عبقري الرياضيات

انتبه! إذا أردت أن تصبح عبقري زمانك في الرياضيات فذلك ممكن، ومتى أردت إجراء عشرات العمليات الحسابية المعقدة في ثوانٍ قليلة فيمكنك ذلك أيضاً، ولأن الرياضيات هي المحرك الأساسي لخلايا الذهن وتحديداً عملية الحساب التي تعد لبَّ هذا العلم، وكون العصر الذي نعيش هو عصر تكنولوجيا الاتصال المعتمد على الذكاء والإبداع، فإن التفوق في هذا العلم يعد البوابة الأوسع نحو اقتحام هذا العصر.




هذه المتغيرات أوجدت ما يسمى بـ «عبقري الرياضيات»، ومؤخراً وجد في بعض الدول العربية من يحولون أبناءنا الصغار إلى عباقرة رياضيات يملكون مهارات وقدرات ذهنية هائلة تمكنهم من التعامل مع هذا العلم ببساطة كبيرة وقدرة عالية، وهو ما يشكل الأرضية الكافية للتفوق والإبداع.





بداية هذه الأسلوب من التعليم الإبداعي كانت عند مدير مركز عبقري الرياضيات حبيب عبد السلام ووكيل عام الشرق الأوسط في هذا المجال، والذي يقول ان البداية جاءت نتيجة لاحتياجاته الشخصية، وكمحصلة لبحثه المتواصل عن أساليب حديثة ومجدية لرفع مستوى أبنائه في مادة الرياضيات، وبعد تمحيص عميق استوقفه برنامج يدعى «ألوها» للرياضيات الذهنية أو عبقري الرياضيات.




عمليات معقدة...البرنامج وكما يقول مدير المركز الحالي يمكِّن التلميذ في النهاية من إنجاز عشرات العمليات الحسابية المعقدة في أقل من خمس عشرة ثانية، ويساعد على تنمية المهارات الفكرية والذهنية لدى الطفل وينشط ذكاءه ويضمن تفوقه في التحصيل العلمي والحياة العملية.


ويضيف حبيب أن تلك المعطيات خلقت لديه دافعاً في أن يعمم فكرة عبقري الرياضيات حتى يستفيد منها أكبر قدر ممكن من الأطفال، ففي العام 2002 وبينما كان يعمل في سلطنة عمان تمكن من التواصل مع شركة «ألوها» الأم في ماليزيا حتى أصبح وكيلاً عاماً في الشرق الأوسط، وحظيت السلطنة باحتضانها المركز الأول في تعليم الرياضيات الذهنية.


ويوضح أن عدد المراكز في عمان أصبح ستة، وفي الإمارات يوجد مركز في الشارقة وآخر في العين وثالث في رأس الخيمة وقريباً سيكون رابع في أبو ظبي، وأن جميعها وجد في فترة لا تزيد على العام ونصف العام، إذ ان نجاح المركز الأول في سلطنة عمان كان حافزاً وسبباً في انتشار الفكرة وتداولها بين عدد من الدول العربية، مثل مصر والسعودية والأردن وتونس بالإضافة إلى الإمارات.


«ألوها» والعداد الصيني


أما «ألوها» فهو نظام العداد الصيني، والذي تعود جذوره الأولى إلى العرب الذين تركوه إلى غيرهم، فمن مدينة بابل وقبل مئات السنين من ميلاد المسيح كان التجار يقومون بعملياتهم الحسابية عن طريق سطور من الرمل وعليها حجارة صغيرة، وهذه الآلية تطورت وانتقلت إلى الصينيين الذين قننوها على شكل عداد بدائي، وانتشر بعد ذلك إلى اليابان ودول شرق أسيا، ومر بمراحل تطوير عديدة حتى أصبح على شكله الأخير المتداول حالياً، فبداية هذا الإنجاز كانت عربية وها هو يعود إلى جذوره الأولى كما يقول عبد السلام.


وبالنسبة للعداد فهو يعلم الطفل مواقع القيمة العددية ويجعله يقبل على التعاطي مع هذه المادة بأسلوب مرح، لاسيما وأن المرحلة العمرية المستهدفة من عمر أربعة أعوام لغاية أربعة عشر عاماً، فالبحوث العلمية أثبتت أن تطور خلايا الذهن ونموها لدى الإنسان يكون بأقصى سرعة بين السنوات من أربع إلى أربع عشرة،


إذ يستوفي الدماغ في هذه الفترة نسبة 75 في المئة من نموه، ليصبح بعدها نمو الدماغ بطيئاً، وهذا النمط العبقري من التعليم يشتمل أيضاً على التعليم المتطور بالصورة والحس، فالطفل يشاهد ويلمس ويخزن في ذهنه، وفائدة التعامل مع العداد أنه يخلق بعد فترة قصيرة لدى الطفل ما يسمى بالذاكرة الرقمية.


