تقول :
كانت تسير بنا الحياة :اي أسرة سعيدة هادئة وديعة ..فأفراد اسرتي مكونة من أب وأم ,انا ابنتهم الوحيدة ..
لقد كنت أنعم بحنان أمي الغالية ، وأسعد برؤيتها ، وآنس بقربها ، وإطالة الجلوس معها ... وكذلك والدي
والأيام تمضي وأنا وحيدة في البيت كالعصفورة ..غذا بوالدتي تزف إلينا بشرى...
الله ..بشرى بأن ضيفا جديدا سيحل .
فرحت كثيرا لأنه سيكون لي أخ أو أخت ..
بدأت افكر ما ذا نسمي المولود ، ماذا نشتري له ، إلى آخر ذلك من تساؤلاتي البريئة والتي كنت لا أجد لها جواباً ..سوى الابتسامة العذبة التي ترتسم على شفتي أمي الغالية .
وجاء يوم الميعاد .. اليوم المنتظر وتحين ساعة الخروج ، ولكن ياترى من الخارج حقيقة ؟!
فمع خروج أختي إلى الدنيا خرجت روح أمي الحبيبة ، ولقد استقبلت هذا الخبر بكل قسوة ..
بكيت وبكيت .........
وانقلبت موازين كثير في حياتي ، أخذني أبي وذهب بي إلى جدي وعمي وتركني عندهم وأخذ أختي الصغيرة وتركني ...
في لحظات فقدت حنان أمي وابي ....... وقد سمعت أن ابي أعلن زواجه بامرأة أخرى !
ظننت أني سأكرم في بيت جدي وعمي ن لكني بدأت أعيش معاناة اليتم
في بيت عمي وجدي كنت أعيش الهوان والذل ، بل والحرمان ، لم أكن أنتظر منهم هدية أو ثوباً جديداً أو لعبة مما يتمناه من هم في مثل سني بل حرمت كل هذا
بل لا أبالغ إن قلت : إنني لم ألعب مع أحد منذ وفاة أمي .. ولم أفكر بهذا لأن مصيري معروف ، الضرب وافهانة ..
وعندما بلغت الثالثة عشر من عمري لم أكن أدرك إلا شيئا واحدا وهو أنني خادمة .
أما أبي فقد جعلني في عالم النسيان .. كم كنت أحلم أن أرى أبي وأختي الصغيرة التي حرمت منها منذ تركتنا أمي إلى حياة الآخرة
أخذت أتساءل : اكل الناس بهذا الظلم والتسلط والجبروت وقسوة القلب ؟!!
كنت إذا سمعت صوت عمي وليت هاربة إلى غرفة ( ...) لأحمي نفسي من شتمه وضربه ..
فأنا من الصباح الباكر إلى منتصف الليل في عمل متواصل ، وفي نفسي نار الهم تغلي ..
كنت أتساءل متى أرى أبي ليرى حالتي من الضنك والجوع والقهر ..
تعودت علىالعزلة بل وأحببتها ..
في يوم من الأيام وصلني خبر وهو أن والدي سيأتي لزيارتنا ..
كم تغشاني الفرخ في ذلك اليوم ، حتى وصل والدي فانكببت أقبل يده ورأسه ..وأشم الحنان منه
الحنان الذي حرمته طيلة هذه الفترة من الزمن ..
وشكوت إلى والدي معانتي وهمي وغمي وحياة القهر والتعذيب ، والسب والتعذيب بل والاتهام في شرفي وعفافي !!!
حتى أصبح الناس والجيران من حولي يتكلمون علي ..
كم كنت أمني نفسي أن أخرج من هذا السرداب وهذا الكهف المظلم لأخرج إلى الحياة ، وأرى الناس من حولي ، وأذهب إلى المدرسة ..
وفعلا قرر أبي أن يأخذني معه حفاظاً علي وعلى سمعته ..
سافرت مع والدي وأنا أكاد اطير من الفرح ، ولأول مرة منذ ماتت أمي أشعر بالأمان ، بدأت أنظر إلى ابي لأملأ عيني منه ، وأتحدث إليه ، وأسأله عن أختي
وعندما اقتربنا من المدينة التي يسكن فيها ..بدأت على وجهه علامات الحزن والتضجر ، وقال لي في التفاتت خجولة ( بنيتي ....أرجوك عامليها بالتي هي أحسن )
أدركت أنه يقصد زوجته ، وشعرت أن نبرات صوته تخفي سراً عجيبا .... ودارت في خاطري تساؤلات
وما هي إلا أن دخلنا منزل والدي ... المنزل الذي أرى فيه أنه جنتي بعد نار ...........
