.
.
.
لا أظنُّ أحداً منـَّـا لا يعرف الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين - رحمه الله - ،
ذلكم الإمام الذي ملأ الدنيا علماً وفقهاً وزهداً وورعاً ؛
نحسبه والله حسبيه ولا نزكـِّـي على الله أحداً .
لقد اخترت أن أنقل بعض كلماته النيـِّـرة في باب من أبواب الدين ؛ وهو الجهاد في سبيل الله .
تلك العبادة العظيمة ، التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم خير قيام .
وسبب هذا الاختيار يكمن في عدة نقاط ؛ منها :
1. كثرة الخلل في تصور هذا الباب العظيم .
2. الجهل بأحكامه وكلام أهل العلم الربانيين فيه .
ولا أكتمكم خبراً إذا قلتُ أن غياب مؤسسات التعليم بشكل عام عن طرق هذه الأحكام بطريقة علمية صحيحة قد تسبب في الجهل الكبير لدى الشريحة العظمى من المسلمين ،
مما أتاح السبيل لكل حاقد أو جاهل أو صاحب هوى لحقن شبابنا بما يريده منهم متستـِّـراً بمسمى ( الجهاد في سبيل الله ) !
فـ بالله عليكم !
متى كان الجهاد في قتل المعاهد والمستأمن الذين حرم الإسلام دمهما ؟
ومتى كان الجهاد مشروعاً بلا إذن ولي الأمر ولا راية ولا قوة ؟ ... إلخ .
قد يظنُّ البعض أن الجهاد عبادة لا شروط لها !
وقد يظنُّ البعض أن كل شيء قيل عنه أنه جهاد فهو مشروع وفي سبيل الله ويجب دعمه وتأييده !
إن الحقيقة على عكس ذلك تماماً ..
فلا توجد عبادة من العبادات إلا ولها شروط ،
فإن توفرت فيها الشروط أصبحت عبادة صحيحة مشروعة ،
وإن تخلفت شروطها - أو بعض تلك الشروط - أصبحت عبادة باطلة غير مشروعة .
ولنأخذ الصلاة - مثلاً - على ذلك ؛
فمن صلى قبل دخول الوقت ، أو بلا طهارة ، أو إلى غير القبلة : لم تقبل صلاته .
والجهاد كذلك ؛ سواء بسواء ..
فالله الله في فهم الإسلام فهماً صحيحاً كما جاء عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم .
اللهم أقم علم الجهاد الشرعي ، واجعل لنا منه أوفر الحظ والنصيب ، وأحسن لنا العمل في الدنيا وتقبله منا ، وأمتنا على الإسلام والسنة ..
وأترككم - الآن - مع الكلمات الذهبية للشيخ رحمه الله :
النصّ الأول
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن نصرة إخواننا المستضعفين في البوسنة والهرسك :
( ولكن أنا لا أدري : هل الحكومات الإسلامية عاجزة ؟ أم ماذا ؟
إن كانت عاجزة فالله يعذرها .
والله يقول " ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله " .
فإذا كان ولاة الأمور في الدول الإسلامية قد نصحوا لله ورسوله لكنهم عاجزون فالله قد عذرهم ) .
المصدر
( " الباب المفتوح " 2 / 284 لقاء 34 سؤال 990 ) .
يستفاد من هذا النقل
أن التارك للجهاد مع العجز معذور ،
وأننا لا نـُـلام في ترك الدفاع عن المسلمين المستضعفين في حالة كوننا عاجزين عن معاونتهم .
النصّ الثاني
قال ـ رحمه الله ـ عن الجهاد :
( إذا كان فرض كفاية أو فرض عين ؛ فلا بد لـه من شروط .
من أهمها : القدرة ، فإن لم يكن لدى الإنسان قدرة فإنه لا يلقي بنفسه إلى التهلكة ) .
المصدر
( " الباب المفتوح " 2 / 420 لقاء 42 سؤال 1095 ) .
يستفاد من هذا النقل
أن الجهاد يشترط له القدرة ، حتى ولو كان فرض عين ،
وأن جهاد الدفع ـ مع أنه فرض عين ـ إلا أنه يقيد بالقدرة .
