ابي الاسلام

ابي الاسلام @aby_alaslam

مفكرة المجلس

على رسلك يا دكتور أنور.. إنه الحجر الأسود!

الملتقى العام

بقلم: أم الأحرار

الشبكة النسائية العالمية



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: في بلاد الإسلام والتوحيد التي مافتئت تخدم الحرمين الشريفين وتحرس بيت الله الحرام وتحمى مقدساتنا من أن ينالها سوء، طالعتنا جريدة المدينة في عددها الصادر يوم الخميس بتاريخ 4 صفر 1425هـ الموافق 25 مارس 2004م ( العدد 14946) وفي صفحة ( إسلامية ) بمقالة غير مسبوقة تحت عنوان ( الحجر الأسود ) هل هو أحد النيازك التي سقطت على الأرض ؟ خلاف حاد بين من يطالب بأخذ عينة لتحليله وعدم مسه لتقديسه!..

وهذا نص المقالة: ((في أحديته الشهيرة بجدة فجر المفكر والباحث اللواء الدكتور أنور عشقي القضية.. قال: أن هناك من يقول إن الحجر الأسود هو أحد النيازك التي سقطت على الأرض في حين يرى البعض أن الملائكة أتت به من السماء. واقترح د.عشقي أن تؤخذ عينة من الحجر الأسود ويتم تحليلها لمعرفة ماهية هذا الحجر وطبيعته وحقيقة أنه نيزك وقع على الأرض أم لا ؟ جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها في الأحدية الدكتور حسن باصرة الأستاذ المشارك بقسم العلوم الفلكية بجامعة الملك عبد العزيز وعنوانها (النيازك في المملكة العربية السعودية) وعقب عليها الدكتور جمال حمزة مدني الأستاذ المساعد بقسم الفيزياء بجامعة الملك عبد العزيز والدكتور عبد الرحمن ملاوي الأستاذ المشارك بقسم العلوم الفلكية بجامعة الملك عبد العزيز: وقال الشيخ الدكتور محمد المختار الشنقيطي إمام وخطيب مسجد تركي بن عبدالعزيز بجدة معقبا: لا يمكن المساس بالحجر الأسود تحت أي بند من البنود لأنه حجر له مكانته وهو من الشعارات الإسلامية في بيت الله الحرام وأخذ أي شيء منه ولو كان صغيرا يعتبر تعديا على مقدس من المقدسات.

وعقب د.عشقي: أنه لا يوجد نص يحرم ذلك، وقد حكى لنا التاريخ أن الحجر قد ضرب بدبوس وتشقق أيام القرامطة وأنه نقل من مكانه وظل أكثر من عشرين سنة عندهم وأنه في النهاية تم لصقه بطبقات المسك والملاحظ وهو في الطبقة الخارجية له، وأننا هنا لا نمس سوى هذه الطبقة فقط ولا نمس الحجر نفسه ، وأعتقد أن أخذ قيد أنملة منه سوف يفيد في البحث والتحري عن هذه الحقيقة. وقال أحد المعقبين الجيولوجيين في هيئة المساحة أننا إذا لم نستطع أن نأخذ ولو قيد أنملة من الحجر الأسود يمكننا أن ننفذ التجربة بالمسح الضوئي (الاسكانر) أي من بُعد دون تفتيت الحجر أو كسره وهذا يحل المشكلة.))

وإننا إذ يتملكنا العجب من مثل هذا الطرح لنتساءل: ما الهدف من طرح هذه القضية ؟ فإن جاءنا الرد المتوقع، أنه الوصول للحقيقة العلمية حول الحجر، فإننا لا نشك في أن د. عشقي يؤمن بصحيح الحديث النبوي الذي هو ثاني الوحيين من رب العالمين (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) فماذا أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم عن الحجر؟ ـ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضًا من اللبن، فسوَّدته خطايا بني آدم" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح _وجاء في مسند الإمام أحمد : حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا روح حدثنا حماد يعني ابن سلمة حدثنا عطاء ابن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏الحجر الأسود من الجنة وكان أشد بياضا من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك‏)‏‏.‏ وبهذا تكون المسألة محسومة لدينا أهل السنة والجماعة وليست مجالا لقبول نظريات أخرى يراها البعض كما ورد على لسان الدكتور عندما قال (( يرى البعض)) وإنما هو حديث صحيح لا يرده مسلم، ولا حاجة لبحثِ، لا بقطع جزء من الحجر الأسود ولا باستخدام الماسح الضوئي كما اقترح أحد المعقبين الجيولوجيين.

