بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
أولاً : حسن البنا :
1- اعتقاده بعقيدة التفويض ونسبتها للسلف ، حيث قال في رسالة العقائد : " ونحن نعتقد أن رأي السلف من السكوت وتفويض علم هذه المعاني إلى الله تبارك وتعالى أسلم وأولى بالاتباع " ( مجموعة الرسائل – ص : 417 ) .
2- قوله بوحدة الوجود ، قال عبدالرحمن البنا كما في كتاب : حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصرية ص 70 : " وعقب صلاة العشاء يجلس أخي ـ حسن البنا ـ إلى الذاكرين من جماعة الإخوان الحصافية ، وقد أشرق قلبه بنور الله ، فأجلس إلى جواره نذكر الله مع الذاكرين ، وقد خلا المسجد إلا من أهل الذكر ، وخبأ الصوت إلا ذبالة من سراج ، وسكن الليل إلا همسات من دعاء ، أو ومضات من ضياء ، وشمل المكان كله نور سماوي ، ولفه جلال رباني ، وذابت الأجسام ، وهامت الأرواح ، وتلاشى كل شيء في الوجود وانمحى وانساب بصوت المنشد في حلاوة وتطريب :
الله قل وذر الـوجود وما حوى *** إن كنت مرتادًا بلوغ كمالي
فالــكل دون الله إن حققته *** عدم على التفصيل والإجمالي
3- حسن البنا صوفي حصافي ، إذ يقول : " وصحبت الإخوان الحصافية بدمنهور وواظبت على الحضرة بمسجد التوبة في كل ليلة ... وحضر السيد عبد الوهاب المجيز في الطريقة الحصافية الشاذلية وتلقيت الحصافية الشاذلية عنه وآذنني بأدوارها ووظائفها " ، وقال في موضع آخر : " وفي هذه الأثناء بدا لنا أن نؤسس جمعية إصلاحية هي الجمعية الحصافية الخيرية وانتخبت سكرتيرًا لها ... وخلفتها في هذا الكفاح جمعية الإخوان المسلمون بعد ذلك " ( مذكرات الدعوة والداعية – ص : 27 ) .
4- إحياؤه للبدع كالموالد وغيرها ، إذ يقول : " وأذكر أنه كان من عاداتنا أن نخرج في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بالموكب بعد الحضرة كل ليلة ، من أول ربيع الأول إلى الثاني عشر منه ، ونحن بالموكب ونحن ننشد القصائد المعتادة في سرور كامل وفرح تام " ( مذكرات الدعوة والداعية – ص : 52 ) .
ثانيًا: سيد قطب :
1- قوله بوحدة الوجود ؛ حيث قال عند قوله تعالى ( قل هو الله أحد ) : " لا شيء غيره معه ، وأن ليس كمثله شيء ، إنها أحدية الوجود ، فليس هناك حقيقة إلا حقيقته ، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده ، وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي ، ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية ... إلى أن قال : فلا حقيقة لوجود إلا ذلك الوجود الإلهي ، ولا حقيقة لفاعلية إلا فاعلية الإرادة الإلهية " ( في ظلال القرآن 6/4002 ) .
2- إنكاره وتحريفه لاستواء الله على عرشه ؛ حيث قال : " أما الاستواء على العرش فنملك أن نقول : إنه كناية عن الهيمنة على هذا الخلق استنادًا إلى ما نعلمه من القرآن عن يقين من أن الله سبحانه لا تتغير عليه الأحوال ، فلا يكون في حالة عدم استواء على العرش ، ثم تتبعها حالة استواء " ( في ظلال القرآن 6/3480 ) .
3- طعنه في نبي الله وكليمه موسى عليه الصلاة والسلام ، حيث قال : " لنأخذ موسى ؛ إنه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج !! " ( التصوير الفني في القرآن ص 162 ) .
4- طعنه في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ حيث أسقط خلافة ثالث الخلفاء الحيي الذي تستحي منه الملائكة وطعن فيه ، وطعن في معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عن الصحابة أجمعين ، فقال : " ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي امتدادًا طبيعيـًّا لخلافة الشيخين قبلَه ، وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما " ( العدالة الاجتماعية – ص : 206 ) .
وقال : " ولقد كان من سوء الطالع : أن تدرك الخلافة عثمان وهو شيخ كبير ، ضعفت عزيمته عن عزائم الإسلام ، وضعفت إرادته عن الصمود لكيد مروان وكيد أمية من ورائه " ( العدالة الاجتماعية – ص : 186 ) .
وقال : " إن معاوية وزميله عمرًا لم يغلبا عليًّا لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس ، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب ، ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح ، وهو مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع ، وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشـوة وشـراء الذمم لا يملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل ، فلا عجب ينجحـان ويفشل ، وإنه لفشل أشرف من كـل نجاح " ( كتب وشخصيات – ص : 242 ) . إلى غير ذلك من الانحرافات كالقول بخلق القرآن ، والتهوين من الشرك وعبادة الأوثان ؛ وتكفير المجتمعات الإسلامية ؛ وغير ذلك .
ولست هنا بصدد الرد على هذه الانحرافات وبيان عوارها ، إذ إن الله جل وعلا قيض لردها العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ؛ فقام بذلك بأحسن قيام ؛ فبين ونصح ذابًّا عن دين الله عز وجل وعن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، وذلك في مجموعة من كتبه ؛ من مثل :
1- أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره .
2- مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
3- العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم .
4- نظرات في كتاب التصوير الفني في القرآن الكريم .
5- الحد الفاصل بين الحق والباطل ( حوار مع الشيخ بكر أبي زيد في عقيدة سيد قطب وفكره ) .
فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ، وإنما المراد أن يعلم القارئ الكريم مدى الخلاف بين ما عليه العلامة ابن باز وأئمة السلف وبين ما عليه رؤوس الإخوان المسلمين ، وذلك من خلال ما سأذكره من كلام ابن باز نفسه على بعض هذه المواضع ، حيث قال عن تحريف سيد قطب للاستواء : هذا كله كلام فاسد ، هذا معناه الهيمنة ، معناه إنكار الاستواء المعروف ، اللي هو العلو على العرش ، وهذا باطل يدل على أنه مسكين ضايع في التفسير ( درس لسماحته في منزله بالرياض سنة 1413هـ - تسجيلات منهاج السنة بالرياض ) .
فتدبر هذا أخي القارئ، فالشيخ ابن باز عده ضايع في التفسير ؛ وجاسم مهلهل عده عالمًا مجددًا في التفسير .
ولما قرئ عليه ما قاله سيد قطب في موسى عليه السلام ؛ قال : " الاستهزاء بالأنبياء ردة مستقلة " ( درس لسماحته في منزله بالرياض سنة 1413هـ - تسجيلات منهاج السنة بالرياض ) .
ولما قرئ عليه كلام سيد قطب في معاوية وعمرو بن العاص ؛ قال : " كلام قبيح !! هذا كلام قبيح ؛ سب لمعاوية ، وسب لعمرو بن العاص ؛ كل هذا كلام قبيح ، وكلام منكر ، معاوية وعمرو ومن معهما مجتهدون أخطأوا ؛ والمجتهدون إذا أخطأوا فالله يعفوا عنا وعنهم " .
وقال : " فإن سبه لبعض الصحابة ، أو واحد من الصحابة منكر وفسق يستحق أن يؤدب عليه " ( شرح رياض الصالحين للشيخ ابن باز بتاريخ 18/7/1416هـ ) .
وبهذا يظهر أن ما أراده الكاتب هو كما قيل :
سارت مشرقة وسرت مغربا *** شتان بين مشرق ومغرب
بل وكانت لكاتب هذه السلسلة أشد الجناية على السنة وأهلها ؛ حين نسب القائلين بالحق والمحذرين من الباطل إلى الظلم ، حيث قال : هكذا دأب الظالمين ، يقولون ما لا يعلمون ، ويشوهون الدعاة المخلصين . اهـ .
فهل العلامة ابن باز من الظالمين لما قرره من الحق الواضح المبين ؛ بالأدلة والبراهين ؟ إذن ؛ فما ذنب الناصحين لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم إذا تكلموا بالحق والإنصاف ، وحذَّروا الأمة من هذا الانحراف ؛ ثم من أحب إليك أن يذب عن عرضه ؛ أهم موسى عليه السلام نبي الله وكليمه ، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمن ينتسب إلى جماعتك فيكون ممن لا يضره ذنب بسبب ذلك الانتساب ؟ كما صرحت بذلك حين قلت : " بل دعوة الإخوان ترفض أن يكون في صفوفها أي شخص ينفر من التقيد بخططهم ونظامهم ولو كان أروع الدعاة فهمًا للإسلام وعقيدته وأنظمته ، وأكثرهم قراءة للكتب ومن أشد المسلمين حماسة ، وأخشعهم في الصلاة ، والإخوان لا يبالون بهم وهم بهذه المزايا إلا أن يقبلوا التقيد بخطط الجماعة والسعي لإقامة أهدافها ، وهي إقامة دولة الإسلام " ( للدعاة فقط – ص : 1 هل نحن نعيش في بلاد الكفر؟!!
ولا يفوتني قبل الختام أن أذكر ما ذكره صاحب السلسلة في تلبيس عجيب عن عداوتهم لليهود ، وكأنهم من أشد أعدائهم متجاهلاً ما قرره حسن البنا ؛ حين قال : " فأقرر أن خصومتنا لليهود ليست دينية لأن القرآن الكريم حض على مصافاتهم ومصادقتهم ، والإسلام شريعة إنسانية قبل أن يكون شريعة قومية ... ونحن حين نعارض بكل قوة الهجرة اليهودية ، نعارضها لأنها تنطوي على خطر سياسي اقتصادي ، وحقنا أن تكون فلسطين عربية ، ولي كلمة أخيرة من الوجهة الدينية ؛ فإن اليهود يقولون عن فلسطين إنها أرض الميعاد ؛ ونحن لا مانع لدينا من أن يكونوا في يوم القيامة معنا " ( الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ : 1/ 455 ) .
ومن هنا يظهر أن كاتب السلسلة أراد أن يجمع بين المتناقضات ، وأن يلبس الحق بالباطل : والله تبارك وتعالى يقول : } وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {( البقرة: 42 ) .
قال العلامة عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله : " { وَلا تَلْبِسُوا } أي : تخلطوا { الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ } فنهاهم عن شيئين ، عن خلط الحق بالباطل ، وكتمان الحق ؛ لأن المقصود من أهل الكتب والعلم ، تمييز الحق ، وإظهار الحق ، ليهتدي بذلك المهتدون ، ويرجع الضالون ، وتقوم الحجة على المعاندين ؛ لأن الله فصل آياته وأوضح بيناته ، ليميز الحق من الباطل ، ولتستبين سبيل المجرمين ، فمن عمل بهذا من أهل العلم ، فهو من خلفاء الرسل وهداة الأمم . ومن لبس الحق بالباطل ، فلم يميز هذا من هذا ، مع علمه بذلك ، وكتم الحق الذي يعلمه ، وأمر بإظهاره ، فهو من دعاة جهنم ، لأن الناس لا يقتدون في أمر دينهم بغير علمائهم ، فاختاروا لأنفسكم إحدى الحالتين " ( تفسير السعدي 1/64 ) .

كااان @kaaan
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️