___عبرة لمن يعتبر___
( اختلى رجل بجارية فأغلق الأبواب وأرخى الستائروغفل عن عالم السرائرفلماقعدمنهامقعد
الرجل من امرأته وأيقن بقضاءشهوته،ارتعدت فرائصهاوتغيرلون وجهه،فقال هذاالغافل:لم تخافين ومايراناإلاالكواكب؟ فقالت له الجارية ياهذاغفلت وخسرت وأين مكوكبها؟)فإذاهاجت نفسك بنارالشهوات ودفعت بك الى وادى المهلكات فذكرهابسوءالعاقبة،وأن مأوى العصاة سقر،وكن ممن وعظ فاتعظ وذُكّرفاذكر،قال الشاعر:
تفنى اللذائذيامن نال شهوته....من المعاصى ويبقى الإثم والعار
تبق عواقب سوءلافناءلها....لاخيرفى لذة من بعدهاالنار
فعساك أن ترعوى عن هذاالغى ويكون مثلك مثل أعرابى قابل امرأة ذات وجه وضئ فراودهاعن نفسها ،فلماجلس منهامجلس الرجل من امرأته وكشفت له عن مستقرشهوته،رجع إليه عقله الذى كان قدذهب،وعلم ان منقلب الزانى بئس المنقلب،وقام من بين رجليهاوهويقول:إن رجلايبيع جنة عرضهاالسموات والأرض بمقدارشبرمن اللحم لقليل العلم بالمساحة
أنبأناعلى بن سعيدالعسكرى، حدثناإبراهيم بن الجنيد،حدثناالحسن بن سعيدالجرجانى قال:سمعت أبامريم الصلت بن كلثم يقول كانت إمرأة من بنى إسرائيل متعبدةً،وكانت تفطركل سبت ،فبينماهى ذات يوم قدوضعت إفطارهابين يديهاجعلت تقول:محب يحب حبيبه يتشاغل بالأكل عن خدمة محبه ،فيوشك أن يقدم عليه رسول حبيبه وهومتشغل بأكله عن خدمته،فلاتقرعينه فى لقائه،فمكثت كذلك مدة لاتفطر.قال: ثم وضعت إفطارهابين يديها،وجعلت تقول مثل ماكانت تقول مثل ماكانت تقول.وإذاشاب من ناحية البيت جميل الوجه طيب الريح فقال:سلام عليك ورحمة الله ياحبيبة الله،أوياولية الله،قالت:وعليك السلام،من أنت؟قال:أناملك الموت،قالت:ياملك الموت،أتأذن لى أن أسجدسجدة أناجى فيهاربى.فإذارأيتنى قدفعلت ذلك قبضت روحى؟قال:لك ذلك،قال :فنحت إفطارها،ثم وثبت فسجدت،فقبض روحهارضى الله عنها
وقال الشاعر:
ماراح يوم على حى ولاابتكرا....إلارأى عبرة فيهاإن اعتبرا
ولاأنت ساعة فى الدهرفانصرفت....حتى تؤثرفى قوم لهاغيرا
إن الليالى والأيام أنفسها....عن غيب أنفسهالم تكتب الخيرا
وفى الحديث((برواآباءكم تبركم أبناءكم وعفواعن النساءتعف نساؤكم.ومن أتاه أخوه متفضلاأى معتذارفليقبل منه محقاكان أومبطلا،فإن لم يفعل لم يردعلى الحوض يوم القيامة)) رواه الطبرى عن ابن عمربإسنادحسن
وفى الحديث))مامنكم من أحدإلاسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان يترجم له فيقول له: ألم أبعث إليك رسولافبلغك؟فيقول:بلى،فيقول:ألم أسودك ألم أعطك مالاوولداًوأفضل عليك فى الرزق؟عندذلك يقول العبد((المكذب)):أى رب إنى ظننت أنى لاألقاك..فيقول الله تعالى)فاليوم أنساك كمانسيتنى)
فينظرأمامه فلايرى إلاجهنم..فاتقواالنارولوبشق تمرة فإن لم تجدوافبكلمة طيبة بهاتجزى الحسنة عشرأمثالها))وفى رواية أخرى عن عدى بن حاتم رضى الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مامنكم من أحدإلاسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظرأيمن منه فلايرى إلآماقدم وينظرأشأم منه فلايرى إلاماقدم وينظربين يديه فلايرى إلاالنارتلقاء وجهه فاتقواالنارولوبشق تمرة فمن لم يجدفبكلمة طيبة))رواه البخارى(3/225)ومسلم(1016)(67).