10 ملايين طالب


أما نظام «ألوها» للحساب الذهني فقد أثبت فاعليته في هذا المجال بعد 15 عاماً من الخبرة وأكثر من 10 ملايين طالب حول العالم كما يقول حبيب، فهو من أفضل البرامج المنشطة للذهن بصورة غير تقليدية، وفائدته ليست فقط في أنه يمكن الطالب من التفوق في الرياضيات، بل أيضاً من اكتساب العديد من المواهب الذهنية التي تفتح له آفاق التفوق العلمي مدى الحياة.


إضافة إلى ما سبق فإن تصميم البرنامج وجد لينمي القدرات الذهنية عند الطالب، ويمنحه التفوق لاسيما في مسائل الحساب مثل الجمع والطرح والضرب والقسمة، إذ ان تدريس تقنيات الحساب الذهني تكون بأسلوب مرح عن طريق تعلم الجمع والطرح باستخدام العداد الصيني ومن ثم أصابع اليد، وبعد ذلك يتم تدريبه على تكوين وترسيخ صورة العداد الصيني في مخيلته، ليتم بعد ذلك إجراء العمليات الحسابية الطويلة والمعقدة ذهنياً بمساعدة أصابع اليد التي تتحرك سريعاً بعد تكوين ما هو أشبه بالذاكرة الرقمية.


ويؤكد وكيل الشرق الأوسط لعبقري الرياضيات أن كل طفل مؤهل لدخول هذا البرنامج الذي يضيف إلى شخصية متعلمة الكثير، مثل التفوق في الحساب والرياضيات، وسرعة القراءة والكتابة وقوة الذاكرة والانضباط وسرعة الاستيعاب والتحليل وزيادة التركيز في السمع والبديهة، إلى جانب الثقة بالنفس والمثابرة وقوة الحضور.


ويضيف أن عبقري الرياضيات من أفضل البرامج التي تخلص العقل من عقدة «الخوف من الرياضيات»، فنتائجه سريعة وإيجابية، موضحاً أن العصر الحالي محوره التفوق الذهني أو الذكاء البشري، الذي كسر حدود الآلة والتقنيات، وأن الشهادة أصبحت بمتناول الكثيرين ولكن المطلوب تحديداً هم أولئك المتميزون، ومثل هذه البرامج يكفل التفوق والتميز في أكثر من مجال.


ويوضح عبد السلام أنه زار الشركة الأم في ماليزيا وتدرب فيها حتى أتقن التعامل مع هذا البرنامج وأصبح مؤهلاً ليتولى زمامه في الشرق الأوسط، وليكون أول مدرب معتمد في الشرق الأوسط، مفسراُ أن البرنامج يتكون من ثماني مراحل مدة الواحدة ثلاثة شهور، تركز على التعليم التفاعلي المبني على الصورة والحس، إذ ان الإنسان يكتسب 80 في المئة من المعلومة عن طريق الصورة و20 في المئة عبر السمع والحواس الأخرى.


وبالنسبة لما يقوم به مركز عبقري الرياضيات في الشارقة فيفسر صاحبه أن البرنامج عبارة عن تقنيات فنية مكثفة في الحساب، يكتسبها الطفل عبر برنامج تدريبي مخطط ومنسق من قبل قسم تطوير وتنمية برامج الرياضيات الذهنية، وهي طريقة تهدف بالأساس إلى تنمية المهارات عن طريق إجراء العمليات الرياضية بسرعة ودقة، معتمداً على قدراته الذهنية دون الحاجة إلى مساعدة الآلة الحاسبة أو أية وسيلة أخرى.


قدرة الدماغ والعبقرية


وكما يؤكد فإن البحوث العلمية أثبتت أن قدرات الدماغ البشري لا حدود لها، وأن الإنسان العادي أو متوسط الذكاء لا يستخدم سوى أربعة في المئة من قدراته الدماغية، والنسبة الباقية من قدرات الإنسان تهدر دون فائدة، إضافة إلى أن التطور التكنولوجي الكبير ساهم في التأثير سلباً على قدرات الإنسان الذهنية، إذ ان الآلة الحاسبة والكمبيوتر سلبت روح المبادرة من الإنسان وتركته يعتمد عليها حتى في المسائل البسيطة، وبالتالي غاب محرك الذهن وأصبح الأخير راكداً.


