فيضٌ وعِطرْ

فيضٌ وعِطرْ @fyd_oaatr

فريق الإدارة والمحتوى

على نهج المصطفى/ فعالية شمائل محمدية

الملتقى العام









مُدخَل ~

إنّ من المستحيل الإحاطة بأبعاد شخصية الرسول العظيمة صلى الله عليه وسلم كلّها
فهي أكبر .. من أن تدرك ..
وهي أوسع من العقول ، وأعمق مما يخطر على القلوب ..
ففي شخصيته من الإمدادات مايسع كل من يبحث فيها.. لكنه لايقدرأن يلم بها كلها..
فهي أشبه بالبحر الزاخر العميق ..
وكنوز يغترف منها كل طالب للحقيقة على قدر مايستطيع
ليصل إلى جزء من مكنونات شخصيته ، وعظمة خلقه وشمائله .
وتبقى الكنوز زاخرة .. لاتنفد ..!!

أتيت والناس فوضى لاتمرّ بهم ~ إلاّ على صنمٍ قد هامَ في صنمِ
والأرض مملوءةٌ جوراً مسخّرةً ~ لكلّ طاغيةٍ في الخلقِ مُحتكــــمِ


بُعثَ للناس كافّة ~

جاء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ..
وكان العرب أمّة متفرقة غارقة في مستنقع الجهالة .
فمحا جميع ضروب الفساد الديني والأخلاقي والاجتماعي الراسخ في أصولهم
وجمعهم على كلمة التوحيد في زمنٍ قياسيٍ .. وبلغ بهم مالم يبلغه رسول من قبله
بل أنّه تخطى أمة العرب إلى الناس كافة .. فكان نبيّاً ذا رسالة عالمية صهر الإنسانية
في بوتقة الإسلام ، وتخطت قوّته الروحية كل تخم ،
لا بل ودامت فاعليتها وستظلّ ... إلى آخر الدهر ..
هو وحده طريق ينير العالم برسالة الإسلام .
ذلك هو النبي الأمين الذي بعث للناس كافّة ...!!

محمّد صفوة الباري ورحمتهُ ~ وبُغية الله من خلقٍ ومن نسمِ
سناؤه وسناهُ الشمس طالعةٌ فالجرم في فلكٍ والضوء في علمِ


شخصيّة النبي ~

إنّ النبوّة .. أكرم وأشق تكليف وأثقل أمانة يمكن أن يحملها إنسان في الوجود ..
إنّها أمرٌ إلهي بالتزامهم دائرة الحق وحدها .. تراهم فيها طيلة أعمارهم
بينما الخلق جميعاً خارج هذه الدائرة .. وهذا بلاء الأنبياء وهو أشد البلاء !!
وشخصيّة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تحمل هذا المعنى ،
بل أنه كان أشد الأنبياء ابتلاء...!
لكن شخصيته العظيمة .. حملت من جانب آخر هو منبع سعادة كبرى وشرفاً
بالتكريم الإلهي وبالرفعة العظيمة .. وبلوغ مستوى من القرب لم ولن يصل إليه مخلوق ..
حيث يستمد النبي أقصى السعادة ... في القرب من الله
وهو على تلك المنزلة العليا .. لديه مهمة التبليغ ،
والنزول إلى مستوى الخلق من عصاة وكافرين ومشركين ومذنبين...
حيث يعيش هؤلاء في أدنى دركات الظلام .. لينتشلهم ..
فماذا تحتاج هذه الشخصية العظيمة لتجتاز عقبات البلاء ؟؟
إنها في حاجة إلى أقصى الجهاد ، والصبر ، والمثابرة ، والتحمل ،
تحتاج إلى طاقة هائلة لتستوعب هذا التوافق بين الارتفاع السماوي إلى أقصاه ..
والهبوط الأرضي إلى أدناه لهداية أمّة غارقة في الجهالة والضلال ...!!
ومن هنا كان منطلق تكوين شخصية نبينا الكريم ...!!