النصّ الثالث
قال ـ رحمه الله ـ جواباً عن السؤال التالي :
ما رأيكم فيمن أراد أن يذهب إلى البوسنة والهرسك ؟ مع التوضيح .
( أرى أنه في الوقت الحاضر لا يذهب إلى ذلك المكان ، لأن الله عز وجل إنما شرع الجهاد مع القدرة ؛
وفيما نعلم من الأخبار ـ والله أعلم ـ أن المسألة الآن فيها اشتباه من حيث القدرة .
صحيح أنهم صمدوا ، ولكن لا ندري حتى الآن كيف يكون الحال !
فإذا تبيـَّـن الجهاد واتـَّـضح ؛ حينئذٍ نقول : اذهبوا ) .
المصدر
( الشريط رقم 19 من أشرطة " الباب المفتوح " من الموقع الإنترنتي الرسمي للشيخ الدقيقة 26 الثانية 3 ) .
يستفاد من هذا النقل
أن جهاد الدفع يشترط فيه القدرة ،
وأن الحكم الشرعي يتعلـَّـق بالقدرة ، حتى ولو أظهر المسلمون صموداً وتماسكاً أمام العدو ،
وأنه لا تكون مناصرة المسلمين ومساعدتهم إلا حيث كان لدى المسلمين القدرة على تلك المناصرة ،
وإلا فإن الذهاب مع العجز إنما يزيد عدد الهلكى من المسلمين ،
وأن الجهاد لا يكون إلا حيث تتضح فيه صورة الجهاد .
النصّ الرابع
قال ـ رحمه الله :
( ولهذا لو قال لنا قائل الآن : لماذا لا نحارب أمريكا وروسيا وفرنسا وإنجلترا ؟ ! لماذا ؟ !
لعدم القدرة .
الأسلحة التي قد ذهب عصرها عندهم هي التي في أيدينا ،
وهي عند أسلحتهم بمنزلة سكاكين الموقد عند الصواريخ .. ما تفيد شيئاً .
فكيف يمكن أن نقاتل هؤلاء ؟
ولهذا أقول :
إنه من الحمق أن يقول قائل أنه يجب علينا أن نقاتل أمريكا وفرنسا وإنجلترا وروسيا ! كيف نقاتل ؟
هذا تأباه حكمة الله عز وجل . ويأباه شرعه .
لكن الواجب علينا أن نفعل ما أمر الله به عز وجل " أعدوا لهم ما استطعتم من قوة " ،
هذا الواجب علينا أن نعد لهم ما استطعنا من قوة ، وأهم قوة نعدها هو الإيمان والتقوى ) .
المصدر
( شرح كتاب الجهاد من بلوغ المرام الشريط الأول الوجه أ ) .
يستفاد من هذا النقل
أن حكمة الله وشرع الله يرفضان دخول المسلمين في قتال عدوّ لا طاقة لهم به ،
أن الواجب على العاجز الإعداد لا الجهاد ،
أن العدة ليست هي السلاح فحسب ، فالسلاح سلاحان : مادي وإيماني ،
أن الإعداد الإيماني أوجب من الإعداد المادي ،
وأن الدعوة للقتال مع وجود العجز إنما هي ضرب من ضروب الحماقة .
النصّ الخامس
قال ـ رحمه الله :
( فالقتال واجب ، ولكنه كغيره من الواجبات لا بدّ من القدرة .
والأمة الإسلامية اليوم عاجزة . لا شكّ عاجزة ، ليس عندها قوة معنوية ولا قوة مادية .
إذاً يـُـسقـِـط الوجوب عدم القدرة عليه " فاتقوا الله ما استطعتم " ، قال تعالى : " وهو كره لكم " ) .
المصدر
( شرح " رياض الصالحين " 3 / 375 أول كتاب الجهاد ط المصرية ) .
يستفاد من هذا النقل
أن الجهاد ـ كغيره من الواجبات الشرعية ـ لا بدّ له من القدرة ،
أن الأمة الإسلامية اليوم عاجزة بلا شك ،
أن عجز الأمة الإسلامية من الجهتين : المادية والمعنوية ،
وأن وجوب الجهاد يسقط عن الأمة لعدم القدرة .
