : ما الزهد ؟ قال : القنوع ، قيل : ما الورع ؟ قال : اجتناب المحارم . قيل : ما العبادة ؟ قال : أداء الفرائض . قيل : ما التواضع ؟ قال : أن تخضع للحق . وقال : أشد الورع في اللسان .
5- لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في إمام ، فصلاح الإمام صلاح البلاد والعباد .
6- لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعد البلاء نعمة ، والرخاء مصيبة، وحتى لا يحب أن يحمد على عبادة الله .
7- من أحب صاحب بدعة ، أحبط الله عمله ، وأخرج نور الإسلام من قلبه ، لا يرتفع لصاحب بدعة إلى الله عمل ، نظر المؤمن إلى المؤمن يجلو القلب ، ونظر الرجل إلى صاحب بدعة يورث العمى ، من جلس مع صاحب بدعة لم يعطَ الحكمة
8-: من استوحش من الوحدة ، واستأنس بالناس ، لم يسلم من الرياء ، لا حج ولا جهاد أشد من حبس اللسان ، وليس أحد أشد غما ممن سجن لسانه .
9- يا مسكين ، أنت مسيء وترى أنك محسن ، وأنت جاهل وترى أنك عالم ، وتبخل وترى أنك كريم ، وأحمق وترى أنك عاقل ، أجلك قصير ، وأملك طويل .
فياليتنا نستفيد ونقتدي بمن كان قبلنا من خير وخوف ومراقبة لله0
عربيةإسلامية @aarbyaslamy
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
عربيةإسلامية
•
للرفع
الصفحة الأخيرة