عملك القليل في المنزل كملح الطعام

الملتقى العام

عملك القليل في المنزل كملح الطعام


هل على الزوجة خدمة أو لا؟ قال الإمام القرطبي : اختلف أصحاب مالك ، هل على الزوجة خدمة ام لا ؟؟ فقال البعض : ليس على الزوجة خدمة ، وذلك أن العقد يتناول الاستمتاع لا الخدمة ، والعقد به الاستمتاع دون غيره ، فلا تطالب بأكثر منه ، ألا ترى إلى قوله تعالى : فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا. قالوا : وقد جرى عرف المسلمين في بلدانهم في قديم الأمر وحديثه بما ذكرنا ، ألا ترى أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يتكلفون الطحين والخبيز والطبيخ وفرش الفراش وتقريب الطعام وأشباه ذلك ، ولا نعلم امرأة امتنعت من ذلك ، ولا يسوغ لها الامتناع وكانوا يطالبوهن بذلك ، فلولا أنها مستحقه لما طالبوهن . أخي الزوج : قد تقرأ مثل هذا وغيره من كلام سادتنا الفقهاء وهم يبحثون بحوثهم الفقهية المجردة ، خاصة عند رفع خلاف أمام القاضي ، ونحن في حياتنا المتعارف عليها ، والعرف من الشرع ما لم يحرم حلال أو يحلل حراما ، لا يليق بنا وضع الضوابط الفقهية حسب فهمنا . أقول ذلك لأمرين : الأول : انه والحمد لله لا مشاكل ولا خلاف حول وجوب العشرة بالمعروف . الثاني : ان فهم البعض يقصر أحيانا في فهم مراد الفقهاء . وخذ على ذلك مثلا واقعيا عجيبا : كنت سببا في زواج قريبة لي لشخص متدين ذي خلق ، وسافر بها إلى بلد عربي وعاش معها هناك في وئام وحسن صحبه ، وفي زيارة لهما لمصر حضرا إلى منزلي ، وسألتني زوجته أمامه عن حقوق الزوجة فسألتها أنا وقلت : ما السبب وقد مر على زواجكما سنوات ؟ فقالت : زوجي فلان كان يجالسني ويكون بيني وبينه من الحديث وسائر الأمور ما يكون بين الزوجين ، ومنذ شهرين فقط وبدون أسباب لم يتعامل معي كعادته الأولى ويقول لي : ليس لك عندي سوى الكسوة والنفقة من الطعام . فنظرت إليه وهو يسمع حديثها وكأني استنطقه ، فقال : بيني وبينها حديث النبي صلى الله عليه وسلم : يطعمها مما يطعم ويكسوها مما يلبس ، فهذا كل حقها عندي ، ونظر إليها وقال : اسألها هل أنا قصرت معها في شئ من ذلك ؟ فقلت له :وعلى فرض أن ذلك للزوجة وليس للخادم ، ما الذي حدث بينكما حتى سلكت معها هذا السلوك ؟ قال :لا شئ ولكن هذا شرع الله وموجب عقد الزواج . قلت له : وهل من حقك بموجب الزواج أن تخدمك زوجتك وتخدم أولادك وضيوفك وتربي لك الأولاد و....و...، فسكت وقال لي بلهجة أهل البلد العربي الذي يعيش فيه : أمال ايش الحديث يا أستاذ ؟ وجرى كلام طويل ليس في سرده كثير فائدة ، ولكن أهم ما ذكر قولي له : لقد حرمت نفسك واهلك السعادة وظننت أن ذلك شرع لله وعباده بسبب إسقاط كلام الفقهاء على حالتك بلا فقه ، والأمر الآخر الذي ذكر هو أنني علمت منه انه لم يحدث أي شئ من زوجته جعله يغير معاملته معها ، وان الذي غيره هو سماعه لأحد العلماء في المسجد وهو يشرح الحديث . أيها الزوج الكريم : بعد هذا الجو الفقهي المجرد هيا معا نستروح في ظل المعاشرة النبوية باختصار شديد الآن : فعن الصديقة بنت الصديق زوج أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم تحكي سلوكه في بيته تقول : ( كان يكون في مهنة أهله ) رواه البخاري ، (( كان يخصف نعله ويخيط ثوبه ، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته )) رواه احمد في مسنده ورجال الصحيح . وعنها ( أرسل إلينا آل أبي بكر بقائمة شاة ليلا ، فا مسكت وقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه احمد إذا الزوجة تعمل في البيت والزوج يتعاون ، وبلا ترفع ، وبكل سهولة و يسر ، تسير الحياة في أجمل وئام . وانظر إلى عموم قولها رضي الله عنها : يعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته ، إقرار من المسلمات في حياة الصحابة ومعهم نبيهم ، وانظر إلى البساطة والكمالات في قولها : فأمسكت وقطع رسول الله ، وهو من هو : نبي الله ، ورئيس دولة كل المسلمين ، وقائد الجيوش الإسلامية وما أكثرها في ذلك الوقت وقاضي وحاكم المسلمين قي كل صلى الله خلاف بينهم ، ومع ذلك يجد الوقت الثمين في خدمة ومهنة أهل بيته فما أعظمه من معلم ، وارفع مقامه في العالمين صلى الله عليه وسلم. وما أدون وانقص من يترفع عن فعلٍ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله . وادعوك أيها الزوج المسلم أن تبدأ إن لم تكن كذلك ، وتشارك برضا نفـس زوجتك بقليل من العمل ، واعتقد أنها لن تدعك تفعل ، لأنها ستقدرك وتحترمك وتسارع هي في فعل الشئ ، ولكن وهي سعيدة جدا ، وقد زال عنها كل التعب ، وعلمت أنـك تقدر خدمتها في البيت مجرد تقدير منك . و بعمل قليل تدوم لك السعادة و تسلسل لك القيادة .
:):angry::arb:
1
387

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️