النصّ السادس
قال ـ رحمه الله:
( لكن الآن ليس بأيدي المسلمين ما يستطيعون به جهاد الكفار ، حتى ولا جهاد مدافعة ) .
المصدر
( " الباب المفتوح " 2 / 261 لقاء 33 سؤال 977 ) .
يستفاد من هذا النقل
صراحة اشتراط القدرة على جهاد الدفع ،
والتأكيد على عجز الأمة الإسلامية عن مواجهة الكفار .
النصّ السابع
قال ـ رحمه الله :
( إنه في عصرنا الحاضر يتعذر القيام بالجهاد في سبيل الله بالسيف ونحوه ،
لضعف المسلمين ماديًّا ومعنويًّا ، وعدم إتيانهم بأسباب النصر الحقيقية ،
ولأجل دخولهم في المواثيق والعهود الدولية ، فلم يبق إلا الجهاد بالدعوة إلى الله على بصيرة ) .
المصدر
( مجموع فتاوى الشيخ 18 / 388 )
يستفاد من هذا النقل
أن الجهاد بالسيف متعذّر في العصر الحاضر ،
أن لهذا التعذّر أسباباً على رأسها : الضعف المادي ، والمعنوي ، وعدم قيامنا بأسباب النصر الحقيقية ،
ودخول ولاة الأمور في العهود والمواثيق التي تقتضي الكفّ عن الأعداء ،
أنه يجب الالتزام بميثاق ولي الأمر ،
وأنه لا جهاد - حالياً - إلا جهاد العلم والدعوة .
مـميز @mmyz
عضو نشيط
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
طيف الأحبة
•
جزاك الله كل خير
لّله ذرك أخي على هذا الموضوع وجزاك الله خير الجزاء فالجهاد أولا جهاد النفس من الأهواء وطلب العلم لأنه واجب على كل مسلم لكي يعبد الله على بصيرة ثم ُيعّلم ما َيعلم وهكذا حتى ُينال المراد إنشاء الله بإعلاء راية الجهاد في الحق لا في الخروج عن الحكام وقتل الأبرياء
بومزنة
•
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
وقد سمعت شيئا من هذا الكلام بأذني من فم الشيخ قبل أن يموت بشهرين تقريبا
رحمه الله وأجزل له الأجر والثواب
أخوكم
وقد سمعت شيئا من هذا الكلام بأذني من فم الشيخ قبل أن يموت بشهرين تقريبا
رحمه الله وأجزل له الأجر والثواب
أخوكم
الســـــــلام علــــــيكم و رحمـــــة الله و بركــــــــاته
الشيخ ابن عثيميين رحمه الله ليس حجة على الاسلام و لكن الاسلام حجة عليه
و كل يأخذ بقوله و يرد الا قول النبي صلى الله عليه و سلم
و اذا كان للشيخ ابن عثيميين رأي في جهاد الدفع فلعماء السلف قول الاخر
و سوف ارد بأقوال اهل العلم فيما جاء في كلام الشيخ رحمه الله و اسكنه فسيح جناته
اذ يقول كما اوردت
النصّ الثاني
قال ـ رحمه الله ـ عن الجهاد :
( إذا كان فرض كفاية أو فرض عين ؛ فلا بد لـه من شروط .
