عليك أربعة شهود

ملتقى الإيمان

عليك أربعة شهود




عليك أربعة شهود

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله الذي يرى ويسمع كل ما في الكون من سر ومن إعلان، فهو العليم وهو الخبير وهو الشهيد وهو البصير، فسبحانه ما أعظمه، وهو المحيط وهو السميع فلا إله إلا الله، أحاط بكل شيء علماً، فأين نذهب عن علمه وإحاطته؟؟

وأصلي وأسلم على البشير النذير الذي أضاء لنا الطريق وبين لنا السبيل.

أخي الكريم:أين تذهب؟؟ انتبه!! عليك شهود يراقبونك في أي مكان، وفي أي زمان، فأين تذهب؟؟

وأنت يا أختاه
انتبهي واعلمي أن هناك شهوداً يشهدون على أفعالك ويراقبون جميع تحركاتك فاحذري.

فأما الشاهد الأول: فهو هذه الأرض التي نمشي عليها، ونأكل عليها، وننام عليها، ونطيع الله عليها ومنا من يعصي الله عليها، هذه الأرض لها يوم ستتحدث فيه وتتكلم فيه بما عملت عليها.

يا عبدالله سوف يأتي اليوم الذي تفضحك فهي تكشف أسرارك، ولعلك تقول:
ما هو الدليل على أن الأرض ستشهد يوم القيامة؟
فأقول: يقول الله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا{1} وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا{2} وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا{3} يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}
وقوله: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}
فسرها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «أتدرون ما أخبارها؟»
قالوا: الله ورسوله أعلم
فقال: «فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عملت كذا وكذا يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها»

نعم يا أخي الكريم.. أي والله يا أختاه
فيا ترى!! هل تذكر الشاب الذي يتجول بسيارته للذهاب إلى النساء لكي ينظر إليهن ويغمزهن، هل تذكر شهادة الأرض عليه؟
وهل تذكر ذلك الذي يسافر لتلك البلاد لكي يعصي الله عليها، ويقارف الفواحش والآثام؟
هل تذكر أن الأرض سوف تفضحه وتخبر عن سيئاته وآثامه؟

ويا ترى!!
أخي أتذكر لما كنت في ذلك المكان الذي تيسرت لك فيها المعصية وبدأت في فعلها؟!
نعم إن الناس لم ينتبهوا لجريمتك ولم يشهدوا عليك ولكن الأرض التي فعلت تلك المعصية عليها سوف تشهد عليك!!
نعم إنك غافل، ولكن الأرض لا تغفل ويا سبحان الله.

يا ترى!!
تلك الفتاة التي تتجول في الأسواق وتبرز جمالها ولباسها وتريد من الناس أن ينظروا لها!!..
يا ترى!!
هل شعرت أن تلك الأرض سوف تخبر عنها وتكشف عن جرائمها وسيئاتها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؟

هل علمت تلك المرأة التي تركب مع السائق بلا محرم أن الأرض سوف تفضحها يوم العرض على الله!

وهل تذكرت تلك المرأة التي تسافر بلا محرم أن الأرض سوف تكشف أسرارها يوم الوقوف بين يدي الله تعالى؟

وأما الشاهد الثاني:
فهم الملائكة الذين يكتبون علينا أعمالنا، ويسجلون علينا سيئاتنا وحسناتنا، قال تعالى:
{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ{10} كِرَاماً كَاتِبِينَ{11} يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}

أيها الأخ الحبيب: أتذكر في تلك الليلة لما كنت أمام جهاز الصور العارية؟
لعلك تذكرت ذلك الموقف.. هل كنت وحدك؟
إنك لو علمت أن الملائكة قد كتبوا عليك تلك المعصية لما فعلت. وهناك شاب آخر قد أخذ سماعة الهاتف ليعاكس الفتيات..

يا ترى!!
هل علم بأن الملائكة الكاتبين قد سجلوا عليه سوء عمله؟

وتلك الفتاة التي سمعت الآذان ولكنها تساهلت في أداء الصلاة حتى خرج وقتها، ولم تصل تلك الصلاة، لأنها انشغلت بالمكالمة الهاتفية، أو لعلها كانت تشاهد الأفلام والقنوات.. إنني أجزم أن تلك الفتاة غافلة عن شهادة الملائكة.. وأنهم يكتبون عليها أعمالها، وأقول لأولئك المفسدين من العلمانيين والكتاب المنافقين: إن ما تقولونه وتكتبونه سترونه في كتابكم يوم القيامة، لأن الملائكة الكاتبين قد كتبوا أقوالكم وأعمالكم، قال تعالى:
{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}

وبعد تلك الكتابة من الملائكة، يا ترى ماذا سيجري بعد ذلك؟

عندما تموت سيطوى كتابك، ولكنك سوف تلتقي معه عندما تخرج من قبرك، وسوف تعطى هذا الكتاب الذي كتبته عليك الملائكة في الدنيا، وسوف يأمر الله جل وعلا بأن تقرأه عندما تقف بين يديه قال تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}

إنها لحظة عجيبة، إنها ساعة حرجة عندما يقف العبد حافياً عارياً أما الجبار جل جلاله ومع العبد كتاب، وهذا الكتاب هو ديوان الحسنات والسيئات، فما هو شعورك يا من كان ليله في السهر على القنوات ونهاره في النوم عن الصلوات؟
ما حالك يا عبدالله عندما ترى سيئاتك في ذلك الكتاب؟
ويا ليت الأمر ينتهي عند مجرد رؤيتك له بل تؤمر بقراءته.. فماذا ستقرأ وماذا ستجد؟
ماذا ستقرأ يا شارب الدخان؟
ماذا ستقرأ يا من عقَّ والديه؟
ماذا ستقرأ يا آكل الربا؟
قال تعالى: {يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}

وأقول لتلك الفتاة التي غفلت عن ربها وأعرضت عن طاعة مولاها: ماذا ستجدين في ذلك الكتاب الذي {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا}

يا أختاه: ستقرئين أعمالك هناك فماذا ستقرئين؟
أما لباسك فحرام، أما وقتك فضياع في الآثام.