ويحك يامسكين ماهذه الغفلة وإلى الله المصير؟وماهذه الرقدة والعمرقصير؟وماهذه السكرة وقدنسجت لك الأكفان؟وماهذه الآمال وأوان رحبلك قدآن...؟
قال الشاعر:
تزودمن التقوى فإنك لاتدرى....إذاجنّ ليلك هل تعيش إلى الفجر؟
فكم من فتى يمسى ويصبح لاهيا....وكم من سقيم عاش حينامن الدهر
وكم من عروس زينوهالزوجها....وقدقبضت أرواحهم ليلة القدر
وقال آخر:
اغتنم فى الفراغ فضل ركوع....فعسى أن يكون موتك بغته
كم صحيح رأيت من غيرسقم....ذهبت نفسه الصحيحة فلته
وقال آخر:
تذكرنى يوم تأتى فردا....وقدنصبت موازين القضاء
وهتكت الستورعن المعاصى....وجاءالذنب مكشوف الغطاء
يامن باعواآخرتهم بدنياهم،يامن اشتغلوابشهواتهم عن طاعة مولاهم.يامن أكسبتهم الذنوب ظلمات الحجاب.يامن أغلق الهوى فى وجوههم الباب يامن أنذرهم يومهم وأمسهم وانتهت أنفاسهم ودنار
رمسهم...!
يامن كلماطالت أعمارهم زادت أوزارهم،كلماهموا
بترك ذنوبهم عرضت لهم شهوة فأرجعتهم لعيوبهم
ويحكم نوحواعلى أنفسكم فربماينفع التعديدفإن حالكم هذه والله ليس حال العبيد،ماتخافون يوما
يشيب فيه الوليد،أماعلمتم أن الموت كمااصطاد
غيركم لكم يصيدفكم أخذابنامن أب ووالداًمن وليد؟أماأزعجكم هادم اللذات؟
أماخوفكم مفرق الجماعات؟وعماقليل ينكشف الحال
وتهتك الستائرويتضح المآل((يوم تبلى السرائر
فماله من قوة ولاناصر)
ياأخى؛كم أزعجت المنايانفوسامن ديارها،وكم أذبلت فى التراب خدودابعدنضارها،وكم أثكلت أماًبأخذوحيدهاوأشغلهاببكائهاوعويلها،وكم أوحشت المنازل من هذه الأقمار،وكم نفرت طيور
الأرواح من هذه الأوكار،أين من بنى وشاد: أين نمرودوشدادوعاد؟
أين من تكبروطغى على الفساد؟((ألم تركيف فعل ربك بعاد.إرم ذات العمادالتى لم يخلق مثلهافى البلاد.وثمودالذين جابواالصخرة بالواد.وفرعون ذى الأوتاد،الذين طغوافى البلادفأكثروافيهاالفساد
فصب عليهم ربك سواط عذاب إن ربك لبالمرصاد))
فهل ينفعك فى هذااليوم الغيبة والنميمة؟
وهل يفيدك ماتعرفه من افعالك الذميمة؟كإيذاءإخوانك المؤمنين وهتك أعراض حرائرالمسلمين؟
وهل يقربك إلى الجنة شرب الحشيش والخموروتناول الهيروين والمورفين وشهادة الزور،وغيرذلك من الكذب والخيانة واستباحة المحرمات وتضييع الأمانة،أوإهانة حامل القرآن أوتعظيم أهل الفحش والباطل والبهتان،أومصافاة أعداءالدين أوإعانة الظالمين على المظلومين،أوالتنافروالتباغض والتحاسدأوالتباهى بالأحساب والأنساب والتحاقد،أوالتهاون فى الفرائض المطلوبة،أوهجرالقرب
المنسونة والمندوبة إلى غيرذلك من قبيح الأعمال،ومايبتعهامن الهلاك والوبال؟
أعلم أن للموت ألمالايعلمه إلامن نزل به فهوأشدمن الضرب بالسيوف،وأعظم من النشربالمناشيروالقرض بالمقاريض،وذلك أن قطع البدن بالسيف إنمايؤلم مع بقاءقوة فى البدن ،ولذلك يستغيث المضروب ويصبح بخلاف الميت فينقطع صوته لضعف قوته عن الصباح ،فإن الموت قدهدكل جزءمن أجزاءالبدن فلم يترك قوة للإستغاثة .أماالعقل فقدغشيته الوسوسة وأمااللسان فقد
أبكم ،وأماالأطراف فقدضعفت ،وعندذلك يودالميت لوقدرعلى الاستراحة بالأنين،ولكنه لايقدرعلى ذلك
دخل رجل على أحمدبن حنبل رضى الله عنه فقال:عظنى،فقال له:
((إن كان الله تعالى قدتكفل بالرزق فاهتمامك لماذا؟