من أهمها : القدرة ، فإن لم يكن لدى الإنسان قدرة فإنه لا يلقي بنفسه إلى التهلكة )
إن من المتفق عليه عند أهل العلم قاطبة ، أن الجهاد نوعان : جهاد دفع وجهاد طلب ، وعلماء الإسلام يفرقون في كلامهم بين النوعين ، إذ أن كل نوع من نوعي الجهاد يختص بأحكام دون الآخر ، ولم يُعرف عن الأئمة المحققين أنهم خلطوا بين النوعين في الأحكام
إن جهاد الدفع لا يشترط له شروط جهاد الطلب ، فكل شروط جهاد الطلب تسقط في حال جهاد الدفع – أي إذا داهم العدو بلاد المسلمين - ، وإليك نقولات تدل على سقوط الشروط بالإجماع :
قال الكاساني في بدائع الصنائع 7/97 \" فأما إذا عم النفير بأن هجم العدو على بلد فهو فرض عين يُفترض على كل واحد من آحاد المسلمين ممن هو قادر عليه لقوله سبحانه وتعالى : انفروا خفافاً وثقالاً
قيل نزلت في النفير ، وقوله سبحانه وتعالى: ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ، ولأن الوجوب على الكل قبل عموم النفير ثابت ، لأن السقوط عن الباقين بقيام البعض به ، فإذا عم النفير لا يتحقق القيام به إلا بالكل ، فبقي فرضاً على الكل عيناً بمنزلة الصوم والصلاة فيخرج العبد بغير إذن مولاه ، والمرأة بغير إذن زوجها ، لأن منافع العبد والمرأة في حق العبادات المفروضة عيناً مستثناه عن ملك المولى والزوج شرعاً ، كما في الصوم والصلاة ، وكذا يباح للولد أن يخرج بغير إذن والديه ، لأن حق الوالدين لا يظهر في فروض الأعيان كالصوم والصلاة والله سبحانه وتعالى أعلم
قال القرطبي في تفسيره 8/151 \" إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار أو بحلوله بالعُقر ، فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافاً وثقالاً ، شباباً وشيوخاً ، كل على قدر طاقته ، من كان له أب بغير إذنه ومن لا أب له ، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج ، من مُقل أو مكثر ، فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم ، كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة ، حتى يعلموا أن فيهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم ، وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم ، لزمه أيضاً الخروج إليهم ، فالمسلمون كلهم يد على من سواهم ، حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التي نزل العدو عليها واحتل بها ، سقط الفرض عن الآخرين ، ولو قارب العدو دار الإسلام ولم يدخلوها لزمهم أيضاً الخروج إليه ، حتى يظهر دين الله وتحمى البيضة وتحفظ الحوزة ويخزى العدو ، ولا خلاف في هذا \" .
قال شيخ الإسلام بن تيمية في الفتاوى الكبرى ( الاختيارات ) 4/520 \" وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعاً ، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه ، فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم \" وقال \" وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب ، إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة ، وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم ونصوص أحمد صريحة بهذا
فإذا كان جهاد الدفع لا يلزم فيه إذن إمام لو وجد الإمام ، ولا يلزم فيه إذن والدين ولا غريم ، ولا أي شرط من شروط الجهاد السبعة وهي كما قال ابن قدامة في الغني 9/ 163 \" ويشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والذكورية والسلامة من الضرر ووجود النفقة
فهذه الشروط وما تفرع عنها لا تشترط في جهاد الدفع بل يجب على كل مسلم أن يدفع حسب الإمكان ، وهو ما نقلنا آنفاً الإجماع عليه ، ونصوص أهل العلم لا تكاد تحصر على أن جهاد الدفع لا يشترط له شرط
تحقق سبب من أسباب تعين الجهاد فقد وجب بلا شروط ، وقد اتفق العلماء على ثلاثة أسباب يتعين فيها الجهاد هي : قال صاحب المغني 9/163 \" ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع أحدهما إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان حرم على من حضر الانصراف وتعين عليه المقام ... ثم قال ... الثاني إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم ، الثالث إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير معه
وزاد بعض العلماء على هذه الثلاثة سبباً رابعاً وهو إذا أسر مسلم أو مسلمة وجب النفير إليها على الأعيان لتخليصها من أيدي الكافرين ، إذا عجزوا عن الفداء
