
علاج يفيد المطلقه والأرمله والعانس
(1)
السلام عليكم
المصيبه تتنّوع بشكلها قد تكون صغيره او كبيره فمن فقدت زوجاً فهو مصيبه وحزن كبير لها ومن تلاشى وذهب الحلم الذي كانت تحلم به في حياة زوجيه مع زوج لم يعرف أو يقدّر الحياة الزوجيه وألبسها ثوب المطلقه فهو مصيبه وحزن ومن مرت السنين عليها وتأخر زواجها فكذلك هذا هم وحزن لها والنبي صلى الله عليه وسم قال : " مايصيب المؤمن من نصب ولاوصب ولا هم ولاحزن ولا أذى ولاغم حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه " متفق عليه . النصب : التعب ، الوصب : المرض
ورأيت من أجمل من كتب حول هذا الأمام ابن قيم الجوزيه وهو علاج شامل لكل من يصاب بشيء يحزنه كيف كان كبير او صغير سوف يجد داخله حلاً له
يقول الأمام ابن قيم الجوزية :
هديه صلى الله عليه وسلم في علاج حر المصيبة وحزنها
قال تعالى : وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون . وفي " المسند " عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من أحد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أجاره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها
وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب وأنفعه له في عاجلته وآجلته فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى عن مصيبته .
أحدهما : أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة وقد جعله عند العبد عارية فإذا أخذه منه فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير وأيضا فإنه محفوف بعدمين عدم قبله وعدم بعده وملك العبد له متعة معارة في زمن يسير وأيضا فإنه ليس الذي أوجده عن عدمه حتى يكون ملكه حقيقة ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده ولا يبقي عليه وجوده فليس له فيه تأثير ولا ملك حقيقي وأيضا فإنه متصرف فيه بالأمر تصرف العبد المأمور المنهي لا تصرف الملاك ولهذا لا يباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي .
والثاني : أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق ولا بد أن يخلف الدنيا وراء ظهره ويجيء ربه فردا كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا مال ولا عشيرة ولكن بالحسنات والسيئات فإذا كانت هذه بداية العبد وما خوله ونهايته فكيف يفرح بموجود أو يأسى على مفقود ففكره في مبدئه ومعاده من أعظم علاج هذا الداء ومن علاجه أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه . قال تعالى : ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور .
ومن علاجه أن ينظر إلى ما أصيب به فيجد ربه قد أبقى عليه مثله أو أفضل منه وادخر له - إن صبر ورضي - ما هو أعظم من فوات تلك المصيبة بأضعاف مضاعفة وأنه لو شاء لجعلها أعظم مما هي .
ومن علاجه أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب وليعلم أنه في كل واد بنو سعد ولينظر يمنة فهل يرى إلا محنة ؟ ثم ليعطف يسرة فهل يرى إلا حسرة ؟ وأنه لو فتش العالم لم ير فيهم إلا مبتلى إما بفوات محبوب أو حصول مكروه وأن شرور الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل إن أضحكت قليلا أبكت كثيرا وإن سرت يوما ساءت دهرا وإن متعت قليلا منعت طويلا وما ملأت دارا خيرة إلا ملأتها عبرة ولا سرته بيوم سرور إلا خبأت له يوم شرور قال ابن مسعود - رضي الله عنه - لكل فرحة ترحة وما ملئ بيت فرحا إلا ملئ ترحا وقال ابن سيرين : ما كان ضحك قط إلا كان من بعده بكاء
وقالت هند بنت النعمان : لقد رأيتنا ونحن من أعز الناس وأشدهم ملكا ثم لم تغب الشمس حتى رأيتنا ونحن أقل الناس وأنه حق على الله ألا يملأ دارا خيرة إلا ملأها عبرة .
وسألها رجل أن تحدثه عن أمرها فقالت أصبحنا ذا صباح وما في العرب أحد إلا يرجونا ثم أمسينا وما في العرب أحد إلا يرحمنا
وبكت أختها حرقة بنت النعمان يوما وهي في عزها فقيل لها : ما يبكيك لعل أحدا آذاك ؟ قالت لا ولكن رأيت غضارة في أهلي وقلما امتلأت دار سرورا إلا امتلأت حزنا .
قال إسحاق بن طلحة : دخلت عليها يوما فقلت لها : كيف رأيت عبرات الملوك ؟ فقالت ما نحن فيه اليوم خير مما كنا فيه الأمس إنا نجد في الكتب أنه ليس من أهل بيت يعيشون في خيرة إلا سيعقبون بعدها عبرة وأن الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه إلا بطن لهم بيوم يكرهونه ثم قالت
فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
فأف لدنيا لا يدوم نعيمها تقلب تارات بنا وتصرف
قالت الخنساء وهي ترثي أخاها صخراً الذي مات في أحد المعارك:
تذكرني طلوع الشمس صخرأ
.......................وأذكره بكل غروب شمس
فلولا كثرة الباكين حولي
......................على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي
.......................ولكن أعزي النفس عنه بالتأسي
فالأخت المطلقه او الأرمله أو العانس عندما ترى يوجد من أخواتها ومن قصصهم منهن مثلها أو أصعب ظروف منها سوف يكون هذا تسلية لها وأنها ليست وحدها بهذا الحال وأنها أفضل حال من غيرها أحياناً فتحمد الله على كل حال وأنه قدر من الله