وأما ما استشهد به د. عشقي من حدوث انتزاع للحجر الأسود في زمن القرامطة فقد كان ذلك اعتداءً وظلماً وعلى أشلاء عشرات الألوف من المسلمين وبعد مذبحة عظيمة. وكان أبو طاهر القرمطي قد ضرب الحجر الأسود بدبوس فكسره وشق الحجر الأسود نصفين ووضعه على حافتي مرحاض وكان يضع إحدى رجليه حين يجلس على نصفه والأخرى على النصف الآخر امتهانا وكفرا لعنه الله.

فالقرامطة كانوا يجحدون شعائر الإسلام كلها خصوصًا شعائر الحج والتي قالوا عنه أنها شعائر جاهلية وثنية ((تماما مثلما يقول أعداء الإسلام في العصر الحديث عن طوافنا حول الكعبة المشرفة وتقبيلنا للحجر الأسود))!!! ولم يقر المسلمين القرامطة على مافعلوه ولم يحلوه، فقد حاول أمير مكة هو وأهل بيته وجنده أن يمنع القرامطة من أخذ الحجر الأسود وعرض عليه جميع ماله ليرد الحجر فأبى القرمطي فقاتله أمير مكة فقتله القرمطي وقتل أكثر أهل بيته، ولم يستطع أحد أن يمنع تلك المجزرة البشعة ولا السرقة الشنيعة. والتي ما أقرها أحد لا في التاريخ القديم ولا الحديث.

يقول بن كثير رحمه الله : انتهى كلام ابن كثير.

وبعد هذا فلا شك أنه لا يمكن القياس على فعل القرامطة الملحدين لعنهم الله، ولا الاستشهاد به ولا الاستناد عليه. وقد ذيلت الجريدة عنوانها بعلامة التعجب ( ! ) عند عبارة عدم مسه لتقديسه. ولنا مع هذه النقطة وقفة مهمة.. فليس للحجر من حيث كونه حجرا قدسية عند المسلمين كمادة، فهو حجر لا ينفع ولا يضر، ولكن قدسيته تكمن في فضله ومكانته التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك (( روى الحاكم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبَّل الحجر الأسود وبكى طويلا، ورآه عمر فبكى لما بكى، وقال: "يا عمر هنا تُسكب العبرات". وثبت أن عمر -رضي الله عنه- قال وهو يقبله: "والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك"، رواه البخاري ومسلم )) .

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا"، رواه أحمد في مسنده عن ابن عمر. وروى الترمذي (3/226) وأحمد (1/207-229-373) وابن خزيمة (4/220) عن النبي قال: إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله عز وجل نورهما، ولولا أن الله طمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب. وروى أحمد (1/226) وابن خزيمة (4/221) والحاكم (1/457) عن ابن عباس عن النبي قال: إن لهذا الحجر لساناً وشفتين يشهد لمن استلمه يوم القيامة بحق.

وكما أننا معاشر المسلمين نعظم الكعبة ونقدسها ونرفض أي مساس بها، بل ونستقبلها ونطوف بها.. متعبدين لله تعالى ومتقربين له بهذا الطواف حولها، وهي بذاتها أحجار لا تنفع ولا تضر، فكذلك تماما تقبيلنا للحجر الأسود وتقديسه وعدم قبول المساس به ونزعه أو نزع أي جزء منه. تقربا لله تعالى لا للحجر.

ختـــاما: فكم نتألم عندما نسمع أو نرى من أهلنا وإخوتنا من الطروحات والمقالات ما يدعم ( ولو بدون قصد ولا وتعمد ) ما يروج له الكفار من محاولات مستميتة لتشكيك المسلمين في شعائرهم التعبدية ومقدساتهم المكانية، ومحاولة ربطها بالوثنية بخبث ودهاء لسلخهم من دينهم وهدم أركان إسلامهم.. كدأبهم على هدم ثوابتنا وقيمنا الإسلامية ما استطاعوا لذلك سبيلا، والله المستعان وعليه التكلان وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



الشبكة النسائية العالمية
0
435

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️