وإن كانت النارحقاًفالمعصية لماذا؟
وإن كان سؤال منكرونكيرحقاًفالأنس لماذا؟
وإن كانت الدنيافانية فالطمأنية لماذا؟
وإن كان الحساب حقافالجمع لماذا؟
وإن كان كل شئ بقضاءوقدرفالخوف لماذا؟))
وفى البخارى عن ابن عمررضى الله عنهماقال:
((أخذرسول اللهبمنكبى فقال:كن فى الدنيا
كأنك غريب أوعابرسبيل .. ))وكان ابن عمررضى الله عنهمايقول:
{إذاأمسيت فلاتنتظرالصباح،وإذاأصبحت فلاتنتظرالمساء،وخذمن صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك}
وهذامعنى قول سليمان الفارسى رضى الله عنه:
((أمرنى خليلى أن لاأتخذمن الدنياإلاكمتاع الراكب))
ترجوالبقاءبدارلابقاءلها....وهل سمعت بظل غيرمنتقل
وفى الحديث حض على قصرالأمل وتقديم التوبة والاستعدادللموت
قبل أن يخرج الأمرمن يده فيقول))رب ارجعون))
وروى أن النبى (صلى الله عليه وسلم)دخل على محتضرفقال)إنىّ لأعلم مايلقى ليس فيه عرق إلاوهويتألم بالموت على حدته))
وقال شدادبن أوس))الموتأفظع هول فى الدنيا والآخرة على المؤمنين ،وهوأشدألماًمن نشرالمناشيروقرض المقاريض وغليان القدور،ولوأن الميت نشرفأخبرأهل الدنيابألم الموت لماانتفعوا
بعيش ولاالتذوابنوم))وروى أن الموت أشدمن ألف ضربة بالسيف
وألف طعنة بالرمح،وأن ساعة تمرعلى العبدفى الدنيالايذكرالله فيهاتكون عليه حسرة يوم القيامة ،ألم تلك الحسرة أشدمن ألم الموت .وفى الحديث أيضاعنه((ماجلس قوم مجلسالايذكرون الله فيه إلاكان عليهم ترةيوم القيامة))
وفى رواية أخرى ماجلس قوم مجلساثم قاموامنه ولم يصلواعلى النبى إلاكان عليهم ترة.
قال الغزالى رحمه الله((ابن آدم بدنه معه كالشبكة يكتسب بها
الأعمال الصالحة،فاذااكتسب خيراثم مات كفاه ولم يحتج بعدذلك إلى الشبكة،ولاشك أن الإنسان إذامات وانقطعت شهوته من الدنياواشتهت نفسه العمل الصالح لأنه زادالعمر،فإن كان معه استغنى به وإلاطلب الرجوع إلى الدنياليأخذمنهاالزادوذلك بعدما
أخذت منه الشبكة فيقال له هيات هيهات إن الأمرقدفات))
مرابراهيم ابن أدهم بسوق البصرة بالعراق فاجتمع حوله الناس،قالوا:مالناياأباإسحق ندعوالله فلم يقبل منادعاء؟فقال لهم:لقدماتت قلوبكم بترك العمل بعشرة أشياء:
الأولى:عرفتم الله سبحانه وتعالى ولم تؤدواحقه.
الثانية:فرأتم القرآن ولم تعملوابمافيه.
الثالث:أكلتم نعمة الله ولم تؤدواشكرها.
الرابعة:زعمتم أنكم تحبون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتركتم سنته ظهريا.
الخامسة:علمتم أن الشيطان عدوكم وأجبتموه لمايدعوكم غليه.
السادسة:علمتم أن النارحق ولم تهربوامنها.
السابعة:علمتم أن الجنة حق ولم تعملوالها.
الثامنة:علمتم أن الموت حق ولم تستعدواله.
التاسعة:دفنتم موتاكم ولم تعتبروا.
العاشرة:إذاانتبهتم من النوم اتشغلتم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم
فلذلك أمات الله قلوبكم ولم يقبل منكم دعاءفعمرواقلوبكم بذكرالله
((ألابذكرالله تطمئن القلوب))
((وإنمايتقبل الله من المتقين))
لقدخطب الحسن البصرى يومافقال:
((ياابن آدم:طأالأرض بقدمك فإنهاعماقليل قبرك.
واعلم أنك لم تزل تهدم عمرك منذسقطت من بطن أمك فرحم الله رجلانظرفتفكر...وتفكرفاعتبر.واعتبرفأبصر..وأبصرفصبر. ..))
((منقول للفائدة))
