على شاطئ البسمة.. تُطوى صفحة الأحزان !
بسمة بنت عبدالله بن شايق
حياتنا مليئة بالمواقف والقصص والمشاهد من أرض الواقع.. التي اعتدنا على بعضها.. وتألمنا لبعضها الآخر..
وأكثر ما يؤلمني.. على نحو شخصي .. هو أنني عندما أقرأ في العديد من الصفحات المتخصصة في تقديم الاستشارة النفسية.. أجد فتيات في ربيع العمر وشروق الحياة.. يحملن في جعبتهن الكثير من الآلام العميقة.. حتى إنه في العديد من اللقاءات الاجتماعية ـ سواء على المحيط الأسري أو الخارجي ـ أسمع كثيراً كلمات تتردد على ألسنتهن.. وكأنها صدى يُسمع كل يوم..
وما يخيفني أكثر هو أخر الإحصاءات التي تصدر من قسم العلاج النفسي.. فعدد الفتيات فيها في كل يوم بازدياد.. وتختلف المشكلات لديهن ما بين إحباطات أو حزن ويأس أو مخاوف أو قلق أو اكتئاب وفقدان الأمل في الحياة.. إلى غير ذلك من المشكلات..
وأبرز الأسباب لها هو محيط الأسرة وأسلوبها في الحياة والتعامل، بالإضافة إلى ضغوطاتها..
وأجد هنا أصابع الاتهام موجهة إلى الأسرة التي جعلتهن كذلك!!
فعندما تنظر إلى عيني تلك الفتاة.. ستجد حتماً الخوف من الغد يحتويها..
ومن نبرة صوتها.. ستشعر بمدى اليأس والألم في محتوى حديثها..
حقاً إن ذلك ليؤلمني.. ولكنني قررت أن لا أبقى بهذا الشاطئ مكتوفة اليدين.. دون أن أواجه أمواج البحر وأنقل تلك الرسالة لكل فتاة..
يا قارئة حروفي .. وُجدنا على هذه الأرض دون أن نختار أسرنا.. فقد وُلدنا وهم معنا.. وتقبلناهم كما هم..
ولا أنكر مسؤولية بعض الأسر في تحطيم ونسف مشاعر بناتها.. وزرع الصراع فيهن سواء بقصد أو بغير قصد..
كل ذلك لا يهمني.. لا يعنيني الماضي الفائت.. ولا المستقبل الغائب..
بل ما يهمني هو الآن.. ومنذ اليوم.. ومن خلال هذه اللحظة..
حياتك مسؤوليتك أنتِ.. فجودة حياتنا تعتمد على جودة مشاعرنا ..
إذن لنركز على مشاعرنا ولنراعها .. حتى وإن كانت العواصف تعيقنا.. فلابد من وجود مخبأ آمن لحمايتها..
فلنقم بتجديد أسلوب حياتنا.. لنغير طريقة تعاملنا ونظرتنا لأنفسنا.. لنكن متفائلين ومحسنين الظن بالله.. يقول تعالى ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ ..
فإذا أردتِ أن تمحي كل أشكال الألم والمعاناة من قاموس حياتك.. فلا تنتظري أحداً ليبادر ويقدم لك السعادة على طبق من ذهب.. بل بادري أنت.. حتى تتغير الظروف..
غيري نفسك أنت أولاً.. ثم من حولك.
قد تكون أسرنا ـ في زمن ما ـ لم تملك مقومات الحياة وضغوطاتها.. كما في عصرنا.. ولكننا ـ وخصوصاً هذا الجيل ـ نملك الكثير من المقومات الحياتية لمواجهة الضغوطات وتحديها ومواجهة هذا المستقبل بابتسامة رضا وثقة..
وقد يكون سلاحك.. هو نجاحك في التعامل مع نفسك والآخرين.. أو بعلمك وثقافتك.. وما قدمته لنفسك.. ولأهلك أيضاً.. أو أشياء كثيرة لا يمكن حصرها هنا..
غاليتي.. إن الحياة صفحة بيضاء.. بتفكيرك.. وقناعتك التفاؤلية.. يمكنك أن تلونيها بالشكل الذي يناسبك.. وبالطريقة التي تريحك.. فهي أولا وأخيراً.. صفحة حياتك..
فارسميها بالشكل والتصور الذي تريدينه.. لأنك أنت المسؤولة.. عن التوقيع النهائي لها ..