يا أختاه: الأمر خطير، فمتى ستحذرين؟
أوصيك أن تحفظي هذه الآية: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}

وأما الشاهد الثالث: فهي الجوارح التي هي من نعم الله علينا، اليدان، والقدمان، اللسان، والعينان، والأذنان، بل وسائر الجلود.. ستأتي يوم القيامة لتشهد عليك يا عبدالله، وستشهد عليك يا أختاه..

إنه مشهد لامثيل له يقف العبد أمام ربه ويبدأ الحساب، ثم تبدأ الجوارح لتكشف الأسرار ولتخبر بالفضائح والجرائم التي فعتلها في أيامك السابقة {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ}

وبعد ذلك ماذا يجري {وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ}.

وهل يقف لحد عند ذلك؟ لا، بل {وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.

فيا حسرتاه..
عندما تنطق اليدان وتخبر عنك أيها الإنسان وتقول يارب: بيده اشترى المجلات الماجنة، بيده حرك ريموت القنوات الفضائية، يارب بيده لمس المرأة الأجنبية، ورفع السماعة لمعاكسات الفتيات، يارب بيده شرب الدخان والشيشة والمخدرات، بيده تعاطى الخمر والمسكرات.

وتلك الفتاة تنطق يداها، فما عساها تقول..!!
يارب بيدها لبست العباءة الضيقة، وبيدها وضعت المكياج والعطور لكي تمر بها أمام الرجال، إنه يو الفضائح
وتتكلم القدمان: أنا للحرام ذهبت، وعن الصلاة قعدت، وإلى بلاد الحرام مشيت... {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ}
وإن الأمر يزداد شدة عندما تنطق سائر الجلود {حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

وكأني بذلك الشاب يقف متعجباً وهو يرى العين تشهد عليه بكل نظرة سيئة، إنه متعجب وهو يسمع شهادة الأذنين بكل أغنية وفاحشة استمع إليها..

وبعد ذلك يحصل الأمر الغريب يخاطب المرء جوارحه.. {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا}
لم يا عين تشهدين؟!! لم يا سمع تشهد؟!! لم يا قدم تتكلمين؟!!
ولكن الجواب أعظم {قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ}

وينتهي ذلك المشهد العجيب..

ولكن يا ترى!! ما حالك هناك؟
وهل ستكون ممن شهدت له الجوارح بالطاعات، أم ستكون ممن تفضحه جوارحه أمام الله خالق الكائنات؟

وأخيراً يا ترى هل بقي أحد يشهد علينا؟

نعم إنه الواحد الأحد رب الشهود، إنه الواحد الأحد... {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}
الذي يراك أينما كنت ويعلم بحالك.. {إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء}

فسبحان العليم بعباده {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
فسبحان الذي لا تخفى عليه خافية {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ}

فسبحان من يعلم ما في الصدور، والله إن من أكبر أسباب ضعفنا وتقصيرنا هو الغفلة عن مراقبة الله تعالى، وإلا فلو أن العبد الذي يخلو بذنوبه، ويبتعد عن الناس لكي لا يروه، لو يعلم ذلك بعلم الله به ورؤيته لما فعل تلك الفعلة السيئة، ولكنه غفل عن الله، فتمادى في الشهوات {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}

وذلك الشباب الذي يعاكس الفتيات لو تذكر وهو في حديثه مع تلك الفتاة، لو تذكر هذه الآية {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا}
لترك المعاكسات والشهوات، إن الواحد منا لو يعلم أن أحداً من الناس علم بذنب من ذنوبه لأصابه الخجل والحياء، ولكن، أين الحياء من الله تعالى؟

وأقول لتلك الأخت المؤمنة قبل أن تلبس ذلك اللباس المحرم لتفتن الشباب، تذكري أن الجبار الذي على العرش استوى يراك ويعلم بما تفعلين، وهو عليم بذات الصدر.

فإلى كل مؤمن ومؤمنة تذكروا أن من أسماء الله: العليم، البصير، الشهيد، الخبير، المحيط، السميع، وكلها توجب مراقبة الله في كل حين، فيا من يسافر للعصيان تذكر نظر الواحد المنان، ويا من يتمتع بالنظر الحرام، أنسيت رؤية الملك العلام؟
ويا من يسهر على الآثام، إن الله يراك ويعلم بحالك.. فأين ستذهب؟!!

وأخيراً، متى نحذر من شهادة الشهود؟
إن الأمر خطير، ويوم العرض عسير، وهناك تبدو الأسرار، وتنكشف الفضائح.
وأسأل الله لي ولكم التوفيق لكل خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
2
354

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

الله يخليلي ماما
بارك الله فيك ورزقك الفردوس الاعلى

" اللهم أغفر لها ما تقدم من ذنبها وما تأخر "
نورعلىنور123
نورعلىنور123
جزاك الله خيرا على المرور العطر