وصلت إلى المنزل وما إن دخلت من الباب ..حتى دخلت عالمي الجديد . التقيت بإخواني وكان لقاء باهتا باردا .. هي المرة الأولى التي التقي بهم
لا يهم كنت أريد أن أرى أختي الصغيرة ...
لكنني ما إن جلست عشر دقائق فقط حتى أطرقت مسامعي كلمات كانت بداية قصة مأساوية ( اتجهي إلى المطبخ )
رمقتني شقيقتي بنظرات تنبئ عن حديث طويل ...........
وبدأت المأساة ...
رحلة جديدة معالقهر والتعذيب ، ولكن هذه المرة على يد زوجة والدي ..
في يوم من الأيام طلبت من والدي أنا وأختي أن نلتحق بالمدرسة .. فوافق أبي
لكن فوجئت في اليوم التالي أن أبي يرفض أن يسجلنا في المدرسة بعدما كلمته زوجته ، وقال لنا : ماذا تردن من الدراسة البنت ليس لها إلا البيت والطبخ ..
ثم ذهبنا وتركنا للحسرات ..... لماذا لم يقل أبي هذه الكلمات لأخواتي من زوجتي أبي ..
أستطاعت زوجة أبي بمكرها وخداعها أن تجعل والدي يمنعنا حتى من الخروج معهم للنزهة والترفيه ...
كنت أنا وأختي نأوي إلى غرفتنا ( وماهي إلا مخزن ) في منتصف الليل لنبث همومنا ونذرف الدمع الحار ...
وتدور بنا الأيام وكل يوم يزداد الأمر سوءا .... حتى إخوتي من أبي يحتقرونني وأختي بل لا ينادون علينا إلا كخدم ..
( احضري كتبي ، رتبي ملابسي ، اغسلي ...... ) أوامر
يسهرون ليلهم على القنوات ونحن نسهر على خدمتهم حتى ساعة متأخرة من الليل ...
كانت تمر علي ليال وأنا ساهرة في كي الملابس حتى الفجر ، أحيانا ولا أجد وقتا حتى لأداء صلاة الوتر ..
ونحمد الله أن يسر لناالمحافظة على هذه العبادة العظيمة ..
وفي يوم من الأيام يشعر والدي بألم في بطنه ... يذهب إلى المستشفى ... النتيجة أن أبي مصاب بسرطان الكبد
انقلبت عافية أبي ، بعد ماكان القوي .....صار الهزيل النحيف ...
كنت أحمله أنا وأختي بيننا ليذهب في قضاء حاجته ..
كان ينظر إلينا بعينين مملوئتين بالدموع ، وكأنه يقول ( حرمتكم الحنان وأسأت معاملتكم فقابلتم إساءتي بالإحسان )
وجاءت ساعة الصفر وانتقل والدي إلى رحمة الله ...
بعد ما عشت معه ثلاث سنوات ..........
وبدأت حياة اليتم المضاعف ..
لم يبق لنا أحد إلا الله نناجيه ونطلق سهام الليل لتصيب مقاتلها ..
أشتدت وطأة زوجة أبي علي وأختي وزاد شتمها وضربها ، بل وتقذفنا بالأبريق وهو حار ملئ بالشاي ..
أصابتين حالة إغماء بعد وفاة والدي ، وصرت قعيدة الفراش ..لفترة وما إن تماثلت للشفاء حتى رجعت مرة أخرى إلى المعاناة
كان صوت والدي يتردد رجعه في مسامعي ..هيبته ..ضحكته ..نظراته الحانية اتي كان يرمقنا بها أيام مرضه ...
لا أملك غير البكاء ..
ازدات معاملة زوجة ابي سوءا وسوءا حتى أنني كنت أدعوا على نفسي بالموت ..إلى أن عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك ، فانتهيت وأنا في قرارة نفسي أتمنى الموت ..
ملابس بالية ... غرفة مكتومة ... فرش تتأفف البهيمة من الجلوس عليها
يأتي الجيران لزيارة زوجة أبي ، فيشفقون لحالنا ... فتتكلم علينا من خلفنا بأننا سيئات ، ونقضي الأوقات في المعاكسات والمهاتفات
حتى تغير نظرة الجيران نحونا ... بل إنها كانت تجبرنا أن نقول لها ( أمي ) أمام صديقاتها حتى يرين قمة حنانها معنا ..
مرت بنا السنون ثقيلة ... حتى كبرت وكبرت أختي ..
