
عذراً ياوطن !!
كم هو مؤلم حد الغثيان أن يخاف الإنسان من الرجوع الى وطنه..
أي أرضٍ ستحتضنني إذا ما لفظتني أرضي؟!!
أي وطنٍ سيحتويني إذا ما نبذني وطني؟!
عفواً..
فالوطن لا يعرف كيف ينبذ أبنائه !!
والوطن لا يجور على أبنائه !!
والوطن لا يدمي أجساد أبنائه !!!
ولكن ..
تلك الشرمذه من الطغاة هي من أساءت للوطن ..
أشباه الرجال هم من وصموا الأوطان بالعار ..
هم من حولوا الأنهار دماءً تجري ..
وحولوا حقول الزنابق موطناً للجراد والجرذان !!!
رأيتها ..
إمرأة منقبة تمشي بإستحياء في شوارع لندن ..
في متوسط العمر ..
حرمت من أشياء كثيرة في هذه الدنيا الزائلة
ومن أهمها نعمة الذرية التي كانت سبباً في تطليقها مرتان ..
ولكن ما كسر ظهرها وأحنى قامتها
أنها أصبحت تخاف وطنها !! وتشعر بالرعب
من مجرد فكرة الرجوع الى ترابه !!
لماذا؟!
هنا قصتها لعلها تحظى منكن بدعوة في ظهر الغيب..
منذ مدة قصيرة لا تزيد عن ثمانية شهورونيف
جاءت ياسمين الى بريطانيا طلباً للجوء
وللإلتحاق بزوجها المقيم هنا ( زوج رقم 3)

ولزوجها قصة ..
فياسمين تعتبر زوجته الثانية بعد وفاة الأولى
بنزيف في الدماغ بطريقة مفاجئة ،
وخلفت ورائها طفلان أحدهما لم يتعد بضعة شهور
والآخر كان سنتان تقريباً أو أقل!!
وكان الأب المنكول وقت وفاة زوجته
في إحدى معتقلات وطنه ( ذهب في إجازة ولسوء حظه
كان يصلي في مسجدٍ تحت المراقبة عندما
وقعت الكبسة على المسجد وتم سحبه مع من سحب من المصلين ) .
من هذه النقطة تحديداً بدأت معاناة الياسمين
فلقد هرب الزوج خلال ثورة من ثوراتنا العربية
ورجع الى بريطانيا بعد أن عقد قرانه عليها..
ووعدها بأن يبعث ورائها لتلحق به هناك ...
ولكن ما يسمى بأمن الدولة سبق الزوج الى ياسمين !!
وهناك تعرضت لأبشع أنواع التعذيب
فهناك توجد الذئاب البشرية من غير أقنعة
فهي تفتك بالضحايا في وضح النهار !!
وتوجد الحيوانات البرية وجنود إبليس كلهم
هناك في إنتظار أي فريسة جديدة !!
لكم أن تتخيلوا الباقي..
خلال فترة تعرفي عليها كنت دائماً ما أستغرب
من كونها تضع الحجاب على رأسها دائماً
داخل بيتي أو بيتها!! ولكن إذا عرف السبب بطل العجب!!
في لحظة فضفضة ولحظة إنكسار مؤلمة
رفعت الغطاء عن رأسها فرأيت ما يشبه بقايا شعر
فقد صفة الشعر الطبيعي
لإنهم ببساطة كانوا يستخدمون معها
الصعق الكهربائي فوق رأسها !!!
نزلت دموعها تسبقها عبراتي ودموعي !!
فحضنتها لعلي أبعث فيها شيئاً من الأمان ..
من بين دموعها قالت أنها كرهت الحياة الزوجية
نتيجة للتحرش الذي تعرضت له في المعتقل !!
قالت ... وقالت .. وقالت الكثير مما يقطع نياط القلوب
هل عرفتم لماذا تخاف الرجوع الى وطنها ؟!
لأنهم هناك ينتظرونها !!
ليمارسوا بحقها شتى أنواع العذاب .. والقهر .. والعبودية
هم وحوش آدمية !!
لا فرق لديهم بين ذكر وأنثى .. طفل وشيخ ..
قوي وضعيف ..
الكل عندهم سواء في سجون التعذيب والتنكيل !!!
تُرى لماذا بإسم الوطن تنتهك الحرمات ؟!!
وتباد الشعوب ؟ ويذل العزيز ؟ ويُقهر الضعيف ؟!!!
خارج السطر
ياسمين رفضت قضيتها في اللجوء
وصدر حكم بإبعادها الى وطنها !!
تقول إنهم سيأخذونها من المطار اذا رجعت
ولكم أن تتخيلوا حالها !!
فأدعوا لها فدعوة الأخ لأخيه في ظهر الغيب مستجابة ..
النهاية
بدون وطن ايش حياتنا رح تكون تشتت وتمزق وتفرقة
الوطن هو السيد وهو الحرية والكرامة
الوطن هو الماضي والحاضر
شكرا لقلم اصاغ لنا من الدرر عقدا ثمينا
شكرا لهذا البوح ولهذا التغريد العذب