علاقة المرأة بالمرأة ..هل هي علاقة صداقة؟
هذه الأحاديث التلفونية الطويلة بين المراة والمراة..هذه الزيارات النسائية التي تمتد ساعات وساعات ..هل تعني حقا وجود صداقة قوية عميقة ؟ لماذا تتبادل النساء الأسرار التي لا يبحن بها أبدا للرجال ؟..
ملاحظة طريفة قرأتها في احدى المجلات ، ترويها كاتبة فرنسية معروفة عاشت فترة من الوقت في قرية هندية صغيرة..فمن شرفتها كانت ترى نساء القرية يغسلن الملابس في النهر ..كانت تراقبهن وهن يعملن لفترة طويلة بانهماك ..وكانت تشفق عليهن من ذلك العمل القاسي.. لذلك اغتبطت كل الغبطة عندما علمت ان الحكومة قد تلقت عرضا من إحدى المنظمات الدولية لادخال المياه إلى بيوت القرية ..كان ذلك نفعا اكيدا .. ولكن لدهشتها الشديدة عارضت النساء بشدة هذا المشروع . ولم تلبث دهشتها ان تلاشت ..فقد أدركت أن إصرار نساء القرية على رفض هذا المشروع ومقاومته يرجع إلى أنهن ينتهزن فرصة الاجتماع لغسل الملابس على شاطئ النهر لتبادل الأحاديث والخبرات ولتبادل أسرار حياتهن الخاصة في حرية ..ولا أظن أن المنظمة الدولية التي تطوعت بتقديم خدمة إدخال المياه إلى بيوت القرية قد فهمت أبدا - لمذا حاربت النساء المشروع ..
ولكن ..هل تلجأ كل النساء دون تفرقة إلى هذه الجلسات النسائية ..وتلك الأحاديث الطويلة ؟
بالتأكيد لا ..فالمرأة التي تتمتع بحرية التعبير عن مشاعرها ومشاكلها ..المراة التي لا تعيش خاضعة مستسلمة ..لاتحس بالحاجة إلى الانفراد بغيرها من الجنس الناعم للفضفضة..لتعرية النفس..للتنفس ..وهي لذلك تبني صداقاتها على أسس مختلفة..ونادرا ما تخوض حديثا تشتم منه الشكوى..
اما النساء اللائي يشعرن بالخضوع .. بالسيطرة ..بالعجز عن افصاح عن مكنون النفس في وجود الرجل.. فهن اللآئي يتلهفن على فرصة اجتماع نسائي.. أو يهرعن إلى سماعة التلفون ، ويبدأن في عملية تحررمن القيود ..من الأغلال ..من السيطرة.. وتأخذ كل واحدة في إفراغ ما في جعبتها .. فبعيدا عن الرجل تنطلق الألسنة ، وتتعدد الموضوعات..موضة ..مستحضرات تجميل.. فضائح الآخرين ..مشاكل الخادمات ..ودائما..دائما ..متاعب الرجال ..خياناتهم.. قسوتهم..قلة مراعاتهم للمشاعر..تقتيرهم في الانفاق....
هل هذه صداقة؟.
الصداقة هي تجاوب فكري وروحي..وهيأ نبل علاقة انسانية يمكن أن تقوم بين أفراد الجنس الواحد..ولكن هذه الروابط النسائية التي تحدثنا عنهاالنساء..هل هي الصداقة حقا؟إنها قد تبدو في ظاهرها علاقة متكاملة،ولكنها لا تخلو من الخطر..مثلا ،خلال فترة الحمل تشعر المرأةبحاجتها إلى الآخريات..ولكنها بعد الولادة..تتبتعد تماما..لماذا؟..لأنها تبدأ في الشعور بأن هؤلاء الآخريات يردن نصحها بفرض خبراتهن عليها..فالاستغراق في الحاديث النسائية، قد ينتهي إلى سيل من النصائح يشعر الواحدة أنها ليست أهلا للتصرف بمفردها.. وهذا هو الفارق بين الصداقة ..وتلك الروابط النسائية.. فالصديقة لا توحي ابدا خلال نصحها بانها تتدخل وتتطفل وتفرض..ولا يكون رد فعل كلاهما إحساسا بالنقص في النفس..
وعندما تشعر المرأة بأن الآخريات يجرحن شعورها بنصائحهن ، فإن ذلك يعني أن علآقتها بهن قد تجاوزت المحتمل إلى غير المحتمل، وهذا كفيل بتمزق الرابطة..
ولكن ذلك وحده ليس السبب في تفكك الكثير من هذه الروابط التي قد تبدو في اول الأمر قوية..عميقة..هذه الروابط التي تنمو لمجرد الرغبة في االافضاء والشكوى..فقد تكتشف الواحدة أن سرها الذي ظنت أنه في بئر..قد شاع وانتشر بين الآخريات ..ورغم أن الفضول وحب الاستطلاع غالبا ما يكون وراء هذا الذيوع..وليس سوء النية ..إلا أن من ذاع سرها تصدم تماما ..وتشعر بأنها خدعت في صاحباتها.. وسرعان ما تتباعد عنها ..
