.. عكازان .. لزمن صعب ..

.. في ذلك المكان البعيد من العالم .. رأتهما ..

.. كانا في الخريف .. المتأخر .. من العمر ..

.. كانا يمشيان الهوينى ..

.. يتناجيان .. بهدوء .. يبتسمان .. بهدوء ..

.. كان هو .. لا يكاد يتحرك ..

.. قدماه تزحفان على الأرض زحفاً بطيئاً .. ثقيلاً ..

.. استنفدت قدماه كل ما لديها من طاقة .. في سنوات مضت ..

.. وأبت إلا الراحة .. فيما بقى لها من سنين ..

.. كانت هى .. الأفضل ..

.. قدماها تتفارقان و الأرض قليلاً ..

.. و لكنه فراق عاشقين ما يلبث أن يضنيهما شوق سريع ..

.. فترتد القدم للأرض .. في محاولة جديدة للفراق ..

.. كانت كفه .. تحتضن كفها ..

.. كان يتوكأ عليها ..

.. و كان عكازها ..

.. تستند إليها سنواتٌ مضت من حياته .. بفرحها و شقائها ..

.. و تستند روحها إليه .. تطلب الراحة .. بعد عناء سفر طويل ..

.. عكازان هما .. لآمال سنوات قادمة ..

.. سنوات .. أمواجها في حركة دائبة ..

.. تهدهدها نسمات ..

.. أو تقتلعها عواصف ..

.. و كان كفه .. الميناء ..

.. و كان كفها .. الأمان ..

.. و كان كفها .. الحنان ..

.. تُرى ..

.. ما الذي ملأ روحيهما بكل تلك الطمأنينة و السكينة ..

.. و تلك السعادة المتجلية على محياهما ..

..تُرى ..

.. منذ متى تشاركا الحياة .. ؟

.. و مشت ربهما الطويلة .. طريقا واحداً .. لا اثنين ..

.. تُرى ..

.. ما سر ذلك الجمال الساكن في وجهيهما رغم خرائط التجاعيد ..

.. المرسومة عميقاً .. في الوجه و الكفين ..

.. أهو.. انعكاس لجمال الروح ..

.. أم مرآة .. لما هو أعمق من ذلك .. ؟؟

.. أتُراه .. الحب الذي سكن روحيهما قبل قلبيهما .. ؟؟

.. لكن الحب وحده .. لا يصمد أمام عتو الزوابع و الأعاصير ..

.. هناك ما هو اعمق .. و أقوى ..

.. يا تُرى .. ما هو .. ؟؟

.. قد أملك تصور لماهية هذا الأعمق و الأقوى ..

.. و لكن .. أحب أن أسمع منكم أولاً ..

.. لقلوبكم .. كل الخير ..

.. و صباحكم .. جميل .. كصباح مدينتي هذا اليوم ..