عن عائشة (رضي الله عنها)
تعد
عائشة (رضي الله عنها) من أكبر النساء في العالم فقهاً وعلماً، فقد أحيطت
بعلم كل ما يتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه. وكانت (رضي الله عنها)
مرجعاً لأصحاب رسول الله عندما يستعصي عليهم أمر، فقد كانوا (رضي الله
عنهم) يستفتونها فيجدون لديها حلاً لما أشكل عليهم. حيث قال أبو موسى
الأشعري : ((ما أشكل علينا –أصحاب رسول اللهr حديث قط، فسألنا عائشة إلا
وجدنا عندها منه علماً) .
وقد كان مقام السيدة عائشة بين المسلمين
مقام الأستاذ من تلاميذه، حيث أنها إذا سمعت من علماء المسلمين والصحابة
روايات ليست على وجهها الصحيح،تقوم بالتصحيح لهم وتبين ما خفي عليهم،
فاشتهر ذلك عنها ، وأصبح كل من يشك في رواية أتاها سائلاً.
لقد تميزت السيدة بعلمها الرفيع لعوامل مكنتها من أن تصل إلى هذه المكانة، من أهم هذه العوامل:
- ذكائها الحاد وقوة ذاكرتها، وذلك لكثرة ما روت عن النبي .
- زواجها في سن مبكر من النبي، ونشأتها في بيت النبوة، فأصبحت (رضي الله عنها) التلميذة النبوية.
- كثرة ما نزل من الوحي في حجرتها، وهذا بما فضلت به بين نساء رسول الله.
-
حبها للعلم و المعرفة، فقد كانت تسأل و تستفسر إذا لم تعرف أمراً أو
استعصى عليها مسائلة، فقد قال عنها ابن أبي مليكة ((كانت لا تسمع شيئا لا
تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه)).
ونتيجة لعلمها وفقهها أصبحت
حجرتها المباركة وجهة طلاب العلم حتى غدت هذه الحجرة أول مدارس الإسلام
وأعظمها أثر في تاريخ الإسلام. وكانت (رضي الله عنها) تضع حجاباً بينها
وبين تلاميذها، وذلك لما قاله مسروق((سمعت تصفيقها بيديها من وراء
الحجاب)).
لقد اتبعت السيدة أساليب رفيعة في تعليمها متبعة بذلك نهج
رسول الله في تعليمه لأصحابه. من هذه الأساليب عدم الإسراع في الكلام
وإنما التأني ليتمكن المتعلم من الاستيعاب،( . فقد قال عروة إن السيدة
عائشة قالت مستنكرة((ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدّث
عن رسول الله يسمعني ذلك، وكنت أسبِّح-أصلي-فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو
أدركته لرددت عليه، إن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم.
كذلك
من أساليبها في التعليم، التعليم أحياناً بالإسلوب العملي، وذلك
توضيحاً للأحكام الشرعية العملية كالوضوء. كما أنها كانت لا تتحرج في
الإجابة على المستفتي في أي مسائلة من مسائل الدين ولو كانت في أدق مسائل
الإنسان الخاصة. كذلك لاحظنا بأن السيدة عائشة كانت تستخدم الإسلوب
العلمي المقترن بالأدلة سواء كانت من الكتاب أو السنة. ويتضح ذلك في رواية
مسروق حيث قال((كنت متكئاً عند عائشة، فقالت: يا أبا عائشة،ثلاث من تكلم
بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية، قلت: ما هن ؟ قالت: من زعم أن
محمداً rرأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، قال: وكنت متكئاً فجلست
فقلت:يا أم المؤمنين، أنظريني ولا تعجليني،ألم يقل الله عز وجل (ولقد رآه
بالأفق المبين.ولقد رآه نزلةً أخرى)
فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن
ذلك رسول الله ،فقال: ( إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خلق عليها
غير هاتين المرتين،رأيته مهبطاً من السماء سادّاً عِظَمُ خلقه ما بين
السماء و الأرض )) فقالت: أولم تسمع أن الله يقول لا تدركه الأبصار وهو
يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) أو لم تسمع أن الله يقولوما كان لبشر أن
يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء
إنه عليٌ حكيم).
قالت: ومن زعم أن رسول الله r كتم شيئا من كتاب الله
فقد أعظم على الله الفرية ، و الله يقول: ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل
إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ). قالت: ومن زعم أنه يخبر بما
يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ، والله يقول ( قل لا يعلم من في
السماوات و الأرض الغيب إلا الله ))
وبذلك يتضح لنا بأن السيدة
عائشة (رضي الله عنها)كانت معقلاً للفكر الإسلامي، وسراجاً يضيء على طلاب
العلم. ولذكائها و حبها للعلم كان النبي r يحبها ويؤثرها حيث قال( كمل من
الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران،
وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)).
السيدة المفسرة المحدثة
كانت
السيدة عائشة (رضي الله عنها) عالمة مفسرة ومحدثة، تعلم نساء
المؤمنين،ويسألها كثير من الصحابة في أمور الدين،فقد هيأ لها الله سبحانه
كل الأسباب التي جعلت منها أحد أعلام التفسير والحديث. وإذا تطرقنا إلى
دورها العظيم في التفسير فإننا نجد أن كونها ابنة أبو بكر الصديق هو أحد
الأسباب التي مكنتها من احتلال هذه المكانة في عالم التفسير، حيث أنها منذ
نعومة أظافرها وهي تسمع القرآن من فم والدها الصديق، كما أن ذكائها و
قوة ذاكرتها سبب آخر،ونلاحظ ذلك من قولها( لقد نزل بمكة على محمد وإني
لجارية ألعب (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) وما نزلت سورة البقرة
والنساء إلا وأنا عنده)).
ومن أهم الأسباب إنها كانت تشهد نزول
الوحي على رسول الله، وكانت(رضي الله عنها)تسأل الرسول عن معاني القرآن
الكريم وإلى ما تشير إليه بعض الآيات.فجمعت بذلك شرف تلقي القرآن من النبي
فور نزوله وتلقي معانيه أيضا من رسول الله.
وقد جمعت (رضي الله
عنها) إلى جانب ذلك كل ما يحتاجه المفسر كقوتها في اللغة العربية وفصاحة
لسانها و علو بيانها.
كانت السيدة تحرص على تفسير القرآن الكريم بما
يتناسب وأصول الدين وعقائده، ويتضح ذلك في ما قاله عروة يسأل السيدة عائشة
عن قوله تعالى(( حتى إذا استيأس الرسل و ظنوا أنهم قد كُذِبُوا جاءهم
نصرنا…)) قلت: أ كُذِبُوا أم كُذِّبُوا؟ قالت عائشة: كُذِّبُوا، قلت: قد
استيقنوا أن قومهم كذّبوهم فما هو بالظن، قالت: أجل لعمري قد استيقنوا
بذلك، فقلت لها:وظنَّوا أنهم قد كُذِبُوا؟ قالت: معاذ الله لم تكن الرسل
تظن ذلك بربها، قلت: فما هذه الآية؟ قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا
بربهم وصدقوهم، فطال عليهم البلاء و استأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأس
الرسل ممن كذبهم من قومهم، وظنت الرسل أن اتباعهم قد كذَّبوهم جاءهم نصر
الله عند ذلك)).
وفي موقف آخر يتضح لنا أن السيدة عائشة كانت تحرص
على إظهار ارتباط آيات القرآن بعضها ببعض بحيث كانت تفسر القرآن بالقرآن.
وبذلك فإن السيدة عائشة تكون قد مهدت لكل من أتى بعدها أمثل الطرق لفهم
القرآن الكريم . أما من حيث إنها كانت من كبار حفاظ السنة من الصحابة، فقد
احتلت (رضي الله عنها) المرتبة الخامسة في حفظ الحديث وروايته، حيث إنها
أتت بعد أبي هريرة ، وابن عمر وأنس بن مالك ، وابن عباس (رضي الله عنهم).
ولكنها
امتازت عنهم بأن معظم الأحاديث التي روتها قد تلقتها مباشرة من النبي
كما أن معظم الأحاديث التي روتها كانت تتضمن على السنن الفعلية. ذلك
أن الحجرة المباركة أصبحت مدرسة الحديث الأول يقصدها أهل العلم لزيارة
النبي r وتلقي السنة من السيدة التي كانت أقرب الناس إلى رسول الله، فكانت
لا تبخل بعلمها على أحدٍ منهم، ولذلك كان عدد الرواة عنها كبير منقول

مصرية و افتخر @msry_o_aftkhr
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

مصرية و افتخر
•
اتمنى ان ينال اعجبكم الموضوع مشكروين

جَزآكــ الله خَيرَ آلجَزآءْ ..
وغّسلَ الله قَلْبُكــ بِمآءَ آليَقينْ وَرَزَقَكـ رضآه إلىَ يومْ آلدينْ
وَآدْخَلكــ جَنّة آلخَآلدينْ ..
دُمْت بـِ طَآعَة الله } ~
وغّسلَ الله قَلْبُكــ بِمآءَ آليَقينْ وَرَزَقَكـ رضآه إلىَ يومْ آلدينْ
وَآدْخَلكــ جَنّة آلخَآلدينْ ..
دُمْت بـِ طَآعَة الله } ~

الصفحة الأخيرة