ولذلك فإن علاقات الصداقة النسائية التي تقوم على مجرد الرغبة في الإفضاء وتبادل الأسرار ، كثيرا ما تتعرض لهزات عنيفة تطيح بها من جذورها ..وينتهي أمرها تماما وكأنها لم تكن في يوم من الأيام..
هل يغار الرجل من صداقات زوجته ؟
كثيرا ما نسمع أزواجا يرددن بعدم مبالاة مصطنعة أو حقيقية:
"زوجتي لا تقول لي أبدا شيئا .."
وكثيرا أيضا ما يقولون بسخرية.. أو بلهجة الشكوى: "لاندري بماذا يتحدثن كل هذا الوقت في التلفون ؟"
ولكن أحدا منهم لم يحاول أن يسال نفسه..لماذا تلجأ زوجته إلى التحدث مع صاحبتها دون ملل، ولا يحدث أبدا أن تفعل ذلك معه؟..
السبب واضح..كل زوجة قد قدمت لها النصائح قبل أن تنتقل إلى بيت زوجها..بأن تهتم بكل شيء يخصه:" حدثيه عن عمله..عن كل ما يهتم به.. دعيه يشعر بأنه أهم شخص في حياتك.. تعلمي فن الانصات اليه.. اجعليه يشعر بأنه أفضل الرجال ...
وهكذا ينتهي الامر بالرجال إلى الاعتقاد بأن عالمهم ..وعملهم..ومشاكلهم أكثر أهمية من أي شيءيخص المرأة..ولا يكلفون أنفسهم مشقة سؤالها عما يقلقها أو يضايقها..ولايعيرونها آذانا صاغية..وتضطر هي إلى اللجوء إلى الصاحبات..تحكي لهن كل ما يجول في خاطرها..وكل ما يحير نفسها..وكل ما يعترض حياتها من مشاكل.. حتى المشاكل اليومية بينها وبين زوجها أو اطفالها أو خادمتها..
والغريب أن الرجل لا يدرك غالبا انه هو الذي دفع زوجته غلى هذا السبيل ..وياحذ في التضرر من صداقتها..بل أحيانا يغار من هذه الحياة الخاصة لزوجته..ويتمادى في غيرته إلى حد الشكوك ..وقد ينتهي الامر إلى نوع من الانفصال الفكري والروحي والاجتماعي..هو له عالمه ، وهي لها عالمها..
الصداقة بين امراتين..
يزعم بعضهم انه يستحيل قيام صداقة حقيقية بمفهومها الكبير العميق، بين امرأة وأخرى..عوامل كثيرة تحول دون ذلك..الغيرة ..التنافس..الحقد..الشكوك..
ونحن نؤكد أنه زعم خاطئ..فالمرأة الناضجة الواعية تعرف الصداقة..وتسعى للحفاظ عليها، وتستمتع باجوائها السوية باعتبار انها تجاوب روحي..وتآلف فكري..وراحة للنفس..
ولكن ..عندما تنشأ الصداقة بين النساء، ولا اساس لها غيرالشكوى من الرجال عامة.. أو من رجل بصفة خاصة،فإنها تكون مهددة بالانهيار.
كيف تحافظين على صداقتك؟
الصديقة هي من نرتاح إلى وجودها..من نأمن إلى ودها..من نحس بالحاجة اليها في السراء والضراء..من نتحدث معها وكأننا نتحدث مع أنفسنا..
ولكن ..إذا كان في الافضاء الكثير من الراحة..فإننا يجب أن نتذكر دائما ما يصح أن يقال ، وما يجب أن يكتم.. أحيانا ..في لحظات الانفعال.. نرفع كل الضواغط عن النفس.. وتنزلق
ألسنتنا بأسرار لا يجوز البوح بها..
أو يدفعنا فضول الآخريات إلى كشف النقاب عما يجب أن يستر، ثم يكون الندم..والشعور بالخجل، والرغبة في الابتعاد.. فلنتذكر جميعا أنه مع النفس وحدها، يمكن تعرية الحقائق.. وكشف النقاب ..وتمزيق الستر.. وأن النضج يحتم علينا ألا نصادق لمجرد الرغبة في الثرثرة والافضاء .. لأن الصداقة أعمق من ذلك وأنبل ...
أعجبني وأحببت أن أنقله الى هنا
لمسه ذوق @lmsh_thok
محررة فضية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
بل هي صداقة جميلة ولكن لها شرط مهم وهو ان تكون بعيدة عن المصالح الشخصية.. وأن تكون خالصة لوجه الله
أن تكون اخاء وتقوم على الطاعة وليس على المعصية ..... فالصديقة التي لاتنبه صديقتها لخطأ في الدين .. ليست صديقة حقا
وأقول لكل صديقة: اتقي الله ربك في صديقتك وعائلتها واسرارها
مشكورة غاليتي لمسه ذوق ..... والله انك كلك ذوق:27: