"المجتمع الحائلي" يقدم نموذجاً في العفو والتسامح
الشمري يتنازل لوجه الله عن قاتل ابنه ويطلب من الجهات الأمنية إطلاق سراحه
الامير عبدالعزيز بن سعد يقدم واجب العزاء لوالد المقتول ويشكره علي مبادرته
حائل، تحقيق- دحيم الشبرمي، مرشد العيسى:
قتل الشاب عواد حمود نايل بن طوعان الشمري عن عمر يناهز 17 عاماً، متأثراً بجراحه إثر تلقيه طعنة من جاره الشاب عبدالله بعد خلاف بينهما، وذلك في حي البادية بمدينة حائل.
وقدم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة حائل ظهر امس بزيارة لمنزل الشيخ حمود الشمري مقدماً واجب العزاء، وشاكراً له على موقفه النبيل بالعفو عن القاتل لوجه الله تعالى، وطلبه من المسؤولين في الجهات الأمنية إطلاق سراحه وعودته إلى أسرته، مثمناً سموه هذا الموقف الذي يعزز من نشر قيم العفو والتسامح في المجتمع.
وتعود تفاصيل الحادثة إلى أن الشاب عواد كان يمارس لعب كرة القدم في الملاعب الترابية بنفس الحي برفقته أبناء عمومته وأبناء جيرانه كعادة أبناء الحارات وأثناء اللعب وقبيل أذان المغرب فوجئ الشبان بدخول سيارة من نوع داتسون غمارة والقيام بالتفحيط داخل الملعب وقوبل ذلك بطلب من المجني عليه عواد بالخروج من الملعب، وبعد ثلاث محاولات لإخراج الشاب من الملعب الترابي ورفضه المتواصل غادر الملعب وأوقف سيارته عند منزله وحمل سلاحاً أبيضاً وعاد للملعب، وكانت توقعات الحاضرين إلى أنه حضر من أجل اللعب معهم، وبعد أن دخل إلى الملعب الترابي مخفياً السلاح الأبيض عن عيون الحاضرين وتوجه بغفلة من الجميع إلى جوار عواد وسدد إليه طعنة بجانبه الأيسر من جهة (القلب) وولى هارباً إلى منزله القريب من الملعب وسط مطاردة من المجني عليه " عواد " الذي أخذ يطارد عبدالله " الجاني" بالرغم من وجود السكين في جسده، وبينما هو يجري وراء الجاني سقط مغمياً عليه غارقاً في دمائه من شدة الطعنة ليحمله زملاءه إلى مستشفى الملك خالد، وأثناء الوصول إلى قسم الطوارئ لاحظ زملاؤه بأن عواد أخذ يردد الشهادة (لا إله إلا الله محمداً رسول الله) قبل أن يستلمه أطباء المستشفى في محاولة لإنقاذ حياته ولكنه لفظ أنفاسه الأخيرة فور وصوله إلى المستشفى.
القاتل يهاتف شقيق المقتول بعد الحادثة!
بعد انتهاء المشاجرة بمقتل عواد وسط الملعب الترابي ونقله لمستشفى الملك خالد تلقى شقيق عواد الذي يكبره سناً وإسمه حبيب إتصالاً من منزله يفيد بأن هناك مشاجرة بالحي بين عواد وأحد أبناء الجيران وتم نقل عواد إلى المستشفى وكان قبل ذلك شقيق عواد قد تلقى إتصالاً من الجاني بعد وقوع الحادثة مباشرة يستفسر عن المكان الذي يتواجد به وسط نبرات صوت مرتبك من الجاني قبل أن يعرف بأن شقيقه قد تعرض لطعن على يد محادثه وقال حبيب: " لم أتفاجأ باتصال عبدالله كوننا أبناء جيران وقد تعودت أن أهاتفه ويهاتفني بين الحين والآخر ولكن نبرة صوته توحي بأن هناك شيئا ما وحينما سألته بالحرف الواحد (وش فيه) أغلق الهاتف دون معرفة الموضوع، ويضيف حبيب: فور انتهاء المكالمة تلقيت إتصالاً من المنزل يفيد بنقل شقيقي إلى المستشفى بعد وقوع مشاجرة داخل ملعب الحي، وتوجهت بعد ذلك إلى الملعب فوجدت بعضاً من أبناء الحارة أفادوني بأن شقيقي عواد تم نقله للمستشفى، وذهبت هناك حيث فارق أخي الحياة، وتلقينا الخبر بقلب مؤمن وصابر على قضاء الله وقدره .
موقف والد عواد بعد وفاة ابنه !
بعد أن تلقى الخبر بقلب مفعم بالإيمان اتجه حمود بن نايل بن طوعان (والد عواد) إلى منزله وبرفقته ابنه حبيب وتلقى اتصال من أحد أقاربه أفاد فيه بأن جاره والد الجاني (فالح بن نايف بن عامود الشمري) والذي تربطه علاقة جوار منذ ما يقارب 16 عاماً قد ألقت السلطات الأمنية القبض عليه برفقة ابنه الأكبر (سلامة) كاحتراز أمني خوفاً من ردة فعل لأهل المجني عليه إلا أن شهامة ورجولة ونخوة حمود بن نايل بن طوعان أذابت كل هذه المخاوف بعد أن توجه إلى مقر شرطة المنتزه برفقته شقيقه (عيد) الذي أستنجد به حمود لعدم قدرته على قيادة السيارة وبعد وصولهم إلى مقر شرطة المنتزه دخل حمود إلى مدير المركز وقلبه مثقل بالجراح والألم على إبنه الذي لفظ أنفاسه قبل ساعات وطلب منهم الإفراج عن جاره ونجله الأكبر كون أسرتهم تحتاج إليهم وأن مقتل نجله قضاء من الله وقدره، وبأن والد القاتل ونجله ليس لهما يد في الموضوع وتكفل والد عواد بأن لا يلحقهما أي أذى وبعد عدة محاولات تم الإفراج عنهم وخرجوا إلى منزلهم في نفس الليلة، بل بعد الحادثة بساعات وبعد أن انتهت مراسم الدفن وتشيع الجثمان إلى مثواه الأخير شرع والد عواد في استقبال المعزين وسط موجة حزن عارمة بفقدانه لأبنه وهو في مقتبل العمر ومع هذا لم يغفل بأن جاره والد الجاني يعيش نفس المعاناة والحزن فأخذ يطلب من المعزين التوجه إلى منزل جاره وتقديم واجب العزاء معتبراً أن مصابهم واحد.
العفو عن القاتل
لم يمض على مقتل عواد – رحمه الله – إلا قرابة 10 أيام ومازال الحزن يخيم على منزل والده وأعمامه وكافة أسرته فبادر الشيخ حمود بن نايل بن طوعان في إعتاق رقبة عبدالله بن فالح الشمري (قاتل أبنه عواد)، حيث توجه صبيحة يوم السبت الماضي إلى مركز شرطة المنتزه ودخل على مدير المركز العقيد شفق رحيل السويدي وطلب منه أن يقفل باب مكتبه لكي يتحدث معه بأمر هام وتفاجأ العقيد شفق بأن الشيخ حمود السويدي جاء ليكتب تنازله عن قاتل ابنه، دون تدخل أي وساطات وشفاعات من أحد أو طمع في مال يحصل عليه يدفعه لذلك إيمانه العميق ورجولته وشهامته واقتدائه بالمقولة السائدة (العفو عند المقدرة) ليزرع الابتسامة على شفاة والد ووالدة وأشقاء جاره، رغم أن قلبه ينزف ألماً وحسرة على فقدان أبنه الذي لم يمض على وفاته إلا أيام قلائل، وهو ما شجع عليه مدير المركز العقيد السويدي،وعلى الفور سجل اعترافه ومن ثم رفعه إلى المحكمة الشرعية لتصديق تنازله شرعاً.
