هاهو شهر رمضان قد تصرّمت أيامه وانسلت لياليه وتساقطت أوراقه تذروها الرياح، وهذا ثلثه الثاني قد طوى بساطه وقوّض خيامه وارتحل، انتظرناه طويلاً وتهيأنا له كثيراً ووضعنا له أجندة طويلة من أعمال البر والخير ثم هاهي أوقاته تتفلت من بين أيدينا دون أن ننجز أو نحقق من أهدافنا شيئاً.
إن مَن يقرأ في حياة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام ومَن سار على هديهم من سلف الأمة ليرى من حالهم عجباً كيف أنهم كانوا ينتظرون رمضان ويشتاقون إليه ويدعون الله شهوراً أن يبلّغهم شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار. لقد كان اشتياقهم لما يجدون فيه من لذة العبادة والأنس بالله والتعرّض لمِنَح الخير ونفحات العطاء. لقد كان شوقهم حقيقياً تُصدّقه كثرة صلاتهم وذكرهم وصدقاتهم وطول قيامهم وقراءتهم كتاب ربهم حتى ضربوا لنا أروع الأمثلة في الإقبال على الله والإخبات إليه والتضرع بين يديه والإطراح على عتبة بابه وكأن أحدهم قد اقترف الموبقات وهم من ذلك براء، ولكنه شعورٌ تملّك عليهم قلوبهم فاختلط فيه حب الله ورجاء رحمته والخوف من عقابه الأليم، فكان مزيجاً رائعاً ترجموه إلى واقع ملموس وممارسات عملية تزينت بها كتب السير والتراجم.
صدق من قال ( إذا ذُكر السلف افتُضح الخلف )، فأنت حين تقرأ سير أولئك الأعلام وتعيش مع تلك القمم ثم تلتفت إلى واقعنا اليوم ترى البون شاسع والفرق كبير وشتان بين الثرى والثريا!!
تأملت حالي كما هو حال كثير من الناس اليوم وتذكرت المثل القائل: أحشفاً وسوء كيل؟! بمعنى أتعطيني من الحشف (رديء التمر) وتنقص الوزن كذلك؟! فهذا حالنا مع الله ولله المثل الأعلى فمع سوء أعمالنا وتفريطنا في جنب الله وكثرة ذنوبنا طوال العام فإننا نقصر في أداء حقوق الله وواجباته في مواسم الخير ومنها رمضان، بل إن البعض منا يعلن الحرب مع الله في هذا الشهر الفضيل.
فمنا من لا ينام إلا بعد الفجر و يقضي نهاره في سبات عميق لا يستيقظ لصلاة أو غيرها حتى إذا حان موعد الإفطار استيقظ وتأهب وجاء إلى السفرة فإذا علا صوت المؤذن قال: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت! فبالله عليكم أي صيام عرفه أو أي جوع أحس به أو أي عطشٍ كابده ذلك النائم.
ومنا من جعل ورداً له بعد صلاة المغرب مشاهدة الفوازير أو غيرها من سخيف البرامج ووضيعها التي جمعت في ثناياها منكراً من القول و زوراً، بل بلغت السذاجة وموت القلب بالبعض ليقهقه ويطلق ضحكاته البلهاء على برامج تمادى أصحابها حتى نالوا من ثوابت دينه وأحكام شريعته.
ومنا من يقضي ليله متسكعاً في الأسواق يعاكس النساء ويؤذي المؤمنات حتى إذا أغلقت الأسواق أبوابها يمّم وجهه شطر المقاهي ليستمتع "بصكة البلوت" مع "رأس شيشة" إلى حين وقت السحور ليرجع إلى البيت سريعاً يسابق الأذان ليدرك السحور.
ومنا من غرّها حلم الله عليها فلم تقدره حق قدره فخرجت إلى الأسواق متبرجة سافرة تغري الرجال وتغوي الشباب، تتفنن في إبداء مفاتنها لتبيع جسدها وعرضها بثمنٍ بخس كلمات معدودة.
إنها مفارقة عجيبة بين حالنا اليوم وما كان عليه نبي الهدى وأسلافنا الصالحون، فحق لنا أن نهمس في أذن الزمان .. عذراً رمضان ما قدرناك حق قدرك ..
منقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووول

المشتاقةالى الجنة @almshtakal_algn
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

نرجس
•
جزاك ربي الجنة


جزاك الله كل خير واسال الله العلي القدير رب البيت العظيم ان يشفي امك واباك شفاء عاجلا غير اجل
اللهم امين
اللهم امين

الصفحة الأخيرة