
وقفت متذمرة من الحر والاختناق في ذلك الممر المكتظ بالناس.
كان ظهرها يؤلمها من تعب السفر وطول الوقوف.
شعرت بعطش شديد، فمدّت يدها تفتش عن قارورة الماء القابعة في أسفل السلة الممتلئة بالأطعمة والعصائر.وأخيرًا وجدتها... لكنها كانت ساخنة!
تأففت بضجر، وبدا لها الحائط مغريًا وكأنه ملجأ للراحة.
زاحمت الواقفين أمامها بكتفها، وافتكت جزءًا صغيرًا من ذلك الحائط العزيز مكنها من إسناد ظهرها المتعب، تنهيدة خفيفة انسلت منها.لقد وقفت في هذا المكان الضيق لأكثر من ساعتين.
إلى متى سيستمر هذا الانتظار الذي لا ينتهي؟تعلقت أعينهم بذلك الباب المغلق في نهاية الرواق... علّهم يجدون الفرج.
فجأة فُتح الباب.تهللت أساريرها وارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة.
انحنت تلتقط سلتها وتحمل الحقيبة الثقيلة بيدها.
حاولت التقدم خطوة، لكن الجميع من حولها اندفعوا نحو الباب قبلها.
اكتظت بهم البوابة كسرب سمك يتخبط في شبكة صياد عجوز.
شدّت من عزيمتها، وبدأت تدفع بمنكبيها من حولها في محاولة مضنية لأخذ موطئ قدم في الصف الأول.
لكن ضربة كتف قوية أعادتها إلى مكانها بقسوة،ففلتت منها تنهيدة غاضبة،وتمتمت بكلمات غيظ لا يسمعها سواها.انقشع الاكتظاظ قليلًا، فتململت في مكانها، وجابت ببصرها أرجاء المكان.
لمحت شيئًا ما مُلقى على الأرض على مقربة منها.
انحنت والتقطته.كانت فردة صندل بلاستيكي صغيرة زرقاء اللون، ومحاطة بمطاط أصفر من جانبيها.قلبتها في يديها وفكرت:
لابد أنها وقعت من صاحبها ذلك المشاكس الصغير الذي كان يرفع عقيرته بالصياح والبكاء،بعد أن رفضت أمه حمله إثر غرسه لأسنانه الصغيرة في ذراعها.
ابتسمت بخفة، ودسّتها في جيبها بعناية.حملت أغراضها بسرعة، وقد دبّ فيها نشاط غريب.
تسارعت خطواتها على أمل اللحاق
بصاحب الصندل الأزرق وأمه...
بقلمي
أسلوبك رائع حتى وقفة النهاية
بورك القلم