عالم غريب..

فوق سلسلة الجبال المهجورة تقع تلك البيوت القديمة ، سكانها صامتون أشكالهم غريبة وتصرفاتهم أغرب ، الهياكل معلقة ببيوتهم ومتناثرة على أرضهم ، أطفالهم يتأرجحون على حبال المشنقه ونساؤهم يتراقصن على أصوات أنين مُصابيهينَّ ، لم يعد يهمهنَّ صراخ أحدهم ولا وجع أطفالهنَّ لا يتفاهمنَ مع أحد ، فهم يقتلن، حتى وإن حادثتهم بلطف تسمع نعيق الغربان وعواء الذئاب يضج بالمكان وفحيح الأفعى يملأ كهوفهم المخيفة .
رجالهم يمشون وكأنهم سكارى ، يتخبطون وكأن الجن تسكنهم ..
رأيت تلك الجبال من بعيد فلعب بي الفضول، وأقتربت منها وتسلقت جبالهم فدخلت الى عالمهم لأرى ما الذي فعل بهم هذا؟
ومن قتل مشاعرهم وجعلهم يعيشون بهذه البشاعة
أقتربت من أكبرهم سنًا وهي عجوز عمياء قد اكلت التجاعيد جسدها وغطى شعرها الشيب، وهلكت الحياة قلبها ، صوت الأنين يضج من داخلها ، فسألتها عن حال شعبها وعن قصة الوطن الذي تسكنه فأجابت نحن ضحية تلك المشاعر التي تركناها بحريتها ، فأخذت بأيدينا الى الخيبات التي أنجبت منا أناس كهاؤلاء ضميرهم مات وإحساسهم قتل تلك المشاعر السيئة التي جعلتنا نغوص في هذا العالم البشع ، أخبرتني عن هذا وصوت عبرات بكائها يخنقها ، فوضعت يدي على رأسها وقبلتها وأخذت بيدها ودعوت ربي أن يخرجهم من وطنهم البشع فأشتدت العواصف وفاض البحر ، وأغرق موطنهم السيء وعادو إلى إنسانيتهم المعتادة ، وعاد الامل ينبض في قلوبهم .
#هدى_الزايدي.