لا يدري الإنسان متى يفجؤه الأجل ولا أشد وأعظم على الميت وأهله من إتيان الموت له فجأة ، وهو في كامل صحته وعنفوان قوته ، وتمام نشاطه ، ومع تزايد النعم والعيش الرغيد ، لم يحسب للموت حسابه ولم يظن أهله أن ينزل عليه الموت ، فإذا هم به قد سقط ميتا لا حراك به فكم من صحيح مات من غير علة وكم من سقيم عاش حينا من الدهر ،
كلكم يا احبتي سمعتم ورأيتم ما حل بالعبارة المسماة بالسلام 98 .. تلك التي نحولت من عبارة للسلام الى عبارة للموت والأحزان ..لقد خرج من ركب في تلك السفينة .. وقد اظنتهم الغربة ووحشة السنيين .. خرجوا يحملون على اكفهم شوقهم وحنانهم .. آلامهم واحزانهم . افراحهم واتراحهم .. نسوا غربة السنيين بمجرد ركوبهم طريق العودة الى أهليهم .. ركبوا السفينة بأمن وأمان . وراحة واطمئنان . ينتظرون اللحظة التي يصلون فيها ويرون أعينهم تكتحل برؤية احبابهم . وفي المقابل خرج اهلوهم وذووهم لاستقبالهم . خرجت الزوجات والذريات . خرجت الآباء والأمهات . والإخوة والذريات . كل منهم يريد أن يرى محبوبه ماثلا امام عينيه .. لكن هم يريدون واولئك يريدون والله جل وعلا يفعل ما يريد .
لم يكن بخلد اصحابها .. أنها ستكون مقبرة لبعضهم .. هادمة لحياتهم .. مزهقة لأرواحهم .. والا لما صعدوا عليها .. ولما ركبوا على ظهرها .. لكنه أمر الله جل وعلا .. .. 1400 راكب .. ظربوا البحر طولا وعرضا.. كل منهم لم يدر بخلده ولا للحظة أن تلك الرحلة هي آخر رحلة له في الحياة .. لقد جائهم أمر الله في ساعة مقدرة .. جائهم بغتة وهم لا يشعرون .. ولم يكن لهم أن يستقدموا ساعة .. ولا أن يستأخرون .. جائهم امر الله وهم نائمون : لحظات وتبدل الحال . لحظات وتغير الفرح والسكون .. تبدل الهدوء والسكينة الى اظطراب وقلق .. تبدل الفرح والسرور الى صراخ وعويل .. ارتفعت الأصوات .. وصرخ الأطفال .. وبكت النساء . ورفع الناس ايديهم واكفهم يسألون الله لهم النجاة في لحظة لا يدعى فيها الا الله جل جلاله .. وانطوت تلك اللحظات العصيبة لتخرج تلك الأزمة علينا بمأساة .. المئات من الضحايا .. ومئات من الغرقا .. وقليل من الناجينن .. جثث وأشلاء .. الأطفال والنساء .. الشيب والشباب .. لقد جائهم ملك الموت الذي جاء بأمر الله .. لم يستوعب الناس ما حدث حتى رأو أشلاء وجثث الغرقى تطفوا على أمواج البحر .. وأصبحت فرق الإنقاذ في سباق محموم بينها وبين أسماك القرش في الحصول على جثث القتلى .. فلا إله الا الله .. أنه أمر الله .. إنه حكم الله ..(( وما كان لنفس ان تموت الا باذن الله كتابا مؤجلا ))..
يقول أحد الأطفال الصغار من الذي نجوا من تلك الكارثة :ألبسني والدي طوق النجاة حينما رأى العبارة تميل وتوشك على الغرق، بعد ذلك رأيت والدي يغرق ثم والدتي، وبقيت أنا وحدي 30 ساعة أصارع الموج يساعدني أحد الناجين إلى أن جاءت قوات الإنقاذ وانتشلتني من الماء.
ويقول العم ابراهيم رزقني الله بثلاثة من البنين بنتين وولد، وكنا نعيش في السعودية معا، ثم قررنا العودة النهائية والاستقرار في مصر فشحنت أثاث بيتي وكتب أولادي وكل أغراضنا، وبعد قليل من الإبحار تملكنا الرعب ونحن نرى الدخان يتصاعد من السفينة، ثم مالت على جانبها وغرقت. ورأيت أولادي الثلاثة وزوجتي وهم يصرخون ويبتلعون الماء وأنا أصرخ وأحاول إنقاذهم لكن قدر الله كان غالبا، غرقوا جميعا أمام عيني، وطفت كتبهم وبعض لعبهم على السطح..... ولا حول ولا قوة إلا بالله.والكثير الكثير من المآسي والآلام ..
فنسال الله جل جلاله لهم الرحمة والغفران .. ولأهليهم الصبر والسلوان .. أحبتي والله إنه لمن الغفلة أن يلهو الإنسان عن الموت وعن الاستعداد له فيقصر في الواجبات ويقع في السيئات ويأخذ حقوق الناس بغير حق بل بالظلم والبهتان ويتعدى على الغير في مال أو عرض أو نفس ، يؤذي المسلمين والجيران ، يأكل حقوق الإجراء والخدم ، يظلم الزوجة والأولاد ، وربما وقع الظلم من الأجير لمن استأجره ، فكم من الناس من نسي الموت ولم يخطر له على بال ، بل وتراه في أكمل أحواله صحة ونشاطا وعافية ومالا ، فلا يلبث أن يأتيه الموت فجأة فلا يتمكن من تدارك نفسه ومن التوبة إلى الله والتحلل من المظالم ، فربما لقي ربه محملاً بالأوزار والآثام ، فلنكن أحبتي في الله على حذر من هذا ، ولنتدارك النفس قبل فوات الأوان وإن كثيرا من الناس في هذا الزمان استولى عليهم حب المال والجاه والمناصب ، حتى ضيعوا حياتهم لهواً ولعباً ، وللمال جمعاً وحباً ، نسوا هادم اللذات ومفرق الجماعات ، وربما قصروا في كثير من الواجبات ووقعوا في كثير من المخالفات ، وارتكبوا كثيرا من المنهيات والمحرمات ، \" فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون \"
بريد القلوب @bryd_alklob
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
القصص والمىسي كثيرة وتدمي القلب والذكريات ستعج بالمآسي لدى الناجيين اسال الله ان يلهمهم الصبر والسلوان