ويشرح حبيب أن أكثر من 500 طالب وطالبة انخرطوا في البرنامج المعتمد في الشارقة منذ عام ونصف العام، فالتعليم يكون في مقر المركز إضافة إلى أننا نتعامل مع بعض المدارس النموذجية في الشارقة ونعرض لها مهارات تعلم الرياضيات الذهنية، موضحاً أن نتائج البرنامج أبهرت الكثيرين لاسيما أولياء الأمور الذين أكدوا تحسن أبنائهم في فترة قياسية، ليس فقط في مادة الرياضيات بل في غالب المواد الدراسية.


أديسون: العبقرية عرق وجهد


شيقول توماس أديسون ان واحدا في المئة من العبقرية إلهام رباني وأن 99 في المئة منها عرق وجهد، وقد أثبتت الدراسات أن تدريب الدماغ على القيام ببعض ألعاب الرياضيات الذهنية الخارقة يجعلهم يستخدمون مساحات من أدمغتهم أكبر من الناس العاديين، وهنا يتجلى الدور الكبير الذي تلعبه الرياضيات الذهنية بصورة خاصة، لا سيما وأن البحوث العلمية أثبتت أن تطور خلايا الذهن ونموها لدى الإنسان يكون بأقصى سرعة بين اربع سنوات إلى أربع عشرة، إذ يستوفي الدماغ في هذه الفترة نسبة 75 في المئة من نموه، ليصبح بعأولياء الأمور ينقلون الحقيقة كما لمسوها


أم محمد ولية أمر التلميذين محمد ودانة سامي السقا قالت انها جاءت بولديها إلى المركز حتى تشغل فراغهما بشيء يفيدهما، وعندما قابلت المدير سألته: هل سيمنح أبناءها شهادة نهاية كل مرحلة، فرد عليها نحن من سيأخذ الشهادة منك، وبعد خمسة شهور من التزام ولديها في ذلك المركز لاحظت تطوراً كبيراً طرأ على شخصيتيهما، لاسيما في احترام المواعيد والرغبة القوية في التوجه إلى المركز، وازدياد حدة التنافس بينهما، علاوة على الثقة الكبيرة بالنفس.


وتضيف أنه وبعد التحاقهما بالمركز تفاجأت وللمرة الأولى بدعوتها إلى المدرسة لحضور تكريم ولدها محمد نتيجة لتفوقه في جميع المواد، أما دانة فكان مستواها متوسطا ولم تكن بمستوى أخيها، ولكنها وفي فترة قصيرة استطاعت أن تخلق الذهول لدى الجميع، وتحصل على المركز الأول في المرحلة الأولى بمدرستها، لافتةً إلى أن زوجها يعمل مديراً للحسابات ورغم خبرته الطويلة في التعامل مع الأرقام، إلا أنه أصبح عاجزاً عن مجاراة ولديه في سرعة أدائهما للعمليات الحسابية الطويلة.


أما والدة التلميذة وفاء إبراهيم حسن ذات السبعة أعوام فتوضح أن مستوى ابنتها الدراسي كان ضعيفاً، إذ كانت ترفض على الدوام الكتابة وظلت تتسم بالبطء في أ داء واجباتها، إضافة إلى أنها لا تجيد القراءة أو الإملاء، فساقني القدر إلى التعرف على هذا المركز الذي غير من واقع الصغيرة في فترة ثلاثة شهور وبشكل لافت، فانقلبت سلبيتها في الدراسة إلى المبادرة والإيجابية، وأصبح مستواها مرتفعا وهو ما أثار فضول معلماتها في السؤال عن السبب، فاليوم لم أعد أعاني كما كنت أثناء تدريسها سابقاً.


أمين خلف والد التلميذان أمجد وسيف يوضح أن ولديه التحقا في البرنامج قبل ستة شهور، وهدفه كان استغلال طاقاتهما بشكل متميز، ولم يكن مقتنعاً بالوعود التي يسمعها من القائمين على أمر المركز، وفي هذه الفترة لاحظت أموراً كثيرة تغيرت في حياتهما بشكل عام، لاسيما في زيادة درجات في المواد الدراسية أو في أداء الواجبات أو في سرعة الاستجابة والتنفيذ، وعندما لمس الفرق الذي حصل في فترة قصيرة أيقن أنه ظلم إدارة المركز في شكوكه تجاههم، والآن يستسمحهم ويشكرهم على جهودهم المثمرة والهادفة.دها نمو الدماغ بطيئاً.