هذه هي الأسباب التي قال العلماء بتعين الجهاد إن تحققت ، ولا نظن عاقلاً اليوم يقول بعدم تحقق الثاني منها في أي بلد من بلاد المسلمين ، فكل بلاد المسلمين دخلها العدو عنوة سوء بالقتال أو بدونه ، فإذا تحقق سبب من هذه الأسباب فقد تعين الجهاد ، وقد نص أصحاب البيان المذكور على تحقق سبب من أسبابها في بيانهم بقولهم ( فإن الأمة اليوم تواجه تحالفاً على العدوان والبغي تقوده حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، ويظاهرها فيه أشد الناس عداوة من اليهود والصليبين، وتمارس عدوانها الظالم بمعايير انتقائية، وحجج داحضة، كمكافحة الإرهاب، ونزع أسلحة الدمار الشامل، ويعيش المسلمون محنة هذا الاعتداء في فلسطين والأفغان والعراق إضافة إلى مصائبهم الأخرى في الشيشان وكشمير والسودان وغيرها )
فإذا تعين الجهاد فلا يشترط له شرط ، وكل شروطه تسقط بالإجماع ، ومن قال بوجوب أو استحباب توفر الشروط في الجهاد إذا تعين فهو مخالف لإجماع أهل العلم ومخالف لأصول الشريعة ،
أما القول ( وأن يتم النظر فيه من قبل أهل الرسوخ في العلم ) نعم يمكن أن تعتبر هذه العبارة في جهاد الطلب على خلاف في تفاصيلها وصفة أهل العلم الذين قال عنهم شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى 4/609 ( الواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا ، دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين فلا يؤخذ برأيهم ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا ) ولا شك أن أول من يخرج بهذا القيد هم أهل الدين الذين لا يعرفون من الجهاد إلا الاسم ، أما أن توضع هذه العبارة كشرط لجهاد الدفع فلا ، فإن جهاد الدفع لا يشترط له شرط البتة ويدفع حسب الإمكان ، فدفع العدو الصائل تكليف من الله لا ينتظر فيه نظر إمام ولا راسخ في العلم
الشيخ ابن عثيميين رحمه الله ليس حجة على الاسلام و لكن الاسلام حجة عليه
و كل يأخذ بقوله و يرد الا قول النبي صلى الله عليه و سلم
و اذا كان للشيخ ابن عثيميين رأي في جهاد الدفع فلعماء السلف قول الاخر
و سوف ارد بأقوال اهل العلم فيما جاء في كلام الشيخ رحمه الله و اسكنه فسيح جناته
اذ يقول كما اوردت
النصّ الثاني
قال ـ رحمه الله ـ عن الجهاد :
( إذا كان فرض كفاية أو فرض عين ؛ فلا بد لـه من شروط .
من أهمها : القدرة ، فإن لم يكن لدى الإنسان قدرة فإنه لا يلقي بنفسه إلى التهلكة )
إن من المتفق عليه عند أهل العلم قاطبة ، أن الجهاد نوعان : جهاد دفع وجهاد طلب ، وعلماء الإسلام يفرقون في كلامهم بين النوعين ، إذ أن كل نوع من نوعي الجهاد يختص بأحكام دون الآخر ، ولم يُعرف عن الأئمة المحققين أنهم خلطوا بين النوعين في الأحكام
إن جهاد الدفع لا يشترط له شروط جهاد الطلب ، فكل شروط جهاد الطلب تسقط في حال جهاد الدفع – أي إذا داهم العدو بلاد المسلمين - ، وإليك نقولات تدل على سقوط الشروط بالإجماع :
قال الكاساني في بدائع الصنائع 7/97 \" فأما إذا عم النفير بأن هجم العدو على بلد فهو فرض عين يُفترض على كل واحد من آحاد المسلمين ممن هو قادر عليه لقوله سبحانه وتعالى : انفروا خفافاً وثقالاً
قيل نزلت في النفير ، وقوله سبحانه وتعالى: ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ، ولأن الوجوب على الكل قبل عموم النفير ثابت ، لأن السقوط عن الباقين بقيام البعض به ، فإذا عم النفير لا يتحقق القيام به إلا بالكل ، فبقي فرضاً على الكل عيناً بمنزلة الصوم والصلاة فيخرج العبد بغير إذن مولاه ، والمرأة بغير إذن زوجها ، لأن منافع العبد والمرأة في حق العبادات المفروضة عيناً مستثناه عن ملك المولى والزوج شرعاً ، كما في الصوم والصلاة ، وكذا يباح للولد أن يخرج بغير إذن والديه ، لأن حق الوالدين لا يظهر في فروض الأعيان كالصوم والصلاة والله سبحانه وتعالى أعلم
قال القرطبي في تفسيره 8/151 \" إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار أو بحلوله بالعُقر ، فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافاً وثقالاً ، شباباً وشيوخاً ، كل على قدر طاقته ، من كان له أب بغير إذنه ومن لا أب له ، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج ، من مُقل أو مكثر ، فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم ، كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة ، حتى يعلموا أن فيهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم ، وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم ، لزمه أيضاً الخروج إليهم ، فالمسلمون كلهم يد على من سواهم ، حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التي نزل العدو عليها واحتل بها ، سقط الفرض عن الآخرين ، ولو قارب العدو دار الإسلام ولم يدخلوها لزمهم أيضاً الخروج إليه ، حتى يظهر دين الله وتحمى البيضة وتحفظ الحوزة ويخزى العدو ، ولا خلاف في هذا \" .