سائل حراء وروح القدس هل علما مصون سرٍّ ان الإدراك منكتمِ
كم جيئةٍ وذهابٍ شُرِّفت بهما ~ بطحاءُ مكّة في الأصباح والغســمِ


لقد تفرّد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأن يكون خلقه القرآن ..
ومع أن القرآن قائم بين أيدينا جميعاً ، إلّا أنه لم يحدث أن بلغ أحد من الخلق هذه المنزلة ،
ذلك لأن الوحي كان يتنزل على قلبه تنزيلا..

...( وإنّك لعلى خلقٍ عظيم )...
كان عظيماً في خلقه قبل النبوٌة .. ثمّ كان على خلق أعظم بعد النبوّة ..
وازداد بالوحي سموّاً.. وعلواً .. وذلك من الأسباب التي من أجلها نزل القرآن منجّماً
على أزمنة متباعدة.. ليكون نوراً لقلبه ، وثباتاً له ، ورقياً لخلقه :
( كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً )

سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول فقالت :
( لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ،
ولا صخّاباً في الأسواق ،
ولا يجزي السيئة السيئة )
لم ينطق الفحش لأن الفحش ظلام ..
لم يصدر عنه كلام بذيء ..
لم يصدر الضوضاء والصخب في الأسواق ..
لأنّ ذلك كان من فعل العوام الذين في عقولهم شيء..
والنبي الكريم خاصة الله من خلقه أجمعين ..
ثمّ أنه كان لايقابل من أساء إليه بالإساءة .. وهذا خلق معجز حقاً..
لايتحقق إلا من محمد صلى الله عليه وسلم .. صاحب الخلق العظيم ...
لقد أساء له الناس فكان أن دعا لهم .. وفوض الأمر لله ...
واضعاً نصب عينيه غاية رضاه ..
(إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ) ..!
داعياً لمن استمر من قومه بالإساءة إليه :
(اللهم اهد قومي فإنهم لايعلمون )
كانوا يقبلون عليه بظلمات إساءاتهم ... ويقبل عليهم بقلبه المتسامح ..!
الذي كان يزيد ايمانــاً بتألقات الوحي ..
كان يسعى ليحقق ما ُبعث لأجله ..ليخرج الناس من الظلمات التي هم فيها..
إلى نور الله ..
فهو لايعاقب مع قدرته على العقاب .. ولكن ..! يعفو ويصفح صفحاً جميلاً..
فلا أثر لإساءة من أساء إليه في قلبه الشريف..
ألم يعف ويصفح عمن ذاق منهم ألوان الأذى حين أتوه أذلة طالبين العفو ؟؟
أجل ..! فلفد عفا عنهم حين أتوه أذلاء خائفين ..فكانوا هم الطلقاء ..
وهبهم الحياة وكانوا ينتظرون الموت لجرمهم ..
ولعظيم ماارتكبوه بحق المسلمين من إساءات .. لماذا ؟؟
لأن الخلق معادن .. ومعدن النبي الكريم هو أصفى وأنقى وأثمن معدن بين البشر ..
وهو مفتاح أخلاقه الع
ظيمة كلها وشيمه ..

إنّ الشمائل إن رقّت يكاد بها يُغرَى الجماد ويغرى كل ذي نسمِ
ونودي اقرأ تعالى الله قائلها ~ لم تتصل قبل من قيلت له بفـــمِ
هناك أَذّن للرحمن فامتلأت ~ أسماعُ مكّةَ من قِدسيٰة النّغــــــم



قلبه .. نبعٌ من الرحمة ~

( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )

هو الرحمة المهداة ... إلى الناس كافّة .. وتلك هي ذاته وصفاته،
وهي معدنه وهي أصدق صورة لشخصيته وأدق شمائله .. وهو القائل :
( من لايرحم الناس لايرحمه الله )
لأن الرحمة صفة تعيش في القلب .. وتنعكس على التصرفات ..
ومن لايملك الشيء كيف يعطيه ؟؟!! ..
والرحمة هي الجامعة لكل صفات الخير.. فإذا انعدمت ..
انعدمت .. سائر صفات الخير !!
فما الخير إلّا شجرة وارفة ..أوراقها الخضراء كل عملٍ حسن ..
وثمارها الطيبة ... هي الأجر العظيم الذي نقتطفه في الآخرة ...
أمّا جذورها فهي الرحمة .. فإذا اجتُثت الجذور من أرضها ..
جفت الأوراق والثمر معاً...!!

