عشآق الليل ..*
عُشاق الليل
حين يمد الليل رداء ويعم الكون بسواده فتسكن الحركات وتهداء الأصوات فلا يبقى إلا غارق في لذيذ السبات أو هائم في اقتراف الموبقات . هناك نجد أقواما قد صفوا أقداما أسهرهم الإشفاق من عذاب ربهم الخلاق { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }
عُشاق الليل وقد سهروا *** أثم العشاق وهم أُجر
عُشاق الليل قوم
إذ جن الظلام عليهم *** باتوا هنالك سجداً وقياماً
قوم
إذا جن الليل سهروا وإذ تفكروا في ذنوبهم بكوا وانكسروا
عُشاق الليل
قوم كرام السجايا أينما جلسوا *** يبقى الكلام على آثارهم عطر
قدوتهم الحبيب الهادى صلى الله عليه وسلم الذي كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
عُشاق الليل
قوم مشغولون عن النوم المريح الذين بما هو أُروح منه وانفع مشغولون بالتوجه إلى ربهم وتعليق أروحهم وجوارحهم به وهم في قيامهم وسجودهم تطلعهم وتعلقهم تملئ قلوبهم بالتقوى والخوف من عذابه يقول تعالى {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} الفرقان
عُشاق الليل
قوم ذوب الحزن أكبادهم وأنحل الخوف أجسامهم وغير السهر ألوانهم وأقلق خوف البعث قلوبهم نفوسهم عن الطاعات لا تسلوا وقلوبهم عن ذكر ربهم لا تخلوا الخشوع يخشع لهم إذا سكنوا والدموع تخبر عن خفي حرقتهم إذا كمدوا
عُشاق الليل
لما رأو أن الليل قد هجم عليهم وأهل الغفلة قد سكنوا إلى فرشهم قاموا إلى الله فرحين مستبشرين بما قد وهب الله لهم من حسن السهر وطول التهجد فاستقبلوا الليل بأبدانهم وباشروا لأرض بصقاع وجوهم فانقظى عنهم الليل وما انقظت لذتهم من التلاوة ولاملت أبدانهم من طول العبادة فأصبح الفريقان وقد ولى عنهم الليل بربح وغبن أصبح هؤلاء قد ملوا النوم والراحة وأصبح هؤلاء متطلعين إلى مجيئ الليل من جديد وشتان ما بين الفريقين
عُشاق الليل
هم في الليل ما بين صارخ وباك ومتأوه ومشتكي وساجد وراكع وقاعد وقائم ومستغفر ومسبح ومعترف ومقر
عُشاق الليل
لما وجدوا لذة السهر المباح وأن من خالف هوى نفسه استراح نادوا على المقصر الذي اثخنته الجراح ما أنصفت ربك أيها المقصر يذكرك وتنساه ويدعوك اليه فتذهب إلى غيره ويذهب عنك البلايا وأنت معتكف على الخطايا يسترك وتعصيه . أما تستحي إذا قال لك غداً ما اعتذارك يا قتيل غفلته يا أسير بطالته إجلس ساعة في بيت الفكر وصح على نفسك بصوت اللوم أما تعبت الرواجل في أسفار الجهالة أما اخذ الفراق حظه من يعقوب أأبقى السقام موضعا في جسم أيوب فإذا جن الليل فلحق بركب المتهجدين وزاحم زمرة المستغفرين
.
.
0
1K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️