وكنا نتمنى اليوم الذي يجئ فيه رجل الحلال ليخلصنا مما نحن فيه .. وفعلا كلما طرق باب البيت خاطب نفرته زوجة أبي منّا
وتقول إن هؤلاء جاهلات ، وسفيهات و ...و ... و ....
وذات يوم همّت بالسفر إلى أقاربها ، وبالطبع لا يمكن أن تتركنا وحدنا ، أخذت تنظر إلينا بكل ازدراء وتقول : إنني أخجل أن اذهب بكم إلى اقاربي ..
وتقوم بصب أوامرها علينا
المهم أننا ذهبنا معها في رحلة طويلة ، لم تسقنا خلالها كأس ماء ، وفي المقابل كانت تغدق على أبنائها من الحلوى والعصيرات طول خط الرحلة ..
وصلنا بحمد الله إلى منطقة أقاربها وفوجئت ولول مرة .. إذا بنا نرى أناسا طيبين ..محبة وإخاء ....
يا إلهي قلتها من أعماقي ألا يزال هذا موجود في الناس
سبحان الله الجميع يلتف حولنا ويتفانون في خدمتنا وتوفير طلباتنا ، تمنينا أن لو نعيش معهم ولو خدما ..
أما هي فترمقنا بنظرات ملئها القسوةوالحقد ..
لم نلبث في تلك السعادة إلا اياما .. فقد وجدنا بناتا مثلنا نتحدث اليهم ونبث اليهم همومنا
لقد ابدو استعدادهم للوقوف معنا وفعلا حملونا بالهدايا وبعض المال ..
وبعد رجوعنا بدأت في التحقيق معنا
كيف وماذا ...
وأخشى ما كنا نخشاه أن تكتشف ما رجعنا به من المال اليسير ..
وفعلا اكتشفت ذلك فأخذته ورمته في النفايات مع كل الهدايا والعطايا والملابس المستخدمة التي أهديت لنا ..
حاولت أختي يوما الهرب من المنزل فاكتشف أمرها فأنزلت بها عقاب الظالمين ..
إنني مريضة ..جائعة ... إنني أحتاج لأشياء كثيرة أهمها : قفازات وجوارب فأنا وأختى نحافظ على الحجاب الشرعي الكامل ... وهي تسخر منا بل كلفت أحد أبنائها أن يحرق جواربنا وقفازاتنا والتي جاءتنا هدية ..
من أقسى المواقف التي مرت بنا : أنهم عندموا حزموا حقائبهم للذهاب إلى مكة للعمرة فرحت فرحا وكدت أطير
هل سأرى بيت الله الحرام الذي أسمع عنه ولم أره ..
هل سأطوف بالبيت ..
هل .. وهل
ثم أفاجئ بنظراتها وهي تزدرينا لتقول : إن الحرم يترفع أن يدخل فيه مثلكن ..
انتي واختك لا تعرفن العمرة ولا الصلاااااااة
كلمات جارحة ......
وذهبت وتركتني أنا وأختي ....... بقى مع دموعنا ومأساتنا
لقد حرمتنا من كل شئ .. حتى من بيت الله الحرام
لقد سئمت وأختي الهوان ...
كنت أحفظ بعض الايات من خلال استماعي لتلاوة بعض الأئمة في المساجد التي من حولنا ..
وكنت أجلس أنا وأختي نراجع ما حفظناه .... ونقوم لله في خضوع نسأله أن يرفع عنا ، ويفرج كربتنا
إننا في أمس الحاجة لدعواتكم .....ولا تظنوا أن هذا من نسج الخيال ..
نحن لا زلنا نعيش معكم ... بينكم ... ولكن لا يشعر بنا أحد ..
ولا نقول إلا إلى الله المشتكى .. وحسبنا الله ونعم الوكيل .
===========================
منقول من:عندما يبتسم الألم " قصص من الحياة " نوال بنت عبدالله
==========================
دعواتكن لهن بالثبات و
يارب فرج همهن
(أنا أيها الانسان مثلك لست أرضى بالهوان
لما ولدت ولدت حرا وأريد أن أحيا كريما كالأنام مدى الزمان
أدري بأن هناك فجرا وبأن بعد العسر يسرا)
يارب أنقذ أمتي(أمة الإسلام والإيمان)

نفثات أشواق @nfthat_ashoak
عضوة جديدة
هذا الموضوع مغلق.
الصفحة الأخيرة
جزاك الله الف خير اخت نفثات أشواق ....
تحياتي....نور