الحادثة درس للشباب
وقال ل"الرياض" الشيخ حمود بن نايل بن طوعان الشمري أنني أؤمن بقضاء الله وقدره وبأن ابني عواد رحل عن دنيانا الفانية ليقابل ربه وهو في عز شبابه في يومه الموعود ولا يلحقني شك بأن قاتل أبني لم يفعل ذلك لوجود علاقة عدائية أو خلاف مع عواد بل هي نزعة شيطان من شاب طائش لم يعرف بأن تهوره هذا سيؤدي إلى وفاة أبني"، داعياً الشباب إلى الإفادة من هذه الحادثة، خصوصاً الذين لاتخلوا مشاجراتهم من التهور واستخدام الأسلحة بكافة أنواعها مما تؤدي لإزهاق أرواح وعواقب وخيمة يندم عليها بعد ساعة لا ينفع معها الندم فديننا الحنيف حثنا على ضبط النفس في لحظة الغضب وعلينا أن نقتدي بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول (ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب) .
وأضاف أن تنازله واعتاق رقبة قاتل أبنه لم يأت بضغوط وشفاعات بل لرغبة ذاتية الهدف منها التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يعطي ويأخذ ويخلف ويهب، وقد يستغرب الجميع من سرعة القرار الذي اتخذته لأني لا أريد أن يعيش جاري وأسرته ووالدة القاتل على أعصابهم، ولو الأمر بيدي لأخرجته من السجن وأدخلته على والده ووالدته وأخوته وأخواته الذين ينتظرون خروجه من السجن على أحر من الجمر وحتى لو مكث عبدالله بالسجن فإن ذلك لن يعيد لنا أبننا وسيبقى الحزن مخيماً على منزل جاري الذي لن أرضى أن يعيش وسط حزن لغياب أبنه الذي دفع ثمن تهور طائش.من جانبه تحدث والد القاتل فالح بن نايف بن عامود الشمري ل ( الرياض )، وقال" يعجز لساني عن وصف الذي حدث من جاري الشهم الوفي الشجاع حمود بن نايل بن طوعان الشمري هذا الرجل غمرني بطيبه و أعتبر ماعمله معجزة تسجل فقط لأساطير الرجال.
ونوه شقيق القاتل الأكبر سلامة بن فالح الشمري بالموقف الكبير الذي سجله جارنا وطوق أعناقنا بجميل فضله.
نبذه عن حياة الفقيد
الفقيد الراحل عواد بن حمود بن نايل بن طوعان الشمري يبلغ من العمر 17 عاما ويدرس في معهد حائل العلمي بالصف الثاني ثانوي وهو أحد أبرز لاعبي نادي الجبلين لدرجة الشباب، ومثل الفريق هذا الموسم في منافسات دوري المنطقة وبعد إنتهاء الدوري تم اختياره ضمن عدد من اللاعبين للاستمرار مع الفريق الأول بعد إعجاب المدرب المصري عبدالله درويش بقدرات اللاعب الفنية، إلا أن ظروف اللاعب الدراسية حالت دون استمراره بتمارين الفريق الأول فأخذ يمارس معشوقته في ملاعب الحواري التي ذهب ضحية لها.
شكر خاص
النقيب محمد بن عبدالله الدعيع بن طوعان أحد ضباط الدوريات الأمنية في منطقة حائل قام بالتنسيق مع خاله الشيخ حمود بن نايل بن طوعان الشمري للحديث مع "الرياض" عن غيرها من الوسائل الإعلامية الأخرى.
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
بنت حمول
•
يارب ترحم المقتول وتصبر والديه وفي هذه المحن يبان معدن الرجال لكن كل ماكان في قلب الانسان دين وايمان كل ما اعفى واصفح وما قالها ربي من فراغ ومن اعفى واصلح فأجره على الله ياحظك بتأخذ العفو ومن من من اكرم الاكرمين ياهنيك بالاجر
بنت حمول :يارب ترحم المقتول وتصبر والديه وفي هذه المحن يبان معدن الرجال لكن كل ماكان في قلب الانسان دين وايمان كل ما اعفى واصفح وما قالها ربي من فراغ ومن اعفى واصلح فأجره على الله ياحظك بتأخذ العفو ومن من من اكرم الاكرمين ياهنيك بالاجريارب ترحم المقتول وتصبر والديه وفي هذه المحن يبان معدن الرجال لكن كل ماكان في قلب الانسان...
الله يرحمه ويرحم امواتنا واموات المسلمين
الصفحة الأخيرة