صراع الحضارات - مقال جميل
بقلم : وسام النصر
تقدم الطفل ذو الملامح الغربية إلى المحاسب في البوفِيْه ، و بدأ حديثه باللهجة الأمريكية :
“Excuse me sir, can I have one French fries, one iced strawberry juice and a bottle of water please!”
ليتبعه مباشرةً طفلٌ آخر يملي طلباته :
“يا محمد .. عطنا واحد همبرجر و واحد بطاطس و واحد ببسي ، هاه !!”
كنت أقف خلفهما منتظراً دوري ، بل كنتشاهداً على صراع الحضارات الثقافي أعلاه ، الحضارة الغربية والحضارةالشرقية .. صراعٌ في مخيلتي فجره طفلان لم يبلغا العاشرة من العمر ، و دونحتى أن يشعرا بذلك ..
طرقت برهة من الزمن .. و في رأسي عشرات الأسئلة ، لم أكن أبحث عن إجاباتٍ لها بقدر ما كنت أحاول ترتيب عشوائيتها، أسئلةٌ يصب بعضها في التربية و بعضها في الدين ، و الآخر في الآداب .
تضمنت كلمات الطفل الغربي عباراتٍ مثل : عفواً .. سيدي .. لو سمحت .. في حين لم يكن من الطفل “ابن البلد” إلا أنبدأ حديثه بِـ “يا محمد” ، قالها كأسلوب نداءٍ رسمي و معتبر ، و أتبع ذلكبأوامر عدةٍ كما لو كان العامل مملوكاً له .
لا زلت أجهل السر وراء استخدام كلمة “محمد” كاسمٍ لكل من هو غير معلومٍ لدينا من العمالة الأجنبية ، مع أن الله سبحانه و تعالى فضل نبيه “محمداً” - صلى الله عليه وآله وسلم - علىالعالمين ، ولا أظن أن امتهان اسمه بهذا الشكل أمرٌ مقبول ، بل لماذا لايَعتَبِر كل واحدٍ فينا أن العامل يحمل نفس اسمه هو ، ألن يعتبر ذلك انتقاصاً لذاته ؟؟
ربما من الأجدى لنا إضافة تلك الطريقة فيالنداء إلى اللغة العربية ، و نخصص استخدامها للمنادى النكرة بالنسبة لنا .. ليس تقليلاً من شأن العامل الأجنبي لا سمح الله ، إنما من باب أنهاالطريقة المثلى المزعومة لمناداة أي عامل لا نعرف اسمه ، و من دون الأخذ بعين الاعتبار أصله أو ديانته ..
أسلوب الطفل “ابن البلد” المتسم بالفظاظةِ ، و التي كانت تكفي لزخرفة العبارة أعلاه بعناصر من الرق والعبودية ، فيه من التهجم و التهديد ما يكفي لعقف حاجبي العامل و غضبه من الطفل ، فلم يكن محتوياً حتى على أقل كلمات الطلب شأناً مثل “ممكن” ، والأدهى من ذلك أن ينهي عبارته بـ “هاه” و التي لم أجد ما يعادلها في اللغة العربية أو حتى في آداب التحدث مع الناس .
شيءٌ يدعو إلى التأمل حقاً ، أن يكونالطفل الغربي أكثر تأدباً من الطفل الشرقي ، و أن يكون أكثر تمسكاً بتلك الآداب حين الحديث مع الأغراب بغض النظر عن وظائفهم .. و أن يكون الطفل الشرقي مثالاً لنقيض ذلك ..
شيءٌ يبعث على الخجل ، أن يكون لدينا القرآن الكريم و سنة نبيه المصطفى - عليه وعلى آله أفضل الصلاة و التسليم - و لا نتذكر قوله تعالى {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(*)، أن يُبعثَ الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ليتمم مكارم الأخلاق ، ونحن نستمر في الإعراض عن كل ذلك .
قبل سنواتٍ قليلة فقط ، قامت قائمتنا ولم تقعد عندما أساء الغرب لنبينا الكريم ، ولم نحرك ساكنين أمام كل الابتذالات التي تحصل بشكل يومي منا و من غيرنا ، و أعلنا مقاطعة منتجاتهم و لم نفكر في إصلاح نتاجنا الشخصي و الفكري قبل ذلك ، أحرقنا أعلامهم و لم نعتقد بوجوب التخلص من جهلنا أولاً .
وصل دوري بينما كنت غارقاً في خضم كل تلك التساؤلات ، فلمحت الطفل الغربي يأخذ طلبه و يقول :
“Thank you”
وقبل أن أبدأ التفوه بطلبي سمعت الطفل “ابن البلد” يقول :
“وين الكتشب ياخي .. شفيك انت!!”
ارتسمت على شفتي ابتسامة ، ربما لأن لدي طفلاً أبسط حقوقه علي ((هو زرع مكارم الأخلاق فيه))
تعليقي..
جدا رائع المقال وأحسنكم أحسنكم أخلاقا اذا علينا
بهذا الاسلوب كبار وصغار ونلغي من قاموسنا السب واللعن وهي الادهى وسوء الاخلاق ونكون قدوة لغيرنا فإذا رأى الآخرين أسلوبنا شجعهم على الدخول في الاسلام وكثير يحدث ذلك فبعضهم يجحف لاننا لم نتخلق بآداب الاسلام والعيب فينا وليس في الاسلام
أعتقد ان الاطفال عندما يقولون يامحمد يقصدون انهم من أمة محمد
سحابة الوادي @shab_aloady
محررة فضية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
لبوة مسالمة
•
كلام سلييييييييم جزاك الله خير على النقل والتعليق..
ودي اتكلم بس انحشرت الكلمات في فمي من الخجل...لأن تعليقي ماراح يعجب احد وبيطلعون لنا ناس يقولون تكلمي عن نفسك وحنا مربين عيالنا زين .زومن هذا الكلام...لذلك بس حبيت اشكرك على الطرح الهادف المفيد البناء والداعي لتغيير مفاهيمنا حول التربية وطريقة زرع المبادئ الاسلامية في اولادنا.لك تحيايي
الصفحة الأخيرة