صُورةٌ من رحمته ~

الرحمة.. أحاسيس قلبية تموج في قلب الإنسان ، فتدفعه إلى إفاضتها على غيره ..
فمن أوتيها .. ظهرت آثارها في سلوكه نحو الغير ..
ومن حرم منها كان فظاً قاسي القلب في خلقه وفي سلوكه ..
ونبينا الكريم الذي أرسل رحمة للعالمين .. من الحتم أن يكون قلبه ينبوعاً للرحمات ...
آثارها كانت تتجلى في أمره كله ..
فما من سلوكٍ ، وما من توجيهٍ تلألأ منه إلا كان رحمةً مهداةً إلى الناس ..
تأمّلي معي هذه الصورة المضمخة بالعاطفة الرحوم ..
ذات مرّةٍ كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم ...
يقبل حفيديه الكريمين الصغيرين : الحسن والحسين..
ويرى هذا المنظر الجميل الحنون ...أحد أصحابه
المسمى الأقرع بن حابس ..
فيعبر عن دهشته .. فكأنه لم يتوقع من النبي أن يتنزل ..
إلى مثل هذه الدعابات المألوفة عند عامة الرجال..
ويبادر بالقول متعجبا : إنّ لي من الولد عشرة ، ماقبّلت أحداً منهم ..!!
فما هو الحكم الذي أطلقه الرسول في هذه القضية .. وصار بعدها ناموساً عامّاً ؟
( من لايرحم لا يُرحم ) ...!! من لايرحم غيره .. لايُرحم من الله تعالى ..
كانت هذه العاطفة ... حين قبٌل الحسن والحسين هي شرفٌ أضفاه على شرفٍ..
ودرس حي لمن يريد أن يسلك أثر الرسول... ويتبع منهجه في الحياة ..
وأثراً من آثار الرحمة الكامنة في قلبه الشريف ..
فهو بذلك يسنّ للناس جميعاً أن يرحم كبارهم صغارهم ..
ليمتدّ أثر هذه السنّة في الأجيال .. جيلاً بعد جيل متتبعين خطى الرسول ..
لقد تجلت في شمائل وأخلاق رسولنا الكريم جميع مظاهر الإنسانية تجلياً كاملاً
فكان هو القدوة الكاملة للإنسانية ...

فاق البدور وفاق الأنبياء فكم بالخُلقِ والخِلقِ من حسنٍ ومن عِظَمِ
جاء النبيّون بالآيات فانصرمتْ ~ وجئتنا بحكيــــمٍ غير منصرمِ




ياربّ صلّ وسلّم ماأردت على ~ نزيلُ عرشكَ خير الرسل كلّهمِ
محييْ الليالي صلاةً لايقطّعها ~ إلاّ بدمعٍ من الإشفاقِ منسجمِ
رضيّة نفسه لاتشتكي سأماً وما مع الحبّ إن أخلصت من سأمِ

والطف لأجل رسول العالمين بنا

ولا تـــزد قومه خسفاً ولا تسُـــــمِ..
يارب أحسنت بدء المسلمين بــه ..
فتمّم الفضل وامنح حُسنَ مُختتمِ...




20
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

اخت الصبر
اخت الصبر
عليه افضل الصلاة والسلام سيد الاولين والاخرين ..
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
شكرا جزاك الله خير
زينة و مسرارة
زينة و مسرارة
بابي انت و أمي يا رسول الله

بارك الله فيك على الطرح الرائع 👍
ميسون بنت بني أمية
.
صلى الله عليه و على آله و صحبه الطيبين الكرام،
اللهم ارزقنا حسن التأسي به يا قدير ،،
جزيت الخير و وفقتِ للخير أختي الكريمة.
(السماء الصافيه)
اللهم صل وسلم على محمد وعلى اله الأطهار جزاك الله خير