قال شيخ الإسلام بن تيمية في الفتاوى الكبرى ( الاختيارات ) 4/520 \" وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعاً ، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه ، فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم \" وقال \" وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب ، إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة ، وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم ونصوص أحمد صريحة بهذا
فإذا كان جهاد الدفع لا يلزم فيه إذن إمام لو وجد الإمام ، ولا يلزم فيه إذن والدين ولا غريم ، ولا أي شرط من شروط الجهاد السبعة وهي كما قال ابن قدامة في الغني 9/ 163 \" ويشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والذكورية والسلامة من الضرر ووجود النفقة
فهذه الشروط وما تفرع عنها لا تشترط في جهاد الدفع بل يجب على كل مسلم أن يدفع حسب الإمكان ، وهو ما نقلنا آنفاً الإجماع عليه ، ونصوص أهل العلم لا تكاد تحصر على أن جهاد الدفع لا يشترط له شرط
تحقق سبب من أسباب تعين الجهاد فقد وجب بلا شروط ، وقد اتفق العلماء على ثلاثة أسباب يتعين فيها الجهاد هي : قال صاحب المغني 9/163 \" ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع أحدهما إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان حرم على من حضر الانصراف وتعين عليه المقام ... ثم قال ... الثاني إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم ، الثالث إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير معه
وزاد بعض العلماء على هذه الثلاثة سبباً رابعاً وهو إذا أسر مسلم أو مسلمة وجب النفير إليها على الأعيان لتخليصها من أيدي الكافرين ، إذا عجزوا عن الفداء
هذه هي الأسباب التي قال العلماء بتعين الجهاد إن تحققت ، ولا نظن عاقلاً اليوم يقول بعدم تحقق الثاني منها في أي بلد من بلاد المسلمين ، فكل بلاد المسلمين دخلها العدو عنوة سوء بالقتال أو بدونه ، فإذا تحقق سبب من هذه الأسباب فقد تعين الجهاد ، وقد نص أصحاب البيان المذكور على تحقق سبب من أسبابها في بيانهم بقولهم ( فإن الأمة اليوم تواجه تحالفاً على العدوان والبغي تقوده حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، ويظاهرها فيه أشد الناس عداوة من اليهود والصليبين، وتمارس عدوانها الظالم بمعايير انتقائية، وحجج داحضة، كمكافحة الإرهاب، ونزع أسلحة الدمار الشامل، ويعيش المسلمون محنة هذا الاعتداء في فلسطين والأفغان والعراق إضافة إلى مصائبهم الأخرى في الشيشان وكشمير والسودان وغيرها )
فإذا تعين الجهاد فلا يشترط له شرط ، وكل شروطه تسقط بالإجماع ، ومن قال بوجوب أو استحباب توفر الشروط في الجهاد إذا تعين فهو مخالف لإجماع أهل العلم ومخالف لأصول الشريعة ،
أما القول ( وأن يتم النظر فيه من قبل أهل الرسوخ في العلم ) نعم يمكن أن تعتبر هذه العبارة في جهاد الطلب على خلاف في تفاصيلها وصفة أهل العلم الذين قال عنهم شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى 4/609 ( الواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا ، دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين فلا يؤخذ برأيهم ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا ) ولا شك أن أول من يخرج بهذا القيد هم أهل الدين الذين لا يعرفون من الجهاد إلا الاسم ، أما أن توضع هذه العبارة كشرط لجهاد الدفع فلا ، فإن جهاد الدفع لا يشترط له شرط البتة ويدفع حسب الإمكان ، فدفع العدو الصائل تكليف من الله لا ينتظر فيه نظر إمام ولا راسخ في العلم
الصفحة الأخيرة